شعار الدورة الخامسة لأسبوع الثقافة الإسلامية

يعرف العالم في الوقت الحاضر تيارات عديدة على المستويات الرسمية الحكومية، والشعبية المدنية، بمرجعيات مختلفة وخلفيات متنوعة، والجميع ينادي بالدفاع عن حقوق الإنسان ويدعو إلى توفير كرامته، ويدعي لنفسه أو لمرجعيته قصب السبق والريادة.

ومثالا على ذلك مسألة تحرير العبيد التي طالما قيل إنها مرتبطة برئيس دولة غربية وصف بأنه محرر العبيد، لكن نظرة تأملية في المنهج الذي اتبعه الإسلام من يوم نزول القرآن في أوائل القرن السابع الميلادي، ومنذ وقف خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مواقفه المطردة في موضوع معاملة العبيد والعناية بهم وبتحريهم، والتشريعات الإسلامية التي تؤدي كلها إلى القضاء التدريجي على نظام العبيد بمنهج رباني حكيم؛ ومواقف الصحابة التي جلاها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في اهتمامه بشراء العبيد وتحريرهم حتى عيب عليه ذلك وقيل له: لو اهتممت بأصحاب الجاه لكان ذلك أنفع لك، لكن الصديق تمادى في منهجه.

ويقاس على هذا الموضوع باقي قضايا حقوق الإنسان التي عني بها الإسلام ودعي المسلمون أولا والعالمون جميعا إلى الاهتمام بها كحقوق المرأة والحقوق المتبادلة بين الزوجين وحقوق الأبناء على الآباء وحقوق الآباء على الأبناء وحق الطريق وحقوق المجتمع وحقوق الأفراد على الدولة وحقوق الدولة على الأفراد إلى غير ذلك مما يدل قطعا على اهتمام الإسلام والمسلمين في تاريخ الحضارة بحقوق الإنسان على مختلف المستويات وفي كل الواجهات والحيثيات.

لكن الإنسانية اليوم هي أشد ما تكون حاجة إلى تمثل موقف هذه الشريعة الخاتمة الكاملة التي استوعبت حياة الإنسان ورسخت كرامته وشخصيته وحقوقه ما دام ينهج في حياته النهج الإنساني السوي البريء من التنطع والتمحل أو الذاتية والأنانية أو الاستمتاع بالحقوق على حساب الواجبات، أو التطاول على حقوق الغير؛ وكشف تنظيماتها العادلة وتشريعاتها الإيجابية الهادفة بمنطلقاتها ومقاصدها إلى توفير العزة والكرامة لهذا الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم، وكرمه وفضله على كثير من مخلوقاته، وسخر له الأكوان ليدبر أمره ضمن ظواهرها بالوحي وفي ظل الوحي وبمنهج الوحي، لأنه المنهج الرباني الحريص بمقاصد تشريعاته على مصلحة الإنسان وسعادته.
فما هي الحقوق المتعلقة بالإنسان؟ وما أنواعها؟ وما شروط اكتساب هذه الحقوق؟ وما شروط الاستمتاع بها؟ وكيف تناولت التشريعات الإسلامية حقوق الإنسان تقريرا وتشريعا وترغيبا؟

وفي هذا السياق ينظم المجلس العلمي المحلي بالدار البيضاء، المغرب، الدورة الخامسة من أسبوع الثقافة الإسلامية، خلال الفترة ما بين الخميس 16 إلى الأربعاء 22 رجب 1430هـ الموافق 09- 15 يوليوز2009م، بهدف لفت الانتباه إلى الحقوق الحقيقية للإنسان وتقديمها لبني الإنسان في صورها الربانية الناصعة، وتطهيرها من النزغات والنزعات البشرية الشاذة أو الأنانية المجحفة؛ وذلك في برنامج مكثف متنوع يمتد أسبوعا كاملا متواصلا، ويشمل الجوانب الفكرية والفقهية والأدبية والاجتماعية والإنسانية، سائلين الله الرشد والتوفيق.