مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي(ت1096هـ)

 هو الإمام العلّامة أبو زيد عبد الرحمن ابن الشيخ عبد القادر الفاسي الفِهري، ولد عند زوال يوم الأحد سابع عشر جمادى الأخيرة عام(1040هـ)، بمدينة فاس وبها نشأ، في حجر أسرة اشتهرت بتضلُّعها ورُسوخها في علوم شتَّى، فكانت بذلك منطلقه الأول في طلب العلم، على يد والده، وعمّه أحمد بن علي الفاسي(ت1062هـ)، وقريبه محمد بن أحمد بن أبي المحاسن الفاسي(ت 1084هـ)، وتتلمذ أيضا على أقرانهم المعاصرين لهم في ذلك الوقت، مثل: الشيخ حمدون بن محمد الأبار(ت1071هـ)، وأحمد بن محمد  الزموري(ت1057هـ)، وأحمد بن محمد القلصادي(ت1063هـ)، ومحمد بن أحمد الصبّاغ(ت1076 هـ)، وله إجازات عن مشايخ مغاربة ومشارقة .

وبعدما تمكن المترجم من ناصية العلوم، وتقوت ملكته العلمية، جلس للتدريس، فكانت حِلَقُه العلميّة منارة تَعُجُّ  بشيوخه وأقرانه وطُلّاب العلم، مثل: ابنه محمد(ت1134هـ)،  ومحمد بن محمد البُوعْنَاني(ت1063هـ)، وأبو عبد الله عبد الله بن محمد العيَّاشي(ت1073هـ) ومن في طبقتهم.

 واشتهر عبد الرحمن بحسن خُلقه، وتواضعه، وإنصافه، مما جعل   ثلّة من كبار علماء عصره  يصفونه بأوصاف حميدة، ففيه قال والده: «سُيُوطِيُّ زَمَانه»، و أنشد فيه أبو سالم العيّاشي:

مَا فِـي البَسِيطَةِ طُرّاً مَنْ يُبَارِيكَــــا      يَا أَطْيَبَ الـمُنْتَمَى سُبْحَانَ بَارِيكَـــا

وَقَدْ سَبَرْتُ الوَرَى فَلَمْ أَجِدْ أَحَـــــداً       مِمَن يَرُومُ العُلَا مِنْهُم يُوَازِيكَـــــا

شَرْقاً وَغَرْباً فَلَمْ يَطْرُقْ مَسَامِعَنَــــا       منْ فِي سِنِينِ الصِّبَا يـَجْرِي مَجَارِيكَـا

مَنْ أَلَفَّ الكُتْبَ فِـي سِنِّ البُلُوغِ وَمَـنْ        لَهُ بِكُلِّ العُلُومِ كَفَتَاوِيكَــــــــا

غُصْنُ الـمَجَادَة فِـي دَوْحِ السِّيَادَةِ منْ        رَوْض الوِلَايَةِ قَدْ جَلَّتْ مَعَالِيكَـــــا

رُقِيتَ فِـي رُتَبِ الـمَجْدِ الأَثِيلِ فَمَــا         فِـي عَصْرِنَا أَحَدٌ يَرْقَى مَرَاقِيكَــــا

وقال فيه محمد بن الطيب القادري: « اتسعت مشاركته في العلوم، وشاعت براعته في المنظوم، أحد الأعلام الحفّاظ، له الذّوق السليم، والفتح العظيم، والغوص على الدقائق، والاهتداء للّطائف الرّقائق، يأتي بالعجائب، ويحيط بما يدانيه من الغرائب، كثير التقييد، متّسع لكل مفيد، مُقَرَّبٌ مِشْكَار، شامخ لكلّ العزّ والمقدار»، وقال محمد بن محمد مخلوف: «العمدة المحقّق، المتفنّن في العلوم، الحامل لراية المنثور والمنظوم»، وقال محمد بن جعفر الكتاني: « إذا حضر في مجلس فهو الصّدر، وإذا تكلّم في مسألة شفا فيها الغليل».

ومما عرف به مترجمنا أيضا انكبابه على التأليف في مختلف العلوم، ففاقت مؤلفاته مائة وسبعين مؤلّفا، استوفى ابنه محمد ذكرها في الكتاب الذي ألفه في والده  الموسوم بـ: «اللؤلؤ والمرجان في مناقب الشيخ عبد الرحمن»، من أبرز ما ذكر فيه: « تحفة الأكابر في مناقب الشيخ عبد القادر»، منه نسخة بالمكتبة الوطنية رقم 2330ك، واثنان بالخزانة الملكية رقم 707و643، و«مفتاح الشفا»،   و«الأقنوم في مبادئ العلوم»، منه نسخة بالمكتبة الوطنية رقم 15ك، و«نخبة الطلاب في عمل الأسطرلاب»، منه نسخة بالخزانة الملكية رقم 7106، و«أزهار البستان في مناقب الشيخ عبد الرحمن»، منه نسخة بالخزانة الملكية رقم 583.

توفي عبد الرحمن يوم الثلاثاء سادس عشر سنة ست وتسعين وألف، ودفن بزاويتهم الموجودة بمدينة فاس.

ترجمته في: صفوة من انتشر(337-338)، ونشر المثاني(2/325-329)، والتقاط الدرر    ( 1/230-232)، وطبقات الحضيكي(2/402-403)، وسلوة الأنفاس(1/357-358)، وشجرة النور الزكية(315-316).

Science

الدكتور رشيد قباظ

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق