الرابطة المحمدية للعلماء

جلسة رمضانية لتقديم رواية “الحواميم” لعبد الإله بن عرفة

رواية حافلة بالأبعاد الدينية والحضارية في محاورة لأحداث التاريخ الأندلسي

في إطار الأنشطة الثقافية والإشعاعية الرمضانية لدار الفنون بالرباط، وبمناسبة صدور رواية “الحواميم” للأديب المغربي الدكتور عبد الإله بن عرفة، التأم يوم الخميس 15 رمضان 1431هـ الموافق لـ 26غشت 2010م جمع أدبي رفيع لتقديم هذا العمل الروائي، وقد تولى تقديم هذا العمل المتميز الباحث الدكتور محمد التهامي الحراق.

وهكذا عرض الأستاذ محمد التهامي الحراق في البداية لسياق هذا العمل الروائي الذي يمثل الحلقة الرابعة في المشروع السردي العرفاني لعبد الإله بن عرفة بعد رواياته “جبل قاف” (2004) و”بحر نون” (2008) و”بلاد صاد” (2009)، حيث أوضح الأسس التي يسعى المؤلف من خلالها إلى التأسيس لـ”أدب جديد” ذي مرجعية قرآنية ومفهوم واسع للأدب وغاية معرفية ذوقية وتربوية تثمر تحولا في معرفة ووجدان وسلوك القارئ.

كما تناول الباحث خصوصية هذا العمل باعتباره امتدادا للمسار الإبداعي “العَرَفِي” وتدشينا لطور جديد فيه، قوامه الاستمرار في استلهام الحروف المقطعة القرآنية في الإبداع الروائي من جهة والانتقال من الانطلاق من الحروف القرآنية المقطعة المفردة إلى الفواتح الثنائية التي دشنها بـ”الحواميم”. وهنا تناول الباحث الهندسة القرآنية التي تنتظم هذه الرواية  في ضوء المفهوم الذي بلوره ابن عرفة في تصديره لعمله الجديد والذي ارتقى به إلى “بيان أدبي حول الكتابة بالنور أو الكتابة بأحرف من نور”، مبرزا خصوصية هذا الانتقال في المسار الإبداعي لابن عرفة ومتناولا المعالم الرئيسة  لهذا البيان من خلاله تحليل رؤيته للغة والمعنى والقارئ والتاريخ والحقيقة والحضور والشهادة، مستضيئا بهذا البيان لتبين ألمع الملامح الحكائية والجمالية والوجودية التي تثيرها “الحواميم”، خصوصا وأنها تتناول موضوعا في غاية النفاسة والراهنية رغم انتمائه للماضي والتاريخ، ويتعلق الأمر بمأساة طرد المورسكيين من الأندلس والتي يخلد العالم بمرارة مرور400 سنة على صدور قرار هذا الطرد سنة 1609، وهذا ما جعل كل أحداث ومسارات السرد المتنوعة والغنية في الرواية تتمحور حول موضوعة الصراع بين الحياة والموت (حم) كما يجسدها هذا النموذج.

وبيّن الأستاذ محمد التهامي الحراق مختلف القضايا الأدبية والدينية والحضارية التي يثيرها هذا العمل الذي استطاع أن يتحاور مع التاريخ دون أن يتماهى معه، وأن يكتب عن التاريخ برؤية إبداعية تبطل وتعطل كل وصف ينعت “الحواميم” بالرواية التاريخية.

بعد ذلك تناول الكلمة المبدع عبد الإله بن عرفة مفصلا في مفهومه للإبداع وعلاقته بالكتابة واللغة والعرفان، ومعللا اختياره الجمالي والموضوعاتي على حد سواء، طارحا جملة من القضايا حول راهنية استحضار مأساة المورسكيين ودلالة هذا الاستحضار وضرورة مطالبة أحفادهم لإسبانيا بالاعتذار، خصوصا وأن هذه الأخيرة قد سبق أن اعتذرت لليهود من جهة وأطلقت مبادرة تحالف الحضارات من جهة ثانية، مما يجعل تأجيل هذا الاعتذار غير متسق مع الحرص على الوصول بهذه المبادرة إلى غايتها.

وقد فتح نقاش ثري بين الحضور والمؤلف حول مختلف الأسئلة والقضايا التي أثيرت في المداخلتين، وكان النقاش حيويا ومفيدا في تعدده وغناه وعمقه، مما أضفى على الاحتفاء بصدور “الحواميم” نكهة استثنائية تلائم استثنائية العمل وروحانية زمان اللقاء وبهاء الفضاء المحتضن له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق