مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

شرح ابن الناظم لتحفة الحكام لابن عاصم

شرح ابن الناظم لتحفة الحكام لابن عاصم

  تعد منظومة تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام لأبي بكر محمد بن محمد ابن عاصم الغرناطي (ت829هـ)، من أجلّ ما ألف في علم القضاء ومسائل الأحكام؛ وذلك لسلامة نظمها، ووجازة لفظها، ولكونها اجتمع فيها ما افترق في غيرها، وقد وقع عليها القبول، واعتمدها العلماء، ولأهميتها اشتغل عليها علماء المذهب بالشرح والبيان، وإزالة اللبس والإبهام، فوضعت عليها شروح عديدة حتى وضع عليها أكثر من أربعين تعليقا، ما بين شرح وحاشية.

   وأول من شرحها ولد الناظم الوزير ابن عاصم، حيث عزز شرحه بنقول مشهورة ونصوص صحيحة، مع توثيق المسائل وتأصيلها، وإسنادها إلى مصادرها، واختصر فيه كثيرا من الأقضية والأحكام التي جرى بها العمل عند فقهاء الأندلس في عصره، قال التنبكتي: «له تآليف منها شرحه الحسن على تحفة الحكام لوالده القاضي أبي بكر بن عاصم في الأحكام، وفيه فقه متين وتصرف عجيب، ونقل صحيح» [نيل الابتهاج: 2/219].

    وفي مقدمة شرحه نجد ابن الناظم يصرح بالغرض الباعث له على وضعه فيقول: «استخرت الله تعالى في مسايرة هذه الأرجوزة المذكورة، بتقييد يكون كالشرح لمعانيها، والإبانة عن المسائل الفقهية التي استقلت عليها مبانيها، موضحا من الأرجوزة المشار إليها معاني الأبيات، ومستظهرا على ما تضمنته من الأحكام، مما يكون أسعد بها من الأقوال والروايات، وملحقا بما يتكلم عليه من الفقه، ما يكون من معناه قريبا، ومضيفا إليه من النقل ما لا يعد بالنسبة إليه غريبا، وملاحظا من جري العمل ما لاحظه الشيخ رحمه الله تعالى في منظومه، ومعتذرا بحسب المنة عما يناط من النقد بمنطوقه أو مفهوم. ومن الغرض في هذا التقييد: أن يكون المناسب لقصده، من فتاوى الأستاذ الشهير بأبي سعيد بن قاسم بن لب، والإمام السني أبي إسحاق بن موسى الشاطبي، وسواهما ممن كان في عصرهما من مصرهما، رضي الله تعالى عنهم، عقودا على لبته العاطلة، ونقودا يقتضي منه ديون غرته الماطلة، وأن يتخلل جواهر تلك العقود وذخائر تلك النقود، من فتاوى شيخنا قاضي الجماعة أبي القاسم بن سراج أبقى الله بركته، وشيخنا أبي الحسن علي بن سمعت رحمه الله تعالى، ونظرائهما شذور ذهبية، وجواهر مذهبية. هذا وإن كانت هذه الأرجوزة لقرب مأخذها، وسهولة أخذ الأحكام منها، على أخذها، غنية عن البيان، وغير مفتقرة إلى شرح، وليس الخبر كالعيان، لكني قصدت في مجاراتها بهذا التقييد أن يكون لي تذكرة لما اشتملت عليه من الأحكام، وتنبيها لي على ما ورائها مما يجب التيقظ له على الحكام، لا أني أشرح لغيري، وأنا قد غنيت، وأجهد لسواي تاركا لما به قد عنيت، إلا يكون ذلك بالتبع، وعلى غير ما قدمت من السبيل المتبع، فالخير أردت، والمشرع العذب وردت، تكفل الله تعالى لي من ذلك بتسني الأمل، ونفع بالنية، فقد تكون النية أبلغ من العمل، وعصمنا الله تعالى من مخالفة السنة ومتابعة الهوى، ووفقنا لعمل يرضيه فإنما الأعمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما نوى»[شرح ابن الناظم لتحفة الحكام: (1/238)].

   وقد اعتمد في شرحه هذا على أمهات المصادر المتخصصة بالقضاء، منها المفيد للحكام لابن هشام (ت606هـ)، وكتاب المقرب ومنتخب الأحكام لابن زمنيين (ت399هـ)، والمقصد المحمود في تلخيص العقود للجزيري (ت585هـ)، واعتمد كتب ابن فتوح والمتيطي، وابن عات، وابن فتحون، والباجي، وابن رشد، والمازري، وابن أبي زيد، واللخمي، وابن يونس…

   وقد جاءت أبواب الكتاب على شكل التالي: «مقدمة الشارح، باب القضاء وما يتعلق به، باب الشهود وأنواع الشهود وما يتعلق بذلك، باب اليمين وما يتعلق بها، باب الرهن وما يتعلق به، باب الضمان وما يتعلق به، باب الوكالة وما يتعلق بها، باب الصلح وما يتعلق به، باب النكاح وما يتعلق به، باب الطلاق والرجعة وما يتعلق بهما، باب النفقات وما يتعلق بها، باب البيوع وما شاكلها، باب في لكراء وما يتصل به، باب الحبس والتبرعات والهبات وما يتصل بها، باب في العتق وما يتصل به، باب في الرشد والإيصاد، والحجر الوصية والإقرار والدين والفلس، باب في الضرر وسائر الجنايات».

   وقد طبع شرح ابن الناظم لتحفة الحكام لابن عاصم الأندلسي عن دار ابن حزم ط 1 سنة 2013م، بدراسة وتحقيق ذ إبراهيم عبد سعود الجنابي.

بقلم الباحث: محمد الخادير

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق