الرابطة المحمدية للعلماء

حُسن تدبير الوقت.. سؤال اللحظة الزمنية الحضارية لدى مسلمي اليوم

ذ.علي الأصبحي: حُسن تدبير الوقت بإتقان هو فن بلا خلاف

كان تعميق النقاش حول حُسن تدبير الوقت، محور ركن “الحوار لاحي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء على شبكة الإنترنت، من خلال استضافة  الأستاذ علي الأصبحي، عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء.

وبداية، ومن باب التدقيق في المصطلحات والمفاهيم، كان لزاما التوقف عند المقصود بالحديث عن “فن إدارة الوقت؟”، حيث اعتبر الضيف الكريم أن هذا المركب مكون من جزأين: الجزء الأول هو الفن، ويعني في اللغة كل متقن من الأعمال، والجزء الثاني: إدارة الوقت الذي يعني حسن تدبيره واستثماره بصالح الأعمال التي تنفع الفرد والمجتمع والأمة، وبخصوص سُبل التدبير الأمثل للزمن، فإنها تفوق الحصر، يضيف الأستاذ علي الأصبحي، وقد لخّصها في وضع برنامج يومي تنظم من خلاله الأعمال اليومية لاستثمار الزمن قصد تحقيق أهداف معينة وترتيب الأولويات ليصبح ثقافة راسخة في حياتنا، لأن الوقت هو الحياة، معتبرا أنه إذا لم نحسن استثمار أوقاتنا فإن حياتنا لن ترقى إلى مستوى طموحاتنا.

على صعيد آخر، اعتبر المتدخل أن حُسن تدبير الوقت بإتقان هو فن بلا خلاف، في حين أن إدارة الوقت تخضع، فعلا، لخصوصيات كل إنسان ولما تقتضيها وظائفه ومهامه التي يمارسها في أجزاء الليل والنهار. والتي تفرض نوعا معينا من التدبير الوقت ينسجم وأهداف حياة الشخص الآنية والمستقبلية، والوقت في حقيقته قيمة من قيمنا التي رتب الإسلام على إحسان تدبيره جزاءا لما لفوضى التدبير من آثار على حضارة الأمم.

وفيما يتعلق بقيمة الوقت في حياة المسلم في زماننا، أكد الأستاذ علي الأصبحي، أن الزمن الحالي، يتميّز بتعددّ المهام لدرجة أصبح معها الواحد منا لا يستطيع أن يفي بكل التزاماته اليومية وذلك ليس لقصر الوقت وإنما لتعدد الأعمال والمشاغل، ملاحظا أن الظاهرة التي لا نختلف حولها جميعا تكمن في الهدر القاتل للوقت وإضاعته فيما لا ينفع رغم تأكيدات مرجعيتنا الدينية على أهمية استغلاله في ترقية حياة المسلم وبناء حضارته، مستشهدا على ذلك بأهمية النظر في آيات الآفاق حيث جعل الله الليل والنهار خلفة للعمل الإيجابي فمن فاته عمل النهار تداركه في الليل والعكس صحيح، ومستخلصا أنه إذا تغلّب الناس على سوء تدبيره بحسن استغلاله واستثماره الاستثمار الأمثل وفق برمجة منتظمة، ليس هذا وحسب، ومن باب التأصيل الشرعي، يرى المتدخل أن تدبير الوقت فريضة شرعية على كل مسلم اتجاه نفسه واتجاه أسرته ومجتمعه ووطنه وأمته، ومن ثم يصبح تدبير الأب وقت أبنائه مسؤولية تلزمه عملا بمقتضى الحديث الصحيح: “كلكم راع وكلكم مسئول عن راعيته… والأب راع ومسئول عن رعيته”، مضيفا أن المتأمل في آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم يجد حقيقة تقدير الوقت وتعظيمه والدعوة إلى استغلاله ظاهرة لا تخفى، حيث تُجسّدها المواقف الحرجة للإنسان منها موقف احتضاره حيث يقول: “رب لولا أخرتاني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين”، ثم موقفه يوم يبعث للحساب فيقول: “رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت”.

وأوجز الأستاذ علي الأصبحي أهم نتائج حسن استغلال الوقت في النقاط التالية: ضمان حسن الأداء وفعالية الإنجاز؛ عدم تراكم الأعمال؛ إنجاز المهمات في أوقاتها؛ تضييق مساحة الفراغ في حياة الإنسان؛ تفعيل تشغل الإمكانات الذاتية، وبالطبع، فإن نتائج إساءة إدارة الوقت فعكس هذه وغيرها.

واختتم المتدخل الكريم أجوبته على أسئلة المشاركين في “الحوار الحي”، بتوجيه رسالة عبر موقع الرابطة المحمدية للعلماء إلى كل المعنيين بامتحانات آخر السنة، قصد استغلال الوقت المتبقي لموعد الاختبارات بالاستثمار الأمثل والإعداد الأجود. وذلك وفق الخطوات الآتية: وضع جدول خاص للمراجعة؛ المراجعة بهمة وعزم وفعالية ونشاط؛ المزاوجة بين المراجعة النظرية والتطبيقات في المواد العلمية؛  الاستعانة بنماذج الامتحانات السابقة؛ العناية بالتغذية المتوازنة؛ اختيار الوقت الأكثر ملاءمة للإعداد والمراجعة(بعد صلاة الصبح) على أن يكون النوم مبكرا؛ تفادي السهر، نظرا لتأثيراته السلبية على الذاكرة وعلى النظر وعلى المردودية؛ اختيار الأدعية القرآنية مثل: (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي)، وأخيرا وليس آخرا، الاستعانة بالأدعية المأثورة من مثل: “اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق