وحدة الإحياءقراءة في كتاب

جدليات الشورى والديمقراطية

صدر عن “مركز دراسات الوحدة العربية” كتاب “جدليات الشورى والديمقراطية ـ الديمقراطية وحقوق الإنسان في الفكر الإسلامي” لصاحبه الدكتور أحمد الموصلي، الطبعة الأولى، بيروت، شباط/ فبراير2007م. وهو كتاب من الحجم الكبير، عدد صفحاته 199 صفحة. ينقسم إلى خلاصة تنفيذية وثلاثة فصول، وخاتمة. الفصل الأول جاء بعنوان: “جدليات الشورى والديمقراطية”، والفصل الثاني تناول “قضية الاختلاف في الفكر القديم والوسيط وتفسيره بالتعددية في الفكر الحديث”. أما الفصل الثالث فقد بحث “جذور الحقوق الشرعية في العصور القديمة والوسيطة ومفاهيمها الإسلامية الحديثة، وحقوق الإنسان”. ولتقريب القارئ الكريم من مضامين هذا الكتاب، سنحاول طرح أهم أفكاره وقضاياه..

فالكتاب يعالج المبادئ الأساسية للحكم والسياسة التي تطورت في التاريخ الإسلامي الأول والوسيط، وهو يهدف إلى تفصيل وتطوير هذه المبادئ والأسس الأولية التي لا تتعارض مع الفكر الليبرالي الحديث للديمقراطية الغربية والتعددية وحقوق الإنسان، بالرغم من أنها نمت في العالم الإسلامي، تاريخيا، بشكل مختلف عن الغرب. وليست هذه الدراسة بدراسة تاريخية للعصور الإسلامية، لكنها توظف التشكيلات السياسية والدينية بصورة مكثفة، وبخاصة حكم النبي صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين. ففترة هذا الحكم تشكل مرحلة تأسيسية وتكوينية في تشكل الفكر الإسلامي بسبب أثرها في وعي المسلمين. فكل المفكرين المسلمين والفلاسفة والفقهاء والمؤرخين يوظفون تلك المرحلة من أجل تبرير أيديولوجية ما أو فكر ما. وبسبب أهمية تلك المرحلة في شرعنة أي فكرة أو نظام، تحاول هذه الدراسة توظيف أمثلة عديدة من مراحل تاريخية متعددة كالأمويين والعباسيين والفاطميين من أجل تحديد وإظهار التغييرات والتفسيرات في العديد من المبادئ الإسلامية حول الحكم والسياسة.

لذا يظهر الكتاب أولا كيفية تطور الرؤى حول مبادئ أساسية سياسية ترتبط بالشورى والاختلاف وحقوق الإنسان والأقليات، ومن ثم تلقي الضوء على التغيرات السلبية والإيجابية التي أثرت في فهم الأمويين والعباسيين والفاطميين. ثانيا، يمكن شرح نظام الحكم في الإسلام نظريا في ضوء المبادئ الأساسية التي ستبحث في القسم الأول من كل فصل: ففي الفصل الأول تبحث الشورى والديمقراطية علاوة على قسم البيعة والاختيار والإجماع، وفي الفصل الثاني، الاختلاف والتعددية في الفلسفة وعلم الكلام والفقه، وكذلك المعارضة والثورة، وفي الفصل الثالث، الحقوق العامة وحقوق أهل الذمة والنساء.

كما تقدم هذه الدراسة الإطار النظري والمرجعية التي يوظفها المفكرون الإسلاميون المعاصرون  والحركات الإسلامية من أجل شرعنة الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان.

يحدد الفصل الأول ويشرح مبادئ الحكم والسياسة في الفكرين الإسلاميين القديم والوسيط تحت عنوان جدليات الشورى والديمقراطية، ويظهر هذا الفصل كيف أن الشورى المؤسسة على اختيار الجماعة والعقد بين الحاكم والمحكوم المنعقد حول قسم البيعة وإجماع الأمة شكلت المناهج النظرية التي يجب أن تحكم الحياة السياسية.

 أما الفصل الثاني، الاختلاف والتعددية، فيظهر أن الفكر الإسلامي، نظريا وتاريخيا، يقوم على فكرة الاختلاف الذي تبلور في تعدد علوم التفسير والفلسفة وعلم الكلام والفقه والسياسة والرأي العام. كما يوضح أن مبدأي المعارضة والثورة كان لهما تبريرات دينية نظرية ترتكز على العديد من المبادئ السياسية والدينية.

ويعالج الفصل الثالث، الحقوق الشرعية وحقوق الإنسان في الإسلام وتقسيماتها، التي تشتمل على الحقوق العامة، وكذلك حقوق المرأة والعائلة والأقليات. ويعالج القسم الثاني من كل فصل كيف طور الإسلاميون المواضيع التي تم بحثها من خلال الفكر الإسلامي القديم والوسيط إلى تبني أو رفض الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان. وكذلك يظهر الاختلافات والتعددية في الخطابات الإسلامية للحركات الإسلامية في العصر الحديث ويحلل الرؤى المختلفة للتيارات الإسلامية المعتدلة والمتشددة,.

وهكذا فإن ما ينتج عن هذا الكتاب هو تطوير أولي للفكر الإسلامي في العصرين القديم والوسيط، وتوصيف مبدئي للفكر الإسلامي الحديث في قضايا الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وكذلك العلاقة بالديانتين الأخريين، المسيحية واليهودية.

جدليات الشورى والديمقراطية

د. عبد السلام طويل

  • رئيس وحدة بحثية بالرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، ورئيس تحرير مجلتها الإحياء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق