مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينشذور

درر مختارة في فضائل أهل بيت النبي المختار(2)

قال صلى الله عليه وسلم: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ»([1]).

إنّ مودة أهل البيت في الحقيقة مودة لرسول الله لقوله صلى الله عليه وسلم: « أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي»([2]).  وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: >ما بال أقوام يقولون: إنّ رحم رسول الله لا تنفع يوم القيامة، بلى إنّ رحمي موصولة في الدنيا والآخرة<([3]).

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ؛ وَقَدْ شَكَا إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ؛ «والله لا يدخل قلب رجل الإيمان، حتى يحبهم لله، ولقربتهم مني»([4]).

وصحّ أنّ النبي صلى الله عليه وسلم جعل عليهم كساء، وقال: >اللّهم هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتِي، أَذْهِبْ عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم؟ فقال: إنك على خير< ([5]).

لذا يجب على المسلمين محبة آل البيت، والبذل والعطاء لهم، والدفاع عنهم، وذكر محاسنهم، وفضائلهم، ومُراعاتهم، وموالاتهم، ونُصـرتهم، وإكرامهم، والاقتداء بهم، والسَّير على خُطاهم في الدين ما داموا مُتمسِّكين بالقرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وحُسن مداراتهم، وتقديم النصيحة للمُسـيء منهم، وأمره بالمعروف، ونَهيه عن المنكر، والرحمة به، والشفقة عليه.. باعتبار نسبتهم الطاهرة إلى سيدنا رسول الله ، فقد قال عليه الصلاة والسلام: >كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي وصهري< ([6]).فهم صفوة البشـر، وأنّ محبتهم، وتعظيمهم، وتوقيرهم، ومعونتهم، وبرّهم وإكرامهم، ظاهرا وباطنا، والصبر على ما عسى أن يبدو من بعضهم، أمرٌ واجب في الدين بأمر رب العالمين، وفي ذلك توقير لنسبهم الشريف إلى سيدنا رسول الله. فقد قال عليه السلام: >إن الله خلق الخلق فجعلني في خير خلقه، وخلق الخلائق قبائل، فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا<([7]).

وفي هذا الصدد يقول ابن تيمية  رحمه الله: (وكذلك أهل بيت رسول الله تجب محبتهم، وموالاتهم، ورعاية حقهم)([8]) .

وقال في العقيدة الواسطية: (وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ. وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ: >أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي<([9])).([10])

وقد كان  الصحابة رضي الله عنهم يعرفون قدر آل بيت رسول الله، ففي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العبَّاس: وروي أن العباس بن عبد المطلب لم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا حتى يجوز العباس إجلالا له، ويقولان: >عم النبي صلى الله عليه وسلم< ([11]).

وفيما يلي درر مختارة فيما رُوِي في فضل علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-:

عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ»، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ». فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ: «فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ». فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ»([12]).

وفي رواية عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ – أَوْ قَالَ: لَيَأْخُذَنَّ – غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ»، فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ([13]).

وأخرج مسلم في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ» قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: «امْشِ، وَلَا تَلْتَفِتْ، حَتَّى يَفْتَحَ اللهُ عَلَيْكَ» قَالَ: فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ، فَصَـرَخَ: يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: «قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» ([14]).

وفي رواية للبخاري: ‏>‏لأعطين الرَّاية غدًا رجلاً يُفتح على يديه، يُحبُّ اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه، فبات الناس يدُوكُون([15]) ليلتهم أيُّهم يُعطى، ‏فغدوا ‏كلُّهم يرجوه، فقال: أين ‏علي؟، ‏فقيل: يشتكي عينيه، فبصق في عينيه، ودعا له فَبَرأ كأنْ لم يكن به وجعٌ، فأعطاه، فقال: أقاتلهم حتى يكونوا مِثلَنا، فقال: انفذ ‏على رِسلك، ‏حتى تنزلَ بساحتهم، ثم ادعُهم إلى الإسلام، وأخبرْهم بما يجب عليهم، فو الله لأنْ يهديَ الله بك رجلاً خيرٌ لك مِن أن يكونَ لك ‏حُمْر النَّعم<([16]).

وورد عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: أشهد أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: >مَن أحبَّ عليًّا، فقد أحبَّني، ومَن أحبني فقد أحبَّ الله، ومَن أبغض عليًّا فقد أبغضني، ومَن أبغضني، فقد أبغض الله< ([17]).

وروي أنه جَاءَ رجل إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: هَذَا فُلاَنٌ، لِأَمِيرِ المَدِينَةِ، يَدْعُو عَلِيًّا عِنْدَ المِنْبَرِ، قَالَ: فَيَقُولُ: مَاذَا؟ قَالَ: يَقُولُ لَهُ: أَبُو تُرَابٍ فَضَحِكَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا سَمَّاهُ إِلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ لَهُ اسْمٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُ، فَاسْتَطْعَمْتُ الحَدِيثَ سَهْلًا، وَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ كَيْفَ ذَلِكَ قَالَ: دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ ثُمَّ خَرَجَ فَاضْطَجَعَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ، قَالَتْ: فِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَوَجَدَ رِدَاءَهُ قَدْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِهِ، وَخَلَصَ التُّرَابُ إِلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ التُّرَابَ عَنْ ظَهْرِهِ  فَيَقُولُ: «اجْلِسْ يَا أَبَا تُرَابٍ مَرَّتَيْنِ»([18]).

وعَنْ سَعْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ، مِنْ مُوسَى»([19]).

وأخرج مسلم في الصحيح عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلَاثًا قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لَأَنْ تَكُونَ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ خَلَّفْتَنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نُبُوَّةَ بَعْدِي» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» قَالَ فَتَطَاوَلْنَا لَهَا فَقَالَ: «ادْعُوا لِي عَلِيًّا» فَأُتِيَ بِهِ أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِي عَيْنِهِ وَدَفَعَ الرَّايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ}([20]) دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» ([21]).

وأخرج أحمد في المسند عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: جَمَعَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: أَنْشُدُ اللهَ كُلَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا سَمِعَ، لَمَّا قَامَ فَقَامَ ثَلَاثُونَ مِنَ النَّاسِ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَقَامَ نَاسٌ كَثِيرٌ فَشَهِدُوا حِينَ أَخَذَهُ  بِيَدِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: أَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟  قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا مَوْلَاهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ » قَالَ: فَخَرَجْتُ وَكَأَنَّ فِي نَفْسـِي شَيْئًا، فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَا تُنْكِرُ؟ قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ([22]).

وأخرج أبو داود في السنن عن عبد الرحمن بن الأخنس، أنه كان في المسجد، فذكر رجلٌ عليّاً، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهدُ على رسولِ الله-صلى الله عليه وسلم- أني سمعتُه وهو يقول: «عشر في الجنّة: النبيَّ- صلى الله عليه وسلم – في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعُمَرُ في الجنة، وعثمانُ في الجنة، وعليٌّ في الجنة، وطلحةُ في الجنة، والزبيرُ ابن العوام في الجنة، وسعدُ بنُ مالكٍ في الجنة، وعبدُ الرحمن بن عوفٍ في الجنة» ولو شئت لسميتُ العاشرَ، قال: فقالوا: من هو؟ فسكَتَ، قال: فقالوا: منْ هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد ([23]).

وأخرج أحمد في المسند عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَكْبَرِ، وَعِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ يُدْعَى سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ، فَحَيَّاهُ الْمُغِيرَةُ وَأَجْلَسَهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ عَلَى السَّرِيرِ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَاسْتَقْبَلَ الْمُغِيرَةَ، فَسَبَّ وَسَبَّ، فَقَالَ: مَنْ يَسُبُّ هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟ قَالَ: يَسُبُّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ، يَا مُغِيرَ بْنَ شُعْبَ ثَلاثًا، أَلا أَسْمَعُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَبُّونَ عِنْدَكَ؟ لَا تُنْكِرُ وَلا تُغَيِّرُ، فَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا سَمِعَتِ أذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنِ أرْوِي عَنْهُ كَذِبًا يَسْأَلُنِي عَنْهُ إِذَا لَقِيتُهُ، أَنَّهُ قَالَ: «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ فِي الْجَنَّةِ، وَتَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ» لَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَهُ لَسَمَّيْتُهُ، قَالَ: فَضَجَّ أَهْلُ الْمَسْجِدِ يُنَاشِدُونَهُ يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ التَّاسِعُ؟ قَالَ: نَاشَدْتُمُونِي بِاللهِ، وَاللهِ عَظِيمِ أَنَا تَاسِعُ الْمُؤْمِنِينَ([24]).

———————————————————————————

([1]) أخرجه مسلم في(الصحيح) 4/1871 رقم: 2404–كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل علي بن أبي طالب.

([2]) أخرجه مسلم في(الصحيح) ص:980 -كتاب فضائل الصحابة-باب فضل علي بن أبي طالب. – ]رقم:2408[

([3]) أخرجه الحاكم في (المستدرك): 4/169، عن أبي سعيد الخدري. بلفظ: (إن رحمي لا ينفع): قال في المستدرك: (حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

([4]) أخرجه ابن ماجه في (السنن): 40 –باب في فضائل الصحابة- فضائل العباس- ]رقم:140[،عن العباس بن عبدالمطلب، والترمذي في(سننه): 6/108 –أبواب المناقب- باب مناقب العباس- [رقم:3758]، عن المطلب بن ربيعة، وقال: (حديث حسن صحيح).

([5]) أخرجه أحمد في (المسند): 44/327، بنحوه عن أم سلمة، وأخرجه الترمذي في (سننه):6/125-  كتاب المناقب- باب ما جاء في فضل فاطمة-]رقم:3787[، عن أم سلمة، وقال: (هذا حديث غريب من هذا الوجه). وأخرجه الحاكم في (المستدرك): 3/172، عن عائشة J، قال: (حديث صحيح على شرط الشيخين)، وأورد الجزء الأول من الحديث، وأخرجه الخطيب في (تاريخ مدينة السلام): 11/569 عن أبي سعيد الخدري.

([6]) أخرجه أحمد في (الفضائل): 2/624، والطبراني في (الكبير): 3/36 [رقم:2632]، وأورده الهيثمي في (المجمع): 9/275، عن ابن عباس، وقال: (رواه الطبراني ورجاله ثقات).

([7]) أخرجه الترمذي في (سننه)6/7  –كتاب المناقب- باب في فضل النبي صلى الله عليه وسلم -[رقم:3608[، عن المطلب بن أبي وداعة بلفظ –فجعلني في خيرهم فرقة- قال: (هذا حديث حسن).

([8]) مجموع الفتاوى 28 / 491 .

([9])  تقدم تخريجه.

([10])  العقيدة الواسطية: 1/118.

([11]) ذكره ابن عبدالبر في «الاستيعاب»: 2/814، وابن عساكر في «مختصـر تاريخ دمشق»:11/348، والذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/399.

([12])  أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب المغازي -باب غزوة خيبر -5/134، رقم: 4510. ومسلم في الصحيح-كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم-باب من فضائل علي بن أبي طالب- 4/1872، رقم: 2406.

([13]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب الجهاد والسير -باب مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-4/54، رقم:2976.

 ([14]) أخرجه مسلم في(الصحيح) 4/1871 رقم: 2405–كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل علي بن أبي طالب.

 ([15]) يدُوكُون: أَيْ؛ يخُوضُون ويمُوجون فِيمَنْ يَدْفَعُها إِلَيْهِ. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير: 2/140.

 ([16]) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الجهاد والسير.  باب فضل من أسلم على يديه رجل. 4/60 ح: 3009. والنسائي في الكبرى. 7/311. ح 8093.

 ([17]) أخرجه الطبراني في الكبير: 23/380، ح: 901. والحاكم في المستدرك: 3/141، ح: 4648. وقال: هذا حديث              صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرّجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.

([18]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القُرَشِيِّ الهَاشِمِيِّ أَبِي الحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-5/18، رقم: 3703.

([19]) أخرجه البخاري في الصحيح-كتاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ القُرَشِيِّ الهَاشِمِيِّ أَبِي الحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-5/19، رقم: 3706.

 ([20]) سورة آل عمران آية 60.

 ([21]) أخرجه مسلم في(الصحيح) 4/1871 رقم: 2404–كتاب فضائل الصحابة- باب فضائل علي بن أبي طالب.

([22])  أخرجه أحمد في المسند: 32/56، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين).

([23])  أخرجه أبو داود في السنن- أول كتاب السنة- باب في الخلفاء-7/46 رقم: 4649، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: (حديث صحح).

([24])  أخرجه أحمد في المسند: 3/174، وقال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح).

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق