وحدة الإحياءدراسات محكمة

تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة محمد الأمين الشنقيطي من خلال تفسيره “أضواء البيان”

كنت قد رافقت التفسير الفريد في بابه، الشامخ بمقاصده، الزاخر بمعانيه، الممتع باتساقه وجماله، “أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن” حقبة من الزمن، قرأته بما سنحت به مدة إعداد بحث لدبلوم الدراسات العليا المعمقة حول؛ الترجيح عند الإمام الشنقيطي، تفسير في غاية الإبداع والدقة المنهجية، ترتبط فيه الآيات ربطا يولد فيضا من الدلالات والمعاني السامقة، وهو ما لا يمكن إلا أن يكون ثمرة لفتح وإمداد ورباني، بتنوير القلب للمعرفة، وشحذ الجسد للمثابرة على التأمل والمذاكرة، فلله ذر علم الشناقطة في التفسير، وزعيم محرري التعارض بين آيات التنزيل، صاحب الأضواء البينة والبيان المضيء.

وإلى جانب الأضواء هناك بعض المصادر التفسيرية التي التزمت بمنهج تفسير القرآن بالقرآن مثل: “تفسير الكتاب بالكتاب” لعبد الرحيم عنبر الطهطاوي (ت1365ﻫ)، و”نظام القرآن: تأويل الفرقان بالفرقان” للمعلم عبد الحميد الفراهي (1349ﻫ)، و”التفسير القرآني للقرآن” لعبد الكريم محمود الخطيب (1406ﻫ).

كما مارس المفسرون قبل الشنقيطي عملية تفسير القرآن بالقرآن بدءًا بتفاسيرهم المصنفة بحسب ترتيب المصحف؛ كالطبري في “جامع البيان في تأويل القرآن”، وابن كثير في “تفسير القرآن العظيم”، والقرطبي في “الجامع لأحكام القرآن” وغيرهم، ذلك أن هذا المنهج لازم لكل متأمل في كتاب الله عز وجل.

وقد تفرق كذلك تفسير القرآن بالقرآن، كما ذكر الدكتور محمد قجوي، في كتب الوجوه والنظائر[1] وكتب المبهمات[2]، وكتب المتشابه[3]، وتأويل المشكل[4]، وكتب علم المناسبة[5]، وكتب توجيه القراءات[6].

ومن تجليات تفسير القرآن بالقرآن كذلك الدراسات المصطلحية[7]، ومصنفات التفسير الموضوعي[8]، كما أن هناك العديد من قواعد التفسير التي تفرض تفسير القرآن بالقرآن كقاعدة: “التفسير بالمعهود من الاستعمال القرآني” وغيرها كثير…

أولا: تفسير القرآن بالقرآن: قضايا وإشكالات

1. هل يخطئ مفسر القرآن بالقرآن؟

من منظور الوحدة البنائية للنص القرآني تنبثق ضرورة النظر في الآيات بمنهج التكامل والربط بين الجزئي والكلي، والعام والخاص، والمجمل والمبين، والمطلق والمقيد، ولأن عناصر العملية التفسيرية المحورية هي المصدر والذات المفسرة؛ فالمصدر في عملية تفسير القرآن بالقرآن هو القرآن نفسه؛ وهو لا يحتاج إلى إثبات أو توثيق الإسناد، وأعلى درجات هذا التفسير هو تفسير النبي، صلى الله عليه وسلم، لأنه تفسير للقرآن بالقرآن والسنة معا.

وتتجلى قوة تفسير القرآن بالقرآن في أن كلا النصين المفسر والمفسَر ينتميان إلى نفس المستوى اللغوي والمعرفي، على خلاف التفسير بنص آخر؛ كالتفسير بقول الصحابي أو التابعي أو أي مجتهد من المجتهدين.

 أما العنصر الثاني في العملية التفسيرية؛ أي الذات المفسرة، فهو سبب إضفاء صبغة الظنية على هذا التفسير؛ لأنها تحاول من خلال الآليات المعرفية والمنهجية المتاحة لها ومن خلال السياق التاريخي “الزمني والمكاني” ربط الآيات القرآنية ببعضها، ولا يمكن للمفسر الخروج من هذا السياق أو عدم الرضوخ لهذه الآليات، هذا في أحسن الأحوال عندما يترفع المفسر عن استصحاب المذهبيات والإيديولوجيات السائدة في عصره.

ذلك أن من أسباب الخطأ في تفسير القرآن بالقرآن الغفلة عن المفسر، بفتح السين مع الشدة، من القرآن؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا﴾ (يوسف: 24)؛ حيث ذهب بعض المفسرين مذاهب لا تليق بمقام الأنبياء في هذا الشأن، في غفلة عن آيات محكمة أخرى كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾ (يوسف: 24)، وقوله: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ (يوسف: 32)، وهذا العنصر داخل في عامل ضعف الآليات المعرفية والمنهجية للمفسر التي أشرنا إليها.

وقد يصل الخطأ في منهج تفسير القرآن بالقرآن، كما في سائر المناهج، إلى درجة الانحراف، نجد ذلك مفصلا في كتاب: “تفسير القرآن بالقرآن: تأصيل وتقويم”[9]، الذي جمع مادته من تفاسير الاتجاه الاعتزالي والرافضي والخارجي وغيرها من الاتجاهات التي جانبت الصواب في منهج التأويل، مما يعني أن المعول عليه في قوة التفسير ومصداقيته ليس المصدر المعتمد فقط، بل أيضا الذات المفسرة عامل محوري في حجية التفسير؛ فإذا توفرت في المفسر الشروط والضوابط المطلوبة اكتسى تفسيره الحجية والمصداقية، كما تسقط هذه الأخيرة في حال وقع في التعسف المنهجي وإن استند إلى القرآن نفسه.

لذلك فتفسير القرآن بالقرآن يتراوح بين الوضوح والخفاء والانحراف، ولا يجب أن نخلط بينه وبين “تفسير القرآن للقرآن” الذي لا تتدخل فيه الذات المفسرة؛ كما في قوله تعالى: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ (الإخلاص: 2) المفسرة بقوله: ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ (الإخلاص: 3)، أو كما في قوله عز وجل: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ (المعارج: 19) المفسر بقوله: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ (المعارج: 20-21).

2. قضية الترادف[10] وتفسير القرآن بالقرآن

تعتبر قضية الترادف في القرآن الكريم من الإشكالات اللغوية التي تم إسقاطها على نص الوحي دون مراعاة خصوصية لغة القرآن وبنائيته المتميزة، وعلاقته بالكون، وهيمنته على الظواهر اللغوية وتجاوزه لنقائصها.

والترادف بمعنى التطابق الدلالي فكرة لغوية غير واقعية استنفذت طاقة الكثير من العلماء للتدليل عليها إثباتا أو التدليل على نفيها إنكارا، لما لها من أثر كبير في تفسير القرآن، بل إن إقرار الفكرة على مستوى المفردة القرآنية ضربة قوية للإعجاز في نظم القرآن الذي قام عليه الدرس البلاغي، ولعلم الأشباه والنظائر… ولا معنى للحديث عن الدراسات المصطلحية ولا نظرية الترتيل مادمنا نقول بالترادف في المفردة القرآنية، كما أن في هذا القول طمسا لأحد أهم أنواع الإعجاز المتعلق بنظم القرآن وبنائيته المتفردة، الذي فصل أسسه ومعالمه عبد القاهر الجرجاني، والذي دافع عنه وتبناه عدد كبير من اللغويين والبلاغيين.

وقد انطلقنا مما قرره علماء البيان من أن النص القرآني بألفاظه وحروفه وحركاته ونبراته لا يمكن أن يقوم شيء من ذلك مقام غيره مطلقا، وإلا اختل ذلك النظم وتبعثر الترتيب وانصرمت خيوط الترتيل.

وفي قضية تفسير القرآن بالقرآن نلاحظ أن بعض المفسرين بالغوا في القول بالترادف، ولم ينتبهوا أحيانا إلى الفروق الدقيقة في اللغة القرآنية؛ ففسروا المفردات القرآنية بمفردات قرآنية أخرى قد تكون قريبة منها، لكن فريقا آخر كان على وعي تام بالفروق الدلالية الدقيقة بين المفردات كالطاهر بن عاشور والإمام الشعراوي وغيرهم وفيما يأتي نماذج عن ذلك.

قال الطاهر بن عاشور في تفسير قوله تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ (المؤمنون: 73): “عن ابن الأعرابي التفرقة بينهما؛ بأن الخرج الإتاوة على الذوات، والخراج الإتاوة على الأرضين، وقيل: الخرج ما تبرع به المعطي، والخراج: ما لزمه أداؤه…وهذا الذي ينبغي التعويل عليه; لأن الأصل في اللغة عدم الترادف[11].

كما فرق بين الرأفة والرحمة؛ “كصفتين مشبهتين مشتقة أولاهما من الرأفة والثانية من الرحمة، والرأفة مفسرة بالرحمة في إطلاق كلام الجمهور من أهل اللغة، وعليه درج الزجاج وخص المحققون من أهل اللغة الرأفة بمعنى رحمة خاصة، فقال أبو عمرو بن العلاء الرأفة أكثر من الرحمة أي أقوى، أي هي رحمة قوية، وهو معنى قول الجوهري الرأفة أشد الرحمة، وقال في “المجمل” الرأفة أخص من الرحمة ولا تكاد تقع في الكراهية والرحمة تقع في الكراهية للمصلحة، فاستخلص القفال من ذلك أن قال: الفرق بين الرأفة والرحمة أن الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضر كقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ (النور: 2) وأما الرحمة فاسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ويدخل فيه الإفضال والإنعام[12].

أي أن بين الرأفة والرحمة عموما وخصوصا مطلقا، وأيا ما كان معنى الرأفة فالجمع بين رءوف ورحيم في الآية يفيد توكيد مدلول أحدهما بمدلول الآخر بالمساواة أو بالزيادة، وأما على اعتبار تفسير المحققين لمعنى الرأفة والرحمة؛ فالجمع بين الوصفين لإفادة أنه تعالى يرحم الرحمة القوية لمستحقها ويرحم مطلق الرحمة من دون ذلك”[13].

ومن المفسرين المعاصرين الذين أكثروا الالتفات إلى مثل هذه المفردات الإمام الشعراوي، من ذلك تفريقه بين العداوة والبغضاء، فالأولى تعني: “انفصال متلاحمين حدثت بينهما عداوة وبغضاء، والثانية هي انفعال القلب بشيء مكروه، كأن البغضاء توجد في الصدور بعد حصول العدوان، وكأن العداوة تكون هي المنطقة الوسط التي باعدت بين هذين الشخصين بعد أن استسلما لنزغ الشيطان، وهذان الاثنان كان يجمعهما من قبل الصفاء والمودة والحب والأخوة الإيمانية”[14].

وقال في الفرق بين النور والضياء: “نلاحظ هنا دقة التعبير القرآني في قوله تعالى: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾ (البقرة: 16) ولم يقل ذهب الله بضوئهم، مع أنهم أوقدوا النار ليحصلوا على الضوء، فما هو الفرق بين الضوء والنور؟ إذا قرأنا قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ (يونس: 5) نجد أن الضوء أقوى من النور، والضوء لا يأتي إلا من إشعاع ذاتي، فلو أن الحق، تبارك وتعالى، قال ذهب الله بضوئهم، لكان المعنى أنه سبحانه ذهب بما يعكس النور، وأبقى لهم النور… ولكن قوله تعالى:  ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾… معناها أنه لم يبق لهم ضوءا ولا نورا”[15].

لقد تفطن أغلب المفسرين إلى قضية التفريق بين المتشابه من المفردات القرآنية فأبرزوا الفروق بدقة، ولم يتساهل في تفسير المفردات ببعضها إلا القليل منهم، والمصدر الأساسي لتذوق هذا الإعجاز البنائي في تفسير القرآن بالقرآن، هو التفاسير الموضوعية وتفاسير القرآن بالقرآن على الخصوص.

ثانيا: الإمام محمد الأمين الشنقيطي وتفسيره أضواء البيان

1. نبذة عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

ترجم له، رحمه الله تعالى، العديد من العلماء منهم: تلميذه عطية محمد سالم في مقدمة الأضواء[16]، والزركلي في “الأعلام”[17]، وأحمد سعيد بن سليم في”موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين”[18]، ومحمد المجذوب في “رجال ومفكرون عرفتهم”[19]، وأفرد له عبد الرحمن السديس ترجمة بعنوان: “ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي”[20].

هو الإمام العلامة المفسر محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الشنقيطي، ولقبه: آبا، بمد الهمزة وتشديد الباء من الإباء، ولد، رحمه الله، عام 1325ﻫ ونشأ يتيما، فقد توفي والده وهو صغير وترك له ثروة من الحيوان والمال،حفظ القرآن وهو دون العاشرة من عمره، درس خلال حفظه للقرآن بعض المختصرات في فقه الإمام مالك كرجز الشيخ ابن عاشر ودرس خلالها الأدب والنحو، والسيرة على زوجة خاله[21].

ثم درس بقية العلوم على جمع من العلماء منهم الشيخ محمد بن صالح المشهور، والشيخ محمد الأفرم، والشيخ أحمد عمر، والشيخ محمد زيدان، والشيخ محمد النعمة، والشيخ أحمد بن مود، وغيرهم…، أخذ عنهم النحو والصرف والأصول والبلاغة والتفسير والحديث[22].

من بين أعماله التي تولاها في بلاده التدريس والفتيا، ولكنه اشتهر بالقضاء والفراسة فيه، خرج من بلاده لأداء فريضة الحج، لكنه رغب في البقاء في المسجد النبوي لتدريس التفسير، وقد اختير للتدريس في المعهد العلمي بالرياض عند افتتاحه، وكان له دور في تأسيس الجامعة الإسلامية في المدينة، وعين كأحد أعضاء هيئة كبار العلماء عند بداية تشكيلها، وكان عضوا في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي[23].

أما تلامذته فكثر، منهم ابنيه؛ الدكتور عبد الله والدكتور المختار، وعدد كبير من الشناقطة؛ كالشيخ أحمد بن أحمد الشنقيطي، والدكتور محمد ولد سيدي الحبيب، والدكتور محمد الخضر بن الناجي بن ضيف الله، و الشيخ حماد الأنصاري، والشيخ عبد المحسن العباد، والشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، والشيخ عبد العزيز القارئ، والدكتور عبد الله قادري[24].

من مؤلفاته: “أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن”، و”دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب”، و”منع جواز المجاز على المنزل للتعبد والإعجاز”، و”مذكرة في الأصول على روضة الناظر”، و”أدب البحث والمناظرة”، و”رجز في البيوع على مذهب الإمام مالك”، و”ألفية في المنطق”، و”نظم في الفرائض”[25]، توفي رحمه الله تعالى سنة 1393ﻫ.

الحديث عن “أضواء البيان” يجرنا مباشرة للحديث عن قضية مهمة في علم أصول التفسير، وهي تفسير القرآن بالقرآن، الذي يظل أضواء البيان النموذج التطبيقي الأمثل-الذي وقفنا عليه لحد الساعة- المتربع على رأس التفاسير التي سلكت منهج تفسير القرآن بالقرآن؛ من حيث العمق والشمول وسلامة المنهج وتحري الحياد العلمي، وقد أنجزت حوله مجموعة من الرسائل والأطروحات الجامعية[26]، وإن كان يحتاج إلى مزيد من البحوث والدراسات لاستكناه درره وفتوحاته.

وقد ذكر، رحمه الله تعالى، أهم مقاصده من تأليفه كالآتي؛ أولا: بيان القرآن بالقرآن مع الالتزام بالقراءات السبعية دون القراءات الشاذة، ثانيا: بيان الأحكام الفقهية مع أدلتها من السنة، وأقوال العلماء، والترجيح بالدليل من غير تعصب لمذهب معين ولا لقول قائل معين[27].

2. منهجه العام

لم يكن “أضواء البيان” معنيا بتفسير جميع الآيات، بل وقف، رحمه الله تعالى، عند الآيات التي عن له تفسيرها قرآنيا بآية أخرى أو أكثر، وقد كان هاجسه الأول هو رفع التعارض الظاهري بين الآيات، وهاجسه الثاني بيان الراجح من الأقوال التفسيرية عند التعارض، قال رحمه الله تعالى: “إذا بينا قرآنا بقرآن في مسألة يخالفنا فيها غيرنا ويدعي أن مذهبه المخالف لنا يدل عليه قرآن أيضا، فإننا نبين بالسنة الصحيحة صحة بياننا وبطلان بيانه، فيكون استدلالنا بكتاب وسنة فإن استدل من خالفنا بسنة أيضا مع القرآن الذي استدل به، فإننا نبين رجحان ما يظهر لنا أنه الراجح، وكذلك إذا استدل مخالفنا بقرآن ولم يقم دليل من سنة شاهدا لنا ولا له فإننا نبين وجه رجحان بياننا على بيانه”[28].

وقد وضح بعض ملامح منهجه العام بقوله: “اعلم أن مما التزمنا به في هذا الكتاب المبارك أنه إن كان للآية الكريمة مبين من القرآن غير واف بالمقصود، الأولى؛ بيان منطوق بمنطوق… والثانية؛ بيان مفهوم بمنطوق… الثالثة؛ بيان منطوق بمفهوم… والرابعة؛ بيان مفهوم بمفهوم”[29].

وهو لا يثير مسألة من المسائل الخلافية دون أن يعرض أقوال وأدلة كل فريق من العلماء، مقارنا بينها، مرجحا ما بدا له رجحانه، موضحا دليله في الترجيح، والترجيح عنده لا يقتصر على المسائل الفقهية؛ بل شامل لكل خلاف، سواء كان في التفسير أو في المسائل الأصولية أو القضايا العقائدية أو غير ذلك…

كما أن منهجه يقوم على تفسير القرآن بالقرآن وهي الخصيصة البارزة والجوهرية لتفسيره ضمن التفاسير المعاصرة، معتمدا القراءات السبعية مستأنسا بالقراءات الشاذة للاستشهاد للصحيحة، كما أنه يستحضر السنة النبوية بقوة متحريا الصحة في الغالب لفصل النزاعات العلمية وبيان الصواب في الكثير من المسائل الخلافية، كما يقف وقفة الخبير عند الكثير من المسائل الأصولية والفوائد اللغوية، ويمكن القول بأن الشنقيطي من المفسرين الأكثر التزاما بالمنهج الذي سطره في المقدمة.

ثالثا: أنواع بيان القرآن بالقرآن من خلال الأضواء

ذكر، رحمه الله تعالى، أنواعا عديدة لتفسير القرآن بالقرآن تزيد على عشرين نوعا من أهمها[30]:

  1. بيان الإجمال الواقع بسبب اشتراك سواء كان الاشتراك في اسم أو فعل أو حرف؛ ومن أمثلة الإجمال بسبب الاشتراك في اسم قوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ (الحج: 27)، فإن العتيق يطلق بالاشتراك على القديم، وما يميز منهجه، رحمه الله، هنا هو عدم تخليه عن الترجيح في جميع الأمثلة التي ذكرها للإجمال بسبب الاشتراك:
  2. بيان الإجمال الواقع بسبب إبهام في اسم جنس؛ جمعا كان أو مفردا أو اسم جمع أو صلة موصول أو معنى حرف[31]، وقد ذكر عدة أمثلة لكل نوع من أنواع هذه الإجمالات مع بياناتها بالتفصيل.
  3. ذكر شيء في موضع ثم يقع سؤال عنه وجواب في موضع آخر؛ وذكر مثالا لذلك قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الفاتحة: 1) فإنه لم يبين هنا ما المراد بالعالمين ولكن وقع سؤال عنهم وجواب في موضع آخر وهو قوله تعالى: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ. قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ (الشعراء: 22-23).
  4. كون الظاهر المتبادر من الآية بحسب الوضع اللغوي غير مراد بدليل قرآني آخر على أن المراد غيره؛ مثاله قوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ (البقرة: 227)، فإن ظاهره المتبادر منه أن الطلاق كله محصور في المرتين ولكنه تعالى بين أن المراد بالمحصور في المرتين خصوص الطلاق الذي تملك بعده الرجعة بقوله: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ (البقرة: 228).
  5. أن يقول بعض العلماء في الآية قولا ويكون في نفس الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول؛ من ذلك قول أبي حنيفة رحمه الله: إن المسلم يقتل بالكافر الذمي مثلا؛ قائلا إن ذلك يفيده عموم النفس بالنفس في قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ (المائدة: 47)، فإن قوله في آخر الآية: ﴿فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ﴾ قرينة على عدم دخول الكافر إذ لا تنفع الأعمال الصالحة مع الكفر.
  6. أن يذكر وقوع شيء في القرآن ثم يذكر في محل آخر كيفية وقوعه؛ مثاله قوله تعالى: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (البقرة: 50) فإنه لم يبين هنا كيفية الوعد بها؛ هل كانت مجتمعة أو متفرقة؟ ولكنه بينها في الأعراف بقوله: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ (الأعراف: 142)[32].
  7. أن يقع طلب لأمر ويبين في موضع آخر المقصود من ذلك الأمر المطلوب؛ كقوله تعالى في الأنعام: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ﴾ (الأنعام: 9)، فإنه بين في الفرقان أن مرادهم بالملك المقترح إنزاله أن يكون نذيرا آخر معه، صلى الله عليه وسلم، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ (الفرقان: 7).
  8. أن يذكر أمر ا في موضع ثم يذكر في موضع آخر شيء يتعلق بذلك الأمر؛ كأن يذكر له سبب أو مفعول أو ظرف مكان أو ظرف زمان أو متعلق وقد ذكر أمثلة لكل نوع من هذه الأنواع[33].
  9. الاستدلال على أحد المعاني الداخلة في معنى الآية بكونه هو الغالب في القرآن؛ فغلبته فيه دليل عدم خروجه من معنى الآية، ومثاله إطلاق الظلم على الشرك، كقوله: ﴿وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ (الأنعام: 83)، وقوله: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ﴾ (لقمان: 13)، وقوله: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (البقرة: 252)، وقوله: ﴿وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (يونس: 106)[34].
  10. بيان أن جميع ما وصف به الله تعالى نفسه في هذا القرآن العظيم من الصفات فهو موصوف به حقيقة لا مجازا؛ وقد مثل، رحمه الله، لذلك بالاستواء واليد والوجه ونحو ذلك من جميع الصفات، مع تنزيهه، جل وعلا، عن مشابهة صفات الحوادث، وذلك البيان العظيم لجميع الصفات في قوله جل وعلا: ﴿كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى: 9).
  11. أن يرد لفظ محتمل لأن يراد به الذكر وأن تراد به الأنثى، فتبين آية أخرى أيهما المراد؛ ومثاله قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا﴾ (البقرة: 71)، فإن النفس تطلق على الذكر والأنثى، وقد أشار، سبحانه وتعالى، إلى أنها هنا ذكر بتذكير الضمير العائد إليها، في قوله: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾ (البقرة: 72).
  12. أن يخلق الله شيئا لحكم متعددة فيذكر بعضها في موضع فإننا نبين البقية المذكورة في المواضع الأخر؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا﴾ (الأنعام: 98)، فإن من حكم خلق النجوم تزيين السماء الدنيا ورجم الشياطين أيضا كما بينه بقوله: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾ (الملك: 5)، وقوله: âإِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍá (الصافات: 6).
  13. أن يذكر أن شيئا سيقع ثم يبين وقوعه بالفعل؛ كقوله: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾ (الأنعام: 149)، وصرح في النحل أنهم قالوا ذلك بالفعل، ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ (النحل: 35).
  14. أن يحيل تعالى على شيء ذكر في آية أخرى فإننا نبين الآية المحال عليها؛ كقوله سبحانه: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُم﴾ (النساء: 139) والآية المحال عليها هي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (الأنعام: 68).
  15. أن يذكر شيء له أوصاف مذكورة في مواضع أخر، فإنا نبين أوصافه المذكورة في تلك المواضع؛ كقوله تعالى: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ (النساء: 56)، فإنا نبين صفات ظل أهل الجنة في غير هذا الموضع كقوله عز وجل: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا﴾ (الرعد: 36)، وقوله سبحانه: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾ (الواقعة: 32).
  16. إشارته تعالى في الآية من غير تصريح إلى برهان يكثر الاستدلال به في القرآن العظيم على شيء فإننا نبين ذلك؛ ومثاله قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ (البقرة: 20-21)، فقد أشار تعالى في هذه الآية الكريمة إلى ثلاثة براهين من براهين البعث يكثر الاستدلال على البعث بكل واحد منها في القرآن:

أ. خلق الخلائق أولا فإنه من أعظم الأدلة على القدرة على الخلق مرة أخرى: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ (يس: 79).

ب. خلق السماوات والأرض؛ لأن من خلق ما هو أعظم وأكبر فهو قادر على خلق ما هو أصغر بلا شك، كقوله: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾ (النازعات: 27).

ج. إحياء الأرض بعد موتها أوضحه في آيات كثيرة كقوله: âإن الذي أحياها لمحيي الموتى (فصلت: 39)

  1. أن يذكر لفظ عام ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه؛ كقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ (الحج: 30) فقد صرح بدخول البدن في هذا العموم بقوله بعده: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (الحج: 34).

هذه القواعد وغيرها التي كانت تحكم عملية تفسير القرآن بالقرآن في “الأضواء”؛ تعني أن هذه العملية كانت مؤطرة بمنهج علمي واضح وصارم، ولم تكن مجرد خواطر أو فتوحات لا تخضع لقاعدة أو ضابط، ومع ذلك كله أعلن الشنقيطي بداية من عنوان الكتاب؛ أن هذه المادة التفسيرية هي مجرد إيضاحات بما تحمله هذه الكلمة من حمولة دلالية تفيد النسبية والظنية والاجتهاد.

خلاصة

تفسير القرآن بالقرآن باب واسع ولجه المفسرون بين مكثر ومقل في التفاسير التي تبدأ بالفاتحة وتنتهي بالناس، أو ما يصطلح عليه البعض بالتفسير التجزيئي، ولم يفرده بالتأليف إلا قلة قليلة منهم؛ كالإمام الشنقيطي، وابن الخطيب، كما سبق القول، والذي توصلنا إليه ببحثنا المتواضع هو أن تفسير القرآن بالقرآن معين لا ينضب من الدلالات، يمكن أن يجود بها الربط المبارك للمفسر بآلياته المعرفية، وفتوحاته الربانية، وسياقاته الزمانية والمكانية، وتحدياته التاريخية.

وليس من ثماره تفسيرات قطعية بوهم أن التفسير كان بالقرآن، فإنه وإن كان النص في أعلى درجات الثبوت وكان معناه في غاية الظهور والرجحان، فإن الربط بين الآيات إنما يقوم به إنسان، يتأمل ويقارب ويربط الآيات بالحياة، فيرى كل واحد وجوها مختلفة من وجوه البيان، وقد يصل الأمر إلى التعارض بين مفسري القرآن بالقرآن، خصوصا عندما تهيمن المذهبيات، وتختلف الخلفيات والمرجعيات.

وهذا اللون من التفسير هو مرتع خصب لأهل الإلحاد والمروق قديما وحديثا مثل:”الهداية والعرفان” لأبي زيد محمد، “والبيان بالقرآن” لكمال المهدوي، حيث التغييب المقصود للحديث في التفسير، مما يتيح المجال للكثير من التعميم وعدم وضوح الرؤية والتصور العملي في الكثير من القضايا.

الهوامش

[1] . والمقصود بالوجوه والنظائر كما قال ابن الجوزي: “أن تكون الكلمة واحدة، ذكرت في مواضع من القرآن على لفظ واحد، وحركة واحدة، وأريد بكل مكان معنى غير الآخر”، “نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر”، ص83، فالنظائر وحدة اللفظ والوجوه تعدد المعنى، ومثاله لفظ الأمة في القرآن الكريم، والمؤلفات فيه كثيرة منها: “ما اتفق لفظه واختلف معناه”، لأبي العباس المبرد، وكتاب الوجوه والنظائر لأبي بكر النقاش، وأشهرها معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني.

[2] . المقصود بعلم المبهم العلم الذي يعني ببيان ما ورد مبهما في القرآن الكريم من الأعلام والأماكن والأحداث وتفاصيل الأمور، من أشهر المؤلفات فيه “التعريف والإعلام لما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام” لعبد الرحمن السهيلي، و”التبيان في مبهمات القرآن”، لابن جماعة، لأن القرآن صرح وفصل في مواضع واستغنى عن ذلك في مواضع أخر لذلك يعتمد على أية أخرى أو أكثر أو دلالة السياق لبيان المبهم.

[3] . المتشابه من أهم المؤلفات فيه: “حل الآيات المتشابهات” لابن فورك، والفريد أن باقي المصنفات في هذا الفن كلها لشيوخ المعتزلة؛ كقطرب، والهمداني، والجبائي، والقاضي عبد الجبار.

[4] . المشكل: هو ما التبس من الآيات وغمض بسبب الاشتباه والتداخل أو بسبب خفاء المعنى ودقته، وهذا يعم ما يوهم التعارض وغيره من وجوه الإشكال، من مؤلفاته:”تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة”، “تفسير آيات أشكلت” لابن تيمية، “دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب” لمحمد الأمين الشنقيطي.

[5] . المقصود بعلم المناسبة؛ العلم الذي تعرف به علل الترتيب أي علاقة الجزء بما وراءه وما أمامه من الارتباط.

[6]. انظر كتابه: “تفسير القرآن بالقرآن دراسة تاريخية ونظرية”، من إصدارات مركز الدراسات القرآنية، ط1، مطبعة المعارف الجديدة، سنة 2015م، من ص95 إلى307.

[7] . وهي حسب الدكتور فريد الأنصاري رحمه الله تعالى: “بحث في المصطلح لمعرفة واقعه الدلالي من حيث مفهومه وخصائصه المكونة له، وفروعه المتولدة عنه ضمن مجاله العلمي المدروس به” المصطلح الأصولي عند الشاطبي، 1: 51، طبعة دار السلام، سنة 2010م، وقد أنجزت دراسات هائلة في هذا الحقل المعرفي في إطار المشروع الذي سطره الدكتور الشاهد البوشيخي من خلال مجموعة كبير ة من البحوث الجامعية، انظر “دليل الرسائل والأطروحات الجامعية بالمغرب في مجال الدراسات القرآنية؛ مع ما أنجز حول مواضيعها في الجامعات العالمية: جرد وتصنيف وتقييم”، دة.فاطمة الزهراء الناصري، من إصدارات مركز الدراسات القرآنية، سنة: 2017.

[8] . وهو النظر في الآيات التي تربط بينها وحدة موضوعية معينة باستقراء ما جاء في القرآن متعلقا بالموضوع المدروس، وتتبع سياقات ذلك” انظر مباحث في التفسير الموضوعي لمصطفى مسلم، دمشق: دار القلم، ط1، 1989م، ص25. ومن أمثلة المؤلفات في هذا الموضوع: “كتاب خلق الأفعال” لأبي الحسن الأشعري، وكتب: “الإيمان”، “العبودية”، “الفرقان” لابن تيمية، وكذلك: ” القرآن والمرأة”، ” اليهود في القرآن”، “القرآن والضمان الاجتماعي” لعزة دروزة.

[9] . عنوان الكتاب الأصلي هو: “الخطأ في تفسير القرآن بالقرآن”.

[10] . انظر دراسة منشورة ضمن أعمال ندوة:”بلاغة النص القرآني” التي نظمها مركز الدراسات القرآنية بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، سنة: 2012 عنوان الدراسة: الترادف في القرآن الكريم بين منهجية القرآن المعرفية ودعاوى القراءات المعاصرة.

[11] . التحرير والتنوير، 18: 96.

[12] . المرجع نفسه، 2: 25.

[13] . المرجع نفسه.

[14]. المرجع نفسه، 6: 377.

[15] . تفسير الشعراوي، 1: 171.

[16] . نشرت الترجمة ضمن بعض طبعات “أضواء البيان، وقد استغرقت سبعة عشر صفحة من القطع الكبير.

[17]. انظر ج6، ص45.

[18] . انظر ج2، ص139 وما بعدها.

[19] . انظر ص 185.

[20] . من منشورات دار الهجرة بالسعودية.

[21] . “أضواء البيان” الترجمة للشيخ عطية سالم 1: 11، “علماء ومفكرون عرفتهم” محمد المجذوب، 1: 171.

[22] . المرجع نفسه، 1: 16.

[23] . بكر أبو زيد، “طبقات النسابين”، ص298.

[24] . “ترجمة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي” الشيخ عبدالرحمن السديس، ص 179.

[25] . “أضواء البيان”، م، س، 1: 27.

[26] . منها: رسالة ماجستير بعنوان: “منهج الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام من أضواء البيان” لعبد الرحمن السديس، إشراف: عبد المجيد محمود، جامعة أم القرى، سنة: 1410ﻫ.

ـ  بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا بعنوان: “محمد الأمين الشنقيطي ومنهجه في التفسير”، لمحمد قجوي، إشراف: الشاهد البوشيخي، فاس: كلية الآداب، ظهر المهراز، سنة 1991.

ـ  بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة بعنوان: “منهج محمد الأمين الشنقيطي في تفسير آيات الأحكام من خلال سور البقرة، النساء، المائدة”، لمحمد عبد الله بن محمد الحضرامي، إشراف: عبد المجيد مجيب، دار الحديث الحسنية، سنة: 2002.

ـ بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة بعنوان: “الشنقيطي ومنهجه في التفسير” لسميرة بنت صقر آل محمد، ويبدو أنها تناولت المنهج العام في هذا التفسير.

ـ رسالة دكتوراه بعنوان: “التفسير والمفسرون ببلاد شنقيط” لمحمد بن سيدي محمد مولاي، تحت إشراف أحمد أبو زيد، شعبة الدراسات الإسلامية تخصص القرآن وعلومه، جامعة محمد الخامس كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط السنة الجامعية (1422ﻫ/2001م)، وقد تعرض فيه صاحبه للشنقيطي وتفسيره ضمن تفاسير بلاد شنقيط.

[27] . “أضواء البيان”، م، س، ص35.

[28] . المرجع نفسه، ص20.

[29] . مثل، رحمه الله تعالى، لبيان المنطوق بالمنطوق: ببيان قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ (المائدة: 2)، بقوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ (المائدة: 4)، ولبيان مفهوم بمنطوق، ببيان مفهوم قوله: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 1) بمنطوق قوله: ﴿وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ (فصلت: 43)، ولبيان منطوق بمفهوم؛ ببيان قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ (المائدة: 4) بمفهوم آية تحريم الدم مطلقا وهو منطوق قوله تعالى: ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ (الأنعام: 146) يدل بمخالفته على أن غير المسفوح ليس كذلك، ولبيان مفهوم بمفهوم: بقوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ (المائدة: 6)، على القول بأن المحصنات الحرائر فإنه يدلف بمفهومه على أن الأمة الكتابية لا يجوز نكاحها ( 50: 51).

[30] . أضواء البيان، م، س، ص44.

[31] . المرجع نفسه، ص38.

[32] . المرجع نفسه، ص41.

[33] . المرجع نفسه، ص42.

[34] . المرجع نفسه، ص44.

Science
الوسوم

دة. فاطمة الزهراء الناصري

أستاذة باحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق