الدكتور مصطفى مختار
باحث بمركز علم وعمران
شكلت الرحلة الصوفية إلى بوابات الصحراء المغربية صلة ثقافية بين عموم المغرب وواحاته. حيث أسهم الصلحاء المغاربة الرحالون في خلق وحدة علائقية ثقافية كبرى رابطة بين العواصم (المراكز) والثغور (الهوامش).
ومن بين الصلحاء الرحالين سيدي أحمد- حريز- بن محرز أو محمد اللبدي الإدريسي[1]، قاطن مدينة فاس خلال القرن الثامن الهجري[2]، ودفين مزارة مشهورة نواحي تامدلت اقا، بإقليم طاطا حاليا[3]. وهو والد سيدي أبي السباع الشهير.
ويبدو أنه كان يمتهن، بالمدينة المذكورة، حرفة اللبادة[4]، بسوق اللبادين. ولعل السوق كان قرب مدرسة اللبادين المرينية التي كانت بمدخل شارع القطانين من جهة الشماعين[5]، ثم تحولت إلى مركز بنك المغرب القديم في حي القطانين[6]، أو كانت في زنقة اللبادين القديمة المعروفة حاليا باسم زنقة بوعقدة، بأعلى رأس التيالين، من فاس القرويين[7].
وإذا صح تواجد مدرسة اللبادين بأحد المكانين، نتساءل هنا: هل كان سيدي أحمد- حريز- يقطن قربها؟. وهل كان ابنه سيدي أبو السباع يدرس[8] بها أم هل كان يدرس بجامع القرويين غير البعيد عن حي القطانين أو عن رأس التيالين؟.
ويذكر أحد الباحثين أنه لسبب ما خرج المترجم وابنه من مدينة فاس[9] سالكين طريق البحث عن المعرفة والصلاح إلى بلاد الصحراء[10] عبر مدينة تلمسان، فبلاد توات[11].
ولعلهما ذهبا من هناك إلى الحج. وحين رجعا منه[12] نزلا، بموضع تتوك أو تَلْتَرْك، بمنطقة طاطا. ثم انتقلا إلى تمدلت أقا، بوادي درعة. حيث استقرا هناك سنين إلى أن وافت المنية أباه خلال صراع محلي[13].
وبذلك، تؤسس سيرتا كل من سيدي حريز وابنه سيدي أبي السباع علاقات وحدة ثقافية كبرى رابطة بين المركز والهوامش، ومانحة للهوامش (الثغور) المغربية قيمة اعتبارية تسهم في تراكم الرأسمال الثقافي والأنثربولوجي المغربيين.
والله الموفق للصواب والمعين عليه
الإحالات:
[1] راجع (ي): منوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة أولاد أبي السباع، إدريس شداد، الرباط، دار أبي رقراق، 2017 م، ص136، وص137، وص144، وص254، وص273، وص277، وص278، وص291، وص322، وص324، وص325، وص341، وص352؛ ودينامية القبيلة الصحراوية في المغارب، محمد دحمان، الرباط، مطبعة طوب بريس، 2012 م، ص27؛ والأولياء بالصحراء: نموذج صلحاء أولاد أبي السباع، إدريس شداد، في: مجلة دعوة الحق، ع.400، 2011 م، ص34
[2] منوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص144، وص311، وص324، وص325.
[3] انظر (ي): تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل، وقبلة كل سائل، الأحسن البعقيلي، الدار البيضاء، المطبعة العربية، 1358 هـ، ص106. راجع (ي): دينامية القبيلة الصحراوية، ص27، وص29، وص31، وص32، وص34؛ ومنوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص137، وص143، وص144، وص157، وص303؛ وإزاحة الغشاوة عن تاريخ الحركة العلمية بإقليم شيشاوة، الحبيب أرسموك، مراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، 2001 م، ص47؛ ومادة أولياء وصلحاء أولاد أبي السباع بالصحراء، إدريس شداد، في: معلمة المغرب، ج26، الرباط، دار الأمان، 2014 م، ص68، وص69.
[4] منوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص144.
[5] مادة اللبادين (مدرسة)، محمد اللبار، في: معلمة المغرب، ج25، سلا، مطابع سلا & الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 2010 م، ص259.
[6] أسماء الحرف المعروفة في مدينة فاس، عبد القادر زمامة، في: متنوعات محمد الفاسي، الرباط، جامعة محمد الخامس، 1967 م، ص98.
[7] مادة اللبادين (مدرسة)، في: معلمة المغرب، ج25، ص259- 260.
[8] الأنس والإمتاع، ص44.
[9] منوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص144، وص324، وص325.
[10] راجع (ي): منوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص137، وص143، وص144، وص154- 155، وص158، وص324، وص325؛ والأنس والإمتاع، ص44؛ ودينامية القبيلة الصحراوية، ص31؛ والفقيه والمجتمع، محمد بوزنكاض، مراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، 2018 م، ص121.
[11] راجع (ي): دينامية القبيلة الصحراوية، ص30، وص31، وص32؛ ومنوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص137، وص143، وص144، وص158.
[12] انظر (ي): تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل، ص106. وراجع (ي): دينامية القبيلة الصحراوية، ص27، وص29؛ ومنوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص157، وص303؛ وإزاحة الغشاوة، ص47؛ ومادة أولياء وصلحاء أولاد أبي السباع، في: معلمة المغرب، ج26، ص68.
[13] انظر (ي): تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل، ص106. وراجع (ي): دينامية القبيلة الصحراوية، ص27، وص29، وص31، وص32، وص34؛ ومنوغرافية قبيلة الشرفاء الأدارسة، ص137، وص143، وص144، وص157، وص303، وص325؛ وإزاحة الغشاوة، ص47؛ والأولياء بالصحراء، في: دعوة الحق، ع. 400، ص34، وص36.
