مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأعلام

عائشة –رضي الله تعالى عنها- أول امرأة مدافعة عن حقوق النساء –الجزء 2

إعداد: ذ. مولاي إسماعيل الناجي

 

 

*دفاعها -رضي الله عنها- عن تولية المرأة المناصب:

قد يستغرب أحد في زماننا اليوم عمل المرأة عموما خارج البيت، وتوليتها المناصب على وجه الخصوص. بل قد يعتبره بدعة محدثة في الإسلام، ما أنزل الله تعالى بها من سلطان.

لكن قبل التدليل على ذلك آخذ القارئ الكريم في جولة سريعة في رحاب القرآن، نتفيَّح منها ظلال عمل المرأة ومشروعيتها في الإسلام في سائر الأقوام الذين خلوا قبلنا.

فقد انتدب فتيةُ الكهف أحدَهم للتبضع لهم، فجاء الحكي القرآني يصور لنا حال سُوقهم توثيقا لحضارتهم، ولسان حالهم ينطق: {… فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}[1].

فـ”أيها” هناك من فسرها بأهل البلد، وهناك من فسرها بالنساء.

كما أن موسى عليه السلام لما وَفَد على أهل مدين: {…وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}[2].

فأقرهما القرآن على ذلك، وإن ورد فيه ما يُشْعِر بوجود الضرورة التي دعتهما إلى العمل، والمتمثلة في عدم وجود غيرهما، فضلا عن كون أبيهما يعجز عن القيام بشؤون البيت.

ولكن سنبين -إن شاء الله تعالى- فيما يلي أنه مشروع ابتداء، ولو لم تدع إليه الضرورة.

فقد أفرد الإمام “البخاري” في “صحيحه” من كتاب الجهاد أبواباً عن غزو النساء منها: غزوة النساء في البحر، وباب غزو النساء وقتالهن مع الرجال، وفيه أن النساء كانت تملأ القرب بالماء ثم يسقين منها القوم. ومنها باب مداواة النساء الجرحى في الغزو، وباب رد النساء الجرحى والقتلى.

والرائدة في ذلك حبيبة رسول الله، فقد ورد في الصحيح أنها قالت: «اسْتَأْذَنْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الجِهَادِ، فَقَالَ: “جِهَادُكُنَّ الحَجُّ”»[3].

فطلبها الإذن يدل على أنه لا يوجد ما يمنع المرأة من تقلد الأعمال والمسؤوليات، وأي مسؤولية أخطر من الجهاد التي يتطلب فيه القوة والوفاء والشجاعة.

وبحكم معاشرتها الطويلة للرسول -صلى الله عليه وسلم- واطلاعها الواسع على الأحاديث والأحكام الفقهية، ما كان يتصور منها أن تستأذن لو وقفت على ملمز في عمل المرأة. ولَسلّمت بحكم الله.

ففي استئذانها إعلام بإذن الإسلام لعمل المرأة. وإن ورد في الحديث أن جهادهن الحج فمُتَؤَّلٌ، ذلك أنه يمكن أن يكون سبب المنع هو الرحمة بالنساء، ولا خطر يحدق بالنساء أهول عليهن من قتال الرجال الأشداء، ثم قد يكون في ذلك تحصين لبيضة المسلمين وصون لكرامتهن والمسلمين، فلو قدر أن يهزموا لَسُبِيَت نساؤنا، وكفى بذلك معرّة لنا.

ورغم هذين التأويلين وغيرهما، فقد ثبت في الصحيح أن المرأة المسلمة اشتركت في القتال دون الإسلام وثغوره. عن أرض. وأخص بالذكر عائشةَ -رضي الله عنها- اشتركت في عمليات تموين الجيش وإسعاف وإخلاء الجرحى والموتى.

فقد أخرج الإمام “البخاري” من حديث “أنس بن مالك” أنه: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ، أَرَى خَدَمَ[4] سُوقِهِمَا[5] تَنْقُزَانِ[6] القِرَبَ[7]، وَقَالَ غَيْرُهُ: تَنْقُلاَنِ القِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ القَوْمِ»[8].

 لنقرأ هذا النص من البخاري عن انس في معركة أحد: (ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم، وإنهما لمشمرتان، أرى خَدَم سوقهما (أي الخلخال)، تنقلان القِرَب على متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم، ثم ترجعان فتملآنها، ثم تجيئان فتفرغانها في أفواه القوم).

كما استنبط الإمام “ابن حجر العسقلاني” من حديث “الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ“: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ  -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَسْقِي وَنُدَاوِي الجَرْحَى، وَنَرُدُّ القَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ»[9] حُكْمَ «جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة. قال “ابن بطال”[10]: ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس بل يغسلها من وراء حائل في قول بعضهم كـ”الزهري”. وفي قول الأكثر: تُيَمَّمُ. وقال “الأوزاعي”: تدفن كما هي. قال “ابن المنير”: “الفرق بين حال المداواة وتغسيل الميت أن الغسل عبادة، والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات”[11]»[12].

*تحقيق حديث: “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة” .

أخرج الإمام “البخاري” في “صحيحه” من طريق “أبي بكرة”، قال: «لَقَدْ نَفَعَنِي اللَّهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ، قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: “لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً”»[13].

فكانت تذكر سيدتنا “عائشة” أن هذا الحديث وارد على واقعة خاصة وهم أهل الفرس، وهذه المرأة كانت صغيرة السن اسمها “بَروان” لما قتل أبوها “شيرويه”[14].

ولعل هذه الحداثة السبب في نفي الفلاح، وسبب الورود يناسب منطق الحكم، كما أن ذكر قصة الملكة “بلقيس” في معرض التمديح يطمئن إلى أن التشنيع لقيادتها الدولة جاء لهذه العلة. يقول الله تعالى عن الهدهد: {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ(22) إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ(23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ(24) أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ(25) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(26) قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ(27) اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ(28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ(29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ(31) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ(32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ(33) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ(34) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ(35)}[15] .

ولا خلاف أنها ذكرت هنا في سياق التكريم، لا الذم، كما يتضح أن قومها أفلحوا رغم أن امرأة كانت تملكهم، وأنهم أفلحوا بالدخول معها في الإسلام، كما أنهم أفلح بأنْ كانوا أولي قوة وأولي بأس شديد، كما كان قومها يُجلونها ويقدرنها أيما تقدير، يظهر ذلك في قولهم بعد أن استشارتهم: “إن الأمر إليكِ، فانظري ماذا تأمرين”، فهل مع هذا كله يمكن أن نقول إن المقصود مطلق التولية؟؟؟. لا والله، فإنه يؤدي إلى القول بتخلف كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، خاصة أن النفي والنكرة  من صيغ العموم.

*تدبير غيرة المرأة وتَقَبُّل تَبِعاتها في الإسلام:

جاء في الصحيح عن “أنس” -رضي الله عنه-  قال: «كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: “غَارَتْ أُمُّكُمْ” ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ»[16].

فلم يعنفها الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي ذلك اعتبار لخصوصية المرأة في مثل هذه الأحوال، فلم تعنّف سيدتنا “عائشة”، وفي هذه الواقعة وإن لم تكن هي التي دافعت عن حقوق المرأة، فإنها هي صاحبة القصة، فتعتبر بذلك السبب في بناء الأحكام بما يتوافق مع أحوال المرأة ولا يخال غرائزها.

ويستنبط من هذا أن ما تفعله المرأة بفعل الغيرة لا يجعلها قاصدة، لكن لا يُسقِط عنها الضمان، بل تضمن، استنادا على أخذ الرسول-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَفحةَ عائشة -رضي الله عنها- الصحيحةَ وأعطاها للتي كسرت صفحتها.

والسبب في ذلك أن الغيراء لا تكون بكامل قواها العقلية والفكرية، يشهد لهذا قوله صلى «أَحْسَبُهَا غَيْرَى، وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ الْغَيْرَةَ عَلَى النِّسَاءِ، وَالْجِهَادَ عَلَى الرَّجُلِ، فَمَنْ صَبَرَ مِنْهُنَّ كَانَ لَهَا أَجْرُ شَهِيدٍ»[17].

ولعل هذا الحديث وأمثاله يظهر لنا العلة في عدم معاتبة الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لسيدتنا “عائشة” -رضي الله عنها- أن الغيرة من الأمور الجبلية التي لا يمكن التحكم فيها إلا بجَهد، خاصة النساء فهن أضعف من أن يصبرن على غيرتهن، فوافق وعد الصابرة منهن على غيرها أن يكون أجرها أجر الشهيد.

خاتمة:

أختم القول بأن ما ذكرته إنما هو غيض من فيض، وفُتَات من عُبَاب بحر، ولكن فيه الغُنية عن تتبع كل مواقفها الشُّجاعة في نصرة الحق والنساء، وفيه أمثلة بالغة في تفاني المرأة المتفقهة في الدين في قول الحق ولو كان الخصم رجلا.

فلم تثنها أنوثتُها عن التصدي للرجال لما يظهر لها من عدم فهم نص، أو خطأ في التأويل…، فاستحقت عن جدارة لقب رائدة حقوق النساء.

كيف لا تكون كذلك وهي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعيش في كنفه، وشربت من لبان النبوة؟؟؟.

فلا ينتظر منها إلا مثل هذا، فحبيبُها هو الذي أوصى في آخر واصاياه، وعلى أكبر محفل، وأزكى أرضٍ وأرفع مقام يقول: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»[18] .

والحديث ليس على سبيل الذم كما يفهم العامة بل لتفهيم الرجال. وفي الحديث فهم عجيب لطبيعة المرأة وفيه إشارة إلى إمكانية ترك المرأة على اعوجاجها في بعض الأمور المباحة، وألا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص كفعل المعاصي وترك الواجبات.

فلنصحح عقلياتنا المريضة، ولنا في كتاب الله تعالى المثل الأعلى، حيث نذرت زوجة “عمران” حملها لخدمة المسجد، فلما وضعت حملها كان أنثى، وكان في زمانهم لا تدخل المرأة المسجد، فجاءت ولادة “مريم” -رضي الله عنها- لتصحيح العقلية الذكورية. بل وليكون لها شأن عظيم فيما بعد، حيث ستلد “عيسى” -عليه السلام-، ويكون رسولا إلى قومها، ولنتأمل في الآيات التي توثق هذا الحدث، يقول الله تعالى :{إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(35) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(36) فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(37) هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ(38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ(39) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ(40) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ(41) وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ(42) يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43)}[19]. 

 

المصادر والمراجع:

*-القرآن الكريم برواية ورش عن نافع .

&             -“إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصِّدِّيقة”: ياسين الخليفة الطيب المحجوب، مؤسسة الدرر السنية- المملكة العربية السعودية – الظهران،ط1، 1432هـ/2011م.

&             -“الْإِجَابَةُ لِإِيْرَادِ مَا اسْتَدْرَكَتْهُ عَائِشَةُ عَلَى الصَّحَابَةِ”: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي الشافعي (ت794هـ)، تحقيق سعيد الأفغاني، المكتب الإسلامي- بيروت، ط2، 1390هـ/1970م.

&             -“البحر الزخار مسند البزار”: أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق بن خلاد بن عبيد الله العتكي المعروف بالبزار (تـ292هـ)، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله وعادل بن سعد وصبري عبد الخالق الشافعي، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة، ط1، (بدأت 1988م، وانتهت 2009م).

&             “-التَّفْسِيرُ البَسِيْط”: أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي (ت468هـ)، أصل تحقيقه في (15) رسالة دكتوراة بجامعة الإمام محمد بن سعود، عمادة البحث العلمي، ط1، 1430هـ.

&             -“الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه” (صحيح البخاري): أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي (ت256هـ)، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة (مصورة عن السلطانية بإضافة ترقيم ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي)، ط1، 1422هـ.

&             -“الدلائل في غريب الحديث”: أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي، تحقيق محمد بن عبد الله القناص، مكتبة العبيكان-الرياض، ط1، 1422 هـ/2001م.

&             -“الروضة الأنيقة في نصرة العفيفة الصديقة” (ألفية): أبو مالك يحيى بن عطية بن يحيى الصامولي الأزهري، دار التقوى، ط1، 1432هـ/2011م.

&             -“السنن”: أبو عبد الله محمد بن يزيد(ماجة) القزويني (تـ273هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، دار الرسالة العالمية، ط1، 1430هـ /2009م.

&             -“المجلس السادس والأربعون من أمالي ابن عساكر”: أبو القاسم ثقة الدين، علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر (ت571هـ)، تحقيق: الحسين بن محمد الحدادي، دار البشائر الإسلامية [ضمن سلسلة لقاء العشر الأواخر (71)]،ط1، 1426هـ/2005م.

&             -“المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم”: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط1 1436هـ ..

&             -“المسند”: أبو داود سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي البصرى (ت 204هـ)، تحقيق:  الدكتور محمد بن عبد المحسن التركي، دار هجر- مصر،ط1، 1419 هـ/1999م.

&             -“المسند”: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون، بإشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط1، 1421 هـ/2001م.

&             -“المسند”: أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون القضاعي المصري (تـ 454هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة – بيروت، ط2، 1407هـ/1986م.

&             -“المُعْجَمُ الكَبِير”: أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، الطبراني (تـ360هـ)، تحقيق: فريق من الباحثين بإشراف وعناية د/ سعد بن عبد الله الحميد و د/ خالد بن عبد الرحمن الجريسي، دار الكتب العلمية-بيروت، ط1، 1996م.

&             -“المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج”: أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ)، دار إحياء التراث العربي-بيروت، ط2، 1392هـ.

&             -“الموطأ: مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني (ت179هـ)، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية -أبو ظبي- الإمارات، ط1، 1425هـ /2004م.

&             -“أمنا عائشة حبيبة نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”، شحاتة محمد صقر، دار الخلفاء الراشدين-الإسكندرية، دار الفتح الإسلامي- الإسكندرية (مصر)، ط1، دت .

&             -“ذخيرة العقبى في شرح المجتبى” (شرح سنن النسائي): محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي، دار آل بروم للنشر والتوزيع، ط1، 1420هـ/1999م.

&             -“سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها”: السيد سليمان الندوي الحسيني (ت1373هـ)، تحقيق محمد رحمة الله حافظ الندوي، دار القلم، ط1، 1424هـ/2003م .

&             -“شرح صحيح البخارى”: أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك المعروف بـ”ابن بطال” (تـ449هـ)، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، مكتبة الرشد-الرياض، ط2، 1423هـ/2003م.

&             -“عمدة القاري شرح صحيح البخاري”: أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (ت855هـ)، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط1، دت.

&             -“فتح الباري شرح صحيح البخاري”: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تح. محمد فؤاد عبد الباقي ، دار المعرفة – بيروت، ط1، 1379هـ.

*مقالات: 

مقال منشور بعنوان “السيدة عائشة.. رائدة حقوق المرأة”بقلم الباحث عزيز محمد أبو خلف. نشر يوم الأحد 17 أكتوبر2010، منتصف الليل (00:00)، ينظر الرابط أسفله:

http://www.onislam.net/arabic/adam-eve/women-voice/126005-2010-10-17-12-42-49.html

 


[1]– سورة الكهف: الآية 19 .

[2]– سورة القصص: جزء من الآية 23.

[3]“صحيح البخاري”: كتاب الجهاد، باب جهاد النساء (رح2875).

[4]– واحده الخدمة، وهي: الخلخال .

[5]– السُّوق: فجمع ساق، وهذه الرواية للخدم لم يكن فيها نهي؛ لأن هذا كان يوم أحد , قبل أمر النساء بالحجاب، وتحريم النظر إليهن، ولأنه لم يذكر هنا أنه تعمد النظر إلى نفس الساق، فهو محمول على أنه حصلت تلك النظرة فجأة بغير قصد , ولم يستدمها. [ينظر “شرح النووي لصحيح مسلم”: (6/271).

[6]– أي تنقلان .

[7]– مفرده قربة .

[8]“صحيح البخاري”: كتاب الجهاد، باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال (رح2880).

[9]“صحيح البخاري”: كتاب الجهاد، باب مداواة النساء الجرحى (رح2882).

[10]– ينظر أصل كلامه في “شرح صحيح البخارى”: أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك المعروف بـ”ابن بطال” (تـ449هـ)، تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، مكتبة الرشد-الرياض، ط2، 1423هـ/2003م: (5/80).

[11]– هذه قاعدة من أمهات القواعد الفقهية .

[12]“فتح الباري شرح صحيح البخاري”: أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، تح. محمد فؤاد عبد الباقي ، دار المعرفة – بيروت، ط1، 1379هـ: (6/80) .

[13]“صحيح البخاري”: كتاب المغازي، باب كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى كسرى وقيصر (رح4425).

[14]“عمدة القاري شرح صحيح البخاري”: (18/59) .

[15]– سورة النمل : الآيات 22 – 35 .

[16] – صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب الغيرة (رح5225).

[17]– – أخرجه “البزار” في “مسنده”: مسند الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، باب الغيرة (رح1490). و”الطبراني” في “المعجم الكبير”: باب من روى عن ابن مسعود(رح10040). و”الشهاب القضاعي” في “مسنده”: باب إن الله كتب الغيرة على النساء (رح1117).

 

[18]“صحيح البخاري”: كتاب أحاديث الأنبياء :باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته (رح3331) .

[19]– سورة آل عمران : 35 – 43 .

 

 

نشر بتاريخ: 02 / 07 / 2015

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق