الرابطة المحمدية للعلماء

رسالة ملكية إلى القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة بالرياض

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي انطلقت أشغال دورتها الثالثة أمس الاثنين بالعاصمة السعودية الرياض.

وفي ما يلي نص الرسالة الملكية :

“الحمد لله وحده٬ والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود٬ رئيس القمة٬
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو٬
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية٬
أصحاب المعالي والسعادة٬

يطيب لنا أن نعرب في البداية لأخينا الأعز٬ خادم الحرمين الشريفين٬ الملك عبدالله بن عبد العزيز٬ رئيس القمة٬ عن صادق الشكر والامتنان٬ على مبادرته الحميدة لالتئام هذه القمة الثالثة من نوعها٬ منوهين بانتظام دوراتها٬ وبكرم استضافتها، وكلنا أمل في أن تتمخض عنها نتائج ملموسة٬ تسهم في تعزيز عملنا العربي ومسيرتنا المشتركة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو٬
أصحاب المعالي والسعادة٬
لقد تم تأسيس هذه القمة التنموية والاقتصادية استجابة لتطلعات شعوبنا العربية٬ وتحقيقا لرؤيتنا التي ما فتئنا نعبر عنها في أكثر من مناسبة. ألا وهي إعطاء عملنا العربي المشترك٬ البعد التنموي والاقتصادي٬ الكفيل بجعل المواطن العربي في صلب اهتمامنا٬ وتمكينه من كل شروط العيش الكريم. ومن ثم٬ فلا يسعنا هنا إلا أن نثمن هذا التوجه الحكيم٬ الذي جاء لسد الفراغ في العمل العربي المشترك٬ اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا.

وقد تمكنت القمتان السابقتان بحق من وضع مقاربة تشاركية عملية٬ بفضل التركيز على عدد من المشاريع التنموية٬ بهدف تحريك العمل الاقتصادي٬ وتفعيل الاتفاقيات والمشاريع الاقتصادية والتجارية العربية٬ سواء كانت جماعية أو ثنائية٬ وكذا تطوير آليات تنفيذها٬ واعتماد نظام متابعتها٬ لتجاوز المعوقات وحل المشاكل٬ بما يتماشى والمتغيرات الاقتصادية٬ إلى جانب الاستثمار في مشاريع البنية التحتية٬ مثل شبكات الطرق والربط الكهربائي٬ والاتصالات وتعزيز الاندماج الاقتصادي٬ وتشجيع القطاع الخاص ليشكل رافعة أساسية للتنمية المستدامة.

وفي نفس السياق٬ جاءت المشاريع المنبثقة عن هذه المقاربة التنموية منسجمة مع توجهات المملكة المغربية٬ والجهود التي تبذلها في تنفيذ البرامج التنموية المهيكلة الكبرى٬ وتفعيل استراتيجيات قطاعية أخرى مضبوطة٬ إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية٬ التي قمنا بإطلاقها منذ سنة 2005، والتي ساهمت بشكل كبير٬ في الحد من الفقر والهشاشة الاجتماعية والبطالة والإقصاء والتهميش.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو٬
أصحاب المعالي والسعادة٬
تلتئم هذه القمة٬ والعالم العربي ما يزال يعيش تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية من جهة٬ والصعوبات الموضوعية التي تعانيها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي بعض بلدان المنطقة من جهة أخرى٬ وذلك من جراء التحولات السياسية المعقدة.

وهو ما يضع أشغال قمتنا هذه على محك المقاربة العقلانية٬ الكفيلة بإيجاد الحلول الملائمة للإشكالات المتشعبة المطروحة.

إن منطقتنا العربية تزخر بموارد طبيعية هائلة ومتنوعة ومتكاملة٬ وبطاقات بشرية حيوية٬ تؤهلها للإقلاع الاقتصادي٬ والمساهمة في بلورة سياسات تنموية خلاقة٬ تضع المواطن العربي في صلب اهتماماتها. كما أن الموقع الجيوسياسي المتميز لهذه المنطقة٬ يمكنها من القيام بدور فاعل في تحريك عجلة التبادل والتعاون بين أقطاب العالم٬ وكذا من التأثير الإيجابي في الاقتصاد العالمي.

غير أن النهوض بهذا الدور يظل رهينا بمدى نجاعة الاختيارات التي ننتهجها جميعا٬ سواء تعلق الأمر ببلورة تعاون حقيقي٬ على مستوى دول المنطقة مجتمعة٬ أو في قدرتها على التموقع داخل المنظومة العالمية.

ونغتنم فرصة انعقاد هذا المنتدى الهام٬ للتعبير عن إرادتنا الأكيدة في تعميق وتطوير تكتلنا الاقتصادي الواعد٬ والاستفادة من تنوع طاقاتنا٬ الذي تزخر به منطقتنا.

وفي هذا الصدد٬ لا يسعنا إلا أن نتأسف٬ من جديد٬ على عدم قيام الاتحاد المغاربي بدوره الطبيعي في دعم تنمية مشتركة للدول المغاربية٬ ولاسيما من خلال ضمان حرية تنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع والخدمات.

وإيمانا منه بحتمية العمل التنموي العربي المشترك٬ فإن المغرب حريص على تحقيق المزيد من الانفتاح على الاستثمارات والمبادلات مع كافة الدول العربية الشقيقة٬ وكذا التبادل المثمر للخبرات والتجارب في ما بينها٬ وتطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص. وتفعيلا لهذا التضامن٬ ساهم المغرب في الحساب الخاص الذي يهدف إلى دعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي.

ونود في هذا الإطار٬ الإشادة والتنويه بالشراكة الاستراتيجية النموذجية الواعدة٬ التي انخرط فيها المغرب مع دول مجلس التعاون الخليجي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو٬
أصحاب المعالي والسعادة٬
إننا لواثقون أن تحقيق أهداف هذه القمة٬ التي تعتبر حتمية استراتيجية٬ رهين بالانطلاق من رؤية موحدة٬ وواضحة في هذا الشأن٬ وبمدى استعدادنا لنهج سياسة الانفتاح والتعاون والتضامن٬ باعتبارها خيارا لا محيد عنه٬ لرفع التحديات الأمنية الحالية٬ ومواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتوالية٬ بل وتعزيز المواقف العربية٬ في المحافل الاقتصادية الدولية٬ حيث تبقى الكلمة الأخيرة للتكتلات الاقتصادية المنسجمة والمتماسكة.

وإذ نجدد خالص عبارات الشكر والامتنان والتقدير لأخينا المبجل خادم الحرمين الشريفين٬ الملك عبد الله بن عبد العزيز٬ رئيس هذه القمة٬ على كريم استضافته٬ وغيرته على قضايا الأمة العربية والإسلامية الصادقة٬ فإننا نسأل الله عز وجل أن يعيننا جميعا على تحقيق انتظارات شعوبنا٬ وأن يسدد خطانا٬ في سبيل إسعادها.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق