مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويشذور

دلالات الزمن من خلال الأمثال الصحراوية

الصحراء فضاء ملهم

الأمثال في حياة المجتمع الصحراوي باعتباره مجتمعا له عادات وتقاليد وخصائص تميزه؛ هي حِكم خالدة تأخذ القارئ بشغف للغوص بين مروج الحكمة والمعاني الصادقة مستنبطة من تجاربه التي تنم عن الذكاء الوقاد وقوة الملاحظة الناتجين عن العلم والخبرة والثقافة الواسعة.

وهذه التجارب منها ما يتعلق بالتأثيرات والتقلبات الفلاحية والحيوانية، ومنها ما يتعلق بالجانب الاجتماعي من عادات وأخلاق ثقافية واعتقاد ديني وغيرها، وهي عصارة حركة فكرية معينة لمجتمع من المجتمعات تعكس تقلباته الحضارية ومساراته في الصعود والهبوط وقوة انكساراته، مستلهمين ميول آباءهم إلى الفضائل والقيم النبيلة وحرصهم على توخي مقاصد الخير في سلوكهم، واستقراء ما يستقيه من إشارات تاريخية تعبر عن ثقافة المجتمع الصحراوي وآدابه وآرائه في الحياة ومختف أساليبها.

وليس مجتمعنا بدعا من المجتمعات ولا استثناء في القاعدة؛ حيث يزخر تراثه بطائفة لا يمكن حصرها من الأمثال جاءت تلبية لنفس الدوافع التي تبرزها عادة، وهي إما أمثال مستقاة من مصادر عربية إسلامية ولكنها لم تكن أمثالا في الأصل وتختلف تبعا للبيئة وعامل التأثير، وإما أمثال شعبية شكلا ومضمونا صِيغت باللهجة الحسانية ومن مأخذ حساني، جعلته خفيفا مستساغا يعلق بالأذهان دون عناء.

ويكمن سر جمال المثل في البنية اللغوية التي رُصَّ بها وهي أشبه إلى حد ما بطريقة بناء البيت الشعري.

فالمثل المختصر والمقتصِر على كلمة أو كلمتين أو الذي يحتوي فقرتين تشتركان في قافية موحدة، يكون أكثر انتشارا بين الناس، وكلما طالت بنيته استعصى على الذاكرة استظهاره وضعفت قوة ايحاءاته ورمزيته، وقد تتداخل معاجم لغوية كثيرة في نسج أسلوب المثل الشعبي وتتنوع بتنوع الموضوعات المعالجة فيه.

وفيما يتعلق بحيثيات التنقل كان لأهل الصحراء الريادة، ففي انطلاق ابن بطوطة في رحلته إلى بلاد السودان سنة 753 ه/1352م قال في معرض حديثه عن دلالة المتنقلين في صحاري المغرب” ورأيت من العجائب أن الدليل الذي كان لنا هو أعور العين الواحدة مريض الثانية، وهو أعرف الناس بالطريق”[1]. وجاء حديث هذا الرحالة الكبير ضمن التنويه بخبرة أهل الصحراء وإلمامهم بكيفية التنقل والاهتداء إلى السبيل في مجال لا أثر فيه لمعالم الطريق؛ ذلك أن القفر عبارة عن رمال تسفيها الرياح فتنقلها من مكان إلى مكان، “ترى جبالا من الرمال في مكان ثم تراها قد انتقلت إلى سواه[2].

وقد استعان أهل الصحراء بعبقريتهم المحلية في تجاوز صعوبة التنقل بهذا المجال، فكانوا يهتدون بالجبال وبالكدية أو الصخرة الكبيرة، أو بلون الرمال ورائحتها، أو ببعض الأعشاب، أو الانتباه إلى بعض الأشياء البسيطة، بالإضافة إلى اعتمادهم في تحديد وجهتهم على الشمس أثناء النهار وعلى النجوم أثناء الليل[3].

وقد يستدل العارفون بالقفر على وجهتهم بطعم الرمل، لأن في الرمل ما يكون مذاقه مالحا وفيه الحلو والمر والحَرِّيف[4].

الزمن وحضوره في المثل الحساني

وفي موضوعنا هذا سنتناول تيمة الزمن وكيفية توظيفه في المثل، وتحيلنا الدلالة الزمنية في الأمثلة على معاني عديدة تتعلق بالوعود الكاذبة، أو الغموض وعدم وضوح الرؤية العامة، أو التعبير عن قدم الشيء أو تقادمه، أو تعيين الوقت، وضعف الحالة العامة، وتدهور الحالة الاقتصادية أو انتعاشها، وللمرأة -أيضا- حضور متميز انبثق من التشكيلة الاجتماعية البدوية التي طالما أبرزت دور المرأة في المجتمع وأفرزت الصورة الملتقطة عنها.

ويأتي الحديث عن الزمن في الأمثال الحسانية الشعبية سعيا إلى استجلاب المفردات التي ستذكر في إطار أوسع، ففي الأمثلة التي بين أيدينا دلالات زمنية متنوعة، يختزن -نظرا لاكتناز المثل وزخمه- الكثير من المبادئ الأخلاقية والقيم الإنسانية والأنماط السلوكية للمجتمع الحساني، فجاء موضحا الحيز الكبير الذي شغله المفرد الزمني في التراث الحساني الشعبي، وفي مقاربة للموروث في هذه البيئة تم رصد مفردات عديدة تحمل سمات وخصائص وبها معاني عميقة في عبارة موجزة، أو من حيث أنها مضامين مرنة محبذة من طرف الجميع قابلة للتكيف مع أيَّة حادثة، كل يجد فيها ما يناسب ذوقه من موقعه بحسب ما يرتسم منها على مرايا خاطره وهي: الدهر والعام أو السنة أو السنوات، الشهر، النهار، الليل، الساعة، وتواقيت النهار والليل في الحسانية، الفصول، والقمر والنجوم والشمس.     

وفي هذا البحث سنحاول أن نجرد مجموع الأمثال التي تطرقت للزمن بالحسانية استعملها المجتمع الصحراوي في معظم مناحي حياته اليومية، مرتبة حسب المفردات الزمنية.

الدهر

وفي تعريف للدهر حسب ما جاء في لسان العرب؛ الدهر: الزمان؛ وقولهم: دَهْرٌ دَاهِرٌ كقولهم أَبَدٌ أَبِيدٌ، ويقال لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِريِنَ أي أَبدًا[5].

[أَلِّ مَا صْبَرْ نَوْبَاتْ يْعُودْ الدَّهْرْ عْلِيهْ نَوْبَاتْ]؛ تفصيحه: من لم يصبر فترة يكون الدهر عليه فترات، يتمثل في الحث على الصب في اوقات الشدة والعسرة. ويقول الشاعر في نفس المعنى:

إذا ما رماك الدهر يوما بنكبة      فأفرغ لها صبرا واوسع لها صدرا

فإن تصاريف الزمان عجيبة       فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا[6].

[أَدَّهْرْ يُولَدْ اَبْلَا أَظْرَعْ]؛ تفصيحه: الدهر يولد بلا ضرع، أي أنه يفاجئ بالأحوال ويأتي بما لم يكن متوقعا. وهذا يطابق قول الشاعر:

ستبدي لك الأيام ماكنت جاهلا    ويأتيك بالأخبار من لم تزود

[الدَّهْرْ أَلَّا نَوْبَاتْ أُكَلْ نَوْبَ وَلْ يَطْرَ فِيهْ]؛ أي أن الدهر مراحل وكل مرحلة وما بث فيها. ويتمثل به في إنقلاب الأحوال من حسن إلى أسوء أو العكس وإلى ذلك يشير الشاعر الشعبي:

الدَّهْرْ أَلاَّ فَمْنَيْنْ أَعْلِيكْ   اِگَفِّ عَنَّكْ وَيْعَسْرِيكْ

أَصْبَرْ عَنُّ مَزَالْ إِجِيكْ   وَحْدُ مَتْگَلَّبْ تَخْمَامُ

وْلاَ دَلَّ لَلْآيَ ذِيكْ         يَعَگْلِ تِلْكَ الْأَيَّامُ

لَيَّامْ أَلَّا يَوْمٌ عَلَيكْ          وَيَوْمٌ لَكَ الْأَيَّامُ

وقول شاعر حساني آخر في هذا المعنى:

خَالَگْ بَعْدْ أَلِّ مَلْگَانَ        فِيهْ إِگَدْ إِصَحْ أَفْجِيهَ

وَإِگَدْ إِغَيَّبْ مُلَانَ            رَاجَلْهَ وَأَنْتَمْ أَنْجيِهَ

وَإِگَدْ أَمَّلِّ زَادْ إِمَلْ            مَنْهَ وَإِگَدْ إِخَلِّيهَ

وَالدَّهْرْ أَلاَّ نَوْبَاتْ أُكَلْ      نَوْبَ وَالْيَطْرَ فِيهَ.

[أَدَّهْرْ أَرْگَادُ شَيْنْ]؛ وذلك عندما ينقلب الزمن ويعود انقلاب ما يسوؤه ويضره.

[أَدَّهْرْ اَلَّا تَسْدَارْ ا َكْرُورْ]؛ الدهر جولة “أكرور”، وهي لعبة شعبية تستغرق دورات وجولات بين اللاعبين، وتنتهي بفوز أحد الطرفين. ويتمثل به للتعبير عن حال الزمن وتغيراته حيث لا يستمر على حال[7].

تلمح بعض الأمثال إلى استقرار الأسرة وانتقال العلاقة الزوجية من “الودود” ‘تزوجوا الودود..’ إلى ” الولد “‘… الولود ‘، حيث أن تقديم الودود على الولود قد يعني من ضمن ما يعنيه المثل الحساني القائل: [يَوْفَ دَهْرْ لَخْدَيْدَاتْ وْيَبْگَ دَهْرْ الَوْلَيْدَاتْ][8]؛ ينتهي زمن الخد الجميل ويبقى زمن تربية الأولاد. يضرب لتنامي علاقة الأزواج من مرحلة الحب إلى مرحلة الحياة الواقعية بعوائقها وإكراهاتها الكثيرة.

وفي تعبير يشبه غدر النساء بغدر الزمن، وفي ذلك يبرز قولهم الشعبي: [الدَّهْر ء وْلَعْلَيَاتْ مَا يَنْفَلْشُ]؛ الدهر والنساء لا يؤمنان.

[أَدْرَسْ أَمْنْ أَشَّيْبْ]؛ أي أكثر بلاء من الشيب. لأن الشيب يدل على التقدم في السن وطول أمد الحياة، وكان عندهم نذيرا كما يقول البصيري:

فإن امأرتي بالسوء ما اتعظت    من جهلها بنذير الشيب والهرم.

[ادْرَسْ مَنْ لَفْرَاسَنْ]؛ أقدم من العجى. يستطرد مبالغة في بلاء الشيء حتى صار خلِقا المنظر.

[اَدْرَسْ مَنْ لَمْسَالَمْ]؛ أكثر بلى من المناسم. يضرب للتعبير خشونة مظهر الشيء ورداءته وقرب فنائه وطول عهده…[9].

[أَدْرَسْ مَنْ الَكْمَشْ]؛ (الكمشة) نبات كثير التجعد. يضرب المثل به للدلالة على كثرة التجاعيد في الوجه مما يدل على تقدم صاحبه في السن.

[اَصْبَرْ وَتْعَامَ تَطْوَالْ اَلاَّمَ]؛ أي: اصبر وتغاضى حتى يطول أمد الوفاق[10].

[يَفْنَى الرَّاسْ وْيَبْگَ الكَرَّاسْ]؛ معنى المثل أن ما يحمله الإنسان في رأسه من علم أو معلومات أو شهادات يفني ويموت ولا يبقى له أثر مع فناء وموت ذلك الإنسان، ولكن ما هو مكتوب في الكراس (ما يكتب عليه من ورق وسجل ووثائق) يبقى ولا يموت مع موت صاحبه، يقولون:

العلم صيد والكتابة قيده      قيد صيودك بالحبال الواثقة

فمن الحماقة أن تصيد غزالة   وتتركها بين الخلائق طالقة

هذا في الحياة واليقظة قد ينسى الإنسان ما تعلمه وحفظه فماذا يقول عن عالم مات ولم يدون علمه في ورق أو كتاب فلا شك أنه سيموت معه وهذا ما يراد من المثل[11].

[يْشَوْفْ الشَّيْبَانِي الْگاعَدْ الِّ مَا شَافْ الطْفَلْ الْوَاگَفْ]؛ الشيباني هو الشيخ الكبير المتقدم في السن أو المسن و”يشوف” معناهُ يرى، “الْگَاعَدْ” القاعد أو الجالس، و”الواكف” الواقف. والمعنى أن المسن بحكم تجربته واحتكاكه الطويل بمجريات الأمور وما عاشه وعاينه طيلة مدة عمره المديد يرى بالحدس ولو كان جالسا ما لا يراه الطفل الواقف على رجليه الذي ينظر بعينيه الحادتين فهناك فرق كبير بين رؤية من حنكته التجربة في الحياة وبين المبتدئ فيها، فالأول يحكم على الأمور ويضعها في نصابها بمجرد رؤيتها أو ظهور علامات تدل على ظاهرة ما سبقت له ويوافق الصواب في حكمه بينما الثاني يحتاج إلى من يشرح له ويعلل سبب حدوث الشيء ومع ذلك تكون رؤيته ناقصة أو خاطئة [12].

[مَا يْگُولُو كَمْ غَابْ وَلَكِنْ أَشْ جَابْ]؛ هذا المثل يقال في من غاب عن أهله مدة طويلة إما في تجارة أو من أجل العمل فالناس كانوا لا يسألون عن مدة غيابه ولو كانت المدة عشرات السنين أو أقل من ذلك ولكن يقولون عن الفائدة والنتيجة التي جاء بها بعد هذه الغيبة مالا كانت أو علما فهم يتحدثون ويقولون لقد جاء فلان من الغيبة ولا يقولون لقد طالت غيبته فقد مكث سنة أو سنتين أو لم يتغيب طويلا ولكنهم يتحدثون عن البضاعة التي أتى بها والربح الذي ربحه أو العلم الذي حصل عليه فإن كان في المستوى أثنوا عليه وامتدحوه لأنه لم يضيع وقته وإن عاد خالي الوفاض كما ذهب عابوه وذموه في ازدراء واحتقار وفي المثل تحفيز للتنافس في العمل[13].

[الغَايَبْ مَاهُو شَيْخْ أَهْلُو]؛ هذا المثل يقال لمن يطلب شخصا وقيل له إنه غائب، فيقول انه كان مقررا أن يعود يوم كذا وكذا، فيقولون له «الغَايَبْ مَاهُو شَیْخْ أَهْلُو» أي أن من غاب لطلب حاجة لا يعول عليه أهله حتى يحضر و لو أكد لهم أنه سيعود في تاريخ محدد لأنه لا يملك زمام أمره، فقد لا يجد ما يبحث عنه في وقته وقد يتعرض ما يمتطيه من دابة أو سيارة لحادث ما يطيل مدة سفره و قد يمدد سفره لبلد آخر لم يكن ينوي السفر إليه فيتأخر رجوعه و هكذا فهو عندما يخرج من بيته ويغادر أهله لم يعد رب أسرته ولا المسؤول عنها حتى يرجع كما أنهم لا يستطيعون أن يحددوا وقتا معينا لرجوعه لمن يطلبه أو يقول لهم متى سيعود لأن (الغائب ما هو شيخ أهلو)[14].

العام

العام؛ الحول يأتي على شتوة وصيفة، والجمع أعوام[15]، وأهل الصحراء يربطون الأعوام الميلادية ببعض الأحداث التي عاشوها، ندرج منها الأمثلة التالية: عام لكليب (1913م) نسبة إلى معركة حامية الوطيس انتصر فيها الصحراويون على الفرنسيين، عام شيخ الهيمان (1923م) وهو من أجمل السنوات التي يفتخر بها بدوا الصحراء وتميز بكميات هائلة في المحصول الزراعي، عام الشركية (1941م الذي شهد رياحا عاتية وهوجاء غير مسبوقة بالصحراء، عام الجذري (1944م)، عام لكيلو (1946) وقد سمي بذلك لأن الناس كانوا خلاله يشترون القمح بالكيلو على غير العادة نظرا لندرته، عام الجوع (1949) وخلاله انتشر الجوع بشكل قاتل دفع الكثير من الصحراويين إلى الهجرة نحو الشمال، عام الدكة (1953م) المرتبط بحملات التلقيح ضد أمراض معدية قادها طواقم طبية إسبانية، لعام الكحل (1957م) الذي انتشر فيه جفاف خطير هدد حياة سكان الصحراء وكاد أن يأتي عليهم بالكامل، عام العتم (1968م) وهذا العام كان شهد ليلة كاملة من الظلام الدامس (الخسوف) أثر على بصر الكثير من البشر والحيوانات بالمنطقة.. إلخ[16].

[أَعْطُونِ مَنْتْكُمْ وَاَعْطُونِي عِيشَتْهَ عَامْ]، وفي صيغة أخرى: [أَعْطُونِ مَنَتْكُمْ وَاعْطُونِي عَوْلَتْهَ عَامْ مَنْ لْگَمْحْ]؛ معناه طلب معاونة الأصهار لصاينة ابنتهم يقال في الطمع والاتكالية.

[مَاهُ لْعَامْ الِّ كَنْتْ شَاكْ انِّي مَتْخَلِّي فِيهْ ليست السنة التي كنت أشك في أنني سأطلق فيها. يضرب لحدوث أمر غير متنظر.

[أَرْگَادْ عَامْ أَخَيْرْ مَنْ مَفْطُومْ أَغْنَمْ]؛ أي نوم سنة خير من مفطوم غنم. يضرب مبالغة في عدم أهمية إنفاق الوقت عوض أجرة رخيصة.

[أَلْعِيدْ عْلَى عَامُ]؛ العيد بحسب عامه. أي عيد الأضحى الذي تذبح فيه الأضحيات، بمعنى أن جودة العيد على حسب جودة العام[17].

[صَامْ عَام ء وَفْطَرْ أعْلَ جْرَادَ]؛ صام سنة وأفطر على جرادة، يضرب فيمن ضيع جهده ورضي باليسير، أو انتظر طويلا ولم يستفد إلا القليل، لكن المدار في الحقيقة على قدر ما بذل المرء من جهد وما قام به من عمل بغض النظر عن النتيجة التي حصل عليها طبقا لما قال الشاعر:

على المرء أن يسعى ويبذل جهده   وليس عليه أن يساعده الدهر[18].

[عَام ْگُومْ وَأَگْعَدْ]؛ عام قم وأقعد، يتمثل مبالغة في بعد أمد الشيء[19].

[عَام ْگُومْ وَأَگْعَدْ]؛ عام قم وأقعد، يتمثل مبالغة في بعد أمد الشيء[20].

[رَگْدَتْ أَمْ لَعْنَاتَزْ]؛ نومة أم العناتر. زعموا أنها نامت سنة ولم تستيقظ. يضرب للنوم.

[أَطْوَلْ مَنْ شَرْ بَّبَّ]؛ وهي حرب أهلية نشبت بين الزوايا وحسان وانتهت بزوال دولة الزوايا وقيام إمارات بني حسان واستمرت سنوات طوال حتى ضرب المثل بطولها[21].

الشهر

ارتباطا بالزمن دائما، يعمد الأهالي بالصحراء إلى تقسيم السنة الهجرية إلى 12 شهرا ويطلقون عليها تسميات تخصيصية تختلف عن أسماء الشهور العربية والإغريقية، كمحرم السنة الهجرية الذي يطلقون عليه عاشور، ثم يليه التبيع أي صفر، ثم لمولود، وهو ربيع الأول. بعد ذلك، هناك ثلاثة شهور يسمونها لْبِيظْ اَثْلاَثَ وهي على التوالي: ربيع الأول وجمادى الأولى وجمادی الثانية، وهي متبوعة بشهرين يسمونها لَگصَارْ اثْنَيْنْ (رجب وشعبان)، يلي ذلك رمضان الذي احتفظوا باسمه الأصلي. يتبع ذلك شهران عُرِّفان ب “لَفْطَارْ اثْنَيْنْ”، وهما شوال وذو القعدة، وأخيرا عيد الأضحى الذي يقابله في التسمية شهر ذو الحجة[22].

[أَغَدَّجْ مَنْ أَمْ تْسَعْتْ اَشْهَرْ]؛ أكسل من أم تسعة أشهر، ويعني أن المرأة الحامل إذا بلغت من الحمل تضعف قواها ولم تعد تقدر على فعل أي شيء.

[شَهْرَ آسَكْنَفْ]؛ شهر “آسكنف” وهو آلة شي يكثر استعمالها في سبتمبر اخر فصل الخريف، حيث تكون “وَنْگَالَ”. يضرب فيما تدعو الحاجة الى استعماله في فترة خاصة[23].

[طَلْبَتْ أَمْ عَشْرَ]؛ دعاء أم عشرة، يعني الحام التي مضى على حملها عشرة أشهر تسأل ربها ان لا تحمل. يضرب فيمن يحاول المستحيل أو يطلبه[24].

[أَمْشَ يْجِيبْ الزَّرِّيعَ وَارْجَعْ فَالَحْصَادْ]؛ هذا المثل يقال للإنسان الثقيل في سيره والذي لا يقدر الوقت أينما ذهب يطيل المكث يتحدث مع من وجد وينسى نفسه فيضيع عمله وعمل الآخرين لا يبالي، مثلما يقول المثل “أمشي يجيب الزريعة وارجع في الحصاد “، أي أنه ترك الزوج واقفا لنفاذ البذور فلم يعد إلا بعد إحضار البذور من طرف آخر وحرث الأرض وبلوغ الزرع الحصاد” أي لم يعد إلا بعد أكثر من ستة أشهر في حين كان يمكن أن يعود بالبذور في ظرف ساعة لإتمام الحرث الذي توقف بسبب نفاذ البذور وهذه مبالغة في رمي الإنسان بالتراخي واللامبالاة بل بموت القلب[25].

اليوم

يقسم إنسان الصحراء اليوم إلى ثلاث فترات عامة، هي: الفجر والقيلولة والمغيب. فالفجر مخصص لأداء الصلاة وخروج الإبل من المراح تمهيدا لحصص الرعي الطويل، أما القيلولة “لْگايْلَة”، فتتم عقب تناول وجبة الغذاء، وهي فترة للراحة، ويكون من باب الحمق أن تستغل للغناء والطرب أو أي شيء من هذا القبيل، والصحراويون يعبرون عن ذلك بقولهم الشعبي “هَوْلْ لْگايْلَة مَنْ لَفْسَيَّدْ”، وهو الحمق والجنون. بينما خصص فترة المغيب لعودة الإبل إلى “لمْرَاحْ”[26].

[نهَارْ عِيدْنا نهَارْ جُوعنا][27]؛ ويعني أن هناك بعض قبائل الصحراء يحرمون أكل لحم الأضحية يوم العيد مكتفين فقط ب”افشاي” أي الدوارة المكونة أصلا من الكبد والرئة والقلب والامعاء فبوجود اللحم يوم العيد وعدم لمسه في اعتقادهم أن أكله يحدث ضررا في الاسرة فلا يؤكل حتى اليوم الموالي.

[النَّيْثِ إِلَ مَا اَبْتَطَّتْ نْهَارْ لْحَدْ تْشَكْ عَنُّ مَا مْعاَهَ حَدْ، وَإِلَ مَا اَبْتَطَّتْ نْهَارْ السَّبْتْ تْگُولْ أَنِّ سَبْتْ][1]؛ يقال في إلزامية التعامل بصرامة مع البنت ومعاقبتها على كل فعل منبوذ تقوم به.

[اَطَّفْلَ تَمْرَگْ نَوْبْتَيْنْ فْحَيَاتْهَ، نْهَارْ عَرْسْهَ وَاَنْهَارْ مَوْتْهَّ]؛ الفتاة تخرج من بيت اهلها يوم زواجها ومن بيت زوجها يوم موتها. يتمثل في حرص المجتمع الشديد على التزام البنت البيت وعدم الخروج منه إلا في حدود ما تسمح به الأعراف والتقاليد..

[أَدَّيْنْ هَمْ الَّليْلْ أُشَغْلْ أَنْهَارْ]؛ بمعنى إیاکم والدَّيْن فإنه هم الليل ومذلة بالنهار.

[أَنْهَارْ أَبْلاَ أَعْگَابْ]؛ وهو اليوم بلا آخر؛ ويضرب للحث على مواصلة العمل، وتجنب التراخي فيه، وعدم تأجيل بعضه إلى وقت من النهار وهذا يطابق المثل القائل (أَوَّلْ أَنْهَارْ مَاهُ شَيْخْ أَعْگَابُ) أي أن لكل وقت عمله ومشاكله.

[أَنْهَارْ مَنْ لَخْنِيكْ مَا یَکْتَلْ]؛ نهار من الخنق لا يقتل. يضرب للحث على الصبر فيما يتطلب صبرا وتحمل المشقة من أجل النجاح وتحقيق المنشود، وفي الحث على الصبر يقول الشاعر:

الصبر كالصبر مر في مذاقته    لكن عواقبه أحلى من العسل[28].

[گْدَحْ أَنْهَارْ أَبْعَيْنِيهْ]؛ إناء النهار بعينيه، والمقصود هنا ما يقدمه الاصهار لصهرهم من واجب ولا سيما إذا كان في يوم عيد حيث يضرب المثل في الحث على أن يكون الواجب عظيما كما يضرب فيما لابد من العناية به[29].

[أَيَّامْ أَنْشَافْ أَكْثَرْ]؛ ومعناه أيام العطش أكثر. يتمثل لمن يريد حمل شخص على الشراب أكثر أو لمن يريد أن يحمله على الاستزادة من الشيء.

[مَا يْمُوتْ لْمَا صَابْ نْهَارُ]؛ لا يموت من لم يصب يومه، يضرب فيمن يجد فرصته التي كان ينتظرها، او فيمن تمكن من استيفاء حقه، او في ان كل انسان لابد ان يلاقي يومه الذي يصيب في الآخرين ما أصابوا منه[30].

[مَا يْعَوَّجْ مَنُّ نْهَارْ]؛ لم يعرج منه على يوم؛ يعني لم يصم منه يوما واحدا؛ ويضرب فيمن لا يصوم رمضان[31].

[يَوْمْ السَّتْرَ مَاهُ يَوْمْ التْرَگْلِ]؛ يوم صون العرض ليس يوم المحاسبة، يضرب في الحث على عمل ما يقتضيه الواجب العرفي في المناسبات او الحالات التي تقتضي إنفاق المال في الأوجه المطلوبة[32].

[لَيَّامْ يَلْگُ]؛ الأيام تلقي، يضرب في أن الزمن كما يفرق ويشتت فإنه يجمع، أو فيمن يفرمن وجه شخص ويتجنب لقاءه[33].

[لَيَّامْ مَعْدُودِينْ]؛ الآخرة متأخرة، يتمثل لمن يغتر بطول الأمد[34].

[يَوْمْ مَوْتْ وَلْ آدَم ْهُوَّ يُومْ آخَرْتُ]؛ يوم موت ابن آدم هو يوم آخرته، يتمثل تذكيرا بعذاب القبر وفتنته[35].

أوقات في النهار والليل

[صَگُّوط ْالْعَتْمْ]؛ طفيلي العتمة؛ وهي ساعة تناول الطعام، يضرب فيمن يزور في الوقت غير المناسب[36].

[طَيْحْتْ الْفَجْرْ]؛ إغارة الفجر؛ يضرب فيمن يأتي في وقت مبكر وبصفة مفاجئة[37].

[طَوَّل ْأَسْرَ تَحْمَدْ الصَّبَاحْ]؛ بمعنى المثل العربي” عند الصباح يحمد القوم السري” يتمثل للحث على مواصلة الامر وعدم الاستسلام للتعب والنكد[38].

[ظَالْ أَعْلَ وَجْهُ]؛ ظل على وجهه؛ يضرب فيمن ظل سائرا لم يأكل ولم يشرب حتى أدركه التعب[39].

[عَتْمَتْ أَبْگَرْ]؛ عتمة بقر، وهي مدة طويلة. يتمثل مبالغة في طول الانتظار[40].

[عَتْمَتْ إِبَلْ]؛ عتمة إبل: يتمثل للانتظار القصير[41].

[عَتْمَتْ أَغْنَمْ]؛ عتمة غنم: أقل من عتمة الإبل[42].

[كِيفْ صْبَاحْ الرَّزْقْ]؛ مثل صباح الرزق، يضرب مبالغو في الحسن والجمال[43].

[مَقِيلْ أَمَّوْنَكْ]؛ مقيل مريح، يضرب في تقدير المسافة بسير أول النهار، ويكثر عندهم تقدير المسافة بما يستغرقه السير من الزمن فيقولون “مبيت، ضحوة، يوم، ليليتين” كما جاء على لسان أحدهم:

مَاگَطْ أَمْنَادَمْ بَعْدْ بَيْنْ     الْبَحْرَيْنَ إِلىَ الْآنْ

وَاسَ جَوْنَابَ لَيْلْتَينْ       مَنْ تِيجَگْجَ كُونْ آنَ[44].

[مْقِيلْ شَاظَفْ]؛ مقيل شاظف، بمعنى قصير ومتعجل[45].

[مَسَافْةْ قْصَرْ]؛ مسافة قصر، وهي أربعة برد؛ يضرب في طول المسافة[46].

[ظَلَّيْتِ تَتْحَفْلِي حَدَّنَّكْ رَحْتِ اَفَّيْلْحَ]؛ ظللت تتزينين وصرت مضحكة. يضرب لمن يتعب في مسألة وتظهر حصيلتها دون المطلوب.

[الصَّبَّارْ يْجِيهْ الظَّلْ]؛ الصبر من الصفات الحميدة التي حث ديننا الحنيف الذي هو دين الفطرة عليها في كثير من النصوص والصبر مطلوب من المسلم والله تعالى يثيب المتحلي به جزيل الثواب في الآخرة ويفتح عليه أبواب خيره ورحمته في الدنيا فلا يجعله يندم عليه أبدا والمثل فيه إشارة إلى الإشادة بصفة الصبر من جهة وإلى أن الصابر لا بد أن يجني نتائج صبره المحمودة من جهة أخرى مهما بلغ منه حر الشمس فلا بد أن يصله ظل الشجرة أو الحائط القريب منه فيرتاح ويرضى بعد المعاناة و في المثل كذلك معنًا مجازي إذ يشير بالظل إلى الراحة والسعادة بعد جهد جهيد وصبر طويل[47].

[لَگْيَامْ بَكْرِي بَالذْهَبْ مَشْرِي]؛ الشرح: لَگْيَامْ: القيام، بَكْرِي: باكرا

والمعنى: أن القيام باكرا من الأمور المحمودة وهو عمل المتوكلين على الله الذين يأخذون بالأسباب ولا يتكلون وهو كذلك علامة على جد واجتهاد الأخذين بهذا النظام وعلى حيويتهم ونشاطهم الذي يتغلبون بفضلهما على كل مشاكل الحياة فيعملون للدنيا والآخرة لذلك يقول مثل حساني أخر : اللِّي ابْغَ الدنيا يكوم بكري واللِّي ابْغَ الآخْرَ يْكُومْ بكري، والقيام باكرا المطلوب هو من أجل العمل والإنتاج لا من أجل الرياضة والتمتع بنسيم الصباح فقط وقد جاء في الحديث: لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا/ خماصا معناها فارغة البطون (الحويصلات ) وبطانا شبعانة ممتلئة البطون لأنها تقوم باكرا وتظل تعمل بحثا عن أرزاقها [48].

[الِّ ابْغَ الدَّنْيَا يْگُومْ بَكْرِي والِّ ابْغَ الآخْرَ يْگُومْ بَكْرِي]؛ هذا المثل يدعو الناس إلى الجد والعمل وعدم التواكل والخمول ويبين أن الربح والحصول عليه لا يتأتى إلا لمن يشمر عن ساعدي الجد باكرا لا الذي ينام حتى تطلع الشمس فالأرزاق كما يقال تتوزع باكرا، سواء منها أرزاق الدنيا أو أجر الآخرة فالذين تمكنوا من أداء صلاة الصبح في وقتها وناجوا خالقهم في هدوء الليل وسألوه من فضله هم أكثر أجرا وربحا من غيرهم، قال تعالى: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع)[49]

كما أن الذين يخرجون باكرا لعملهم سيكونون أكثر رزقا وأوفر حظا في الدنيا من غيرهم وفي الحديث: (لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا)[50].

[يَمْشِ بَالشَّوْرْ الِّ فَخْلاَگُ يَجْرِي] بالشور: بالمهل وعدم السرعة، الِّ فَخْلَاگُو يجري؛ من ينوي في خاطره بالسرعة.

المعنى: أن العاقل هو الذي يتمهل في المشي للوصول إلى حاجته لا لكونه يتباطأ لأنه سواء عنده وصلها بسرعة أو ببطء ولكن ليعرف أين يضع قدميه وهو بالتالي لا يتهور ويسرع فالوصول بمهل خير من عدم الوصول باستعمال السرعة وان كان في نفسه يريد الوصول إلى حاجته في أسرع وقت وهذا المثل قيل قديما حين كان الناس يسافرون راجلين أو على الدواب فهو أحرى أن يقال اليوم في عصر السرعة حيث السيارات والطائرات وتعدد الأغراض وتنوع المشاكل والتحديات في وجه الإنسان مما سيضطره إلى توخي السرعة في كل شيء وفي الحديث:’ العجلة من الشيطان والتأني من الرحمان’[51].

الليل

[أَلِّ دُونُ لَيْلَ مَاإِخَمَّمْ]؛ أي أن ما دونه ليلة لا يفكر فيه. يضرب لمن يهتم ويكثر التفكير فيما لم يحن أوانه.

[أَتْمَرْ فَاللَّيْلْ تَاجَ]؛ أي (تاج) النوع الرديء من التمر، ويعني أن التمر في الليل كهذا النوع منه. ويتمثل به لمن يحاول انتقاء أجود ما في طبق التمر في جنح الظلام، أو الدلالة على أن الظلام يخفي المحاسن ويسترها.

[الَّيْلْ طْوِيلْ أْلَحْمَارَ سَيَّارَ]؛ تفصيحه: الليلة طويلة والأتان سيارة. يضرب لما لا يمكن أن يدرك لاستحالة اللحاق به لطول الزمن والمسافة والصبر على السير، أو فيمن يمل طول الرحلة ويتحمل مركبه متابعة السير[52].

[قَايَمْ اللَّيْلْ]؛ قائم الليل: يضرب فيمن يقضي ليله يتعبد وقيام الليل من مكفرات الذنوب وهي من السنن الحميدة التي داوم عليها رسول الله صل الله عليه وسلم[53].

[لَيْلَتْ فَلْشَكْ لَيْلَتْ حَزْمَكْ]؛ ليلة أمنك هي ليلة حزمك، يتمثل في الحث على التزام الحذر والحيطة أثناء الهدنة، وقد ورد المثل إياه على صيغة أخرى وهي: “ليلتك من الفلش الى ارگدته تتفش”: بمعنى أن الاحتياط يؤخذ في زمن السلم والأمن[54].

[مَاكَطْ شَافْ لَيْلَ بَيْظَ]؛ لم ير ليلة بيضاء؛ يتمثل للبائس الذي لم يذق في حياته طعم الحلاة ولم يعرف طريقا للخير[55]

[أَثْلَتْ أَنْياَگْ وَآمْخَوَّلْ وَثْلَتْ لْياَلِ وَأتْحَوَّلْ فَأَثْلَتْ عِمَانْ تَتْمَوَّلْ]؛ كما قال ديلول؛ ثلاث نياق وقرم وثلاث ليال وتحول في ثلاث سنين تتمول. يتمثل للحث على الصبر على القليل من أجل التنمية حتى تنشأ الثروة ويكثر المال[56].

الساعة

[الِّ حَدُّ مْعَاكْ سَاعَ لَا تَدْبُ]؛ من لا يقضي معك أكثر من ساعة لا تأدبه، يتمثل للحث على احتمال سلوك من لا يطيل المقام معك والتغاضي عما يصدر منه من تصرفات وأقوال لا تحتمل[57].

[سَاعَتْ أَرْخَ مَا تَوْخَظْ بَالشَّحْ]؛ ساعة الرخاء لا تؤخذ بالشدة، يضرب في الحث على عدم أخذ النفس بالضيق والشدة في أوقات السعة والرخاء.

[سَاعَتْ التَّغْزَازْ مَا يَنَعْرَاوْ الضْرُوسْ]؛ ساعة “التغزاز” وهو عملية سحق الحبوب بالأضراس، يتمثل للحث على الاحتفاظ بالشيء ساعة الحاجة إليه وعدم التخلي عنه لأي أحد، كي لا ينطبق على من يخالف المثل القائل: [الْكَرْمْ اَلْ عَاگَبْتُو الصْگَاطَ][58].

[مَا يَنْعَدْ مَنْ لَعْمَرْ]؛ لا يعد من العمر؛ وقيل في الأثر “أنها ساعة لا تعد من أعماركم” يعني ساعة الاجتماع على الوليمة؛ يضرب في الوقت الذي يشعر الإنسان فيه بالسعادة والغبطة يمر عليه دون أن يشعر به؛ ويقع ذلك للعاشق في لحظات اللقاء بالمحبوب كما قال الشاعر:

مرت بنا أعوام وصل في الهوى    فكأنها من طيبها أيام

ثم انقضت أيام هجر بعدها      فكأنها من طولها أعوام[59].

[يَطْوِي التْرَابْ]؛ يضرب كناية عن السرعة الفائقة[60].

[أَسْبَكْ مَنْ رَمْشَتْ عَيْنْ]؛ أي أسرع من لمح البصر. يضرب مبالغة في السرعة.

الفصول

مراعاة النواميس وطبائع الأمور وعدم الطمع في تحقق المستحيل أو الممتنع:

[لَخْرِيفْ مَا يَعْطِي الشْوَایَلْ]، أي أن الجذب لا يساعد على إنتاج غلة جيدة كحليب الشوائل التي ترضع منه صغارها ويتغذى وينتفع به القائمون على تربيتها[61].

[لَحْمَتْ لَخْرِيفْ أَگْطَعْهَ وَأَعْطِ لْصَاحْبَكْ]؛ وذلك لاحتمال تعرضها للنتن والفساد في هذا الفصل، يضرب في الحث على التعجيل باستعمال الشيء خشية فواته[62].

[أَبْيَتْ مَنْ خَلْفْ أَشْتَ]؛ أي أكثر تأخرا من حلوب البقر التي غالبا ما تأتي متأخرة في الشتاء. يتمثل لمن تأخر عن أهله كثيرا حتى آخر الليل[63].

[لَغْرِيفْ اَلاَّ مَنْ لَخْرِيفْ]؛ الغرف من الخريف، بمعنى الدعة والبذخ من توفر الخير كما أن اللبن لا كثر إلا في فصل الخريف حيث تتحسن المراعي[64].

[الْيُومْ اَخْرِيفْ گَالُو اَهْلْ السَّاحَلْ]؛ اليوم خريف كما قال أهل الشمال، يستطرد في الأيام التي ينعم الإنسان فيها بالخير[65].

[كَرَّتْ الصَّيْفْ التَّالِي]؛ كرة الصيف الأخيرة، يضرب للدلالة على شدة الحال وحرارة الزمن[66].

[لَگْمَتْ الصَّيْفْ يَادْمَ رَاسْها]؛ لقمة الصيف ميدومة بنفسها. يضرب في الحث على الاستغناء عما ليس موجودا كما أن الصيف ليس مظنة توفر الإدام لندرة اللبن فيه بحيث لا يعول عليه في استعمال العصيد[67].

[مَاتَعْرَفْ مْنَيْنْ يْصَيَّفْ الجَّرْجِيرْ]؛ لا تعرف مكان وجود “الجرجير” في الصيف، وهو نوع من النبات الصحراوي يشبه العشر؛ تستطرده المرأة للرجل الذي لا يهتم بها ولا ببنتها، بمعنى أنه لا يعرف من سيتزوج[68].

الكواكب

وقد استعان أهل الصحراء بعبقريتهم المحلية في تجاوز الصعوبات ومنها صعوبة التنقل حيث كانوا يقتدون بالقمر والنجوم أثناء الليل، وذلك من “أهم وسائل التنقل في الصحراء؛ إذ يعتمد العارفون إلى الإهتداء بالنجم القطبي وبالنجوم الأخرى الموجودة حوله، ويرجع السبب في ذلك إلى أن هذا النجم يظهر طوال السنة، وإلى أن النجوم المحيطة به في منطقة القطب تدور وتعود مكانها كل أربع وعشرين ساعة، وهذا ما حذا بأهل الصحراء إلى الاعتماد على هذه النجوم كلما تنقلوا أثناء الليل، وإلى استعمالها كساعة سماوية مركزها النجم القطبي وعقاربها النجوم المحيطة به، فتمكنوا بفضل ذلك من التعرف على المكان والزمان معا”[69].

ترى الباحثة صوفي کاراتيي Sophie Caratini المتخصصة في قبيلة الرکیبات[70] أن علم الزمان هو وليد ملاحظة الكواكب: کوکب النهار الشمس وکوکب الليل القمر والنجوم، وهذه الملاحظة تعود إلى المقولات والاعتقادات الشعبية القديمة عند العرب في مجال علم الفلك. في هذا السياق، كان بدو الصحراء -لاسيما الرعاة منهم-يعودون إلى “منازل القمر” كنظام لضبط الوقت والزمن على منوال الهنود الذين أدخلوا هذا النظام إلى شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام.

فبدو الصحراء يقسمون النجوم مثلا بحسب فصول السنة، ذلك أن نجوم الصيف بالنسبة لهم هي: الثريا، الدبران، الهقعة، الطرفة.. ونجوم الخريف: الصرفة البطين، الكليل، لكليب.. ونجوم الشتاء: العكروب، سعد السعود، سعد الذابح. أما نجوم الربيع، فهي: الشولة والنعايم اثنتين النسر الحايل.. إلخ[71].

وبالشمس أثناء النهار رغم أن استعمالهم في الأمثال أغلبه بصيغة مجازية وضم المعنى في مضمون الكلمة وسنجد تنوع استعمال الكواكب في كل مثل:

[أَگْمَنْلُ مَنْ إِنْگَبْ الثْرَيَّ]؛ أي أقرب له منه أن يطأ الثريا. وهو بمعنى المثل العربي (هو منه مناط الثريا). يضرب لشدة البعد من الشيء واستحالة حصوله.

[أَعَشَّ مَنْ گَمْرَتْ أَسْبَعْ طَعْشْ]؛ أي أكثر تأخرا من طلوع القمر ليلة السابع عشر، يضرب لمن يعشی سوامه حتى وهن من الليل، أو لكل ما يتأخر عن وقت مجيئه ليلا.

[الثْرَيَّ اِلَى ظَهْرَتْ عْگَيْبَ شْرِ لَوْلَيْدَكْ أَگْرَيْبَ وَأِلاَ ظَهْرَتْ اَعْشَيْوَ أَشْرِ لَوْلَيْدَكْ أَكْسَيْوَ]؛ إذا طلعت الثريا آخر الليل فاشتر لولدك قربة وإذا طلعت عشاءا فاشتر له كساء؛ يتمثل للحث على التعامل مع الزمن بحسب تقلبه بين البرودة شتاء والحرارة صيفا ويقول أحدهم:

إذا الثريا طلعت عشاءا         اشر لراع غنم كساء[72].

[بَتْ أَنَجَّمْ اللَّيْلْ]؛ بت أرعى النجوم[73].

[بَاتْ أَعَتْمْ النْجُومْ]؛ بات يعتم النجوم، ينطبق على من يؤخر حلب ماشيته حتى آخر الوقت[74].

[شَافْ نْجُومْ الْگَايْلَ]؛ رآى النجوم في الظهيرة. يضرب فيمن أوشك على الجنون، أو أصيب وعيه وفقد عقله[75].

[طَايْحَ نَجَمْتُ]؛ سقط نجمه. يضرب فيمن ولى مجده وأصبح معدما لا مال له ولا هيبة[76].

[مَايْشُوفْ الشَّمْسْ]؛ لا يرى الشمس، يضرب فيمن لا يخرج عن الظل[77].

خاتمة

ختاما؛ حاولت قدر الإمكان إبراز أهمية استعمال دلالات الزمن من خلال أمثال من تراثنا الصحراوي الزاخر مراعية جانب التنوع في الانتقاء لتعين القارئ على تدبر معانيها وفهمها في ذات الوقت في ترجمة فصيحة لمعنى كل مثل حسب المراجع المعتمدة، كما حاولت إبراز سياقه والأوجه التي قد يقتضيها وما يرتسم وراءها من أفكار. فيتجلى الإنسان من خلالها في شتى مناحي حياته.

 

 

لائحة الهوامش

[1]  سابت من السيبة، والمقصود بها الخروج الإرادي عن الطاعة. ابتطتت، من البط الذي يعني في الهجة الحسانية الضرب والتعنيف.

[1]  أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن بطوطة اللواتي الطنجي، تحفة النظار، 775/2

[2]  نفسه، 774/2

[3]  دراسات صحراوية الماء الإبل والتجارة، حسن حافظي علوي، ص290

[4]  دراسات صحراوية الماء الإبل والتجارة، حسن حافظي علوي، ص 291

[5]  لسان العرب للإمام العلامة ابن منظور ج 3 ص 432

[6]  نفسه ص138

[7]  نفسه ص 82

[8]  دراسات في المأثور الشعبي الحساني د. بوزيد لغلى ص 41

[9]  نف نفسه ص74

[10] نفسه ص74

[11]  لأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 14 الصفحة 10)

[12]  الأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 52 الصفحة 29)

[13]  نفسه (المثل 100 الصفحة 56)

[14]  نفسه (المثل 127 الصفحة 72)

[15]  لسان العرب للعلامة ابن منظور ج 6 ص 530

[16]  ثقافة الصحراء الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان، إبراهيم الحيسن ص53

[17]  نفسه ص128

[18]  نفسه ص268/269

[19]  نفسه ص283

[20]  نفسه ص283

[21]  نفسه ص161

[22]  ثقافة الصحراء الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان (ص 52/53/54)

[23]  نفسه ص264

[24]  نفسه ص274

[25]  الأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 29 الصفحة 17)

[26]  ثقافة الصحراء الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان، إبراهيم الحيسن ص53

[27]  ثقافة الصحراء الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان، إبراهيم الحيسن ص 239

[28]  موسوعة الامثال الحسانية اعزيزي بن المام ص62/63/64/71

[29]  نفسه ص 304

[30]  نفسه ص 349

[31]   نفسه ص 353

[32]  نفسه ص 371

[33] نفسه ص 319

[34]  نفسه ص 328

[35]  نفسه ص 379

[36]  نفسه ص271

[37]  نفسه ص273

[38]  نفسه ص276

[39]  نفسه ص279

[40]  نفسه ص283

[41]  نفسه ص 284

[42]  نفسه ص 284

[43] نفسه ص 308

[44]  نفسه ص 336

[45]  نفسه ص 336

[46]  نفسه ص 343

[47]  الأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 3 الصفحة 4)

[48]  الأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 96 الصفحة 55)

[49]  الآية 16، سورة السجدة.

[50]  الأمثال الحسانية عند قبائل تكنا بواد نون 240 مثلا امبارك رشيد (المثل 20 الصفحة 12).

[51]  نفسه (المثل 65 الصفحة 36)

[52] نفسه ص136

[53] نفسه ص 300

[54] نفسه ص 321

[55] نفسه ص 346

[56] نفسه ص109

[57]  نفسه ص91

[58]  نفسه ص257

[59]  نفسه ص 358

[60]  نفسه ص 375

[61]  دراسات في المأثور الشعبي الحساني د. بوزيد لغلى ص 48

[62]  نفسه ص 322

[63]  موسوعة الامثال الحسانية اعزيزي بن المام ص73

[64]  نفسه ص 328

[65] نفسه ص129

[66] نفسه ص 305

[67]  نفسه ص 317

[68]  نفسه ص 348

[69]  دراسات صحراوية الماء والإبل والتجارة،” حسن حافظي علوي، ص291

[70]  سبق لصوفي كاراتيني أن أنجزت عام 1989 أطروحة عن قبيلة الرکیبات (1610- 1934) صدرت عن دار لارماتان بباريس، وهي في جزأين: الجزء الأول أسمته “جمالون يفتحون أرضا” والجزء الثاني “أرض ومجتمع”. العنوان الأصلي للأطروحة، هو:

– Sophie Caratini: Les Rguibat (1640- 1934). Territoire et société. Ed. Harmattan, Paris 1989.

[71]  ثقافة الصحراء الحياة وطقوس العبور عند مجتمع البيضان، إبراهيم الحيسن ص 52

[72]  نفسه ص156

[73] نفسه ص183

[74] نفسه ص187

[75]  نفسه ص266

[76] نفسه ص275

[77]  نفسه ص 354

باحثة ادو شيخاني الشيخ ماء العينين

.باحثة بمركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراوي كلميم

.ماستر في الدراسات الإعلامية  من جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. معهد البحوث والدراسات العربية القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق