مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

ذم التقليد

يقول الإمام محمد المقري تـ 758هـ، رحمه الله:

ولما غلب وصف التقليد في الناس جنحوا إلى القال والقيل، إذ لم يسمع منهم إلا ما نقلوه عن غيرهم لا ما رأوه من عند أنفسهم، حتى كان عز الدين بن عبد السلام يقول بالرأي، فإن سئل عن المسألة أفتى فيها بقول الشافعي ويقول لم تسألني عن مذهبي. وللخمي مثل هذا في التحكيم. وإنها لإحدى كُبَر دواهي التقليد. فالتقليد مذموم، وأقبح منه تحيُّزُ الأقطار، وتعصب النظار. فترى الرجل يبذل جهده في استقصاء المسائل، ويستفرغ وسعه في تقدير الطرق وتحرير الدلائل، ثم لا يختار إلا مذهب  من انتصر له وحده لمحض التعصب له مع ظهور الحجة الدامغة، ثم ينكف عن محجتها إلى الطرق الرائغة، فلا يحمل نفسه على الحق إذا رآه، لكن يطلب التوفيق ولو على أبعد طريق بينه وبين هواه ((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن)). فيا أيها الحنفي أفي كل ما خالفك فيه مالك، في حكم  الله هالك ؟ ويا أيها المالكي، أفي كل ما خالفك فيه الشافعي عميت عليه المسالك؟ أصَمَّ الله سمع الهوى ما يسمع إلا ما يريد، ألا إن ها هنا ما سواه هي من هذه الهناة، وأحرُّ على كبد كل مسلم من يبس اللهاة. فإذا خالف الحق أهل كل مذهب أبقوا من ردَّه إلى ما خالف من الحق فحاولوا سوى ذلك الحق إليه، فإن لم يُطعهم المقادة، جرُّوه على غير إرادة، فتراهم يتولون النصوص التي يخالف ظاهرها مذهبهم على ما يوافقهم لا يبالون أَخَلُّوا بماله من معنى أم لا؟”.

المعيار المعرب والجامع المغرب لأحمد بن يحيى الونشريسي (ت 914هـ)، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- المملكة المغربية، 1401هـ / 1981م. (2/ 483).

إنجاز: د.بوشعيب شبون.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق