مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

تقـريـب السنـوسيـة عند علماء المغرب 1

 

ذة. نعيمة ملوكي

باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

شكلت العقيدة السنوسية مرحلة متميزة في تاريخ العقيدة الأشعرية تميزت بالدعوة إلى تجديد الفكر الأشعري وتطويره، ونبذ التقليد والتبعية في مسائل الاعتقاد.

وقد حظيت السنوسية بمختلف أحجامها عناية كبيرة عند العلماء المغاربة وطلبة العلم، وحازت مكانة عالية في قلوبهم، فعكفوا عليها بالحفظ والتحفيظ، ودأبت أقلامهم عليها بالنسخ والتقييد، والشرح والتعليق، وطغت على حلقات الدرس ومجالس العلم في الجوامع والمدارس العتيقة، وأصبحت معتمدا في أخذ الإجازات على قراءتها، فاحتلت السنوسية بذلك مركز الريادة العلمية في الفكر الأشعري منذ ظهورها.

وقبل الحديث عن سبب عناية المغاربة بهذه العقيدة، وجهودهم في تقريبها، لا بد من التعريف بصاحبها الإمام السنوسي، والظروف التاريخية التي ظهرت فيها هذه العقيدة.

التعريف بالإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي الحسني(ت895هـ)

هو محمد بن أبي يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب أبو عبد الله السنوسي الأصل  نسبة لقبيلة بالمغرب، التلمساني المولد، المالكي المذهب، الأشعري المعتقد، والشريف الحسني النسب، نسبة لسيدنا الحسن بن علي رضي الله عنه من جهة أم أبيه التلمساني. كان مولده بعد الثلاثين وثمانمائة  بتلمسان.

قال تلميذه الملالي: نشأ خيرا مباركا فاضلا صالحا في رعاية والده الشيخ المحقق أبي يعقوب يوسف السنوسي الذي يعتبر أول شيخ له، كما كان أخوه لأمه الشيخ الحسن أبركان يصطحبه إلى المجالس العلمية الراقية، فهذه العوامل العائلية المتميزة مع البيئة العلمية المزدهرة التي كانت في تلمسان هي التي يسرت للإمام السنوسي الانطلاق باكرا في مسيرة علمية حافلة بالتوفيق والسداد.

فكان آية في العلم والصلاح والهدى والزهد، إماما عالما من أئمة أهل السنة والجماعة، متبحرا في العلوم الشرعية والعقلية المعتبرة في عصره، وبلغ من الورع والزهد الغاية القصوى، تلقى العلم على مشاهير علماء عصره، وتخرج به العديد من العلماء. [كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، أحمد بابا التنبكتي، دار ابن حزم، ط1/2002م، ص446.]

قال تلميذه الملالي: “قد جمع الله تعالى للشيخ بين العلمين –علم الظاهر وعلم الباطن- على أكمل وجه … وقد زاد على الفقهاء في العلوم الظاهرة زيادة لا يمكن وصفها: وهو حل أقفال المشكلات وما يعرض من الشبه والدواهي المعضلات لا سيما علم التوحيد”.[شرح المقدمات للإمام السنوسي تحقيق نزار حمادي، مكتبة المعارف بيروت، ط1/2009م ص11].

شيوخه: أبو يعقوب يوسف بن عمر بن شعيب السنوسي والد الإمام السنوسي، والإمام نصر الزواوي التلمساني، والحسن بن مخلوف بن مسعود المزيلي الراشدي الشهير بـ: أبركان (ت857هـ)، حضر عنده كثيرا وانتفع ببركته، وأبو الحجاج يوسف بن أحمد بن محمد الشريف الحسني، (ت871هـ)، أخذ عنه القراءات، وعن العالم أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الحباك (ت868هـ) علم الأسطرلاب، وعن الإمام أبي عبد الله محمد بن العباس العبادي (ت871هـ)الأصول والمنطق، وعن الإمام محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشريف الشهير بالجلاب (ت875هـ) الفقه، وعن أبي الحسن علي بن محمد السنوسي الشهير بالتالوتي الأنصاري (ت895هـ) الرسالة، وعن الإمام الورع أبي القاسم الكنابشي البجائي إرشاد أبي المعالي والتوحيد، وعن الإمام الحجة أبي زيد عبد الرحمن الثعالبي(ت875هـ) الصحيحين وغيرهما من كتب الحديث، وعن الإمام العلامة إبراهيم بن محمد بن علي اللتني التازي (ت866هـ) ألبسه الخرقة وحدثه بها عن شيوخه، وعن العالم الأجل أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي الشهير بالقلصادي (ت891هـ) الفرائض والحساب وأجازه جميع ما يرويه، وغيرهم.

تلاميذه: ذكر تلميذه الملالي أن درس الإمام السنوسي كان يزخر بطلبة العلوم الذين وجدوا فيه ضالتهم، وذلك لما في درسه من البيان بالتلطف، وترقيق القلوب والصدق والإخلاص، ومن أبرز العلماء الذين تخرجوا على يده:

محمد بن عمر بن إبراهيم الملالي التلمساني(كان حيا عام 897هـ)، محمد بن أبي مدين (ت915هـ)، محمد بن محمد بن العباس التلمساني(كان حيا عام920هـ)، بلقاسم بن محمد الزواوي (ت922هـ)، محمد بن صعد التلمساني (ت901هـ)، أحمد بن محمد المعروف بابن الحاج البيدري التلمساني (ت930هـ)، محمد بن عبد الرحمن الحوضي (ت910هـ). 

توفي رضي الله عنه يوم الأحد بعد العصر، الثامن عشر من جمادى الآخرة من عام خمسة وتسعين بعد ثمان مائة، عن عمر ثلاث وستين سنة. [انظر الترجمة في نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التنبكتي، تحقيق الدكتور علي عمر، مكتبة الثقافة الدينية، ط1/2004،2/251]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق