مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

ضبط قصيدة:”مرحبا بك يا بهجة الأكوان~~~يا سلطان الجمال يا محمد”

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلاة على أشرف المرسلين.

وبعد،

فالمدح النبوي هو الشعر الذي يُمدح فيه النبي  صلى الله عليه وسلم، وذلك بتعداد صفاته الخِلقية والخُلقية، وإظهار الشوق لرؤيته، وزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياة نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية، ونظم سيرته شعرا، والإشادة بغزواته وصفاته المثلى والصلاة عليه تقديرا وتعظيما.

وقد تفنن العلماء والأدباء شرقا وغربا في مدح النبي صلى الله عليه وسلم والثناء عليه، ويشهد لذلك الكم الهائل جدا للقصائد التي نظموها  في مدحه وهي لا تحصى ولا تعد، والكثير منها لازال حبيس الرفوف في خزائن المخطوطات،  ومن هذه القصائد  قصيدة: مرحبا بك يا بهجة الأكوان يا سلطان الجمال يا محمد“.

وهي قصيدة مدح  فيها صاحبها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، بعبارات سهلة واضحة المبنى والمعنى، استفتحها بشغفه وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذه المحبة ملكت روحه  مما جعلت دموعه تذرف على خدوده كالجمر،  وأن قلبه ذاب من حرقة هذا الحب  الذي سكن قلبه. كما عدد بعض معجزاته الباهرة صلى الله عليه وسلم  التي ظهرت على يده،   ثم انتقل إلى الكلام عن معاملة السيدة خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبتها له،  ثم عن مرضعته  السيدة حليمة، وعن ما أصابها عند رده لأبويه صلى الله عليه وسلم.

ثم ختم بأن مدح النبي صلى عليه وسلم شفاء للأرواح من الصدى .

وهذه القصيدة لم أقف على صاحبها، إلا أنه ذكر في أثنائها أنه حلبي الأصل  بقوله: ” حلبي قد جاء بالامتداح بالمشاني”.

واعتمدت في ضبطها  على نسخة بمؤسسة العلامة علال الفاسي رحمه الله، وهي ضمن مجموعة  من القصائد في مولده ومدحه صلى الله عليه وسلم، ومقطعات شعرية، بعضها ناظمها مذكور،  والأخرى مجهولة، وعدد صفحاتها 3،  وهي تحت رقم:181ع، مكتوبة بخط مغربي.

نص القصيدة:

مرحبا بك يا بهجة الأكوان

يا سلطان الجمال يا محمد.

اعْذِروني فيمن ملكَ  روحي واشْتَراني

قلت الروحُ للحبيب   روحي في تَهَاني

كم أنادي في بابه   صُل[1] يا من سباني

يا سلطان الجمال يا محمد

يا عَدُولي  خل الدموع  تجري كالغمام

في خُدودي كالجمر   والصدر بانسجام

صِحْتُ شوقا من لوعة   تسري في المسام[2]

يا سلطان الجمال يا محمد

ذاب قلبي من حُرقة   الحب والوَلُوع

في حبيب  به أنا   مَسْبي ذو خشوع

حب حسنك ظهرا   ثوى قلبي وضُلوع

يا سلطان الجمال يا محمد

قد أتَتك الأشجار   في البيدا سَاجِدَات

بعروق تجُرُّها جاءت رَاقِمات

من مُحيَّاك لم  تَكُن تَشبَع قائلات

يا سلطان الجمال يا محمد

حَنَّ  جَهْرا جَذْعَ النخل يبكي من نواه

عن مُحَيّك المُزدهي المَكِّي لا سواه

فهو أَولى بقوله وجْدا من جواه[3]

يا سلطان الجمال يا محمد

غَارَ ثوْبٌ حلَلَته ليلا فاستنار

وُدجَاهُ من وجهك  الأنوارُ استنار

إذا أَرَدتَّ الرحيل قد نادى لا اصْطِبار

يا سلطان الجمال يا محمد

وإليك جاء البعير يَسْعى باشتِياق

ولدَيْك قد اشتكى البَلوى باحْتِراق

إذ رءاك اسْتَغاثَ في شكوى ما يُلاق

يا سلطان الجمال يا محمد

إذ رأَتْه خديجةُ الكبرى قد سَبَاها

أجبته دون الورى طرا واجْتباها

كلما غَابَ غيبة صاحت من جَوَاها

يا سلطان الجمال يا محمد

جهَّزته  من مالها للشام في التجارة

كلَّمَتْه في سيره الأكَامُ والحجارة

إذا تولى عن أرضها ناحت نوحَ جارة

يا سلطان الجمال يا محمد

وإليه حليمة جَنَّت بعد رد

لأبيه وأمه أتت خوف صَدّ

خاطبته ومنه قد جَنَتْ نار وُجْدِ

يا سلطان الجمال يا محمد

حلبي قد جاء بالامتداح بالمشاني[4]

ضاع دُرّا يَشفي صدا الأرواح بالمعاني

مستجيرا متيما قد صاح غَيْرَوَاني

يا سلطان الجمال يا محمد

وعليك السلام يا طه في الدوام

من كريم والآل والأصْحَاب الكِرام

ما تغَنَّت بذكركم ورْقَاءُ الحِمام

يا سلطان الجمال يا محمد

*****************

هوامش المقال:

[1]   من صال على يصول صُل، صولا وصولانا، فهو صائل، صال فلان على خصمه: سطا عليه وقهره. معجم اللغة العربية المعاصرة (2 /1337).

[2]   المسام: بفتح الميم الأولى وتشديد الميم الثانية منافذ الجسم.  كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم(2 /1526).

[3]   الجوى: شدة الحزن.شمس العلوم (8 /5537).

[4]   المشاني: بفتح الميم، والشين المعجمة، بعدهما الألف وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى قرية كبيرة شبه بليدة من البصرة، وبها التمر الكثير، ويضرب برطبها المثل. الأنساب للسمعاني (5 /187).

***************

جريدة المصادر والمراجع:

الأنساب لأبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، وضع حواشيه: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية.

 شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميرى اليمني، تحقيق: حسين بن عبد الله العمري – مطهر بن علي الإرياني ـ د يوسف محمد عبد الله، دار الفكر المعاصر (بيروت ـ لبنان)، دار الفكر (دمشق ـ سورية)، ط1، 1420 هـ ـ 1999م.

معجم اللغة العربية المعاصرة، لأحمد مختار عبد الحميد عمر، عالم الكتب، ط1، 1429 هـ ـ 2008 م.

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم، لمحمد بن علي ابن القاضي محمد حامد بن محمّد صابر الفاروقي الحنفي التهانوي، تحقيق: علي دحروج، مكتبة لبنان ناشرون – بيروت، ط1 – 1996م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق