مركز الدراسات القرآنيةأخبار متنوعة

«طليعة التنوير في مقدمات التفسير لابن زاغو (ت845ﻫ) دراسة وتحقيق» موضوع أطروحة دكتوراه ناقشها الدكتور الحسن الوزاني الباحث بمركز الدراسات القرآنية

نوقِشَت صبيحة يوم الخميس 20 صفر 1442ﻫ، موافق لـ 08 أكتوبر 2020م، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ أكدال، أطروحة دكتوراه في الدراسات الإسلامية، تقدّم بها الطالب الباحث الحسن الوزاني، تحت إشراف فضيلة الدكتور محمد قجوي أستاذ علوم القرآن والتفسير بجامعة محمد الخامس بالرباط، بعنوان: «طليعة التنوير في مقدمات التفسير لأبي العباس أحمد بن زاغو (ت845ﻫ) دراسة وتحقيق»، وتكوّنت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة الأفاضل: الدكتور مولاي عمر بن حماد ـ أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس ـ رئيسا ومقررا، والدكتور محمد قجوي مشرفا، والدكتور محمد صغيري ـ أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس ـ مقررا، والدكتور عزيز الخطيب ـ أستاذ التعليم العالي بدار الحديث الحسنية ـ مقررا، وبعد المناقشة والمداولة مُنِح الطالب الباحث درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية بميزة مشرف جدا.

وهذا مُلَخَّص أبرز ما جاء في مُرافَعَتِه بَيْن يَدَيْ اللجنة العلمية قُبَيْل المناقشة:

إنّ موضوع الدراسات القرآنية ودراسة نصوص التراث التفسيري قد شغلت الطالب الباحث منذ وقت مبكر، خصوصا تراث علماء الغرب الإسلامي، الذين أسهموا فيه بجهود كبيرة، ومؤلفات غزيرة، ولا يزال البحث في تراثهم ـ رغم الجهود المبذولة شرقا وغربا لدراسته وتحقيقه ـ لم ينل حقَّه من عناية الباحثين المسلمين المعاصرين، حيث إن هذه النفائس، ما عدا النزر اليسير، ما زالت حبيسة الخزائن في شتى مكتبات العالم.

ومن أئمة التفسير في الغرب الإسلامي الذين كان لهم الأثر البارز في خدمة هذا العلم والتفنن فيه، الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن زاغو المغراوي التلمساني (ت845هـ)، فقد تربَّع على كرسي التفسير في زمانه وشُدَّت إليه الرحال، حتى غدا عَلَمًا بارزا مشهودا له بالتبحر في هذا العلم، مذكورا فيه على كل لسان.

وإسهاماً من الطالب الباحث في إحياء تراث هذا الشيخ الجليل، الذي ما زال الكثير منه حبيس رفوف الخزائن الوطنية والدولية ينتظر من يكشف عنه النّقاب، ويرفع عنه الحجاب، تأتي هذه العناية الخاصة التي رامَ من خلالها إبراز ما يحمل فكره من إرث ثقافي غني، يُؤرّخ لمرحلة من تاريخ الغرب الإسلامي، ويُظهر الحمولة القرآنية والغنى التفسيري الذي ميّز هذه الحقبة التاريخية.

وقد عقدَ العزم في هذا العمل على إحياء أثر نفيس، ودرٍّ  ثمين من دُرَر ما جادت به قرائح أئمة المدرسة التلمسانية في التفسير خاصة، وعلوم القرآن عامة، وهو كتاب: «طليعة التنوير في مقدمات التفسير» لأبي العباس أحمد بن زاغو (ت845ه) دراسة وتحقيق».

ومِمّا جعل هذه الكتاب حَرِيًّا بالتحقيق والعناية، أنه يقدم خدمة جليلة للدرس القرآني، فهو بلا شك حلقة مضيئة في سلسلة اهتمام علماء الغرب الإسلامي بالدراسات القرآنية، وكذلك لقيمة هذا الكتاب وأهميته وفرادته، فهو واسطة العقد بين المصنفات المفردة في مقدمات التفسير، فالإمام ابن زاغو اختار من موضوعات القرآن التي دبَّجها في المقدمة جملة من أهم موضوعات أصول التفسير التي لا يستغني عنها عالِم أو متعلِّم، وأيضا من حيث إنه يعطي صورة عن واقع التفسير بالغرب الإسلامي في القرن التاسع الهجري، وينفي ما علق بالأذهان من أنّ هذه الفترة لم تكن إلا فترة جَمْع غاب فيها الإبداع، ثم لمكانة الإمام ابن زاغو مؤلِّف الكتاب بين علماء عصره، فقد كان متبحرا في العلوم، معتنيا بعلم التفسير، إقراءً وتدريسا وتصنيفا، مشهودا له فيه بطول الباع وسعة الاطلاع.

وأما عن خِطّة هذا البحث، فقد تضمّنت مقدمة، وقسمين اثنين: قسم الدراسة وقسم التحقيق، ثم خاتمة، وجملة من الفهارس الفنية.

وانتظم القسم الأول في ثلاثة فصول: تَمّ التعريف في مباحث الفصل الأول بالإمام ابن زاغو: عصره وحياته وآثاره ووفاته، وتمّ تخصيص مباحث الفصل الثاني لدراسة كتاب «طليعة التنوير» وأهميته ومصادره ومنهج ابن زاغو فيه، وتناول الطالب الباحث في مباحث الفصل الثالث أصول التفسير عند ابن زاغو في «طليعة التنوير»، ثم ختم قسم الدراسة بنماذج مصورة من النسخة المعتمدة في التحقيق.

وأما القسم الثاني فكان خاصّا بإثبات النص المحقق للكتاب، مع خدمته بالتوثيق والتعليق، وفق المنهج المعتمد لدى أرباب هذا الشأن.

وهذه أبرز النتائج التي خَلُص إليها الطالب الباحث في هذا البحث:

ـ شكّل كتاب «طليعة التنوير» نموذجا معتدلا وسطا للتأليف والمزاوجة الذكية بين شرائط ومقومات المنهج الأثري الذي يرتكز على تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين، الذي ظل الإمام ابن زاغو وفيا له، محترما أصوله، متوخيا ـ في الأغلب ـ صحته المرجعية، ومقوماته اللغوية، فهو إذا مادة علمية جوهرية لا غنى عنها لطالب علم التفسير.

ـ  ضمّت مقدمة ابن زاغو طرفا عريضا من مباحث أصول التفسير، وعلوم القرآن، ودرس ذلك بمنهج علمي متكامل تنصهرُ داخلَه كل طرائق البيان، وذلك بجمعه بين دلائل المنقول والمعقول في إبراز اختياراته، ويكون بذلك قد أَسهم بحظ وافر في إرساء المنهج الذي أسسه النص القرآني، وبينته السنة النبوية، وتعزز باجتهادات الصحابة والتابعين، وأئمة التفسير.

ـ تَرْجَمَت هذه المقدمة حالة مجالس التفسير بالغرب الإسلامي خلال القرن التاسع الهجري، فهي إلى جانب القيمة العلمية والغنى التفسيري، تبين لنا بعض الظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة في القطر التلمساني، فتجد الشيخ أحيانا يذكر بعض هذه الأمور التي لها ارتباط بالسياق والمقام العلمي.

ـ شكّل ابن زاغو نموذجًا حيًّا لذلك الرعيل من الفقهاء التلمسانيين الذين أكبوا على المعارف الشرعية، فاجتهدوا، وأبدعوا، وأضافوا، لكن ذلك لم يمنعهم من التفاعل مع الإبداعات الإنسانية الأخرى التي طبعت لحظتهم التاريخية، وميزت محيطهم الاجتماعي، والعلمي، كما تقدم ذلك في قسم الدراسة.

 ـ يُعَدّ الكتاب من أجود المصادر في علوم القرآن والتفسير، جمع فيه صاحبه أمهات كتب التفسير، وناقش مسائلها، وهو في هذا الجانب جديرٌ بأن يُعتمد في ربط مسائل التفسير بأصولها. وهو أيضا مصدر أساسي لكثير من كتب اللغة والبلاغة.

راجيا في ختام مرافعته أنْ يكون قد أسهم ـ بنصيب ما ـ في إحياء تراث مفسري الغرب الإسلامي، والتعريف بأحد رجالاته، ربطًا للماضي بالحاضر المتجدّد، واستمرارًا لهذا التجدّد الحضاري والفكري، ومتمنيا أنْ تفتح هذه الدارسة آفاق البحث في أصول التفسير لدى علماء الغرب الإسلامي والبحث في جهودهم العلمية في هذا الفن، والتعريف بها وتحقيق ما لم يُحَقّق منها.

متابعة: ذ. شوقي محسن

باحث بمركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق