مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

تقريب مفهوم التعلق

2- الصفات الإلهية، معناها وأقسامها:

الصفات جمع صفة، والصفة في اصطلاح الشريف الجرجاني هي: “الاسم الدال على بعض أحوال الذات، وذلك نحو طويل وقصير وعاقل وأحمق، وغيرها”. أو “هي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يعرف بها”[17].

ومعنى صفات الله سبحانه جملة الصفات الثابتة له سبحانه وتعالى مما يفيد معاني الكمال والجمال والجلال على سبيل الإطلاق[18]، وتأسيسا على تقريرات العلماء لأقسام الحكم العقلي المشار إليها أعلاه، ميزوا في الصفات الإلهية بين ثلاثة أقسام كبرى، وهي:

الصفات الواجبة: وهي ما يجب في حقه تعالى، بمعنى أن وصفه تعالى به واجب عقلاً بحيث لا يتصور في العقل عدمه.

– والصفات المستحيلة: وهي ما يستحيل عليه تعالى من الأوصاف المنافية لكماله وجلاله، بمعنى أن وصفه تعالى به محال عقلاً ولا يتصور في العقل وجوده.

– ثم الصفات الجائزة: ومعناها أن وصفه تعالى بها جائز عقلاً، أي أن العقل يجوز أن يوصف تعالى بها، مثلما يجوز عدم الوصف، بحيث لا يلزم على كل منهما محال، ومناط الجواز فعل الممكنات وتركها.

وتعتبر الصفات الواجبة أساس مبحث الإلهيات في النظر الأشعري، وعليها تنبني سائر قضاياه، وقد نص العلماء على اشتمالها على عشرين صفة تنتظم في  أقسام أربعة أمهات[19] وهي:

الصفة النفسية: وهي “ما يعبر به عن نفس الذات العلية وهو الوجود[20]. والمراد بالصفة النفسية: “الحال التي لا يُعقل تقرّرُ الشيء في الخارج بدونها من غير أن تكون معللة بعلة سواء كانت قديمة كالوجود لمولانا وصفات ذاته، أو حادثة كالتحيز للجرم واللونية للسواد”[21]. فالصفة النفسية صفة ثبوتية يدل الوصف بها على نفس الذات، دون معنى زائد عليها، بحيث لا تتعقل الذات إلا بوجودها.

الصفات السلبية: وحاصلها كل صفة دالة على سلب نقص مستحيل على الباري تعالى. وهي القدم، والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس والوحدانية[22]. وسميت كذلك لأنها “سلبت معنى لا يليق به تعالى بأن يكون مفهومها عدميا، وهو عدم ذلك المعنى كالقدم فإنه سالب للحدوث، وكذا البقاء، والغنى المطلق، والمخالفة للحوادث، والوحدانية”[23].

صفات المعاني[24]: “وهي عبارة عن الصفات الوجودية القائمة بالذات العلية”[25]، وتنتظم في سبع صفات كبرى هي: القدرة، والإرادة، والعلم، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام. أما صفة الإدراك فقد وقع الاختلاف فيها بين العلماء مابين مثبت وناف وقائل بالوقف[26].

الصفات المعنوية[27]: “وهي صفات الذات اللازمة لصفات المعاني، وهي كونه تعالى قادرا، ومريدا، وعالما، وحيا، وسميعا، وبصيرا ومتكلما”[28]. وهي ملازمة لصفات المعاني مترتبة على ثبوتها؛ إذ بين صفات المعاني والصفات المعنوية تلازم، فالمعنوية عبارة عن حال تثبت للذات معللة بمعنى قائم بالذات، والمعاني عبارة عن كل صفة قائمة بموصوف موجبة له حكما[29].

أما صفات الأفعال فمن العلماء من اعتبرها خامس الأقسام، قال الإمام السنوسي: “وزاد بعضهم قسما خامسا وهي صفات الأفعال، وهي عبارة عن التعلق التنجيزي للقدرة والإرادة بالممكنات، كخلقه تعالى، ورزقه، وإماتته، وإحيائه، وتحريكه وتسكينه. وإن شئت قلت: هي عبارة عن صدور الممكنات عن القدرة والإرادة. وهي تنقسم إلى قسمين: صفة فعلية وجودية (…)، وصفة فعلية سلبية كعفوه تعالى على من شاء من أهل المعاصي، فإنه عبارة عن ترك العقوبة لمن يستحقها، ولا شك أن هذا الترك متأخر عن المعصية الحادثة، وهو فعل بناء على أن الترك فعل، أو سلب فعل العقوبة لمن يستحقها بناء على أنه ليس بفعل”[30].

ومن العلماء من أضاف قسما سادسا وهو الصفات الجامعة كالألوهية والكبرياء والعظمة[31].

الصفحة السابقة 1 2 3الصفحة التالية

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق