مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

ديوان الشيخ إبراهيم جوب المشعري في مدح الشيخ الخديم رضي الله عنه

حققه:
عبــد القـادر امباكي بن شيخ ميمـونـة الكبرى
وأبو مدين شعيب تياو الأزهري الطوبوي
تمهيد:
ظهر بالسِّنغال أدباء بارعون، وبرَّز فيها شعراء نابغون، عنت لهم نواصي الشعر، وأُوتوا موهبة عجيبةً في القرض والحبر، فتركوا قصائد رائقة، ودواوين شعرية فائقة، فيها نزهة للنواظر، وبهجة للمسامع والخواطر، ومن بينهم الشيخ إبراهيم جوب المشعريُّ أحد مريدي أبي المحامد الشيخ الخديم – رضي الله عنهما – وشعرائه، وأحدُ من انخرطوا في سلك دعوته وأخلصوا في حبّه وولائه؛ فقد حبر في مدحه قصائد راقية، وأشعارا بديعة وباقية، أشاد فيها بفضل ممدوحه الشامخ ومآثره، وقدره الباذخ ومفاخره، تشهد بعلمهِ وطول باعه، وأخذه بتلابيب اللغة وسعة اطلاعه، فضلا عن حسن تصرفه وبراعته في أساليب البيان.

تمهيد:

ظهر بالسِّنغال أدباء بارعون، وبرَّز فيها شعراء نابغون، عنت لهم نواصي الشعر، وأُوتوا موهبة عجيبةً في القرض والحبر، فتركوا قصائد رائقة، ودواوين شعرية فائقة، فيها نزهة للنواظر، وبهجة للمسامع والخواطر، ومن بينهم الشيخ إبراهيم جوب المشعريُّ أحد مريدي أبي المحامد الشيخ الخديم – رضي الله عنهما – وشعرائه، وأحدُ من انخرطوا في سلك دعوته وأخلصوا في حبّه وولائه؛ فقد حبر في مدحه قصائد راقية، وأشعارا بديعة وباقية، أشاد فيها بفضل ممدوحه الشامخ ومآثره، وقدره الباذخ ومفاخره، تشهد بعلمهِ وطول باعه، وأخذه بتلابيب اللغة وسعة اطلاعه، فضلا عن حسن تصرفه وبراعته في أساليب البيان.

وقد رفع هذا الديوان الشاعر مكانا علياّ، وجعله عند شيخه مريداً مرضياّ، كما جعله هذا الدُّرُّ النفيس والعِلْق الشعريُّ الغميس في عداد الشعراء الكبار، الذين ينوّهُ بهم في جميع الأمصار والأعصار، ولقد أحسن الدكتور عمران كبا الغينيُّ حين قال عن الشاعر في كتابه «الشعر العربي في الغرب الإفريقي خلال القرن العشرين الميلادي، 2/461»:”إن براعة أسلوبه وجزالة صياغته الفنية ترفعه إلى صفوف الأدباء الكبار، كأنه أحد شعراء المعلقات في أساليبه”، وقال في ديوانه:”وبهذا يتوّج بلواء المديح لا بين الشعراء في السنغال فحسب، بل في المنطقة بأسرها؛ إذ لم يُدَوَّنْ مثل هذا الإنتاج في ممدوحٍ غير الرسول صلى الله عليه وسلم والشيخ أحمد التجاني رضي الله عنه”.

نبذة عن الشاعر:

هو إبراهيم بنُ محمد جوب، المشهورِ بسرين مور حَبْسَ جوب المولودُ سنة 1288هـ/1867م، في قرية تسمى «مشعر»؛ وتقع في مقاطعة «كبمير Kébémer » بإقليم «لوغا Louga » في السنغال، ونشأ في أسرة يتضوع بين أرجائها أريج العلم والدين. ولما بلغ سن التمييز أخذ عن والده الذي كان من جلة العلماء وتعلم عليه القرآن الكريم، حتى أتقنه حفظاً ورَسماً وتجويداً، وهذه شنشنةٌ مألوفة في الأسر الدينية، فإنّ أوّلَ واجبٍ على الصبيّ أن يبادر إلى حفظ كتاب الله، وبعده يقوم بكتابة مصحف دون نظرٍ، يهديه لشيخه أو غيره، وبعدهُ يتفرغ للعلوم، لذلك أطت الأرض السنغالية – وحقَّ لها أن تئطّ – من كثرة الحفاظ، فما فيها من باديةٍ أو حاضرةٍ إلا وفيها حملةٌ لكتاب الله، يَتعهدونه بالقراءة، ويرتلونه آناء الليل وأطراف النهار، وما ذلك إلا تصديقاً لقوله تعالى:(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[الحجر:9].

ولما حفظ القرآن عن ظهر قلبٍ أخذ عن والده العلوم الشرعية واللغوية، وبعدما قوي زندهُ شد الرحال – بتوجيه من والده – إلى «موريتانيا» أرض العلماء والصالحين، ونزل بصديق والده محمود، ومكث عنده زمناً تمكن خلالَه أن يأخذ عنه بعض العلوم اللغوية من نحوٍ وبلاغةٍ وعروضٍ إلى أن عاد إلى قريته «مشعر» واشتغل بالتدريس بجنب والده في مدرسته المذكورة.

وإن النظر في ديوانه لَينبئُ القارئَ  أن الشاعرَ لم يشذَّ عن المنهج التعليميّ السنغاليّ، وعن الكتب التي كان الطلاب يقرؤونها في المدارس والكتاتيب؛ لاسيما ما يتعلق بالعلوم اللغوية والأدبية التي تظهر كفلق الصبح للناظر في ديوانه، فقد كان الطالب السنغالي يدرس في النحو «الآجرومية» لابن آجروم، و«ملحة الإعراب» للحريري، و«لامية الأفعال» لابن مالك، و«الألفية» له، ويختتم بكتاب «الاحمرار» لابن بونه الجكني الشنقيطي، ويدرس في الأدب والبيان «الجوهرَ المكنون في صدف الثلاثة الفنون» للأخضري، و«عقود الجمان» للسيوطي، ومقصورة ابن دريد، و«نيل الأماني في شرح التهاني» للإمام اليوسي، و«البردة» و«الهمزية» للإمام البوصيري و«الشمقمقية» لابن الونان، فضلا عن المعلقات السبع، و«أشعار الشعراء الستة الجاهليين» للأعلم الشنتمري ومقامات الحريري، كما يقرؤون في العروض «الخزرجية» لضياء الدين أبي محمد عبد الله بن محمد الخزرجى الأندلسي…..

وكان الشيخ إبراهيم جوب المشعري مقبلا على عبادة ربه، فانيا في حبه وحب رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وجمع إلى ذلك الورعَ وسلامةَ القلب، كما كان زاهداً في الدنيا وزخارفها، قانعا بما قسم الله له، مثلًا أعلى في الأريحية والسخاء؛ فقد كان معينا للمؤمِّلين، باذلًا كلَّ ما في يديه إلى السائلين، مؤثرا على نفسه ولو كان به خصاصةٌ، حتى ثقلت كواهلهُ بالدُّيون، وهذا لعمر الله أقصى غاية الجود!

وقد اتصل الشاعر بالشيخ الخديم رضي الله عنهما بعد عودته من منفاه بجمهورية «غابون»، وانخرط في سلك دعوته، وانضم إلى أصحابه وزمرته، مقبلا على مدحه، ومجيباً عن بعض الرسائل والأسئلة التي كانت ترد على الشيخ بإذنٍ منه، كما تربَّى على يديه وأخذ من سمته إلى أن أَذِنَ له الشيخُ في العودة إلى أهله والاشتغال بالتعليم والتربية، فانثى جذلان قرير العين، مجتهدا في عبادة ربه وطاعته حتى التحق بالرفيق الأعلى سنة 1354هـ/1933م ودفن بمدينة «طوبى» المحروسة، وكان عمره نحو 66 سنة.

شعره وديوانه:

 لم يصلنا من شعر الشيخ إبراهيم جوب إلا مدائحُ كتبها في مدح شيخه أبي المحامد الشيخ الخديم –رضي الله عنهما – وهي القصائد السبعون والمائة التي يحتويها الديوانُ وتبلغ 4728 بيتا، ونظمها الشاعر على البحور الشعرية الستة عشر، بالإضافة إلى بضع قصائد كتبها في مدح بعض أبناء الشيخ كالشيخ محمد المصطفى امباكي والشيخ محمد الفاضل امباكي، وإخوته كالشيخ إبراهيم فاط امباكي والشيخ مصنب امباكي ومريديه كالشيخ عيسى جنّ وابنِ خال الشيخِ علّامة عصره ومفتي مصره الفقيه الورع الشيخ امباكي بوسو – رضي الله عنهم -.

وقد طُبع الديوانُ بمطبعة المعارف الجديدة بالرِّباط، ونَشرته «الرابطةُ الخديمية للباحثين والدارسين»، بتحقيق الأخوين عبد القادر امباكي بن سرج شِيخ ميمونة الكبرى بنتِ الشيخ الخديم، وأبي مدين شعيب تياو الأزهري الطوبوي، اللذين اعتمدَا في عملهما على نسختيِ الديوان المخطوطتين الفريدتين وهما:

الأولى: نسخة نسخها الشيخ محمد الفاضل بن الحاج سرج  بوسو الإمام – حفظه الله ورعاه -، وفرغ من نسخها في شهر جمادى الآخرة سنة 1396هـ،  واشتملت هذه النسخة على 169 قصيدة، وهي الأصلية المعتمدة في التحقيق.

الثانية: نسخة نَسخها الشيخ عبد الأحد بن الشيخ أبي مدين شعيب بن الشيخ الخديم  – حفظه الله ورعاه -، وليس فيها تاريخ الفراغ من النسخ، لكنها – كما بدا لنا أثناء البحث – متأخرة عن الأولى. واشتملت على 170 قصيدة، وامتازتْ باحتوائها على قصيدة «الشَّيْخُ أَحْمَدُ مَأمُونٌ وَمَيْمُونُ» التي لم ترد في النسخة الأصلية، وقد استُؤْنِسَ بها – مع ما فيها من سقط – في استدراك هنات النسخة الأصل.

وكلتا النسختين محفوظتان بمكتبة الشيخ الخديم بطوبى المحروسة.

المنهج المتبع في التحقيق

كان العملُ في الديوان كما يلي:

* ترجمة الشاعر وتقديم نبذة عن حياته.

* إعادة ترتيب الديوان وَفق الحروف الهجائية (أ، ب، ت، ث….)

* ضبط النصّ بالشكل، وكتابته وَفق القواعد الإملائية الحديثة.

* وضع حرف (م) في الأبيات المدوَّرة التي يصعب فيهَا فصلُ الكلمة.

* التعليق على النصّ إن دعت الحاجة إليه، بشرح المفردات اللغوية المفتقرة – في نظرنا – إلى البيان والشرح، والتنبيه على بعض التناصّات والإحالات.

* بيان البحور الشعرية التي تنتمي إليها قصائد الديوان.

* إن وقع تصحيفٌ بيّنٌ في النسخة الأصل، فإنا نُثبت الصواب، مع التنبيه إلى ذلك في الهامش، وأمَّا مَا في النسختين المخطوطتين من الهناتِ النحوية والصرفية فلم نُثقل الهوامش ببيانه، ولم نشر إليهِ إلا لماماً.

* وضع فهارس للمصادر والمراجع، وللقوافي، وللمحتويات.

 نماذج من قصائد الديوان:

يقول:[من البسيط]

مِنِّي سَلَامٌ حَكَاهُ بَهْجَةً ذَهَبُ=@=كَأَنَّهُ لَبَنٌ قَدْ شَابَهُ ضَرَبُ

إِلَى فَتًى مَاجِدٍ جَمٍّ فَضَائِلُهُ=@=تَضَاءَلَتْ دُونَ أَدْنَى قَدْرِهِ الشُّهُبُ

شَيْخٌ شَرِيفٌ ظَرِيفٌ لَا نَظِيرَ لَهُ=@=فِي الْمَكْرُمَاتِ لَدَى الْأَخْيَارِ مُنْتَخَبُ

صَدْرُ الصُّدُورِ مَلَاذُ الْعَارِفِينَ مَعًا=@=شَمْسُ الشُّمُوسِ الَّذِي يُنْفَى بِهِ الرِّيَبُ

أَعْنِي الْخَدِيمَ الَّذِي أَرْضَى الْقَدِيمَ بِمَا=@=أَبْدَاهُ مِنْ خِدَمٍ قَدْ زَانَهَا أَدَبُ

أَيْ أَحْمَدُ ابْنُ حَبِيبِ اللَّهِ سَيِّدُنَا=@=مَنْ لَمْ يَحُزْ مِثْلَهُ عُجْمٌ وَلَا عَرَبُ

أُعْجُوبَةُ الدَّهْرِ يَأتِي كُلَّ أَزْمِنَةٍ=@=مِنْ فَيْضِهِ عَجَبٌ مِنْ بَعْدِهِ عَجَبُ

هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ الْمُسْتَفِيضُ نَدَى=@=يَدَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ دُونَهُ السُّحُبُ

رَحْبُ الْفِنَاءِ خَصِيبُ الْأُفْقِ أَبْرَكُهُ=@=جَمُّ الرَّمَادِ يُنَسِّي كُلَّ مَنْ يَهَبُ

غَيْثُ الْكِرَامِ مَعًا لَيْثُ اللِّئَامِ مَعًا=@=بَدْرُ السُّعُودِ الَّذِي تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ

مُبَارَكُ الْكُلِّ كُلَّ الْكَلِّ يَدْفَعُهُ=@=عَنْ مُرْتَجِيهِ فَلَا خَوْفٌ وَلَا رَهَبُ…

ويقول:[من الطويل]

رَمَمْتَ أُمُورَ النَّاسِ بَعْدَ فَسَادِهَا =@= وَرَوَّجْتَ سُوقَ الْمَدْحِ بَعْدَ كَسَادِهَا

وَقَيَّدْتَ مِنْ صَيْدِ الْمَعَالِي شَوَارِدًا =@= لِمُقْتَنِصِيهَا بَعْدَ طُولِ انْشِرَادِهَا

وَفَجَّرْتَ بِالتَّقْوَى يَنَابِيعَ حِكْمَةٍ =@= وَأَطْفَأْتَ نَارَ الْجَهْلِ بَعْدَ اتِّقَادِهَا

وَفَتَّحْتَ أَبْوَابَ السَّعَادَاتِ وَالْعُلَا =@= لِكُلِّ مُرِيدٍ بَعْدَ طُولِ انْسِدَادِهَا

وَنِلْتَ مَقَامًا عَنْهُ كَلَّتْ جَحَاجِحٌ =@= ذَوُو هِمَمٍ مِنْ بَعْدِ طُولِ اجْتِهَادِهَا

وَأَحْيَيْتَ دِينَ اللَّهِ بِالْحَقِّ مُدْنِيًا =@= مَنَافِعَهُ لِلنَّاسِ بَعْدَ بِعَادِهَا

وَأَنْشَأْتَ رَوْضًا بِالْمَعَارِفِ يَانِعًا =@= بِهِ لِلْجُنَاةِ دَامَ كُلُّ مُرَادِهَا

فَطَائِفَةً أَرْشَدْتَ بَعْدَ ضَلَالِهَا =@= وَطَائِفَةً أَيْقَظْتَ بَعْدَ رُقَادِهَا

وَطَائِفَةً أَغْنَيْتَ بَعْدَ افْتِقَارِهَا =@= وَطَائِفَةً أَمَّنْتَ بَعْدَ ارْتِعَادِهَا

وَكَمْ زُمْرَةٍ أَعْلَيْتَ بَعْدَ انْسِفَالِهَا =@= وَلِلَّهِ أُخْرَى قُدْتَ بَعْدَ ارْتِدَادِهَا

إِذَا اسْتَبَقَ السَّادَاتُ يَوْمًا بِحَلْبَةٍ =@= إِلَى مَفْخَرٍ جَلَّيْتَ خَيْرَ جِيَادِهَا

يَمِينُكَ تَمْتَدُّ امْتِدَادًا فَلَا يَدٌ =@= بِمَوْهِبَةٍ تَمْتَدُّ مِثْلَ امْتِدَادِهَا

ظَهَرْتَ بِأَرْضٍ عَمَّهَا قَبْلَكَ الْبَلَا =@= جَمَاعَاتُهَا فِي أُفْقِهَا كَجَمَادِهَا

فَجِئْتَ بِنُورٍ سَاطِعٍ مُتَبَيِّنٍ =@= كَنَارِ الْقِرَى تَبْدُو لِعَيْنِ رُوَادِهَا

خَدِيمَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ فُقْتَ كُلَّ مَنْ =@= أَقَلَّتْهُ هَذِي الْأَرْضُ فَوْقَ مِهَادِهَا

وَرِثْتَ مَقَامَاتِ الرِّجَالِ جَمِيعِهِمْ =@= وَكُنْتَ عِمَادَ الْكُلِّ بَعْدَ عِمَادِهَا

فَمِنْكَ اسْتَمَدَّ الْأَوْلِيَاءُ مَعَارِفًا =@= وَعَنْكَ رَوَتْ أَقْلَامُهَا بِمِدَادِهَا

إِذَ قَلَّ غَيْثُ الْعَامِ وَاشْتَدَّ أَزْمَةٌ =@= وَضَاقَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أُفْقُ بِلَادِهَا

وَجَاءَ أُنَاسٌ تَشْتَكِي قِلَّةَ الْحَيَا =@= وَقَوْمٌ أَتَوْا شَاكِينَ ضُرَّ جَرَادِهَا

دَفَعْتَ لِبَعْضِ الْقَوْمِ كِيسَ دَرَاهِمٍ =@= وَلِلْبَعْضِ جَنَّاتٍ دَنَتْ لِحِـَصَادِهَا

وَأَعْطَيْتَ لِلْبَاقِينَ كُلَّ مُنَاهُمُ =@= فَآبُوا بِشُكْرِ الرَّوْضِ غِبَّ عِهَادِهَا

فَرَاحَتُكَ الْبَيْضَا حَبَتْ بِطَرَائِفٍ =@= مِنَ الْمَالِ حَتَّى قَدْ حَبَتْ بِتِلَادِهَا

وَأَسْرَيْتَ نَحْوَ الْمَجْدِ أَسْنَى نَجَائِبٍ =@= بِهَا انْقَادَ مَعْكَ الْعِزُّ بَعْدَ انْقِيَادِهَا

إِلَى أَنْ عَصَا التَّسْيَارِ أَلْقَيْتَ وَاصِلًا =@= إِلَى حَضْرَةِ التَّقْرِيبِ بَيْنَ شِهَادِهَا

وَصَلْتَ وَأَوْصَلْتَ الْمُرِيدِينَ كُلَّهُمْ =@= وَرَقَّيْتَ سَادَاتٍ عَلَتْ بِمُرَادِهَا

جَزَاكَ إِلَهُ الْعَرْشِ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ =@= خُيُورًا تَفُوقُ الْعَدَّ عِنْدَ عِدَادِهَا

وَأَبْقَاكَ لِلْإِسْلَامِ تُحْيِي سَبِيلَهُ =@= تَرُمُّ أُمُورَ النَّاسِ بَعْدَ فَسَادِهَا

وَتَمَّمَ مَا تَنْوِيهِ لِلْأُمَّةِ الَّتِي =@= لَهَا رَاجَتِ الْأَسْوَاقُ بَعْدَ كَسَادِهَا

ويقول:[من البسيط]

يَا سَادَةً قَادَةً بِالْعِلْمِ قَدْ سَادُوا =@= كُلَّ الْعِبَادِ وَدِينَ اللَّهِ قَدْ شَادُوا

رُهْبَانُ لَيْلٍ مَصَابِيحُ الظَّلَامِ لَهُمْ =@= فِي الصُّبْحِ وَالْمُسْيِ أَذْكَارٌ وَأَوْرَادُ

يَتْلُونَ دَأْبًا كِتَابَ اللَّهِ ثُمَّ لَهُمْ =@= إِلَى الْمَسَاجِدِ تَرْدَادٌ فَتَرْدَادُ

الِاسْلَامُ دِينُهُمُ وَالشُّكْرُ دَيْدَنُهُمْ =@= وَالصَّبْرُ عَادَتُهُمْ وَالْكُلُّ سَجَّادُ

هُمُ الْجِبَالُ الرَّوَاسِي وَالنُّجُومُ هُدًى =@=  مَا اللَّيْثُ مَا الْغَيْثُ إِنْ جَالُوا وَإِنْ جَادُوا

وَهُمْ شِرَافٌ ظِرَافٌ مِنْهُمُ بُدَلَا =@= وَأَصْفِيَاءُ وَأَقْطَابٌ وَأَوْتَادُ

الْغَوْثُ سَيِّدُهُمْ حَقًّا وَعُمْدَتُهُمْ =@= فِي كُلِّ وَقْتٍ لَهُ لِلْكُلِّ إِمْدَادُ…

ويقول من قصيدة جمع فيها بعض معاني كلمة «العجوز»، ناسجا على منوال من سبقوه:

شُجَاعٌ جَوَادٌ لَمْ يَزَلْ جِدَّ مُزْدَرٍ = بِكُلِّ عَجُوزٍ أَوْ بِكُلِّ عَجُوزِ

فَمَنْ ضَرَّهُ يَوْمًا عَجُوزٌ وَجَاءَهُ = عَجُوزًا حَوَى مَا يَشْتَهِى بِعَجُوزِ

فَإِمَّا عَجُوزًا خِفْتَ لُذْ بِعَجُوزِهِ = وَكُنْ ذَا عَجُوزٍ  تُكْفَ كُلَّ عَجُوزِ

وَهُوبُ عَجُوزٍ فِي الْعَجُوزِ مُزَهَّدٌ = عَجُوزٌ فَمَا شَرْوَاهُ فَوْقَ عَجُوزِ

فَأَهْدِ عَجُوزًا أَوْ عَجُوزًا لِجَاهِهِ = فَيَا فَوْزَ مَنْ أَهْدَى وَلَوْ بِعَجُوزِ

عَجُوزٌ لَهُ أَسْنَى عَجُوزٍ لِوَارِدٍ = أَدَامَ لَهُ الرَّحْمَانُ خَيْرَ عَجُوزِ

حَمَاهُ إِلَهِي مِنْ عَجُوزٍ وَكُلِّ مَا = عَجُوزٍ عَجُوزٍ مِثْلِ أَهْلِ عَجُوزِ

عَجُوزُ عَجُوزِ الْفَضْلِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ = عَجُوزٌ لَهُ أَعْلَى لِوًا وَعَجُوزِ

فَأَمَّا عَجُوزٌ لَا يَخَافُ عَجُوزُهُ = يُغَذِّيهِمُ دَأْبًا بِخَيْرِ عَجُوزِ

بِكُلِّ عَجُوزٍ شَاعَ فَيْضُ عَجُوزِهِ = يَجُودُ لِبَاغِي جُودِهِ بِعَجُوزِ

أَلَا يَا عَجُوزًا فَاحَ فِينَا عَجُوزُهُ = كَفَانَا بِهِ مَوْلَاهُ شَرَّ عَجُوزِ

وَيَا مَنْ غَدَا مِثْلَ الْعَجُوزِ عَجُوزَ مَنْ =@= عَجُوزٌ إِلَى الْمَوْلَى بِخَيْرِ عَجُوزِ

فَفِي خَيْرِ حِزْبٍ فِي عَجُوزِكَ عُدَّنِي =@= وَهَبْ لِي عَجُوزًا فِي أَتَمِّ عَجُوزِ

فَمَا فِي عَجُوزٍ أَوْ عَجُوزٍ نَظِيرُكُمْ =@= وَكُلُّ عَجُوزٍ عِنْدَكُم كَعَجُوزِ

رَمَانِي زَمَانِي أَسْهُمًا مِنْ عَجُوزِهِ =@= فَجِئْتُ إِلَيْكُمْ شَاكِيًا كَعَجُوزِ

أَلَا فَاطْرُدَنْ عَنِّي عَجُوزًا يَؤُمُّنِي =@= وَكُلُّ عَجُوزٍ يَنْتَحِي وَعَجُوزِ

أُجَارِي هُنَا أَهْلَ الْعَجُوزِ بِمَدْحِكُمْ =@= وَلِمْ لَا وَفَاقَتْ جَنَّتِي بِعَجُوزِ

عَجُوزُكَ يَا رَحْبَ الْعَجُوزِ عَجُوزُنَا =@= بِهِ نَحْتَمِي مِنْ شَرِّ كُلِّ عَجُوزِ

غَدَوْتُ عَجُوزَ الْكُلِّ أَصْفَى عَجُوزِهِمْ =@= عَجُوزًا لِوَجْهِ اللَّهِ خَيْرَ عَجُوزِ

فَكُلُّ عَجُوزٍ أَنْتَ مِصْبَاحُ فَضْلِهَا =@= فَعِشْ آمِنًا مِنْ مَكْرِ كُلِّ عَجُوزِ

حَمَاكَ إِلَهِي مِنْ عَجُوزٍ مُعَمَّرًا =@= وَأَرْضَاكَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ عَجُوزِ

ويقولُ:[من الطويل]

أَتَعْرِفُ أَطْلَالًا لِلَيْلَى بَوَالِيَا =@= غَدَتْ بَعْدَ طُولِ الْأُنْسِ مِنْهَا خَوَالِيَا

تَعَاوَرَهَا الْأَرْوَاحُ حَتَّى تَرَكْنَهَا =@= كَخَطِّ كِتَابِيٍّ تَقَادَمَ بَالِيَا

بِهَا الْعِينُ وَالْآرَامُ يَمْشِينَ حَوْلَهَا =@= كَمَشْيِ الْعَذَارَى قَدْ قَصَدْنَ الْمَلَاهِيَا

فَمَا كَانَ فِيهَا غَيْرُ آثَارِ مَرْبِـَـطٍ =@= وَمَوقِدِ نَارٍ أَوْ مَزَابِلَ بَاقِيَا

فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ قُلْتُ لِرُفْقَتِي =@= أَلَا فَانْظُرُونِي أَشْتَفِي مِنْ بُكَائِيَا

وَأَنْفَقْتُ مِنْ كَنْزِ الْمَدَامِعِ وَالْجَوَى =@= عَلَى الدَّارِ إِسْرَافًا وَقَلَّ عَزَائِيَا

وَقَفْتُ بِهَا وَالصَّحْبُ قَدْ يَعْذُلُونَنِي =@= فَقُلْتُ ذَرُونِي وَالْبُكَا وَالْقَوَافِيَا

أَلَمْ تَرَ أَنَّ الصَّبْرَ صَعْبٌ عَلَى الْفَتَى =@= إِذَا ظَنَّ بَعْدَ الْبُعْدِ أَنْ لَا تَلَاقِيَا

فَلَمَّا رَأَيْتُ الدَّارَ لَا مَرْحَبًا بِهَا =@= وَأَنْ لَا تُجِيبَ بِالدَّوَامِ الْمُنَادِيَا

فَزِعْتُ إِلَى وَجْنَاءَ حَرْفٍ شِمِلَّةٍ =@= كَهَمِّكَ مِرْقَالٍ تَجُوبُ الْفَيَافِيَا

تَرَاهَا إِذَا خَاضَتْ سَرَابًا كَأَنَّمَا =@= مَضَى مَرْكَبٌ فِي لُجَّةِ الْيَمِّ جَارِيَا

وَقَائِلَةٍ مَنْ ذَا تَؤُمُّ؟ فَقُلْتُ: مَنْ =@= يَرُمُّ عَلَى كُثْرِ الْمَعَايِبِ حَالِيَا

فَقَالَتْ:وَهَلْ يُلْفَى عَلَى الْأَرْضِ مِثْلُ ذَا؟ =@= فَقُلْتُ نَعَمْ. بَحْرُ الْبُحُورِ أَمَامِيَا

فَقَالَتْ: وَمَنْ بَحْرُ الْبُحُورِ؟ فَقُلْتُ:مَنْ =@= يُحَقِّقُ مِنْ جَدْوَى يَدَيْهِ رَجَائِيَا

فَقَالَتْ: وَمَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: الْخَدِيمُ مَنْ =@= حَوَى فَخْرَ كُلِّ الْأَصْفِيَا وَالْمَعَالِيَا

هُوَ ابْنُ حَبِيبِ اللَّهِ أَحْمَدُ مَنْ سَمَا =@= عَلَى الْأَوْلِيَا طُرًّا وَقَدْ دَامَ صَافِيَا

فَذَاكَ الَّذِي لَمْ تَحْمِلِ الْأَرْضُ مِثْلَهُ =@= مُرَبٍّ مُرَقٍّ كَانَ لِلْحَاجِ قَاضِيَا

إِذَا عُدَّ أَرْبَابُ الدِّرَايَةِ وَالتُّقَى =@= يَكُنْ بَدْءَ عَدِّ الْكُلِّ وَالْغَيْرُ تَالِيَا

أَمِينٌ قَدِ اسْتَرْعَاهُ ذُو الْعَرْشِ ذِكْرَهُ =@= فَصَارَ بِخَيْرِ الرَّعْيِ لِلذِّكْرِ رَاعِيَا

وَأَوْدَعَهُ سِرًّا يَغِيبُ عَنِ الْوَرَى =@= فَكَانَ حَفِيظًا لِلْوَدَائِعِ وَاعِيَا

تَوَعَّدَهُ مِنْ قَبْلُ قِتْلٌ لِدِينِهِ =@= فَقَالَ لَهُ: اقْضِ الْيَوْمَ مَا كُنْتَ قَاضِيَا

فَإِنِّي لِرَبِّ الْعَرْشِ لَا شَكَّ عَابِدٌ =@= وَمَا دُمْتُ لَا أَنْفَكُّ لِلَّهِ سَاعِيَا

فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَكَادَهُ =@= بِآلَافِ كَيْدٍ كَيْ يُسَفِّلَ عَالِيَا

فَمَا زَادَهُ إِلَّا اعْتِلَاءً وَرِفْعَةً =@= وَإِلَّا عَلَى الذِّكْرِ الْحَكِيمِ تَمَادِيَا

فَطُوبَى لِمَنْ وَالَى الْخَدِيمَ وَحَبَّهُ =@= وَوَيْلٌ لِمَنْ عَادَى وَمَنْ كَانَ قَالِيَا

أَلَا إِنَّهُ رَأْسُ الرُّؤُوسِ وَصَدْرُهَا =@= وَشَمْسُ الْمَعَالِي مَنْ أَنَارَ الدَّيَاجِيَا

إِذَا سَكَنَ الْحُسَّادُ بِالْخِزْيِ وَادِيَا =@= تَرَاهُ بِحَمْدِ اللَّهِ يَعْلُو الرَّوَابِيَا

وَإِنْ بَنَوُوا الْأَمْصَارَ بِالطِّينِ لِلدُّنَا =@= تَرَاهُ لِدِينِ اللَّهِ يُعْلِي الْمَبَانِيَا

كَمِيٌّ أَبِيٌّ لَا يَرُومُ جَنَابَهُ =@= مُبَارٍ لَهُ إِلَّا وَكَبَّ الْمُبَارِيَا

وَمَا سَمِعَتْ أُذْنَاهُ لِلَّهِ دَاعِيَا =@= بِـ«حَيَّ عَلَى» إِلَّا أَجَابَ الْمُنَادِيَا

قَصَدْتُكَ يَا بَحْرَ الْبُحُورِ وَإِنَّنِي =@= لَذُو دَرَنٍ أَبْغِي نَقَاءَ ثِيَابِيَا

لَقَدْ غَلَبَتْ كُلَّ الْعُيُوبِ مَعَايِبِي =@= وَكُلُّ خَطَايَا الْخَلْقِ دُونَ خَطَائِيَا

وَأَرْجُو بِفَضْلٍ مِنْكَ مَحْوَ جَمِيعِهَا =@= فَإِنَّكَ لِلْأَسْوَاءِ مَا زِلْتَ مَاحِيَا

وَأَنْتَ الَّذِي أَحْيَيْتَ نَهْجَ نَبِيِّنَا =@= وَأَطْفَأْتَ نَارَ الشِّرْكِ لِلدِّينِ حَامِيَا

وَأَنْتَ الَّذِي أَعْطَاكَ رَبُّكَ سِرَّ «كُنْ» =@= إِذَا شِئْتَ شَيْئًا كَانَ مَا شِئْتَ مَاضِيَا

فَكَمْ طَاعِمٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ جَائِعًا =@= وَكَمْ شَارِبٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ صَادِيَا

وَكَمْ مُكْتَسٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ عَارِيًا =@= وَكَمْ عَازِبٍ لَوْلَاكَ مَا كَانَ بَانِيَا

وَكَمْ رَاكِبٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ مَاشِيًا =@= وَمُنْتَعِلٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ حَافِيَا

وَكَمْ ضَاحِكٍ لَوْلَاكَ مَا زَالَ بَاكِيًا =@= وَكَمْ مُهْتَدٍ لَوْلَاكَ مَا كَانَ هَادِيَا

لِرَبِّكَ قَدْ أَرْشَدْتَ أَهْلَ الْهُدَى مَعًا =@= وَفَكَّكْتَ غُلَّ الْكُلِّ بِاللَّهِ بَاقِيَا

فَكَمْ لَكَ فِيهِ غَدْوَةٍ ثُمَّ رَوْحَةٍ =@= فَدَيْنَاكَ نَدْبًا رَائِحًا فِيهِ غَادِيَا

مَوَاهِبُكُمْ جَمَّتْ وَكَالْغَيْثِ قَدْ هَمَتْ =@= وَفَضْلُكَ أَعْيَا بِالدَّوَامِ الْمُجَارِيَا

صَرَفْتُ مِدَادِي مَعْ قِلَامِي لِمَدْحِكُمْ =@= فَأَعْجَزَ أَقْلَامِي وَأَعْيَا مِدَادِيَا

وَلَمَّا بَدَا لِي الْعَجْزُ عَنْ دَرْكِ مَدْحِكُمْ =@= خَتَمْتُ بِحَمْدِ اللَّهِ نِعْمَ ثَنَائِيَا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق