مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

سنة الإفطار على التمر وفوائده الصحية

تمهيد:

الحَمد لله رَبِّ العَالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّد الأوّلين والآخِرين، وعَلى آل بيْته الطَّيبين الطَّاهِرين، وَصَحْبه الغُرِّ المَيامِين، ومن سَار على نهجهم من العُلماء العاملين إلى يوم الدين.

وبعد؛

 فإن التمر من الأطعمة المباركة الطيبة التي أنعم الله بها على عباده المؤمنين، وأحلها لهم، وجعل شجرتها غرسا من غراس جناته ورضوانه فقال: ﴿ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ﴾[1]. ووصفها بأجمل وصف فقال: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ ﴾[2]، وقال أيضا: ﴿ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ﴾[3].  أي: ثمارها هضيمة، لينة، لطيفة، طيبة، وأمر المولى العلي مريم بنت عمران عليها السلام حين جاءها المخاض بأكل التمر فقال: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا﴾[4].  

وبالغ النبي ﷺ في مدح النخلة وتمارها في عدة أحاديث؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: «هي النخلة»[5].  

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: ” مثل الذي يقرأ القرآن: كالأترجة طعمها طيب، وريحها طيب، والذي لا يقرأ القرآن: كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن: كمثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن: كمثل الحنظلة طعمها مر، ولا ريح لها “[6].  

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياع أهله، يا عائشة، بيت لا تمر فيه جياع أهله» أو «جاع أهله» قالها مرتين أو ثلاثا[7].

أولا:

هديه وسنته في الإفطار وتناول التمر:

أما هدي النبي ﷺ وسنته في تناول التمر في رمضان فقد ثبت أنه كان يأكله:

1-في سحوره: فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:” نعم سحور المؤمن التمر”[8].

2-وفي فطوره: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ” كان رسول الله ﷺ يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم يكن رطبات، فتمرات، فإن لم يكن تمرات حسا حسوات من ماء “[9].  

3-قبل خروجه لصلاة عيد الفطر: عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات» وقال مرجأ بن رجاء، حدثني عبيد الله، قال: حدثني أنس رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، «ويأكلهن وترا»[10].

ثانيا:

فوائد التمر الصحية:

أما فوائد التمر الصحية فقد ثبت أن التمر له فوائد صحية عظيمة على صحة الإنسان من ذلك مثلا علاجه لبعض سموم البدن، وأنه ترياق وشفاء، روى مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:  «من تصبح بسبع تمرات عجوة، لم يضره ذلك اليوم سم، ولا سحر»[11].  

وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ﷺ قال: «إن في عجوة العالية شفاء – أو إنها ترياق – أول البكرة»[12].  

وفي المجال الطبي والصحي ذكر بعض العلماء المعتنين بالطب النبوي أن التمر له من الفوائد الغزيرة الشيء الكثير من ذلك: أنه تغذية وتقوية للبدن، وأنه مفيد في قتل الديدان، قال ابن القيم في زاد المعاد:” هو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه، ولا سيما مع حب الصنوبر، ويبرئ من خشونة الحلق….وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق، خفف مادة الدود، وأضعفه وقلله، أو قتله، وهو فاكهة وغذاء، ودواء وشراب وحلوى”[13].  

كما أن التمر مصدر مهم من مصادر الطاقة لاحتوائه على نسبة عالية من سكر الفاكهة، ويعين على الشفاء من العشى الليلي لاحتوائه على فيتامين (أ)، ويساعد على تهدئة التوتر والقلق، ويخفض من ضغط الدم وتوتر الأعصاب، ويعين في تقوية عضلة الرحم أثناء الولادة، لاحتوائه على فيتامين (ب)، وهو منجم غني من المعادن النافعة للجسم مثل: الفوسفور، والكالسيوم، والمنغنسيوم ، والحديد، والصديوم، والكبريت، والكلور، وهو مقوي فاتح للشهية، يعين على علاج فقر الدم لاحتوائه على نسبة عالية من الحديد، وهو غني بالسعرات الحرارية التي تمد الجسم بالطاقة والحيوية تكفي الإنسان ليقوم بمجهود اليوم بكل أريحية، وهو يقي الأمعاء من السرطان ويقي من الإمساك، وهو عامل مهم في تقوية مناعة الإنسان، والتخلص من السموم وفضلات الجسم الضارة[14].

هذا ما تيسر لي ذكره في هذا الموضوع ، فأسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل بقبول حسن، وأن يجزي كاتبه، ومصححه، وناشره، وقارئه.

والحمد لله رب العالمين.

لائحة المصادر والمراجع:

الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجحفي البخاري، طبعة مراجعة على النسخة السلطانية، مركز البحوث وتقنية المعلومات، دار التأصيل، القاهرة، ط1، 1433هـ/2012م.

زاد المعاد في هدي خير العباد: لمحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية ، مؤسسة الرسالة، بيروت – مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط: 27 , 1415هـ/1994م.

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: لمحمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1422هـ/2002م.

صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان : للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي ، ت : شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت، ط2 ،  1414هـ/1993م.

الطب البديل: الثمار والأعشاب الورادة في القرآن الكريم والسنة النبوية:  لماهر حسن محمود محمد، دار الندى، الإسكندرية، 2006م.

المسند الصحيح المختصر من السنن، بنقل العدل عن العدل عن رسول الله ﷺ: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، مركز البحوث وتقينة المعلومات، دار التأصيل، القاهرة، ط1، 1435هـ/2014م.

المسند: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، ت: شعيب الأرنؤوط ،  وعادل مرشد، مؤسسة الرسالة ، ط1، 1416هـ/1995م.

[1]–   الرحمن: 11

[2]– ق: 10.

[3]– الشعراء: 148.

[4]–  مريم: 25-26

[5]–  أخرجه البخاري في كتاب: العلم، باب: قول المحدث: حدثنا، وأخبرنا، وأنبأنا (61)

[6]–  أخرجه البخاري في كتاب: فضائل القرآن، باب: فضل القرآن على سائر الكلام (5020).

[7]–  أخرجه مسلم في كتاب: الأشربة، باب: في ادخار التمر ونحوه من الأقوات للعيال (2046).

[8]–  أخرجه ابن حبان في صحيحه (3475) وصححه الألباني في الصحيحة (562).

[9]–  أخرجه أحمد في مسنده (12676) وصححه شعيب الأرنؤوط.

[10]–  أخرجه البخاري في كتاب: أبواب العيد، باب: الأكل يوم الفطر قبل الخروج (953).

[11]–  أخرجه مسلم في كتاب: الأشربة ، باب: فضل تمر المدينة (2047).

[12]–  أخرجه مسلم في كتاب: الأشربة ، باب: فضل تمر المدينة (2048).

[13]–  زاد المعاد (4/268)

[14]– الطب البديل: الثمار والأعشاب الورادة في القرآن الكريم والسنة النبوية (ص: 119-120-121) بتصرف.

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق