مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

سيّد التابعين، أُوَيس بن عامر القَرَنِي

 

 

 

بقلم: يونس السباح

اسمه ونسبه وولادته:

هو أُوَيْس بن عامر بن جزء بن مالك المرادي القَرَنِي الزاهد، سيّد التّابعين، في نَسبه أقوال مختلفة، وكنيته أبو عمرو[1]. أدرك النبيّ صلى الله عليه وسلم ولمْ يَره، وسكن الكُوفة، وهو من كبار تابعيها[2].

صفته:

كان رضي اللهُ عنه أشهل، ذا صهوبة, بعيد ما بين المنكِبين، معتدل القامة، آدم شديد الأدمة، ضارباً بذقنه إلى صدره، رامٍ ببصره إلى موضع سجوده، واضعاً يمينه على شماله، يتلو القرآن، ويبكي على نفسه، ذا طمرين لا يؤبَه له، مُتَّزراً بإزارِ صوف، ومُرْتدٍ بإزار صوف، مجهولاً في أهل الأرض، معروفاً في أهل السماء، لو أقسم على الله لأبر قسمه، وتحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء[3].

مناقبه:

رويت عن سيدنا أويس القرَني مناقب كثيرة، وأفردت بالتأليف، ومن مناقبه رَضي الله عنه، ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أُسَيْر بن جابر، قال: كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن، سألهم: أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم، قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم، قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم، قال: لك والدة؟ قال: نعم، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن، من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» فاستغفر لي، فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة، قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إلي. قال: فلما كان من العام المقبل حج رجل من أشرافهم، فوافق عمر، فسأله عن أويس، قال: تركته رث البيت، قليل المتاع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن من مراد، ثم من قرن، كان به برص فبرأ منه، إلا موضع درهم له والدة هو بها بر، لو أقسم على الله لأبره، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل» فأتى أويسا فقال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي، قال: استغفر لي، قال: أنت أحدث عهدا بسفر صالح، فاستغفر لي، قال: لقيت عمر؟ قال: نعم، فاستغفر له، ففطن له الناس، فانطلق على وجهه، قال أُسَير: وكسوته بردة، فكان كلما رآه إنسان قال: من أين لأويس هذه البردة؟[4].

وأخبار أويس القرني مستوعبة في كتاب “تاريخ دمشق” لابن عساكر، وليس في التابعين أحد أفضل منه، وأما أن يكون أحد مثله في الفضل فيمكن كسعيد بن المسيب، وهم قليل[5].

روايته للحديث النبوي الشريف:

روى عن أويس القرني: يُسَير بن عمرو، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد رَبٍّ الدمشقي. وسكن الكوفة، وليس له حديث مسند، بل له حكايات[6].

ومن الأخبار المروية عنه، ما رواه ابن سعد في الطبقات بسنده، قال: جاء رجل من مراد إلى أويس القرني فقال: السلام عليكم. قال: وعليكم. قال: كيف أنت يا أويس؟ قال: بخير نحمد الله. قال: كيف الزّمان عليكم؟ قال: ما تسأل رجلا إذا أمسى لم ير أنه يصبح، وإذا أصبح لم ير أنه يمسي، يا أخا مراد: إنّ الموت لم يُبق لمؤمن فرحا، يا أخا مراد: إن معرفة المؤمن بحقوق الله لم تُبق له فضة ولا ذهبا، يا أخا مراد: إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقا والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذونا أعداء، ويجدون على ذلك من الفساق أعوانا، حتى والله لقد رموني بالعظائم، وايم الله لا يمنعني ذلك أن أقوم لله بالحق[7].

مكانته:

لسيدنا أويس القرَني مكانة عالية في الزهد، والإبعاد عن الحياة الزائفة، والإقبال على الله تعالى، ولذا عُدَّ من كبار الزهاد في وقته، حتى قال علقمة بن مرثد الحضرمي: (انتهى الزهد إلى ثمانية نفر من التابعين، عامر بن عبد قيس، وأويس، وهَرْم بن حَيَّان العبدي، والربيع بن خُثَيم الثوري، وأبي مسلم الخَوْلاَني، والأسود بن يزيد، ومسروق، والحسن البصري. قال سفيان الثوري: كان أويس يقول: اللهم إني أعتذر إليك من كل كبد جائعة وجسد عار وليس لي إلاّ ما على ظهري وفي بطني[8].

وفاته ومقبره:

قُتل أويس القرني يوم صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه سنة سبع وثلاثين[9].

ويقال: إنه مات بدمشق، وإن قبره في مقابر الجابية وهو ظاهر معروف، وإن هرم بن حيان رآه في مسجد دمشق ملفوفا في عباءة ميتا فكشفها عنه فعرفه وكفنه ودفنه[10]. وقيل غير ذلك، والله أعلم.

 

 


[1]  تاريخ الإسلام للذهبي: 2/313.

[2]  أسد الغابة:1/179.

[3]  سير السلف الصالحين لإسماعيل الأصبهاني:685.

[4]  رواه مسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل أويس القرني رضي اللهُ عنه. 4/1969.

[5]  تاريخ الإسلام: 2/313.

[6]  نفسه:2/313.

[7]  الطبقات الكبرى:6/164.

[8]  الوافي بالوفيات:9/257.

[9]  نفسه:9/257.

[10]  الوافي بالوفيات:9/257.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق