مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكتراث

تقريب نظم ابن عاشرشذرات من شرح العلامة الشيخ أبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس على توحيد ابن عاشر:(1)

والمراد بطريقة الجنيد مذهبه في العمل على تخليص القلب من الرذائل القاطعة له عن الله تعالى الموجبة لبعده من حضرته، وتحليته بالفضائل المنورة للبصيرة المطهرة للسريرة الموجبة للقرب من الله تعالى ودخول حضرته، وذلك متوقف على معرفة حقائق الأمراض وأسبابها وكيفية علاجها، ولعلاج تلك الأمرض أسباب وطرق شتى كعلاج الأمراض الظاهرة؛ ﴿قد علم كل أناس مشربهم﴾[53]، ﴿تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل﴾[54].

وقد رجعت الطرق الى أربعة: شاذلية، وهي قسمان: زروقية وجزولية، وقادرية ورفاعية وغزالية، والمشهور منها في المغرب الشاذلية، واختار الناظم رحمه الله طريقة الجنيد مع أن شيوخ الطريق إلى الله الذين نفع الله بهم ووقع الفتح على أيديهم في كل قطر وعصر أكثر من أن يأتي عليهم الحصر، وقد ألف فيهم صاحب الحلية وغيره وذكروا منهم عددا كثيرا؛ لأن طريقة الجنيد كما قال جلال الدين المحلي خالٍ عن البدع، دائرٌ على التسليم والتفويض والتبري من النفس، وقد اشتهر وشاع وذاع على ألسنة العامة والخاصة أنه سيد الصوفية علما وعملا وقدوتهم وإمامهم في العلوم القلبية والأسرار العرفانية والفهوم الوهبية، وقد نقل أئمة الصوفية من كلامه في ذلك ما يبهر العقول ويدل على ماله من القدم الراسخة في طريق الوصول، وكان له رضي الله تعالى عنه في بدايته مجاهدات عظيمة ومكابدات شاقة لا يطيقها إلا أهل الطبائع الكريمة، على غاية من الجد والاجتهاد في طاعة الله تعالى إلى أن توفي، وقد ذكر سيدي ابن عباد عند قول الحكم: (لا يستحقر الورد إلا جهول)[55]، جملة صالحة من أحواله في ذلك فانظرها.

أخذ رضي الله عنه عن جماعة منهم الإمام أبو عبد الله الحارث ابن بن أسد المحاسي، وقد ألف كتابا سماه بالنصائح جمع فيه من معايب النفس وخدعها وغرورها وشرورها جملة شافية، وقد نقل الغزالي منه فصلا في كتابه، واعتمد فيه ذكره بلفظه ونص خطابه بعد أن أثنى عليه بم هو أهله، فقال: “والمحاسبي رحمه الله حبر الأمة في علم المعاملة، وله السبق على جميع الباحثين على عيوب النفس وآفات الأعمال وأغوار العبادات، وكلامه جدير بأن يُحكى على وجهه، ثم ذكره. قال سيدي أبو عبد الله: وقد كان أوحدُ زمانه علما وعبادة، ونخبةُ أوانه ورعا وزهادة سيدي الحاج أبو العباس بن عاشر رحمة الله عليه ورضوانه يكثر من التحريض على مطالعة ذلك الكتاب، والعمل بما تضمنه من حق وصواب، وأظنني أني سمعته ذات يوم يقول: لا يَعمل بما فيه إلا ولي، أو كلاما هذا معناه. ومنهم أبو عبد الله محمد بن علي القصاب، ومنهم الشيخ أبو الفيض ذو النون المصري، ومنهم خاله السيد السري السقطي، وكانوا أئمة القوم وساداتهم، والسري عمدة أشياخه، وأخد السري عن معروف الكرخي، وكان مولى علي بن موسى الرضى، عن داوود الطائي، عن حبيب العجمي، عن الحسن البصري، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قيل، ولم يثبت أن الحسن البصري أخد عن علي، وإن كان الذي صححه السيوطي أنه رآه ورأى جمعا كثيرا من الصحابة، وروى عن جماعة منهم، ومعتمده في هذا الشأن حذيفة بن اليمان كما نص عليه في القوت.

وقال الإمام أبو الحسن علي الحرالي: سلسلة الإمامة تنتهي من كل وجه من جهة المشايخ إلى أول الأئمة علي رضي الله عنه الذي هو أول المؤمنين، وطرق المشايخ ترجع عامتها إلى تاج العارفين أبي القاسم الجنيد رضي الله عنه، وبداية [أبي] القاسم أخذها عن خاله السري، وأما نهايته فقيل له عن من أخدت هذا العلم فقال: من جلوسي تحت هذه الدرجة بين يدي الله بالأدب ثلاثين سنة. انتهى. وأشار إلى درجة في داره.

ولما تأهل أبو القاسم الجنيد للكلام على الناس أمره شيخه بالكلام على الناس فاستحيى واستصغر نفسه أن يكون أهلا للوعظ والتذكير، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة وهو يقول له: تكلم على الناس، فأقبل على شيخه [43] يخبره بذلك، فقال الشيخ مكاشفا له: امتنعت حتى أُذنت، فلما جلس على الكرسي يتكلم على الناس تزيى كافر بزي  المسلمين وجاء إلى حلقته في جم غفير من المسلمين جاؤوا لمجلسه بقصد اختباره، فقال له: يا سيدي ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله)[56]، فقال له الجنيد: أسلم فقد حان إسلامك، فأسلم ولازمه وكان من جملة أصحابه[57].

وفي الإحياء عن بعضهم أنه قال: كنت قائما أصلي ذات يوم فخامر قلبي هوى طاولته بفكري حتى تولد منه شهوة الرجال، فوقعت إلى الأرض واسود جسدي كله واستترت في البيت، فلم أخرج ثلاثة أيام، وكنت أعالج غسله في الحمام بالصابون فلا يزداد إلا سوادا حتى انكشف بعد ثلاث، فلقيت الجنيد وكان وجَّه إلي يشخصني من الرقة فأتيته، فقال لي: أما استحييت من الله تعالى، كنت قائما بين يديه فسامرت نفسك بشهوة حتى استولت عليك وأخرجتك من بين يدي الله، فلولا أني دعوت الله عنك وتبت إليه عنك للقيت الله بذلك اللون، قال: فعجبت كيف علم ذلك وهو ببغداد. انتهى.

ومن أصحاب الجنيد أبو العباس ابن شريح، يحكى أنه اجتاز بمجلس الجنيد فسمع كلامه فقيل له: ما تقول في هذا، فقال: لا أدري ما أقول ولكن أرى لهذا الكلام صولة ليست بصولة مبطل، ثم صاحبه ولازمه. وكان إذا تكلم في الفروع والأصول أذهل العقول ويقول: هذا ببركة مجالسة أبي القاسم الجنيد.

ومن أصحابه الشيخ أبو طالب المكي صاحب كتاب القوت، ومنهم الإمام أبو محمد الحريري، كان الجنيد يحبه ويثني عليه، ولما مات الجنيد أقعده أصحابه في مكانه، وكان من كبار العلماء ومن رؤساء أهل المعرفة، وكان يقول: من استولت عليه النفس صار أسيرا في حكم الشهوات، محصورا في سجن الهوى، وحرم الله على قلبه الفوائد، فلا يستلذ بكلام الحق ولا يستحليه، وإن كثر تردده على لسانه لقوله تعالى: ﴿سأصرف عن آياتي﴾[58] الآية. ومنهم الحسين بن منصور الحلاج.

ويحكى عن الجنيد رضي الله عنه أنه قال: كنت بين يدي السري وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعة يتكلمون في الشكر، فقال لي: يا غلام ما الشكر، فقلت: أن لا تعصي الله بنعمه، فقال: يوشك أن يكون حظك من الله لسانك، فلا أزال أبكي على هذه الكلمة. انتهى. وقد تقدم بيان معنى هذا الكلام منقولا عن شرح الحصن الحصين.

ومن كلام الجنيد أيضا: الطريق إلى الله تعالى مسدود على خلقه إلا على المتقين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لم يقتد به في هذا الأمر؛ لأن طريقنا مقيد بالكتاب والسنة[59]. وقال: إني لتخطر ببالي النكتة فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين من الكتاب والسنة. وقال رضي الله عنه: رأيت في المنام أني أتكلم على الناس فوقف علي [ملك][60] فقال: ما أقرب ما يتقرب به المتقربون إلى الله تعالى، فقلت: عمل خفي بميزان وفيّ، فولَّى وهو يقول كلام موفق والله. وقال: لو علمت تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم الذي نتكلم فيه مع أصحابنا و إخواننا لسعيت إليه ولقصدته، وأنشد:

وكل فضيلة فيها سنـــــاء               فإن العلم من هاتيك أسنى

فلا تعتد غير العلم ذخرا               فإن العلم كنز ليس يفــــنى[61]

وقال أيضا: الصوفي كالأرض يطرح عليها كل قبيح ولا يخرج منها إلا كل مليح، وكالسحاب يظل كل شيء، وكالمطر يسقي كل شيء. وقال: من عرف الله أطاعه، ومن عرف نفسه أساء الظن بها، وخاف على حسناته أن لا تُقبل منه أشد مما يخاف على سيئاته. وقيل له: ما الفرق بين المريد والمراد، فقال: المريد تتولاه سياسة العلم، والمراد تتولاه رعاية الحق، المريد يسير، والمراد يطير، فمتى يلحق السائر الطائر. وقد نقل سيدي ابن عباد[62] عند قول الحكم: “ليقلَّ ما تفرح به يقلَّ ما تحزن عليه”[63]، كلامَ الجنيد في الزهد وهو في غاية الحسن. وقد حمل إليه رجل من خرسان دراهم كثيرة وثيابا كثيرة فقال له الجنيد: اجعل بعضه للفقراء أذكرهم لك، فقال الخرساني: أنا أعرف الفقراء، فقال الجنيد: أنا أؤمل أن أعيش حتى آكل هذا، فقال: إني لم أقل لك يا أبا القاسم أنفقه في الخل والبقل والجبن، إنما أريد أن تنفقه في الطيبات من الرزق وألوان الحلاوات، فكلما كان أسرع كان أحب إلي، فتبسم الجنيد وقال: مثلك لا يحل أن يرد عليه، وقبل منه، فقال الخرساني: ما أعلم أحدا ببغداد أعظم منة علي منك، فقال الجنيد: لا ينبغي لأحد أن  يرتفق إلا من كان مثلك.

قال جلال الدين المحلي: ولا التفات إلى من رماه في جملة من الصوفية بالزندقة عند الخليفة السلطان حتى أمر بضرب أعناقهم فأمسكوا، إلا الجنيد فإنه تستر بالفقه، وكان يفتي على مذهب أبي ثور شيخه، وبسط لهم النطع، فتقدم من آخرهم أبو الحسين النوري للسياف فقال له: لِمَ تقدمت؟ فقال أُوثِر أصحابي بحياة ساعة فبُهت، وأنهى الخبر إلى الخليفة، فردهم إلى القاضي، فسأل النوري عن مسائل فقهية فأجابه عنها، ثم قال: وبعدُ، فإن لله عبادا إذا قاموا قاموا بالله، وإذا نطقوا نطقوا بالله إلى آخر كلامه، فبكى القاضي، وأرسل يقول للخليفة: إن كان هؤلاء زنادقة فما على وجه الأرض مسلم، فخلا سبيلهم[64]. انتهى.

وهو أبو القاسم بن محمد القواريري، كان والده يبيع الزجاج فلذلك يقال له القواريري، مولده ومنشأه بالعراق، توفي رضي الله عنه سنة سبع وتسعين ومائتين، وقبره ظاهر ببغداد في الشونيزية يزوره الخاص والعام، وأصله من نهاوند، مثلث النون الأولى مفتوح الهاء بعدها ألف ثم نون ساكنة ثم دال مهملة. قال في القاموس: بلد من بلاد الجبل جنوبي همذان.

و“السالك”؛ قال الشيخ زروق: هو المتوجه لطلب الحق على سبيل التدريب والتهذيب. انتهى. وقد يكون شروق أنوار الولاية على العبد من طريق الجذبة المشار إليها بقوله: ﴿الله يجتبي إليه من يشاء﴾[65]، ويسمى مجذوبا ومحبوبا، والسلوك والجذب متلازمان، ولكن يوصف كل واحد بالوصف الغالب عليه، فالمحبوب كما قيل:

يبادى بالأمور قبل الطلب             يقطع فيواصل ويأبى فيراسل

إذا مرضتم أتيناكم نعودكم          وتذنبون فنأتيكم ونعــــــــــتذر

قال سيدي عبد الله العثماني: المجذوب هو الذي سقاه خالقه كأس شراب محبته، سدل الحجاب فيما بينه وبين الكون، واستخلصه لنفسه، وأفناه عن دائرة حسه، وصان سره عن الاستيناس بجنسه، هذا المجذوب لما كان مطلوبا من الحق تعالى وتقدس، مأخوذا إلى حضرته، لو طلب الحجاب ما أُعطيَه، بخلاف الأول فإنه يطلب الوصال ورفع الحجاب وإن كان في الحقيقة كل واحد منهما مطلوبا لما خُص به، فلو كُلف المحبوبُ عبادة المحب لم يستطع ذلك، ولو كلف المحب محبة المحبوب لم يستطع ذلك، بل كل واحد منهما مطلوب لما  خص به في قسمة الأزلية، ولهذا قال الشيخ ابن عطاء الله رضي الله عنه: “قوم أقامهم الحق لخدمته، وقوم اختصهم بمحبته”، ﴿كلا نمد﴾[66]، الآية. انتهـى. وليس معنى الجذب خاصا بفاقد الحس والتمييز كما يفهمه كثير ممن لا علم عنده، فاعرف ذلك.

 

شرح العلامة الشيخ أبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس على توحيد ابن عاشر، ص: 34 وما يليها، مطبوع حجري رقم: 576، خزانة القرويين بفاس.

 

الهوامش:


[1]– سورة الفاتحة، الآية: 5.

[2]– أخرجه ابن حبان في صحيحه، باب ذكر ما يستحب للمرء سؤال الباري جل وعلا، رقم: 974. وأخرجه البيهقي في الدعوات الكبير، باب جامع ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم ويأمر أن يدعى به، رقم: 265.

[3]– ذكره الشيخ أبو العباس أحمد ابن عجيبة الحسني (ت: 1224ه) في “البحر المديد” ولم ينسبه لأحد، 1/ 393، عند تفسير الآية: 160 من سورة آل عمران: “إن ينصركم الله فلاغالب لكم”. تحقيق: عمر أحمد الراوي، ط: 2، 1426ه-2005م، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان.

[4]– القائل هو أبو فراس الحمداني، أنظر “ديوان أبي فراس الحمداني”، ص: 252، تحقيق: خليل الدويهي، ط: 2، 1414ه-1994م، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

[5]– السماك بكسر السين فقط كما في القاموس وهو نجم.

[6]– إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ص: 103.

[7]– إيقاظ الهمم في شرح الحكم، ص: 101.

[8]– زيادة مقتبسة من الدر الثمين والمورد المعين لتمام المعنى.

[9]– الدر الثمين، ص: 19.

[10]– أي العلامة سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي.

[11]– ما أورده المؤلف من النقل عن صاحب شرح الحصن لم نقف عليه في النسخة المطبوعة من تحفة المخلصين التي بين أيدينا، ولعل النقل هنا بالمعنى، وعبارة صاحب تحفة المخلصين كالآتي: “المجيد: الجميل أفعاله، وقيل: الكثير أفضاله، وقيل: لا يشارك فيما له من أوصاف المدح…”. 1/ 385.

[12]– أنظر “المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى” للإمام الغزالي، ص: 110، دراسة وتحقيق: محمد عثمان الخشت، مكتبة القرآن- القاهـرة.

[13]– أنظر حاشية العلامة محمد الطالب بن سيدي حمدون بن الحاج على شرح مياره لمتن ابن عاشر، 1/ 16.

[14]– أوردهما عياض في المدارك فقال: “وذكر الخطيب، أن ابن مجاهد كان ينشد لبعضهم:

أيها المغتدي ليطلب علمـــــــــــــــــــاً … كل علم عبد لعلم الكلام

تطلب الفقه كي تصحح حكـماً … ثم أغفلت منزل الأحــكام”. تريب المدارك، 3/ 231.

[15]– أنظر “رد المحتار على الدر المختار” لابن عابدين الدمشقي الحنفي (ت: 1252هـ)، 1/ 39، ط: 2، 1412هـ-1992م، دار الفكر-بيروت.

[16]– أنظر فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي، 2/ 102.

[17]– الدر الثمين لميارة، ص: 20.

[18]– في الأصل: الدب.

[19]– أنظر إكمال إكمال المعلم للأبي، 1/ 51.

[20]– أخرجه الترمذي في سننه، كتاب الإيمان، ما جاء في افتراق هذه الأمة، رقم الحديث: 2640، مع اختلاف بسيط ذكره الاسفرائيني في كتابه “الفرق بين الفرق”، ص: 10 وما يليها، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا- بيروت، 1424هـ-2004م. وأخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب شرح السنة، رقم: 4596، بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة).

[21]– هو الشيخ الإمام الحافظ العالم العلامة المسند أبو العباس أحمد بن علي بن عبدالرحمن المنجور الفاسي المولد والدار، ولد بها سنة (926هـ)، وأخذ العلم عن جملة من أكابر الشيوخ منهم اليَسِّيتني، وهو عمدته، وأبو زيد سُقَيْن العاصمي، وأبو الحسن ابن هارون، وعبدالواحد الونشريسي، والزَّقاق، وغيرهم، كما انتفع به كثير من الفقهاء الأعلام، منهم قاضي الجماعة أبو عبدالله الرجراجي، والقاضي إبراهيم الشاوي، وقاضي الجماعة بفاس ابن النعيم، وابن القاضي صاحب درة الحجال وجذوة الاقتباس، لازمه طويلا، وغيرهم. حلّاه محمد بن جعفر الكتاني (ت: 1345هـ) في سلوة الأنفاس بقوله: “الشيخ الإمام، عالم الأعلام، ومفتي الأنام، محيي الدين والسنة، ونجم الأمة، الفقيه المعقولي، المحدث الأصولي”. كانت وفاته منتصف ذي القعدة ليلة الإثنين سنة (995هـ)، ودفن خارج باب الفتوح بفاس متصلا بقبر شيخه اليسيتني رحمهما الله جميعا. أنظر: درة الحجال لابن القاضي، (1/156-163)، جذوة الاقتباس له أيضا (1/135-136)، نيل الابتهاج لأحمد بابا التنبكتي، (143-144) الاستقصا للناصري، (5/191)، فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني، (2/ 566-567)، طبقات الحضيكي، (1 /32-34)، سلوة الأنفاس، (3/77-79).

[22]– أنظر “الحاشية الكُبرى على شرح كُبرى السنوسي” للإمام المنجور، ص: 45، دراسة وتحقيق: د/نور الدين عجرود، الدار البيضاء، المغرب. تاريخ الإصدار: 1433هـ- 2012م..

[23]– أنظر “كتاب المواقف” لعضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي(ت: 756ه)، 3/ 649 وما بعدها، تحقيق : د.عبد الرحمن عميرة، ط: 1، 1997م، دار الجيل – بيروت..

[24]– هو عبد الله بن علي بن عبد الله اللخمي الأندلسي، أبو محمد، المعروف بالرشاطي: عالم بالأنساب والحديث، من أهل أوريولة، سكن المرية، وتعلم بها. من مؤلفاته: “اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار”، و”الإعلام بما في كتاب المؤتلف والمختلف للدّارقطنيّ من الأوهام” في الحديث، وغيرهما. استشهد بالمرية سنة: (542ه) عند تغلب الروم عليها. والرشاطي: بضم الراء وفتح الشین المعجمة، وبعد الألف طاء مهملة مكسورة، ثم یاء مثناة من تحتها. سير أعلام النبلاء، 20/ 258، رقم: 175. ووفيات الأعيان لابن خلكان 3/ 106، رقم: 352.

[25]– سورة الصافات، الآية: 173.

[26]– “أزهار الرياض في أخبار عياض” للمقري، 3/ 305. أعيد طبعه تحت إشراف اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، مطبعة فضالة المحمدية المغرب.

[27]– أنظر الدر الثمين للشيخ ميارة، ص: 104.              

[28]– سورة البقرة، الآية: 43.              

[29]– سورة الإسراء، الآية: 32.

[30]– أي مطلق الأمر للوجوب حقيقة.

[31]– مطلق النهي للحرمة حقيقة.

[32]– أنظر الدر الثمين للشيخ ميارة، ص: 20.              

[33]– رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم.

[34]– رواه أبو نعيم في الحلية، داود بن أبي هند، رقم الحديث: 3375.

[35]– أورده الدارقطني في كتابه العلل الواردة في الأحاديث النبوية، حديث رقم: 1251، بلفظ: “لا تَزال طائِفَة من أُمَّتي ظاهِرين على الحَق حَتَّى يَأتي أَمر الله”. 3/ 312، تحقيق: محمد صالح الدباسي، ط: 3، 1432هـ-2011م، مؤسسة الريان- بيروت.

[36]–  هو الإمام أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري الهروي المالكي المحدث. (ت: 434 هـ).

[37]– أنظر مستخرج أبي عوانة، باب بيان الخبر الدال على أن أهل الحجاز لا يزالون على الحق حتى تقوم الساعة، وأن قريشا وأهل المغرب يكونون ظاهرين على أهل المشرق والعجم، رقم الحديث: 7511. وأنظر كذلك المُفهم لما أَشكل من كتاب تلخيص مسلم، لأبي العباس القرطبي(ت: 656ه)، 3/ 763، تحقيق: محي الدين ديب مستو، أحمد محمد السيد، يوسف علي بديوي، ومحمود إبراهيم بزال، ط: 1، 1417ه-1996م، دار ابن كثير/ دمشق-بيروت، دار الكلم الطيب/ دمشق-بيروت.

[38]– هو الإمام العلامة أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الأندلسي الطرطوشي الفقيه شيخ المالكية، وعالم الإسكندرية وطرطوشة بالإندلس، توفي سنة 520ه. له كتاب سراج الملوك في سلوك الملوك.

[39]– التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي لأبي يعقوب يوسف بن يحيى التادلي المعروف بابن الزيات، ص: 31-32، تحقيق: أحمد التوفيق، ط: 2، 1997م، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط سلسلة بحوث ودراسات وقم: 22. مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء. وأنظر كذلك المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 3/ 764.

[40]– رواه الترمذي في سننه، كتاب العلم، باب ما جاء في عالم المدينة، رقم الحديث: 2680، مع اختلاف بسيط أورده القاضي عياض في ترتيب المدارك، 1/ 63، تحقيق الدكتور علي عمر، ط: 1، 1430هـ-2009م، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة. وأخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب العلم، رقم: 307، وقال:(هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه).

[41]– أورده القاضي عياض في المدارك، 1/ 67.

[42]– أحدهما في كتاب المغازي في باب: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني في باب: ما يحل من النساء.

[43]– أورده القاضي عياض في المدارك، 1/ 143.

[44]– أورده القاضي عياض في المدارك،1/ 69.

[45]– أنظر ترتيب المدارك، 1/ 73. قال العلامة اليوسي: “ويُذكر أن العلم الذي كان يختلف فيه مالك إلى ابن هرمز هو علم أصول الدين، وما تُرَد به شُبه أهل الأهواء”، أنظر “حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي” لأبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي(ت: 1102ه)، 1/ 258، تحقيق: د/ حميد حماني اليوسي، ط: 1، 2008، مطبعة دار الفرقان، للنشر الحديث، الدار البيضاء. وإنما لم يبثه الإمام مالك لأحد؛ لأنه لم يطلبه منه من يفهمه على وجهه، وقد كان الجنيد إذا أراد أن يتكلم في توحيد الخواص أغلق الباب؛ لئلا يدخل من لا ذوق له في العلوم الوهبية، فيسمع ما لا يفهمه، ويحمله على غير المراد فيضل، وقد قال  النبي صلى الله عليه وسلم: (حدثوا الناس بما يفهمون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله).

[46]– أنظر مواهب الجليل، 1/42.

[47]– ترتيب المدارك، 1/. 205.

[48]– ترتيب المدارك، 1/. 206.

[49]– كذا في الأصل ولعل المقصود: حليف.

[50]– لعله: تابعي كما يدل عليه السياق.

[51]– أورد المؤلف هذه الأبيات في شرح توحيد الرسالة، 1/295.

[52]– أوردهما القاضي عياض في المدارك منسوبة لأبي المعافى أو ابن أبي المعافى، 2/ 161.

[53]– سورة البقرة، الآية: 60. 

[54]– سورة الرعد، الآية: 4.

[55]– إيقاظ الهمم فى شرح الحكم، ص: 262.

[56]– جزء من حديث رواه الترمذي في  سننه، أبواب تفسير القرآن،  باب ومن سورة الحجر، رقم الحديث: 3127.

[57]– الرسالة القشيرية، 2/ 175.

[58]– سورة الأعراف، الآية: 146.

[59]– أنظر “صفة الصفوة”، لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)، 1/ 519، تحقيق: أحمد بن علي، دار الحديث، القاهرة، مصر، 1421هـ-2000م.

[60]–  في الأصل: مالك.

[61]– البيتان عزاهما أبو شامة لأبي القاسم الزمخشري، أنظر خطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأول، لأبي القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي المعروف بأبي شامة (المتوفى: 665هـ)، ص: 53، الطبعة: الأولى، 1424هـ-2003م، الناشر: أضواء السلف.

[62]– أنظر غيث المواهب العلية؟.

[63]– إيقاظ الهمم فى شرح الحكم، ص: 449.

[64]– أنظر الطبقات الكبرى للشعراني، 1/  154.

[65] – سورة الشورى، الآية: 13.

[66] – سورة الإسراء، الآية: 20.

 

الصفحة السابقة 1 2 3 4

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

الدكتور عبد الله معصر

• رئيس مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق