مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةشذور

“خطبة أبي الحسن الأشعري لكتابه: “تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان

قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: “وخطبته في أول كتابه الذي صنفه في تفسير القرآن أدل دليل على تبريزه في العلم به على الأقران وهو الذي سماه تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان ونقض ما حرفه الجبائي والبلخي في تأليفهما قال في أوله:

( الحمد لله الحميد المجيد، المبدىء المعيد، الفعال لما يريد، الذي افتتح بحمده كتابه، وأوضح فيه برهانه، وبين فيه حلاله وحرامه، وفرق بين الحق والباطل، والعالم والجاهل، وأنزله محكما ومتشابها، وناسخا ومنسوخا، ومكيا ومدنيا، وخاصا وعاما، ومثلا مضروبا، أخبر فيه عن أخبار الأولين وأقاصيص المتقدمين، ورغب فيه في الطاعات، ورهب فيه وزجر عن الزلات والتبعات وخطوات الشيطان والضلالات، ووعد فيه بالثواب لمن عمل بطاعته ليوم المآبن وتوعد فيه من كفر به وجانب الصواب ولم يعمل بالطاعة ليوم الحشر والحساب، جعله موعظة للمؤمنين وعبرة للغابرين وحجة على العالمين لئلا يقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين، جمع فيه علم الأولين والآخرين، وأكمل فيه الفرائض والدين، فهو صراط الله المستبين وحبله المتين، من تمسك به نجا، ومن جانبه ضل وغوى وفي الجهل تردى، وجعله قرآنا عربيا غير ذي عوج، بلسان العرب الأميين الذين لم يأتهم رسول قبله من عند رب العالمين بكتاب يتلوه بلسانهم من عند فاطر السموات والأرضين، وقطع به عذر المخالفين لنبوة سيد المرسلين؛ إذ جعله معجزا يعجزون عن الإتيان بمثله وهم أرباب اللسان والنهاية في البيان، بين لهم فيه ما يأتون وما يتقون، وما يحلون وما يحرمون، وأوضح لهم فيه سبل الرشاد والهدى والسداد، وما صنعه بالأولين الذين كانوا لديه مخالفين وعنه منحرفين، وما ينزله من النقمات بالكافرين أن أقاموا على الكفر وكانوا به متمسكين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم.

 أما بعد فإن أهل الزيغ والتضليل تأولوا القرآن على آرائهم وفسروه على أهوائهم تفسيرا لم ينزل الله به سلطانا ولا أوضح به برهانا ولا رووه عن رسول رب العالمين ولا عن أهل بيته الطيبين ولا عن السلف المتقدمين من أصحابه والتابعين افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وإنما أخذوا تفسيرهم عن أبي الهذيل بياع العلف ومتبعيه، وعن إبراهيم نظام الخرز ومقلديه، وعن الفوطي وناصريه، وعن المنسوب إلى قرية جبى ومنتحليه، وعن الأشج جعفر بن حرب ومجتبيه، وعن جعفر بن مبشر القصبي ومتعصبيه، وعن الاسكافي الجاهل ومعظميه، وعن الفروي المنسوب إلى مدينة بلخ وذويه، فإنهم قادة الضلال من المعتزلة الجهال الذين قلدوهم دينهم وجعلوهم معولهم الذي عليه يعولون وركنهم الذي إليه يستندون، ورأيت الجبائي ألف في تفسير القرآن كتابا أوله على خلاف ما أنزل الله عز وجل وعلى لغة أهل قريته المعروفة بجبي وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن وما روى في كتابه حرفا وأحدا عن أحد من المفسرين وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه، ولولا إنه استغوى بكتابه كثيرا من أهل العوام واستزل به عن الحق كثيرا من الطغام لم يكن لتشاغلي به وجه).

 قال الإمام الحافظ أبو القاسم رضي الله عنه ثم ذكر بعض المواضع التي أخطأ فيها الجبائي في تفسيره، وبين ما أخطأ فيه من تأويل القرآن بعون الله له وتيسيره، وكل ذلك مما يدل على نبله وكثرة علمه وظهور فضله، فجزاه الله على جهاده في دينه بلسانه الحسنى وأحله بإحسانه في مستقر جنانه المحل الأسني”.

 

[1] تبيين كذب المفتري (ص: 136)

قال ابن عساكر في تبيين كذب المفتري: “وخطبته في أول كتابه الذي صنفه في تفسير القرآن أدل دليل على تبريزه في العلم به على الأقران وهو الذي سماه تفسير القرآن والرد على من خالف البيان من أهل الإفك والبهتان ونقض ما حرفه الجبائي والبلخي في تأليفهما قال في أوله:
( الحمد لله الحميد المجيد، المبدىء المعيد، الفعال لما يريد، الذي افتتح بحمده كتابه، وأوضح فيه برهانه، وبين فيه حلاله وحرامه، وفرق بين الحق والباطل، والعالم والجاهل، وأنزله محكما ومتشابها، وناسخا ومنسوخا، ومكيا ومدنيا، وخاصا وعاما، ومثلا مضروبا، أخبر فيه عن أخبار الأولين وأقاصيص المتقدمين، ورغب فيه في الطاعات، ورهب فيه وزجر عن الزلات والتبعات وخطوات الشيطان والضلالات، ووعد فيه بالثواب لمن عمل بطاعته ليوم المآبن وتوعد فيه من كفر به وجانب الصواب ولم يعمل بالطاعة ليوم الحشر والحساب، جعله موعظة للمؤمنين وعبرة للغابرين وحجة على العالمين لئلا يقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين، جمع فيه علم الأولين والآخرين، وأكمل فيه الفرائض والدين، فهو صراط الله المستبين وحبله المتين، من تمسك به نجا، ومن جانبه ضل وغوى وفي الجهل تردى، وجعله قرآنا عربيا غير ذي عوج، بلسان العرب الأميين الذين لم يأتهم رسول قبله من عند رب العالمين بكتاب يتلوه بلسانهم من عند فاطر السموات والأرضين، وقطع به عذر المخالفين لنبوة سيد المرسلين؛ إذ جعله معجزا يعجزون عن الإتيان بمثله وهم أرباب اللسان والنهاية في البيان، بين لهم فيه ما يأتون وما يتقون، وما يحلون وما يحرمون، وأوضح لهم فيه سبل الرشاد والهدى والسداد، وما صنعه بالأولين الذين كانوا لديه مخالفين وعنه منحرفين، وما ينزله من النقمات بالكافرين أن أقاموا على الكفر وكانوا به متمسكين ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم.
 أما بعد فإن أهل الزيغ والتضليل تأولوا القرآن على آرائهم وفسروه على أهوائهم تفسيرا لم ينزل الله به سلطانا ولا أوضح به برهانا ولا رووه عن رسول رب العالمين ولا عن أهل بيته الطيبين ولا عن السلف المتقدمين من أصحابه والتابعين افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين وإنما أخذوا تفسيرهم عن أبي الهذيل بياع العلف ومتبعيه، وعن إبراهيم نظام الخرز ومقلديه، وعن الفوطي وناصريه، وعن المنسوب إلى قرية جبى ومنتحليه، وعن الأشج جعفر بن حرب ومجتبيه، وعن جعفر بن مبشر القصبي ومتعصبيه، وعن الاسكافي الجاهل ومعظميه، وعن الفروي المنسوب إلى مدينة بلخ وذويه، فإنهم قادة الضلال من المعتزلة الجهال الذين قلدوهم دينهم وجعلوهم معولهم الذي عليه يعولون وركنهم الذي إليه يستندون، ورأيت الجبائي ألف في تفسير القرآن كتابا أوله على خلاف ما أنزل الله عز وجل وعلى لغة أهل قريته المعروفة بجبي وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن وما روى في كتابه حرفا وأحدا عن أحد من المفسرين وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه، ولولا إنه استغوى بكتابه كثيرا من أهل العوام واستزل به عن الحق كثيرا من الطغام لم يكن لتشاغلي به وجه).
 قال الإمام الحافظ أبو القاسم رضي الله عنه ثم ذكر بعض المواضع التي أخطأ فيها الجبائي في تفسيره، وبين ما أخطأ فيه من تأويل القرآن بعون الله له وتيسيره، وكل ذلك مما يدل على نبله وكثرة علمه وظهور فضله، فجزاه الله على جهاده في دينه بلسانه الحسنى وأحله بإحسانه في مستقر جنانه المحل الأسني”.
[1] تبيين كذب المفتري (ص: 136)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق