مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان، لسالم بن محمد السنهوري المالكي (تـ: 1015هـ). تعريف وتوصيف

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.

وبعد؛

فقد اعتنى علماء المسلمين بالتأليف في شهر شعبان المبارك وفضائله عناية فائقة، لما له من مكانة عظمى في نفوس المسلمين، وخاصة ما يتعلق بليلة النصف منه؛ ومن العلماء الذين ألفوا رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان: العلامة سالم بن محمد السنهوري المالكي، وهي رسالة  مهمة في هذا الموضوع ، ولأهميتها سأكتب عليها مقالا وفق ما يلي:

أولا: التعريف بالمؤلف[1]:

هو: سالم بن محمد بن محمد بن عز الدين بن ناصر  أبو النجاة (أبو النجا)  السنهوري.

أخذ عن أئمة كالشمس محمد البنوفري وبه تفقه، وأخذ الحديث عن نجم الدين الغيطي، وأدرك الناصر اللقاني.

وأخذ عنه جلة، منهم: البرهان اللقاني، والنور الأجهوري، والخير الرملي، والمشس البابلي، ولازمه، وعامر الشبراوي وسمع منه الأمهات الست، وغيرهم.

برع رحمه الله في الفقه والحديث، ودرس، وأفتى، واشتهر حتى صار شيخ المالكية  في عصره، لهذا  أثنى عليه جماعة من العلماء منهم محمد مخلوف  بقوله: “مفتي المالكية بمصر وعالمها الإِمام الكبير ومفتيها ومحدثها الشهير خاتمة الحفاظ باتفاق إليه الرحلة من الآفاق اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره”[2].

ووصفه أحمد بابا التنبكتي: ” الفقيه المحدث المتفنن العلامة أحد شيوخ مصر، .. برع في الفقه والحديث وغيرهما، واشتهر ودرس وأفتى”[3].

له مؤلفات منها: شرح جليل على المختصر لخصه من مواهب الجليل، ورسالة في ليلة النصف من شعبان وغير ذلك[4].

 توفي في جمادى الأولى (سنة 1015 هـ)، وعمره نحو السبعين وأرخ بعضهم وفاته فقال:

مات شيخ الحديث بل كل عالم ** سالم ذو الكمال أفضل حبر

قلت من غير غاية لبكاه *** أرخوه قد مات عالم مصر[5]

ثانيا: التعريف بالرسالة:

هي رسالة  في أسامي  وفضائل وكرامات ليلة  النصف من شعبان،  وهي رسالة تناولها  العلامة السنهوري رحمه الله في ثلاثة أبواب:

الباب الأول: في أسماء ليلة النصف من شعبان  

وقد ذكر مجموعة من الأسماء سميت بها هذه الليلة المباركة وهي:

الليلة المباركة، قال أبو العباس بن عطاء مباركة لمجاورة الملائكة ومقاربتهم[6].  ويروى أن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: يسبح الله الخير في أربع ليال سحا وذكر منها ليلة النصف من شعبان[7].

وليلة القسمة والتقدير لما روي عن عطاء بن يسار قال: “إذا كان ليلة النصف من شعبان نسخ ملك الموت عليه الصلاة والسلام كل من يموت من شعبان إلى شعبان، وإن الرجل ليَظلم ويفجُر وينكح النسوان ويغرس الغِراس، وقد نسخ اسمه من الأحياء إلى الأموات، وما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل منها” انتهى [8]. إضافة إلى أحاديث أخرى استشهد بها.

وليلة التكفير لما ذكر السبكي  في تفسيره  من أنها تكفر ذنوب السنة، وليلة الجمعة تكفر ذنوب الأسبوع، وليلة القدر تكفر ذنوب العمر [9].

وليلة الإجابة  لما أخرجه الديلمي عن أبي أمامة مرفوعا خمس ليال لا ترد فيهن دعوة: أول ليلة من رجب، و ليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، و ليلتا  العيدين”[10].

وليلة الحياة لما رواه إسحاق بن راهوية  بسنده عن وهب  بن منبه  رحمه تعالى قال إذا كانت ليلة النصف من شعبان لم يمت أحد بين المغرب والعشاء لا شتغال ملك الموت بقبض الصكاك  من رب العالمين  عز وجل[11].

وليلة عيد الملائكة  لما ذكره  أبو عبد الله طاهر بن محمد بن أحمد الحداد في كتابه  عيون المجالس  فيما قيل  أن للملائكة  في السماء ليلتي عيد كما أن للمسلمين من البشر يومي عيد  فعيد الملائكة  ليلة البراءة يعني ليلة النصف من شعبان  وليلة القدر وعيد المؤمنين يوم الفطر  ويوم الأضحى[12].

وليلة  الشفاعة، وليلة البراءة وليلة البركة وليلة التعظيم وليلة القدر وليلة الغفران  والعتق من النيران[13].

الباب الثاني فيما جاء في فضل ليلة النصف من شعبان

استدل بمجوعة من الأحاديث على فضل هذه الليلة المباركة منها:  ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده مرسلا  عن كثير بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله ليطلع ليلة النصف من شعبان إلى العباد فيغفر لأهل الأرض إلا لرجلين:  رجل مشرك ومشاحن”[14].

 وما أخرجه الإمام أحمد أيضا في مسنده من حديث أبي لهيعة بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحن، وقاتل نفس”[15].  

الباب الثالث فيما جاء في إحياء ليلة النصف من شعبان 

استدل بأحاديث كثيرة   في إحياء هذه الليلة منها: 

روى عبد الرزاق بن همام  بسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس، فيقول: ألا من مستغفر أغفر له، ألا مسترزق أرزقه، حتى يطلع الفجر”[16]

  وروى الأصبهاني في الترغيب عن معاذ بن جبل -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة، ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة النصف من شعبان”[17].

وقد ذكر أن الأولى إحيائها بصلاة التسبيح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وغيره..  مع ذكرها[18]، وختم بقصة توبة مالك بن دينار[19] .

والحاصل أن رسالة السنهوري في الكلام على ليلة النصف من شعبان صغيرة الحجم كثيرة الفائدة، تناول فيها أسامي  وفضائل وكرامات هذه الليلة، وطريقة إحيائها وما يقال فيها من أدعية.

اعتمدت في التعريف  بهذه الرسالة على نسخة خطية  بالمكتبة الوطنية تحت رقم: 484ك ضمن مجموع من ص: 1 إلى ص: 13 منسوخة بخط الشيخ عبد القادر بن مصطفى الصفوري  الدمشقي القادري المالكي، بتاريخ: الاثنين 6 شوال سنة: 1041هـ.

والرسالة طبعت بتحقيق: صالح الجعفري، عن دار جوامع الكلم ـ القاهرة بعنوان: الكشف والبيان عن فضائل ليلة النصف من شعبان.  

*******************

هوامش المقال:

[1]  من مصادر ترجمته: نيل الابتهاج(ص: 191)، شجرة النور(1 /418)، الفكرالسامي(2 /325).

[2]  شجرة النور(1 /418).

[3]  نيل الابتهاج(ص: 191).

[4]  شجرة النور(1/ 418).

[5]  شجرة النور(1/ 418).

[6]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 2).

[7]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 2).

[8]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 2).

[9]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 3).

[10]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 3).

رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(3 ـ 4).

[12]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 4).

[13]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 4).

[14]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 4).

[15]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 6).

[16]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 9).

[17]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 9).

[18]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 10).

[19]  رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان(ص: 11).

**************

جريدة المصادر والمراجع:

الأعلام، لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين. ط15، 2002 م.

رسالة في الكلام على ليلة النصف من شعبان لسالم بن محمد السنهوري المالكي، نسخة المكتبة الوطنية رقم: 484ك.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف، تعليق: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، سنة 1424 هـ – 2003 م.

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي، لمحمد بن الحسن بن العربيّ بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفاسي، دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان،ط1 ـ 1416هـ ـ 1995م.

الكشف والبيان عن فضائل ليلة النصف من شعبان لسالم بن محمد السنهوري المالكي، تحقيق: صالح الجعفري، عن دار جوامع الكلم ـ القاهرة.

نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأحمد بابا بن أحمد التنبكتي السوداني، عناية: عبد الحميد عبد الله الهرامة، دار الكاتب، طرابلس ـ ليبيا، ط2، 2000 م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق