وحدة الإحياءدراسات محكمة

جهود فقهاء المالكية في ضبط الاختلاف.. الإمام الشاطبي نموذجا

من المعلوم لدى الدارسين والباحثين أن المذهب المالكي يتسم بمرونته وسعة أدلته، وكثرة آرائه، حتى خيل لكثير أن عددا من العلماء المتقدمين المنتسبين لمذاهب أخرى أنهم مالكيون، كابن تيمية، رحمه الله، في كتابه: “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم”، وذلك نظرا لتوسع الأقوال عند المالكية، والأدلة الكثيرة المعتبرة في المذهب، حتى أوصل بعضهم أدلة وقواعد الإمام مالك إلى ألف ومائتي (1200) قاعدة استخراجا من فقهه، وأقواله التي رووها عنه تلامذته، ونقلها عنه أتباعه، وهذا من أسرار اختيار المغاربة للمذهب المالكي، هذا المجتمع المتنوع، الذي انسجم مع أحكام الشريعة فطرة، وذابت في أحضان الإسلام كل أعراقه وأجناسه، فجاء المذهب بتنوع دلائله، منفتحا على أعرافه، فكان جامعا ضابطا للاختلاف، للتقريب والوصول إلى الائتلاف.

المبحث الأول: هل الاختلاف ظاهري أم حقيقي؟

هل اختلاف المجتهدين ظاهري أم حقيقي؟ وبصيغة أخرى: هل الحق في المسألة الواحدة بذاتها يتعدد أم لا؟

قد اختلف العلماء في أقوال المجتهدين هل الحق مع واحد منهم أم هو مشترك بينهم؟ في ذلك ثلاثة مذاهب:

المذهب الأول؛ ذهب جمهور العلماء أن الحق في المسألة الواحدة واحد لا يتعدد، فاختلاف المختلفين في الحق لا يوجب اختلاف الحق في نفسه، وهو مذهب مالك، رحمه الله، قال ابن القصار: “إن الله، تبارك وتعالى، لما أراد أن يمتحن عباده، وأن يبتليهم فرَّق بين طرق العلم، فجعل منها ظاهرا جليا، وباطنا خفيا، ليرتفع الذين أوتوا العلم، كما قال عزوجل: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ (المجادلة: 11).

وجوه الدلائل مختلفة وليس لها وجه واحد، والدليل على ذلك: “أن الدلائل لو كانت كلها جلية ظاهرة لم يقع التنازع، ولم يحتج إلى تدبر ولا اعتبار، ولا تفكر، ولبطل الابتلاء، ولم يحصل الامتحان، ولا كان للشبهة مدخل، ولا وقع شك، ولا حسبان، ولا ظن، ولا وجد جهل؛ لأن العلم كان يكون طبعا وهذا فاسد، فبطل أن تكون العلوم كلها جلية.

ولو كانت كلها خفية لم يتوصل إلى معرفة شيء منها؛ إذ الخفي لا يعلم بنفسه؛ لأنه لو علم بنفسه لكان جليا وهذا فاسد أيضا، فبطل أن تكون كلها خفية.

واستدل على أن من العلوم ما هو جلي ومنها ما هو خفي بقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْاَلْبَابِ﴾ (ءال عمران: 7).

وبقوله عز وجل: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْاَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (النساء: 82).

وإذا بطل أن يكون العلم كله جليا، وبطل أن يكون كله خفيا، ثبت أن منه جليا، ومنه خفيا، وبالله التوفيق”[1].

وقال في موضع آخر: (مذهب مالك أن الحق واحد من أقاويل المجتهدين) وذلك أنه قال لما سئل عن اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس فيه سعة، خطأ أو صواب” وكذلك قال الليث لما سئل عن ذلك. وقال مالك: “قولان مختلفان لا يكونان جميعا حقا، وما الحق إلا واحد”[2].

العالم يجد ويجتهد ويفكر ويتدبر في وجوه الدلائل؛ ليتبين له الحق من غيره، وليرجح الوجه الأقوى للأصول، ومن ثم يحسن ضبطها، ويضع الأصول في محلها، ويرد الفروع إلى مظانِّها، فإن أصاب الحق فله الأجر مرتان، وإن أخطأ فله الأجر مرة واحدة، وبذلك يتميز أهل العلم والنظر عن غيرهم من عامة الناس.

قال السيد البطليوسي: “…إن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب اختلاف الحق في نفسه، وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه والقياسات المركبة عليه والحق واحد في نفسه”[3].

المذهب الثاني: أن كل مجتهد مصيب، وهو مذهب المعتزلة وأبي الحسن الأشعري، قيل وهو ظاهر قول مالك، والحق ما قلناه في مذهب مالك، قال أبو اسحاق الشيرازي الشافعي: “وأما ما يسوغ فيه الاجتهاد، وهو المسائل التي يختلف فيها فقهاء الأمصار على قولين وأكثر، فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال: الحق من ذلك كله في واحد وما عداه باطل، إلا أن الإثم موضوع عن المخطئ فيه، وذكر أن هذا مذهب الشافعي، لا قول له غيره. ومن أصحابنا من قال: فيه قولان: أحدهما ما قلناه. والثاني: أن كل مجتهد مصيب، وهو ظاهر قول مالك، وأبي حنيفة، وهو مذهب المعتزلة وأبي الحسن الأشعري.

المذهب الثالث: أن الحق واحد، ومخطئه مأثوم: قال صاحب اللمع: “وحكى القاضي أبو بكر الأشعري عن أبي علي ابن أبي هريرة من أصحابنا، أنه كان يقول: إن الحق من هذه الأقاويل في واحد مقطوع به عند الله، عز وجل، وأن مخطئه مأثوم، والحكم بخلافه منقوص، وهو قول الأصم، وابن علية وبشر المريسي…” إلى أن قال: “والصحيح من مذهب أصحابنا هو الأول، وأن الحق في واحد، وما سواه باطل، وأن الإثم موضوع عن المخطئ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد”. ولأنه لو كان الجميع حقا وصوابا لم يكن للنظر والبحث معنى، وأما الدليل على وضع المأثم عن المخطئ فما ذكرناه من الخبر؛ ولأن الصحابة، رضي الله عنهم، أجمعت على تسويغ الحكم بكل واحد من الأقاويل المختلف فيها، وإقرار المخالفين على ما ذهبوا إليه من الأقاويل فدل على أنه لا مأثم على واحد منهم[4]“.

المبحث الثاني: قواعد ضبط الاختلاف عند المالكية

للمالكية قواعد كثيرة يعتمدونها في ضبط الاختلاف، في كثير من المسائل التي يحتدم الخلاف فيها، وهي مستخرجة من آراء الإمام مالك، رحمه الله، في مختلف القضايا والنوازل، وهي كثيرة وسأقتصر هنا على بعضها:

القاعدة الأولى المصلحة المرسلة

قال العلامة محمد يحيى الولاتي المتوفى سنة 1339ﻫ:

وبالمصالح عنيت المرسلة            له احتجاج حفظته النقلة[5]

بمعنى أن الإمام مالك نقل عنه الاحتجاج بالمصالح المرسلة؛ أي المطلقة من الاعتبار والإلغاء، وسماه بعضهم: قياس المناسبة، وهو المبني على تحصيل مصلحة، أو دفع مفسدة[6].

 قال الإمام القرافي في شرح تنقيح الفصول: والمصالح بالإضافة إلى شهادة الشرع لها بالاعتبار على ثلاثة أقسام: ما شهد الشرع باعتباره وهو القياس، وما شهد الشرع بعدم اعتباره نحو المنع من زراعة العنب لئلا يعصر خمرا، وما لم يشهد له باعتبار ولا بإلغاء وهو المصلحة المرسلة وهي عند مالك، رحمه الله، حجة.

قال: ومما يؤكد العمل بالمصلحة المرسلة: أن الصحابة، رضوان الله عليهم، عملوا أمورا لمطلق المصلحة لا لتقدم شاهد بالاعتبار نحو كتابة المصحف، ولم يتقدم فيه أمر ولا نظير، وولاية العهد من أبي بكر لعمر، رضي الله عنهما، ولم يتقدم فيه أمر ولا نظير، وكذلك ترك الخلافة شورى، وتدوين الدواوين، وعمل السكة للمسلمين، واتخاذ السجن فعل ذلك عمر رضي الله عنه[7].

القسم الأول: المصلحة المعتبرة شرعا وهو القياس؛ أي التي أمر الشارع العباد بجلبها لأنفسهم، كمصلحة حفظ العقل؛ فإن الشارع أمر بجلبها إجماعا، ولذلك يحرم استعمال كل مأكول أو مشروب يزيل العقل بالقياس على الخمر.

القسم الثاني: الملغاة شرعا؛ أي نهى الشارع العباد عن جلبها لأنفسهم، كمصلحة ارتداع الملك عن الجماع في نهار رمضان، فإنها لا تجلب له إلا بإلزامه التكفير بصوم شهرين متتابعين فلا تخيير بينه وبين الإطعام والعتق لسهولة بذل المال عليه في شهوة الفرج، وقد ألغى الشارع هذه المصلحة بتخيير المجامع في نهار رمضان في التكفير بين الصوم والإطعام والعتق، ولم يفرق بين الملك وغيره.

وكمصلحة: التقوي على الحصاد وحمل الأثقال، فإنها لا تجلب للعامل إلا بإباحة الفطر له في رمضان، وقد ألغاها الشارع بإلزامه الصوم بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ (البقرة: 184) فلذلك لم يقسه الفقهاء على المسافر بجامع المشقة، فلا يجوز الفطر فيه إلا إذا خاف في أثناء النهار إنه إذا تمادى على الصوم إلى الغروب أورث ذلك مرضا أو هلاكا.

القسم الثالث: المصلحة المرسلة؛ أي المطلقة من الاعتبار والإلغاء، وهي حجة عند مالك، ومعنى احتجاجه بها؛ أنه يأمر بجلبها ويقيس عليها، كمصلحة الإقرار من المتهم بالسرقة، فإن مالكا يبيح جلبها بضربه حتى يقر[8].

قال ابن جزي في تقريب الوصول: “وقسم لم يشهد الشرع باعتباره ولا بعدم اعتباره، وهو المصلحة المرسلة، وهو حجة عند مالك خلافا لغيره[9]“.

ومن الأمثلة في عصرنا الحاضر على المصالح المرسلة؛ سن قانون السير على الطريق، والتوسع في إنشاء المؤسسات التي تعنى بالمصالح العامة، ونقل القبور من مكان إلى آخر، وإلزام الناس باتباع مذهب معين درءًا للاختلاف وجمعا لشمل الأمة من الشتات والضياع وغير ذلك كثير.

فما هي المصلحة؟

 المصلحة لغة: ضد المفسدة، واصطلاحا: هي عبارة عن جلب منفعة، أو دفع مضرة أو مفسدة[10]. ومما يجب التنبيه عليه: أن المصلحة المرسلة يجوز العمل بها بشروط:

أولا: أن تكون في محل الضرورة، بحيث إذا لم تجلب أدى ذلك إلى هلاك الدين أو النفس أو العقل أو النسب أو العرض أو المال.

ثانيا: أن تكون كلية؛ أي عامة على بلاد المسلمين.

ثالثا: أن تكون قطعية الوقوع؛ مثل رمي الكفار المتترسين بأسرى المسلمين في الحرب بحيث لو تركوا لاستأصلوا المسلمين قطعا أو غلبة ظن، فيجوز رميهم لحفظ باقي الأمة وهي عامة على المسلمين. ([11])

القاعدة الثانية من قواعد ضبط الاختلاف عند المالكية: (مراعاة الخلاف)

 الذي يعني التنازل عن دليل المذهب إلى دليل المخالف عند صدور الفعل من المكلف، وذلك تيسيرا على المكلف ورفع الحرج والمشقة عنه، وهذا من خصائص المذهب المالكي الذي يتسم بالمرونة ومسايرة الواقع بما لا يخالف الشرع ما دام دليله يتسع له، وينسجم مع روح الشريعة ومقصدها، وهذا لا يعني العمل بدليل المخالف ابتداء، وإنما بعد حدوث الفعل من المكلف وإلا يعتبر مخالفا للشرع داخل المذهب حسب دليله.

قال ابن رشد الجد (ت: 520ﻫ): “ومن الاستحسان مراعاة الخلاف، وهو أصل في المذهب، من ذلك قولهم: إن الماء اليسير إذا حلت فيه النجاسة اليسيرة، ولم تغير أحد أوصافه: إنه لا يتوضأ به ويتيمم ويتركه، فإن توضأ به وصلى لم يعد إلا في الوقت مراعاة لقول من رآه طاهرا، ويبيح الوضوء به ابتداء، وكان القياس على أصل قولهم أن يعيد أبدا إذا لم يتوضأ إلا بما يصح له تركه إلى التيمم، ومن ذلك قولهم في النكاح الفاسد الذي يجب فسخه، ولم يتفق على فساده؛ إنه يفسخ بطلاق، وإنه يكون فيه الميراث، ويلزمه فيه الطلاق، وهذا المعنى أكثر من أن يحصى، وأشهر من أن يجهل أو يخفى[12] “.

مراعاة الخلاف: يقصد به إعمال المجتهد لدليل خصمه المخالف له في لازم مدلوله الذي أعمل في عكسه دليلا آخر. مثاله: إعمال مالك دليل القائل بعدم فسخ نكاح الشغار في لازم مدلوله الذي هو ثبوت الإرث بين الزوجين المتزوجين بالشغار إذا مات أحدهما، وهذا المدلول هو عدم الفسخ، وأعمل مالك في نقيضه وهو الفسخ دليلا آخر، فمذهبه وجوب فسخ نكاح الشغار وثبوت الإرث بين المتزوجين به إذا مات أحدهما.

ويشترط في جواز مراعاة الخلاف شروط، وهي:

أولا: أن لا يؤدي إلى صورة تخالف الإجماع، كمن تزوج بغير ولي ولا شهود بدانق؛ مقلدا أبا حنيفة في نفي الولي، ومالكا في نفي الشهود، والشافعي في الدانق وهو نصف سدس الدرهم، فإن هذا النكاح يجب فسخه أبدا إجماعا.

ثانيا: أن لا يترك المراعي له مذهبه بالكلية: كأن يتزوج مالكي تزوجا فاسدا على مذهبه صحيحا عند غيره ثم يطلق ثلاثا، فإن ابن القاسم يلزمه الثلاث مراعاة للقول بصحته فإن تزوجت من قبل زوجا لم يفسخ نكاحه عند ابن القاسم؛ لأن الفسخ حينئذ إنما كان مراعاة للقول بصحة النكاح الأول، ومراعاة الخلاف مرتين تؤدي إلى ترك المذهب بالكلية[13].

القاعدة الثالثة: من قواعد ضبط الاختلاف يقول ابن القصار في مقدمته: (مذهب مالك، رحمه الله، التخيير في فعل ما اختلفت الأخبار فيه)

قال: “إذا لم تقم الدلالة على قوة أحدهما على الآخر، ولا ما يوجب إسقاطهما، ولا إسقاط أحدهما”، والحجة في ذلك أن الخبرين إذا ثبتا جميعا، ليس أحدهما أولى من صاحبه، ولا طريق إلى إسقاطهما، ولا إسقاط أحدهما، وقد تساويا وتقاوما، وما أمكن الاستعمال فلم يبق إلا التخيير فيهما، أو يكون كل واحد منهما سد مسد الآخر، وصار بمنزلة الكفارة التي قد دخلها التخيير” والله أعلم[14].

قال سفيان الثوري: “ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدا من إخواني أن يأخذ به”[15].

وقرر الإمام الشاطبي في كتابه القيم “الاعتصام” بـ”أن الله حكم بحكمته أن تكون فروع هذه الملة قابلة للأنظار ومجالا للظنون، وقد ثبت عند النظار أن الظنيات لا يمكن الاتفاق فيها عادة.

فالظنيات عريقة في إمكان الاختلاف فيها، لكن في الفروع دون الأصول، وفي الجزئيات دون الكليات، فلذلك لا يضر هذا الاختلاف”[16].

المبحث الثالث: جهود الإمام أبو اسحاق الشاطبي المالكي (المتوفى سنة: 790ﻫ/1388م)

أولا: هل الحق في مسائل الخلاف الفقهية والأصولية واحد أم متعدد؟

تحرير محل النزاع: أن ينصرف الدليلان بحسب شخص واحد وفي حالة واحدة، أما إذا انصرف كل دليل إلى جهة لم يكن ثم اختلاف، يرى الإمام الشاطبي أن الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد، سواء تعلق الأمر بالفروع أو بالأصول، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: “الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها وإن كثر الخلاف، كما أنها في أصولها كذلك، ولا يصلح فيها غير ذلك، والدليل عليه أمور:

أحدها؛ أدلة القرآن، من ذلك قوله تعالى:  ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (النساء: 81). فنفى أن يقع فيه الاختلاف ألبتة، ولو كان فيه ما يقتضي قولين مختلفين يصدق عليه هذا الكلام عل حال، وفي القرآن: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (النساء: 58)؛ وهذه الآية صريحة في رفع التنازع والاختلاف، فإنه رد المتنازعين إلى الشريعة، وليس ذلك إلا ليرتفع الاختلاف، ولا يرتفع الاختلاف إلا بالرجوع إلى شيء واحد، إذ كان فيه ما يقتضي الاختلاف لم يكن في الرجوع إليه رفع التنازع، وهذا باطل.

والثاني؛ أن عامة أهل الشريعة أثبتوا في القرآن والسنة، الناسخ والمنسوخ على الجملة، وحذروا من الجهل به والخطأ فيه، ومعلوم أن الناسخ والمنسوخ إنما هو فيما بين دليلين يتعارضان بحيث لا يصح اجتماعهما بحال، وإلا لما كان أحدهما ناسخا والآخر منسوخا، والفرض خلافه، فلو كان الاختلاف من الدين لما كان لإثبات الناسخ والمنسوخ، من غير نص قاطع فيه، فائدة، إلى أن قال: فدل على أن الاختلاف لا أصل له في الشريعة، وهكذا القول في كل دليل مع معارضه، كالعموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، وما أشبه ذلك، فكانت تنخرم هذه الأصول كلها، وذلك فاسد فما أدى إليه مثله.

والثالث؛ أنه لو كان في الشريعة مساغ للخلاف لأدى إلى تكليف ما لا يطاق؛ لأن الدليلين إذا فرضنا تعارضهما، وفرضناهما مقصودين معا للشارع، فإما أن يقال؛ إن المكلف مطالب بمقتضاهما أولا، أو مطلوب بأحدهما دون الآخر، والجميع غير صحيح؛ فالأول يقتضي افعل لا تفعل لمكلف واحد من وجه واحد، وهو عين التكليف بما لا يطاق، والثاني باطل؛ لأنه خلاف  الفرض، وكذلك الثالث، إذ كان الفرض توجه الطلب بهما، فلم يبق إلا الأول فيلزم منه ما تقدم.

والرابع؛ أن الأصوليين اتفقوا على إثبات الترجيح بين الأدلة المتعارضة إذا لم يمكن الجمع، وأنه لا يصح إعمال دليلين متعارضين جزافا من غير نظر في ترجيحه على الآخر، والقول بثبوت الخلاف في الشريعة يرفع باب الترجيح جملة.

والخامس؛ أنه شيء لا يتصور؛ لأن الدليلين المتعارضين إذا قصدهما الشارع، مثلا، لم يتحصل مقصوده؛ لأنه إذا قال في الشيء الواحد “افعل” “لا تفعل” فلا يمكن أن يكون المفهوم منه طلب الفعل، لقوله: لا تفعل، ولا طلب تركه، لقوله: افعل، فلا يتحصل للمكلف فهم التكليف، فلا يتصور توجهه على حال.

قال: والأدلة على ذلك كثيرة لا يحتاج فيها إلى التطويل لفساد الاختلاف في الشريعة.

وقد رد الإمام على من يقول بأن الاختلاف واقع في الشريعة ولا يمكن رفعه، وعلى أدلتهم المجملة فيما الآتي:

  1. إنزال المتشابهات فإنها مجال للاختلاف؛ لتباين الأنظار واختلاف الآراء والمدارك.
  2. الأمور الاجتهادية التي جعل الشارع فيها للاختلاف مجالا، فكثيرا ما تتوارد على المسألة الواحدة أدلة قياسية وغير قياسية، بحيث يظهر التعارض.
  3. أن العلماء الراسخين والأئمة المتقنين اختلفوا؛ هل كل مجتهد مصيب؟ أم المصيب واحد؟ والجميع سوغوا هذا الاختلاف، وهو دليل على أن له مساغا في الشريعة على الجملة.
  4. طائفة من العلماء جوزوا أن يأتي في الشريعة دليلان متعارضان، وتجويز ذلك عندهم مستند إلى أصل شرعي في الاختلاف.
  5. وطائفة رأوا أن قول الصحابي حجة، فكل قول صحابي وإن عارضه قول صحابي آخر كل واحد منهما حجة، وللمكلف في كل واحد منهما متمسك.
  6. قال القاسم بن محمد: لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، في أعمالهم، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة.
  7. أقوال العلماء بالنسبة للمقلدين كأقوال المجتهدين، ويجوز لكل واحد على قول جماعة أن يقلد من العلماء من شاء.

قال في الجواب عن هذه المواضع المخيَّلة كما سماها:

  1. مسألة المتشابهات: فلا يصح أن يدعى أنها موضوعة في الشريعة قصد الاختلاف شرعا؛ أي من حيث التشريع والإرادة الأمرية؛ المشابهات قد وضعت: ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (الأنفال: 43) لا نظر فيه، فقد قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ (هود: 118-119).

 ففرق بين الوضع القدري الذي لا حجة فيه للعبد، وهو الموضوع على وفق الإرادة التي لا مرد لها[17]، وبين الوضع الشرعي الذي لا يستلزم وفق الإرادة، وقد قال تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 1) وقال: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ (البقرة: 25)؛ فمسألة المتشابهات من الوضع القدري لا الوضع الشرعي الذي هو موضوع البحث والجدل.

  1. موضع الاجتهاد: فهي راجعة إلى نمط التشابه؛ لأنها دائرة بين طرفي نفي وإثبات شرعيين، فقد يخفى هنالك وجه الصواب من وجه الخطأ، إن قيل: بأن المصيب واحد فقد شهد أرباب هذا القول بأن الموضع ليس مجال الاختلاف، بل هو مجال استفراغ الوسع، وإن قيل إن الكل مصيبون فليس على الإطلاق، بل بالنسبة إلى كل مجتهد أو من قلده، ولا يجوز الرجوع عما أدى إليه الاجتهاد، فالإصابة إضافية لا حقيقية.

قرر الأصوليون في مسألة: “لا يجوز أن يكون لمجتهد في مسألة قولان متناقضان في وقت واحد بالنسبة إلى شخص واحد”؛ لأنه إن حصل تعارض جمع، أو رجح أو وقف.

  1. أما مسألة التصويب والتخطئة، فالإصابة إضافية لا حقيقية، بدليل أنه ليس للمجتهد أن يترك ما وصل إليه اجتهاده إلى قول غيره.
  2. مسألة تجويز العلماء أن يأتي في الشريعة دليلان متعارضان؛ فإن أراد الذاهبون إلى ذلك التعارض في الظاهر وفي أنظار المجتهدين، لا في نفس الأمر فالأمر على ما قالوه جائز، ولكن لا يقتضي ذلك بجواز التعارض في أدلة الشريعة، وإن أرادوا تجويز ذلك في نفس الأمر فهذا لا ينتحله من يفهم الشريعة؛ لورود الأدلة عليه.
  3. أما مسألة قول الصحابي، فلا دليل عليه لأمرين:

أحدهما؛ أن ذلك من قبيل الظنيات إن سلم صحة الحديث، على أنه مطعون في سنده، ومسألتنا قطعية ولا يعارض الظن القطع.

والثاني على تسليم ذلك، فالمراد أنه حجة على انفراد كل واحد منهم؛ أي أن من استند إلى قول أحدهم فمصيب من حيث قلد أحد المجتهدين، لا أن كل واحد منهم في نفس الأمر بالنسبة إلى كل واحد، أي بالنسبة لنفسه ومن قلده.

  1. مسألة من قال: إن اختلافهم رحمة وسعة: قد أجاب عنه بما روى ابن وهب عن مالك أنه قال: “ليس في اختلاف أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم سعة، وإنما الحق في واحد، قيل له: فمن يقول: إن كل مجتهد مصيب؟ فقال: هذا لا يكون قولان مختلفين صوابين، ولو سلم فيحتمل أن يكون من جهة فتح باب الاجتهاد، وأن مسائل الاجتهاد قد جعل الله فيه سعة بتوسعة مجال الاجتهاد لا غير ذلك”.
  2. مسألة: اختلاف العلماء بالنسبة للمجتهدين: لا فرق بين مصادفة المجتهد الدليل، ومصادفة العمي المفتي، فتعارض الفتويين عليه كتعارض الدليلين على المجتهد، فكما أن المجتهد لا يجوز في حقه اتباع الدليلين معا، ولا اتباع أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح.

وقد أجاب، رحمه الله، على قول من قال: “إذا تعارضا عليه تخير” بجواب نفيس: قال: غير صحيح من وجهين:

أحدهما؛ أن هذا قول بجواز تعارض الدليلين في نفس الأمر، وقد مر ما فيه آنفا.

والثاني؛ الأصل الشرعي أن فائدة وضع الشريعة، إخراج المكلف عن داعية هواه وتخييره بين القولين نقض لذلك الأصل، وهو غير جائز، فإن الشريعة قد ثبت أنها تشتمل على مصلحة جزئية في كل مسألة، وعلى مصلحة كلية في الجملة، أما الجزئية فما يعرب عنها دليل كل حكم وحكمته، وأما الكلية فهي أن يكون المكلف داخلا تحت قانون معين من تكاليف الشرع في جميع تصرفاته، اعتقادا وقولا وعملا؛ فلا يكون متبعا لهواه كالبهيمة المسيبة حتى يرتاض بلجام الشرع، ومتى خيرنا المقلدين في مذاهب الأئمة لينتقوا منها أطيبها عندهم لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات في الاختيار وهذا مناقض لمقصد وضع الشريعة، فلا يصح القول بالتخيير على حال.

 قال الإمام، رحمه الله، وانظر في الكتاب المستظهر للغزالي، فثبت أنه لا اختلاف في أصل الشريعة، ولا هي موضوعه على وجود الاختلاف فيها أصلا يرجع إليه مقصودا من الشارع، بل ذلك راجع إلى أنظار المكلفين وإلى ما يتعلق بهم من الابتلاء، وصح أن نفي الاختلاف في الشريعة وذمه على الإطلاق والعموم في أصولها وفروعها؛ إذ لو صح فيها وضع فرع واحد على قصد الاختلاف لصح فيها وجود الاختلاف على الإطلاق؛ لأنه إذا صح اختلاف ما، صح كل الاختلاف، وذلك معلوم البطلان فما أدى إليه مثله[18].

ونقلت كلامه بحروفه ومعناه؛ ليتضح مقصده ومغزاه؛ لأن البحث أسميته نظرية الخلاف الأصولي، فهو لا يعدو النظرية إلى الحقيقة في نفسه، وعليه فإن كل المسائل المختلف فيه اختلاف ظاهري لا نفس الأمر وحقيقته، فهي مسائل أصولية قطعية في أصل الشريعة؛ ولذا وجب البحث عن دليلها الشرعي، فعلى المجتهد أن يبحث عن الأدلة التي ترجح الحق وترفع اللبس، فإذا أخذنا، على سبيل المثال، مسألة: “زيادة الراوي العدل هل تقبل أم لا؟” على المجتهد أن يستعمل الأدوات التي توصل إلى حقيقة الأمر من تنقيح المناط، وتخريجه، وتحقيقه[19]، وبذلك يؤكد جهة واحدة؛ لأن الحق واحد في نفسه، فيقول: “زيادة الراوي العدل مقبولة”، أو زيادة الراوي العدل ليست مقبولة” وهكذا في سائر المسائل الأخرى.

ثانيا: قواعد أصولية عند الإمام تحد من الاختلاف

  1. قاعدة مراعاة الخلاف: أكد هذه القاعدة الإمام الشاطبي؛ لأنها تعمل على دفع الضرر الأشد الذي قد يلحق بالمكلف، واستدل بحديث البائل في المسجد؛ فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر بتركه حتى يتم بوله؛ لأنه لو قطع بوله لنجست ثيابه وتعرض إلى أذى في بدنه، وتنجس موضعين، ولو ترك فالذي ينجسه موضع واحد، وعليه ترجح جانب تركه على ما فعل من المنهي عنه[20].
  2. لا يعتد بالرأي وبالخلاف إذا صدر من غير أهله

يكون الشخص من أهل الرأي إذا توافر فيه شروط الاجتهاد، ومستلزماته المعروفة، واشترط الشاطبي، رحمه الله، شرطا أساسيا وهو: أن يكون عاملا بما يعلم، فإن لم يعمل بما علم فليس من أهل العلم حتى يؤخذ منه، فلا يعتد برأيه، وأن خلافه في المسألة لا يعد خلافا[21].

وهذا هو الحق بعينه، لما أصبح يتكلم في الأحكام الشرعية كل من هب ودب استشرى الخلاف في الأمة، وضيعت الأوقات الثمينة فيما لا فائدة من نقاشه، فلو عاد أولئك إلى أهل الاختصاص وأذعنوا ولم يستكبروا بجاههم ومالهم لرفع الخلاف.

  1. كل خلاف أورث عداوة وفرقة فهو المردود

يقول الإمام الشاطبي في هذا السياق: وكل مسألة حدثت في الإسلام؛ فاختلف الناس فيها، ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة، علمنا أنها من مسائل الإسلام، وكل مسألة طرأت؛ فأوجبت العداوة، والتنافر، والتنابز والقطيعة، علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء، وأنها التي عناها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بتفسير الآية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ (الأنعام: 160)، فيجب على كل ذي دين وعقل أن يجتنبها. وهو ظاهر في أن الإسلام يدعو إلى الألفة والتحاب والتراحم والتعاطف، فكل رأي أدى إلى خلاف ذلك فخارج عن الدين[22].

هناك قواعد أخرى ذكرها الإمام الشاطبي لضبط الاختلاف، ثمرتها أن كل ما لا يترتب عليه عمل، فهو ثقل على الأمة وعلى المكلف ويفضي إلى التفرق والنزاع، ليس من الدين في شيء.

خلاصة القول: إن من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية، الدعوة إلى الوحدة، ونبذ كل أسباب التفرق والتشرذم بين أفراد الأمة الإسلامية، فيجب العودة إلى هذا المقصد الجماعي الذي يحقق الخير للأمة، والسعادة للإنسانية، ولن نصل إلى قصد الشارع من الشرع إلا بتحقيقه وجعله واقعا نعيش به ووفقه، سواء تعلق الأمر بأصول الشريعة أو فروعها، ويمكن أن نصل إلى هذا المبتغى بما يلي:

  1. الرفع من قيمة العلم والعلماء، والأدلة الشرعية الدالة على مكانة العلم والعلماء مستفيضة.
  2. تكوين العلماء الربانيين المتصفين بالإخلاص والصدق في القول والعمل.
  3. أن لا يتصدر أحد للتدريس والفتوى إلا إذا امتلك قدرا كافيا من العلوم التي تمكنه من الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.
  4. كل ما يحقق المصلحة العامة فهو من الدين إذا لم يتعارض مع أصله.
  5. من أبرز مقاصد الشريعة الإسلامية؛ الحفاظ على وحدة الأمة الإسلامية: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (ءال عمران: 103).

الهوامش

[1]. ابن القصار أبو الحسين علي بن عمر البغدادي (ت: 397ﻫ)، مقدمة في أصول الفقه، تحقيق وتعليق: مصطفى مخدوم، دار المعلمة للنشر والتوزيع، ط1، (1420ﻫ/1999م)، ص135-136.

[2]. المصدر نفسه، ص269-270.

[3]. البطليوسي عبد الله بن محمد بن السيد، الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف، مخطوط: الورقة:2.

[4]. الشيرازي أبو اسحاق (ت: 476)، اللمع في أصول الفقه، حققه وعلق عليه: محيي الدين مستو ويوسف علي يديوي، دمشق: دار الكم الطيب وبيروت: در ابن كثير، ط1، (1416ﻫ/1995م)، ص279-261،

[5]. الولاتي محمد يحيى بن محمد، (ت: 1330ﻫ)، إيصال السالك في أصول الإمام مالك، تحقيق: عبد الكريم قبول، دار الرشاد الحديثة، ط2، (1434ﻫ/2013م).

[6]. ابن جزي أبو القاسم محمد بن محمد الغرناطي المالكي (ت: 714ﻫ(، تقريب الوصول إلى علم الأصول، ص137.

[7]. القرافي أبو العباس أحمد بن ادريس (ت: 684ﻫ)، شرح تنقيح الفصول، بيروت: دار الفكر للطباعة والنشر/لبنان. ص350-351.

[8]. الولاتي، إيصال السالك في أصول الإمام مالك، م، س، ص63-64.

[9]. ابن جزي، تقريب الوصول إلى علم الأصول، م، س، ص142.

[10]. أبو حامد الغزالي، (ت:505ﻫ)، المستصفى من علم الأصول، تحقيق: محمد سليمان الأشقر، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط1، (1417ﻫ1997م)، ج1، ص416.

[11]. الولاتي، إيصال السالك في أصول الإمام مالك، م، س، ص65.

[12]. ابن رشد الجد أبو الوليد القرطبي، البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل، تحقيق: أحمد الشرقاوي إقبال، دار الغرب الإسلامي، ط2، (1408ﻫ/1988م).

[13]. الولاتي، إيصال السالك في أصول الإمام مالك، م، س، ص67-69.

[14]. مقدمة في أصول الفقه، م، س، ص261 -265.

[15]. الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (ت: 462ﻫ) كتاب الفقيه والمتفقه، حققه عادل بن يوسف الغرازي، الرياض: دار ابن الجوزي/المملكة العربية السعودية، ط1، (1417ﻫ/1996م)، ص2/69.

[16]. الشاطبي، الاعتصام، 2/168. وانظر: أبو اسحاق الشاطبي، (ت: 790ﻫ)، الموافقات في أصول الشريعة، شرح: عبد الله دراز، القاهرة: دار الحديث، (1427ﻫ/2006م)، ج4، 4/186-187.

[17]. المراد بالوضع القدري؛ أي الراجع إلى إرادة التكوين الذي تشير إليه الآيتان (118 و119 من سورة هود)، فليس للعبد أن يتعلل به. والوضع الشرعي: هو الراجع إلى التشريع للذي يلزمه الأمر فيما يطلب شرعا والنهي فيما ينهى عنه شرعا بخلاف الأول، فلا تلازم فيه بين الإرادة وبين الأمر والنهي. انظر فضلا: شرح عبد الله دراز على الموافقات، ج4، ص386-387.

[18]. أبو اسحاق الشاطبي، (ت: 790ﻫ)، الموافقات في أصول الشريعة، م، س، ص381-390.

[19]. تنقيح المناط فهو تعيين العلة من أوصاف مذكورة، كما ورد في الحديث أن أعرابيا يضرب صدره، وينتف شعره، ويقول هلكت وأهلكت، الحديث، فهذه جملة أوصاف تعين أن أمره بالكفارة إنما كان لجماعه في رمضان. تخريج المناط: هو تعيين العلة من أوصاف غير مذكورة، كقوله صلى الله عليه وسلم: “لا تبيعوا البر بالبر إلا مثلا بمثل”، فتنظر هل العلة في ذلك الطعمية أو الاقتيات أوالكيل أو الوزن، أو غير ذلك. وأما تحقيق المناط فهو أن يتفق على تعيين العلة، ويطلب أن يثبت في محل النزاع، ص141. تقريب الوصول إلى علم الأصول، م، س.

[20]. الشاطبي، الموافقات في أصول الشريعة، م، س، 4/108 و4/146 وما بعدها.

[21]. المصدر نفسه، 1/65.

[22]. المصدر نفسه، 4/134، 135.

Science
الوسوم

د. مصطفى الزاهد

أستاذ باحث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق