مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

دَرَّاس بـن إســمـاعــيـــــل

الدكتورة أمينة امزيغة

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

دراس(كشدَّاد) بن إسماعيل الجراوي الفاسي، المكنى بأبي ميمونة، المشهور بالمحدث، المعروف بالعلم والصلاح والدين المتين، الفقيه الحافظ النظار.أول من أدخل “مدونة سحنون” مدينة فاس، وبفضله اشتهر مذهب الإمام مالك في المغرب الأقصى. 

سمع من شيوخ كثر من المغرب، و إفريقية، و الأندلس كأبي بكر بن اللباد و غيره.    

له رحلة للمشرق، فسمع من علي بن أبي مطر بالإسكندرية كتاب ابن المواز، وحدث به بالقيروان، وسمعه منه أبو محمد بن أبي زيد، و أبو الحسن القابسي، وأبو الفرج بن عُبْدُوس، وخلف بن أبي جعفر، وغيره كثير، كما حدث عنه أبي عبد الله محمد بن علي بن الشيخ، وأخيه حسن بن علي ، وعمر بن ميمون بن بكر القيسي ، وحمود بن غالب الهمداني و غيره .

دخل الأندلس مجاهدا، وطالبا، فتردد بها في الثغر.

ذُكرت في حقه الكثير من الشهادات التي تزكيه وتثني عليه:

قال أبو المالكي : كان أبو ميمونة من الحفاظ المعدودين، والأئمة المبرزين من أهل الفضل و الدين، ولما طرأ إلى القيروان، اطلع الناس من حفظه على أمرعظيم، حتى كان يقال : ليس في وقته، أحفظ منه. و كان نزوله عند ابن أبي زيد وظهر تقصيره بعلماء القيروان، و شفوفه على كثير منهم .

قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي: كان أبو ميمونة فقيها حافظا للرأي على مذهب مالك قال أبو عبد الله بن عتاب: كان يعرف بأبي ميمونة المحدث .  

قال أبو الوليد الباجي: كان شيخا صالحا.

وذكر أنه دفع دينارا لمن يشتري له طعاما، فأتاه . فقال له : اشتريت واجتهدت  فوصف له كيف كان الطعام، والزرع . فقال: رد علي رأس مالي، و لا حاجة له به .

و ذكر المالكي أنه كان أحفظ أهل زمانه بمذهب مالك و أصحابه .

و ذكر عن بعض أصحاب أبي بكر بن اللباد ، قال : كنت يوما جالسا في مجلس أبي بكر بن اللباد، وأبو ميمونة يقرأ عليه الموطأ فتوافقا في حديث، فخالفه فيه شيخنا، وقال أبو ميمونة: كتابي هذا قرأته بالأندلس ، وبفاس .

فأمر أبو بكر بإخراج موطأ ابن وهب، وكتب كثيرة، حتى تقرر عندهم حقيقة الحرف الذي اختلفوا فيه .

فلما نظر أبو بكر إلى الكتب والرزم، وقد حلت ضاق، و قال لأبي ميمونة: يا هذا فيك استقصاء. وما أظنك تريد إلا أن تكون ديكا في بلدك .

فقال أبو ميمونة: أكرمك الله، لو شئت أن أكون ديكا في غير بلدي، كنت.

فقال له أبو بكر: قم عنا ولا تغش لي مجلسا، قم يا هذا. و استحثه.

فأخذ أبو ميمونة كتابه ، و مجرته ، ووقف وقال : اللهم إنك تشهد .

 قال الحاكي : فخرجت في أثره، ومشيت معه، حتى أبعدنا وهو يسترجع. فقلت له: اجلس على هذا الدكان حتى أرجع إلى الشيخ، و أعود إليك .

فرجعت وجلست بين يدي الشيخ، وقلت: أصلحك الله أنت شيخنا وإمامنا، وهذا رجل له قصد إليك، فترى إذا سألك الله لم طردته، أتقول له، لأنه قال: لو شئت أن أكون ديكا في غير بلدي كنت، ما فعلت أصلحك الله؟. و قلت مقبول عنك ، و مسموع. فقال : إنا لله و إنا إليه لراجعون، وكررها .

ثم قال يا أخي، رد الرجل، و يدع المعاتبة .فسرت إليه فرجع معي،  فسلم على الشيخ، و جعل بعد ذلك يختلف إليه، و يحضر السماع، والشيخ غير منبسط له. فشكا ذلك إلى بعض أصحابه، فقالوا له: زوجته شابة . فلو أهديت إليها عطفته عليك، وأصلحت لك جانبه .

فقال: والله لا أخذت العلم من طريق الرشوة أبدا، والشيخ قد انتشرت إمامته ، وحل  في قلوب الناس بالمحل الذي علمتم، وما قسى قلبه عليّ، إلا لأمر تقدم لي، عوقبت عليه   ولكن، و الله لا أصلحت إلا ما بيني و بين الله، و سينتهي الأمر إلى ما شاء .

قال : فما طالت المدة، حتى كان إذا دخل أبو ميمونة قال أبو بكر له: يا أبا ميمونة، أشركنا في صالح دعائك .

وذكر ابن التبّان، أن رجلا رأى سنة ثمان وخمسين في المنام بالزيارة، وكان منصرفا من الحج: السماء والأرض يبكيان. فسأل عن ذلك. فقيل له: على أبي ميمونة درّاس بن إسماعيل، ولم يكونوا عرفوا موته، فإذا به قد مات .

توفي بفاس سنة سبع وخمسين وثلاثمائة فيما قاله ابن الفرضي، وفي تاريخ الأفارقة سنة ثمان وخمسين، وقبره عند باب الجيزيين، وله مسجد بمصمودة بفاس يحمل اسمه معروف إلى الآن من أقوم مساجدها قبلة.

– ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 3/126 ، رقم الترجمة 849.

 – جمهرة تراجم الفقهاء1/465، رقم الترجمة359.

– نيل البتهاج1/190، رقم الترجمة180.

 – الأعلام للزركلي 2/337.

– شجرة النور الزكية 1/153رقم الترجمة 299.

– الفكر السامي 465 رقم414 الترجمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق