مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

توخي التقريب والتسهيل في تأليف مشارق الأنوار

             قال الشيخ الفقيه الحافظ الناقد القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى ورضي عنه:

         “ولما أجمع عزمي على أن أفرّغ له وقتا من نهاري وليلي وأقسم له حظا من تكاليفي و شغلي، رأيت ترتيب تلك الكلمات على حروف المعجم أيسر للناظر وأقرب للطالب، فإذا وقف قارئ كتاب منها على كلمة مشكلة أو لفظة مهملة فزع إلى الحرف الذي في أولها إن كان صحيحا، وإن كان من حروف الزوائد أو العلل تركه وطلب الصحيح، وإن أشكل وكان مهملا طلب صورته في سائر الأبواب التي تشبهه حتى يقع عليه هنالك. فبدأت بحرف الألف وختمت بالياء على ترتيب حروف المعجم عندنا، ورتبت ثاني الكلمة وثالثها من ذلك الحرف على ذلك الترتيب رغبة في التسهيل للراغب و التقريب، وبدأت في أول كل حرف بالألفاظ الواقعة في المتون المطابقة لبابه على الترتيب المضمون، فتولينا إتقان ضبطها بحيث لا يلحقها تصحيف يظلمها، ولا يبقى بها إهمال يبهمها. فإن كان الحرف مما اختلفت فيه الروايات نبهنا على ذلك وأشرنا إلى الأرجح والصواب هنالك، بحكم ما يوجد في حديث آخر رافع للاختلاف مزيح للإشكال مريح من حيرة الإبهام والإهمال، أو يكون هو المعروف في كلام العرب أو الأشهر أو الأليق بمساق الكلام والأظهر، أو نص من سبقنا من جهابذة العلماء وقدوة الأئمة على المخطئ والمصحف فيه، أوأدركناه بتحقيق النظر وكثرة البحث على ما نتلقاه من مناهجهم ونقتفيه. وترجمنا فصلا في كل حرف على ما وقع فيها من أسماء أماكن من الأرض وبلاد يشكل تقييدها ويقل متقن أساميها ومجيدها، ويقع فيها لكثير من الرواة تصحيف يسمج، ونبهنا معها على شرح أشباهها من ذلك الشرح ثم نعطف على ما وقع في المتون في ذلك الحرف بما وقع في الإسناد من النص على مشكل الأسماء والألقاب ومبهم الكنى والأنساب وربما وقع منه من جرى ذكره في المتن، فأضفناه إلى شكله من ذلك الفن. ولم نتتبع ما وقع من هذه الكتب من مشكل اسم من لم يجر في الكتاب كنيته أو نسبه وكنية من لم يذكر في الكتاب إلا اسمه أو لقبه إذ ذاك خارج عن غرض هذا التأليف، ورغبة السائل، وبحر عميق لا يكاد يخرج منه لساحل”.

 

مشارق الأنوار على صحاح الآثار في شرح غريب الحديث

الموطأ والبخاري و مسلم، للقاضي عياض.

 الطبعة الأولى 1423هـ – 2002م.

 دار الكتب العلمية، 1/15.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق