مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأعلام

شمس الضحى دفينة شالة

نادية الشرقاوي

 

تقديم: تهميش الكتابة حول النساء:

أول أمر أود الإشارة إليه وهو من الأهمية بمكان في هذا الموضوع، ومع هذه الشخصية على وجه الخصوص وباقي النساء الرائدات في مجالات شتى على وجه العموم، وهو تغييب أسماء النساء في التدوين التاريخي، حيث نجد ندرة وقلة في المادة التاريخية التي تتناول ترجمة الشخصية النسائية على عكس ترجمة الأعلام من الرجال.

ولعل هذا الأمر راجع إلى طبيعة المجتمع في حد ذاته، فالمجتمع الإسلامي كانت له خصوصياته التي يحكمها الشرع والعرف والتقاليد، وهو ما أشارت إليه دة. عصمت عبد اللطيف دندنش في كتابها :”المرأة بين التراث والمعاصرة: قضايا وبحوث”، حيث يجد الباحث صعوبة كبيرة في تتبع دور المرأة ونشاطها في المجتمعات الإسلامية في مختلف العصور، وعلى الخصوص فيما اصطلح على تسميته بالعصر الوسيط، فكل المصادر تتجنب التأريخ أو الإشارة إلى دورها في المجتمع وجل هذه المصادر لا تتعرض إلا لحالات نادرة لبعض النساء… ومع أن المرأة كان لها دورها الفعال والنشيط في تسيير الحياة العامة مهما كان موقعها، إلا أن المؤرخين تعمدوا التعتيم على دور ونشاط المرأة في المجتمع الإسلامي.

شالة والتاريخ العريق:

تعد منطقة شالة الأثرية من بدائع مدينة الرباط التاريخية، فهي تختزل بين أسوارها حقبا مختلفة من تاريخ المغرب، بدءا بالرومان ومرورا بعصري المرينيين والموحدين، حيث يستطيع الزائر أن يرى مزيج حضارات عاشت في المكان نفسه.

في العهد الإسلامي استخدمت هذه المدينة العريقة لتحصين المجاهدين ضد القبائل البورغواطية في القرن العاشر الميلادي، ثم تتابع عليها الزناتيون والمرابطون والمرينيون، وصارت المدينة قلعة من قلاع الجهاد نظرا لموقعها الإستراتيجي، وحظيت المدينة باهتمام كبير في عهد الدولة المرينية.

في سنة 1284م قام السلطان المريني أبو يعقوب يوسف، ببناء مسجد وبعض الأضرحة ليجعل منها مقبرة ملكية للأسرة المرينية، حيث دفن فيها هو وزوجته “أم العز“، غير أن شالة لم تعرف أوج ازدهارها إلا في عهد السلطان أبي الحسن المريني الملقب بالسلطان الأكحل[1]، الذي شيّد بها المدرسة الزاوية وأحاطها بسور له ثلاثة أبواب، أكبرها الباب الجنوبي الغربي، ويتميز ضريح هذا السلطان عن باقي مدائن الخلوة بهندسته المحكمة، وبغنى أشكاله الزخرفية، سواء منها التي على الزليج، أو المصبوغة او المنقوشة.

شمس الضحى دفينة المقبرة المرينية بشالة:

يوجد إلى جانب قبر السلطان أبي الحسن قبر زوجته شمس الضحى، وهي جارية رومية من البشكنش، انتقلت من المسيحية إلى الإسلام، تسرى بها السلطان وأنجبت له السلطان أبي عنان، ونذكر من فضائلها، أنها حجت مرة واحدة، واسترعت اهتمام المشارقة لدرجة أنهم خصصوا لها استقبالا كبيرا بمصر هي والوفد المرافق لها، وذلك للهيبة والمكانة التي كان يحظى بها السلطان أبي الحسن المريني صاحب المآثر والفتوحات الجليلة خصوصا في الأندلس، والتي وصلت لـ 57 جواز من أجل الدود والدفاع عما تبقى من معاقل المسلمين هناك، ووافاها أجلها بتاريخ رابع رجب سنة 750 هـ، وحضر جنازتها أعيان البلاد وشخصيات من المشرق، لما يذكرون من عظمتها ومكانتها لدى أبي الحسن المريني.

وهنا يطرح السؤال العريض وهو كيف تكون لهذه السيدة هذه الشهرة شرقا وغربا، في حين لا يسجل لها التاريخ ذكرا، ولماذا يتحاشى المؤرخون الكتابة عن النساء، فهل يرجع التعتيم التاريخي حقا للنظرة الدونية للمرأة؟

فللأسف كما سبقت الإشارة إلى ذلك في البداية، فإننا لا نجد معلومات كافية حول “شمس الضحى“، وكل ما نجده مكتوبا حولها فقط هو هذه الأسطر التي كانت مدونة في الشاهد الذي على قبرها، وسجله كل من زار موقع شالة الأثري قديما من الرحالة العرب أو الأجانب، وللأسف مرة أخرى فقد تعرض قبرها إلى جانب قبر السلطان أبي الحسن المريني للسرقة.

ومن الكتب التي سجلت هذه الترجمة المهمة: كتاب الاستقصا لأحمد الناصري السلاوي، وكتاب الإعلام للعباس بن إبراهيم المراكشي، ونفاضة الجراب في علالة الاغتراب للسان الدين الخطيب، وكتاب الفنون الاسلامية والنقوش العربية بالمغرب الاقصى للدكتور عثمان عثمان اسماعيل، ومعجم شهيرات المغرب لزهراء ناجية الزهراوي.

 


[1] السلطان أبي الحسن المريني: حكم في الفترة بين 1331-1351 ميلادية، وعرف عند العامة بالسلطان الأكحل لسمرة لونه، فقد كانت أمه “العنبر” جارية حبشية.

 

نشر بتاريخ: 9 / 10 / 2013

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. شكرا لهذه المعلومات القيمة
    مزيدا من المعلومات نتمنا أن نستفيد منها من حضرتكم

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق