مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

درر من حِكَم الفضيل بن عياض رحمه الله

 

 

 

تقديم واختيار: ذ.نورالدين الغياط.

الفُضَيل بن عِيَاض([1]) ابن مسعود بن بشر، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ، اليَرْبُوْعِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، المُجَاوِرُ بِحَرَمِ اللهِ. إمام في الزهد والورع، وأحد الأعلام الأثبات ممن سارت بذكرهم الركبان،

تهذبت نفسه فنطق بالحكمة وفصل الخطاب، وهو قرين مالك وسفيان وابن المبارك، وهذه الطبقة المباركة طبقة كبار أتباع التابعين، فرحم الله أئمتنا الكرام، وجمعنا بهم في دار السلام.

وَلِلْفُضَيْلِ -رَحِمَهُ اللهُ- مَوَاعِظُ، وَقَدَمٌ فِي التَّقْوَى رَاسِخٌ، وَلَهُ تَرْجَمَة فِي كِتَابِ “الحِلْيَة”، وَفِي “تَارِيْخِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ”.

قَالَ أَبُو عَمَّارٍ الحُسَيْنُ بنُ حُرَيْثٍ، عَنِ الفَضْلِ بنِ مُوْسَى، قَالَ: كَانَ الفُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ شَاطِراً يَقْطَعُ الطَّرِيْقَ بَيْنَ أَبِيْوَرْدَ وَسَرْخَسَ، وَكَانَ سَبَبُ تَوْبَتِهِ أَنَّهُ عَشِقَ جَارِيَةً، فَبَيْنَا هُوَ يَرْتَقِي الجُدْرَانَ إِلَيْهَا، إِذْ سَمِعَ تَالِياً يَتْلُو {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ}([2] )، فَلَمَّا سَمِعَهَا قَالَ: بَلَى يَا رَبِّ، قَدْ آنَ فَرَجَعَ، فَآوَاهُ اللَّيْلُ إِلَى خَرِبَةٍ، فَإِذَا فِيْهَا سَابِلَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُم: نَرحَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُم: حَتَّى نُصْبِحَ، فَإِنَّ فُضَيْلاً عَلَى الطَّرِيْقِ يَقْطَعُ عَلَيْنَا.

قَالَ: فَفَكَّرْتُ، وَقُلْتُ: أَنَا أَسْعَى بِاللَّيْلِ فِي المعاصي، وقوم من المسلمين ههنا يَخَافُونِي، وَمَا أَرَى اللهَ سَاقَنِي إِلَيْهِم إِلاَّ لأَرْتَدِعَ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ قَدْ تُبْتُ إِلَيْكَ، وَجَعَلْتُ تَوْبَتِي مُجَاوَرَةَ البَيْتِ الحَرَامِ.

ثناء العلماء عليه:

قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: فُضَيْلٌ ثِقَةٌ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ: فُضَيْلٌ: رَجُلٌ صَالِحٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَافِظٍ.

وَقَالَ العِجْلِيُّ: كُوْفِيٌّ، ثِقَةٌ، مُتَعَبِّدٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، سَكَنَ مَكَّةَ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.

وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.

وَرَوَى إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَمَّاس، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ قَالَ: مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنَ الفُضَيْلِ بنِ عِيَاضٍ.

قَالَ نَصْرُ بنُ المُغِيْرَةِ البُخَارِيُّ: سمعت إبراهيم بن شماس يقول: رأيت أفقه النَّاسِ، وَأَورَعَ النَّاسِ، وَأَحْفَظَ النَّاسِ، وَكِيْعاً، وَالفُضَيْلَ، وابن المبارك.

من أقوال الفضيل ابن عياض رحمه الله.

* رَهْبَةُ العَبْدِ مِنَ اللهِ عَلَى قَدْرِ عِلْمِهِ بِاللهِ، وَزَهَادَتُهُ فِي الدُّنْيَا عَلَى قَدْرِ رَغْبَتِهِ فِي الآخِرَةِ.

* مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ، اسْتَغنَى عَمَّا لاَ يَعْلَمُ، وَمَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ، وَفَّقَهُ اللهُ لِمَا لاَ يَعْلَمُ.

* مَنْ سَاءَ خُلُقَهُ شَانَ دِيْنَهُ، وَحَسَبَهُ، وَمُرُوءتَهُ.

* أَكذَبُ النَّاسِ العَائِدُ فِي ذَنْبِهِ.

* أَجهَلُ النَّاسِ المُدِلُّ بِحَسَنَاتِه، وَأَعْلَمُ النَّاسِ بِاللهِ أَخْوَفُهُم مِنْهُ،

*لَنْ يَكْمُلَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤثِرَ دِيْنَهُ عَلَى شَهْوَتِهِ، وَلَنْ يَهْلِكَ عَبدٌ حَتَّى يُؤثِرَ شَهْوَتَه عَلَى دِيْنِهِ.

* تَرْكُ العَمْلِ مِنْ أَجلِ النَّاسِ رِيَاءٌ، وَالعَمْلُ مِنْ أَجلِ النَّاسِ شِرْكٌ، والإخلاص أن يعاقبك اللهُ عَنْهُمَا.

* إِنَّمَا أَمْس مَثَلٌ، وَاليَوْمَ عَمَلٌ، وَغداً أَمَلٌ.

* وَاللهِ مَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُؤْذِيَ كَلْباً وَلاَ خِنْزِيْراً بِغَيْرِ حَقٍّ، فَكَيْفَ تُؤْذِي مُسْلِماً؟!

* بِقَدْرِ مَا يَصْغُرُ الذَّنْبُ عِنْدَكَ، يَعظُمُ عِنْدَ اللهِ، وَبِقَدْرِ مَا يَعْظُمُ عِنْدَكَ، يَصغُرُ عِنْدَ الله.

* وَعِزَّتِهِ، لَوْ أَدْخَلَنِي النَّارَ مَا أَيِسْتُ.

* الخَوْفُ أَفْضَلُ مِنَ الرَّجَاءِ مَا دَامَ الرَّجُلُ صَحِيْحاً، فَإِذَا نَزَلَ بِهِ المَوْتُ، فَالرَّجَاءُ أَفْضَلُ.

* لاَ يَسْلَمُ لَكَ قَلْبُكَ حَتَّى لاَ تُبَالِي من أكل الدنيا.

* لَيْسَتِ الدُّنْيَا دَارَ إِقَامَةٍ، وَإِنَّمَا آدَمُ أُهْبِطَ إِلَيْهَا عُقُوْبَةً، أَلاَ تَرَى كَيْفَ يَزْوِيْهَا عَنْهُ، وَيُمَرِّرُهَا عَلَيْهِ بِالجُوْعِ، بِالعُرِيِّ، بِالحَاجَةِ، كَمَا تَصْنَعُ الوَالِدَةُ الشَّفِيْقَةُ بِوَلَدِهَا، تَسقِيْهِ مَرَّةً حُضَضاً، وَمَرَّةً صبرًا، وإنما بِذَلِكَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ.

* إِذَا لَمْ تَقدِرْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ، وَصِيَامِ النَّهَارِ، فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَحْرُوْمٌ، كَبَّلَتْكَ خَطِيئَتُكَ.

* احْفَظْ لِسَانَكَ، وَأَقْبِلْ عَلَى شَأنِكَ، وَاعْرفْ زَمَانَكَ، وَأَخْفِ مَكَانَكَ.

* مِنْ أَخلاَقِ الأَنْبِيَاءِ: الحِلْمُ، وَالأَنَاةُ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ.([3])

 


([1]  ) ترجمته في طبقات ابن سعد 5/ 500، والتاريخ الكبير 7/ ترجمة 550، والمعرفة والتاريخ ليعقوب الفسوي 1/ 179، والجرح والتعديل 7/ ترجمة 416، وحلية الأولياء 8/ ترجمة رقم 397، وتذكرة الحفاظ 1/ ترجمة 232، والكاشف2/ ترجمة 4558، والعبر 1/ 195، وميزان الاعتدال 3/ ترجمة 6768، وتهذيب التهذيب 7/ 294، وتقريب التهذيب 2/ 113، وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 1/ 316.

([2]) سورة الحَدِيْدُ: 16.

([3]) سير أعلام النبلاء لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) – دار الحديث- القاهرة-1427هـ-2006م.  7/393-405 بتصرف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق