مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعيندراسات عامة

تفاريع فقهية مبنية على أنظار وروايات الصحابة رضي الله عنهم

4) حُكْمُ طَهَارَةِ الكِلَابِ

 تقديم

 نِعَمُ الله تعالى على عباده جليلةٌ عظيمةٌ، لا يمكن عدُّها وحصرها، يقول المولى جل جلاله في كتابه العزيز: (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)([1])، ومن تلك النِّعَم تسخير الحيوانات للإنسان، إما استخداما وعَوْنا، أو أكلا وطعامًا، أو تزَيُّنًا وتجمُّلا، أو إسهاما في الحفاظ على نظام العالم، أو غير ذلك مما قد ندركُ أو لا نُدرِكُ مقصِد وجوده.

ثم إن الشريعة الغرَّاء قد بينت الأحكام المنظِّمة لعلاقة الإنسان بهذه المخلوقات، فبيَّنَت ما يجوز استعماله أو أكله أو الانتفاع به وما مُنع ذلك منه، وكثيرٌ من تلك الأحكام واضحٌ لم يقع فيه خلاف، وبعضُها مُحتمِل وقع الاختلاف حوله، ومن الثاني: حكم طهارة الكلاب. حيث ذهب المالكية إلى القول بطاهرة الكلب مطلقا، وذهب الشافعية والحنابلة إلى القول بنجاسته مطلقا، أما الحنفية فقد ذهبوا إلى طهارة عَيْنِهِ (شعره وجلده) ونجاسَة لعابه ولحمه. والكل له مستَنَدٌ معتبَرُ يعتمده في الترجيح، وخلاصة سبب اختلافهم يرجع إلى([2]):

  • التعارض بين ظاهر القرآن الكريم؛ والذي فيه جواز أكل صيد الكلاب، وبين ظاهر الأحاديث؛ والتي فيها الأمر بتنظيف الإناء الذي يلغ فيه الكلب.
  • وكذا التعارض بين ظاهر الأحاديث بعضها مع بعض؛ فمنها ما أمر بتنظيف الإناء الذي يلغ فيه الكلب، ومنها ما أباح استعمال الماء الذي ترد عليه الكلاب -مثلا-.
  • وترجع أيضا إلى اختلافهم في فَهْمِ الأمر الوارد بالأحاديث التي تنص على تطهير الإناء من ولوغ الكلب، هل هو للنجاسة؟ أم للتعبُّد؟

وفيما يلي عرضٌ للمذاهب الثلاثة، مع ذِكْر أشهر أدلتهم، وكذا وجهِ استدلالهم، ثم العطفِ على ذلك بالمناقشة المقتضية لبيان مَحَلِّ التنازع ووجهِ القوة والضعف في الدليل أو في الاستدلال به -بحسب كل دليل-.

المذهب الأول: الكلب طاهر مطلقا؛ وهو مذهب المالكية

ذهب السادة المالكية([3]) إلى القول بطهارة الكلب مطلقا، فكل أجزائه طاهرة بما في ذلك شعره ولعابه ومخاطه، وقولهم في هذا الفرعِ مبنيٌّ على الأصل العام: كلُّ حيٍّ طاهرٌ. باعتبار أن الحياة هي علَّة الطهارة. واستدل المالكية على طهارة الكلب بأدلة؛ منها:

قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ([4])، ووجه الاستدلال بالآية، أن الله تعالى أباح أكل مصيد الكلب المعلَّم «ولم يأمره بغسلِ ما باشَرَهُ بفمه»([5]) من أثر اللعاب وبقِيَّتِه، فدلَّ ذلك على أن لعاب الكلب طاهر، وما كان لعابه طاهرًا فبقيَّة أجزائه أولى بالطهورية، إذ «جميع أعضاء الكلب مقيسة على لسانه»([6]).

ثم إن دلالة الالتزام في الآية تقتضي جواز اتِّخاذ الكلب وتعليمه والانتفاع به في الصيد وأكْلِ ما يصطادُه، وذلك من غير ضرورةٍ مُلْجِئَةٍ، فدلَّ بذلك على أنه طاهر، إذ الشريعة لا تبيح استخدام النجس إلا عند الضرورة، «وقد قامت الدلالة على الانتفاع بالكلب لا لضرورة من الكتاب والسنة والإجماع»([7]).

والأدلة على جواز الانتفاع بالكلب كثيرة، منها ما أخرجه الشيخان عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ فَقَتَلَ فَكُلْ»([8])، وما أخرجه الشيخان أيضا من قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»([9])، وهي صريحةُ الدلالة في جواز اقتناء الكلب والانتفاع به في الصيد والحراسة وما في حكمهما.

واستدلوا من السنة بما رُوِيَ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: «كَانَتِ الْكِلَابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي الْمَسْجِدِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ»([10])، «وهذا يدل على أنه ليس في حيٍّ نجاسة، وإنما النَّجاسة في الميْت وفيما ثبت معرفتُه عند الناس من النجاسات المجتَمَع عليها، والتي قامت الدلائل بنجاستها»([11])، فحديث ابن عمر صريحٌ في أن الكلاب كانت تَغْدُوا على أطهر البقاع، وهي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـتأكل مما يبقى من فضلات طعام أهل الصُّفَّة أو غيرهم، والمسجد أحقُّ بالعناية وأولى بالتَّطهير مِن أَثَر الكلاب لو كانت نجسة، ولكن لَمْ يثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنه ثبت عدم تركهم إراقةَ الماء على بول الأعرابي لما تبوَّل بالمسجد لأمر رسول الله بذلك. وأما دعوى نَسْخِ حديث ابن عمر فليس عليه دليل قوي.

واستدلوا أيضا بما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه من «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْحِيَاضِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ يَرِدُهَا السِّبَاعُ وَالْكِلَابُ وَالْحُمُرُ وَعَنِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا؟ فَقَالَ: لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا مَا غَبَرَ، طَهُورٌ»([12])، والحديث له شاهد من حديث أبي هريرة([13]) وحديث الحسن البصري([14]). والدلالة في الحديث ظاهرة، فقوله صلى الله عليه وسلم عن الماء أنه «طَهُورٌ» صريح في طهورية الماء الذي ترِدُه السِّباع، كما أن الحديث عامٌ في كل السِّباع من غير تفصيل أو تفرقة بين نوع منها وآخر، ومن جملة السباعِ الكلابُ، كما أن الحديثَ مطلقٌ في كل المياه الطهورة من غير تفرقة بينها من حيث المقدار، فسواء كان الماء قليلا أو كثيرًا فإنه لا يتأثر بورود السِّباع عليه، ويلزم من ذلك أنه وإن كان الماء قليلا فإنه يبقى طهورًا، فدل على طهارة لعاب الكلاب، وطهارةُ باقي أجزائها يُستفَاد بالأَحْرَوِيَّة.

ويؤكد ما سبقَ؛ الحديثُ الذي أخرجه الإمام مالك في موطئه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، أن عمر بن الخطاب خرج في رَكْبٍ فيهم عمرو بن العاصي، حتى وردوا حوضا، فقال عمرو بن العاصي لصاحب الحوض: «يا صاحب الحوض، هل ترد حوضَكَ السِّباع؟» فقال عمر بن الخطاب: «يا صاحب الحوض، لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا»([15])، يقول ابن عبر البر معلقا على هذا الفعل العُمَرِيِّ: «المعروف من عمر في احتياطه للدين أنه لو كان ولوغ السباع والحُمُرِ والكلابِ يُفسِدُ ماء الغدير لسأل عنه، ولكنَّه رأى ذلك لا يَضُرُّ»([16])، فدل على أن سؤر السباع لا ينجِّس الماءَ؛ لأنها طاهرة ما دامت حيَّة، وأما ما يمكن أن يَعْلَقَ بأفواهها من آثار النجاسة عند أكل الجيف والنجاسات، فمدفوع بكثرة الماء، ومعلوم أن الماء الكثير لا تؤثر فيه النجاسة القليلة كما هو المعتمد عند المالكية.

واستدلوا أيضا بما روي عن حميدة ابنة أبي عبيدة بن فَرْوَة، عن خالتها كَبْشَةَ بنت كعب بن مالك -وكانت تحت ابن أبي قتادة- أنها أخبرتها أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وَضُوءً، فجاءت هرة لتشرب منه فأصْغَى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت: فقلت: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ أَوِ الطَّوَّافَاتِ»([17])، «ففي هذا الخبر دليلان: أحدهما: أنه أثبت طهارة الهر التي هي سَبُعٌ من السباع، تفْرُس الحي ولا ترعى الكَلَأَ. فنبَّه به على ما هو مِثلُها؛ لئلا يَظُن ظانٌّ أن السباع التي هذه صفتها بخلاف الهر، فأعلمهم أن الأمر في السباع واحدٌ. والدليل الثاني: أنه عليه السلام علَّل لطهارتها بكونها من الطَّوَّافين عليهم والطوافات، والكلب أشدُّ طِيافَة على العرب من الهر، خاصة للزرع والضَّرع والصَّيْد، فينبغي أن تجريَ العِلَّةُ في الكلب كَهِيَ في الهِر»([18]).

فالنبي «عليه السلام علل طهارة الهر بالتطواف علينا، وهذه علة يشاركها الكلب فيها؛ فكان حكمُه حكمَها»([19])، وبهذا فالحديث صريح في أن «طهارة الهر تدل على طهارة الكلب، وأن ليس في حيٍّ نجاسةٌ سوى الخنزير…؛ لأن الكلب من الطوافين علينا، ومما أبيح لنا اتخاذه في مواضعَ لأمورٍ، وإذا كان حكمه كذلك في تلك المواضع، فمعلوم أن سؤره في غير تلك المواضع كسؤره فيها؛ لأنَّ عيْنَه لا تَنْتَقِلْ»([20]).

وتبقى أدلة أخرى للمالكية، نوردها في معرض مناقشة أدلة المعترضين عليهم فيما يأتي بإذن الله تعالى.

المذهب الثاني: الكلب نجس مطلقا؛ وهو مذهب الشافعية والحنابلة

ذهب السادة الشافعية([21]) والسادة الحنابلة([22]) إلى القول بنجاسة الكلب مطلقا، فسؤره نجس، وكل أجزائه نجسة، سواء كان حيا أو ميتا. واستدلوا لذلك بأدلة، منها:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ»([23]). وفي رواية «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ فِي التُّرَابِ»([24])، وفي رواية: «إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ»([25])، ووجه الدلالة في الحديث من أوجه:

أولها: قوله صلى الله عليه وسلم: «طُهُورُ…»، «وحدوث الطهارة في الشيء إنما تكون بعد تقديم نجاسةٍ»([26])، فيفيد أن الكلب قد نجَّس الإناء بولوغه فيه، فلعابه نجس، وبقية أجزائه كذلك تبعًا؛ لأن «الطهارة تكون من حدث أو نجَس، وقد تعذر الحمل هنا على طهارة الحَدَث، فتعيَّنَتْ طهارةُ النجَس»([27]).

ثانيها: تكرار الغسل يفيد التغليظ، فلولا نجاسة لعابه لما طُلب من المكلف غسل الإناء سبع مرَّاتٍ والثامنة بالتراب.

ثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم في رواية: «فَلْيُرِقْهُ»، دليل على نجاسته؛ «لأنه مائع ورد الشرع بإراقته، فوجب أن يكون نجسا؛ كالخمر»([28])، وهو قياس.

رابعها: أن إراقة ما في الإناء الذي ولغ فيه الكلب يتنافى مع مقصد الشرع في النهي عن إضاعة المال، فدلَّ على أنه لولا نجاستُه لما أَمَر بإراقته وإضاعة ما فيه، خاصة وأنه قد يكون فيه من الطعام ما قيمته ثمينة، يقول النووي: «لو لم يكن نجسا لما أمر بإراقته؛ لأنه يكون حينئذ إتلافَ مالٍ، وقد نُهِينا عن إضاعة المال»([29]).

وكلها أوجهٌ قويَّةٌ كما يظهر، إلا أن مناقشتَها ممكنةٌ.

أما الجواب عن الوجه الأول: وهو الاستدلال بلفظ «طُهُورُ» وحصرُ دلالته على التطهير من النجاسات فقط. فهذا يَرِد عليه أن «أصل الطهارة الخُلوصُ من الأدناس. ومنه قوله تعالى: (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)([30]). فالمراد بالحديث خُلوص الإناء من أن يُسْتَقْذَرَ وتعافَهُ النفسُ»([31]). وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ»([32]) والإجماع مُطْبِقٌ على طهارة ريق الإنسان، فلا يُعقَل أن يكون تطهير الفم في هذا الحديث من النجاسة، وإنما هو مما تعافه النفس من القَذَى وما يَعْلَق في الفم من بقية الطعام، فدل ذلك على أن التطهير كما يحصل من الأحداث والنجاسات، فكذلك يحصل مما تعافه النفس، وهو الذي يُحمَل عليه الحديث.

وأما الجواب عن الوجه الثاني: وهو الاستدلال بتَكرار الغسل وإفادتِه تنجُّسَ المغسول (أي: الإناء)؛ فليس ذلك بلازمٍ، فالعَذِرَةُ (الغائط -مثلا-) أشدُّ نجاسة من لعاب الكلب -عند من يرى بنجاسته-، ومع ذلك لم يَرِد في الشرع ما يفيد تَكرار الغسل منها على الصورة المذكورة في لعاب الكلب، وإنما يُطلب إزالتها ولو بما دون ذلك، فبطل أن يكون تكرار الغسل تغليظا في النجاسة لتخلُّفه في ما هو أشد من لعاب الكلب، «وتكرير الغسل سبع مرات بالماء، ثم بالتراب الذي لم يدخل في سائر الأجناس التي هي أغلظ من ولوغ الكلب؛ لأن الدم والبول والعذرة المتفَقَ على نجاستها أغلظُ مِن ريق الكلب المختلَفِ في طهارته، فلما لم يدخل العدد والتراب في الأغلَظ، ودخل في الولوغ الذي هو أضعف، عُلِم أنه لم يدخل لنجاسةٍ»([33]). ثم إن تطهير النجاسات في الشريعة لا يُحَدُّ بعدد معلوم؛ لأن طهارة الخبث معلولة بالتنظيف والإنقاء وهو مطلوبٌ بغضِّ النظر عن العدد، «فلما فارق غسل الإناء من ولوغ الكلب سائر غسل النجاسات كلها، علمنا أن ذلك ليس لنجاسة، ولو كان لنجاسة، سَلَكَ به سبيل النجاسات في الإنقاء من غير تحديدٍ»([34]).

ولسائِلٍ هنا أن يسأل: فلماذا شُرِع هذا العدد من الغسلات في ولوغ الكلب؟ وقبل الجواب عن هذا السؤال، لابد من التنبيه إلى أن الأحاديث اختلفت واضطربت في العدد، فقد أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج، قال: «قلت لعطاء: كم يغسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب؟ قال: كل ذلك سمعت: سبعا، وخمسا، وثلاث مرات»([35]). وتشهد الروايات لذلك، وهو ما جعل الحنفية لا يأخذون بالتحديد مطلقًا([36])، باعتبار أنه خبر آحاد تعارضَ مع أصل الطهارات، وباعتبار مخالفَةِ أبي هريرة رضي الله عنه -وهو راويه- للحديث، إذ ثبت عنه أنه غسل الإناء ثلاثًا. وبعد هذا التنبيه المهِمِّ نعود للبحث في عِلَّة العدد المذكور في الحديث، والمعتمدُ عند المالكية أنها تعبُّدٌ؛ لأنها غايرت مسلك الطهارة من الخبث الذي ليس فيه تحديد، وأشبَهَتْ مسلك التعبُّدات مما فيه من التحديد؛ كتحديد الغسل في الوضوء بثلاث غسلات. وما قيل من الاعتراض على التعبُّد بأنه ليس معهودا إلا في غسل اليدين، وأما الآنية والثياب فإنما يجب غسلها من النجاسات ([37]). فذلك مردود بأننا «نحن المتعبَّدُون فيها، كما تُعُبِّدنا بأن تتربص الصغيرة المعتدَّة، وتُعبِّدنا بغسل الطِّيبِ من ثوب المُحْرِمِ…، فكذلك النجاسات التي على الثياب والبقاع، نحن المتعبَّدون بها، فكذلك نحن المندوبون بغسل الإناء من ولوغ الكلب تنزُّها وتنظُّفا، فلا معنى لقولهم: إنه لا عبادة على الأواني»([38]).

وقد بحث المالكية في الحكمة من ذلك التحديد، ومما ذكروه؛ أنها للوقاية مما قد يكون في الكلبِ مِن أذى، خاصَّة داءُ الكَلَبِ (السُّعار) إذا كان في بدايته([39])، يقول ابن رشد الجد رحمه الله: «فإذا ولغ الكلب المأذون في اتخاذه في إناء فيه ماء أو طعام لم ينْجُس الماء ولا الطعام…، ووجب أن يُتَوَقَّى من شُربه أو أكله أو استعمال الإناء قبل غسله مخافة أن يكون الكَلْبُ كَلِبًا فيكون قد داخَلَ ذلك مِن لعابه ما يشبه السُّمَّ المضر بالأبدان على ما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه بما أمر به من غسل الإناء الذي ولغ فيه سبعا، إشفاقا منه صلى الله عليه وسلم على أمته، فإنه صلى الله عليه وسلم كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما»([40]).

وأما الجواب عن الوجه الثالث: وهو إلحاق المائعات التي يلغ فيها الكلب بالخمر، بجامع أن كلا منهما طُلِب إراقته، فإنه ليس بقويٍّ، فالخمر نجسٌ بأصله، وليس فيه خلاف، ودليله من الكتاب والسنة صريح، أما إراقة المائع الذي ولغ فيه الكلب فإنه يمكن حمله على ما تعافه النفس «كما لو بصق إنسان في الماء، وامتخط فيه لعافته نفسه وجازت إراقته…؛ لأنه -أي: الكلب- لا يَجْتنِب أكل الأنجاس في الغالب، فتعافه النفوس، فيؤمر الإنسان بإراقته وغسل الإناء؛ لأن التنزه من الأقذار مندوب إليه، وليس إراقته -عندنا- فرضا، ولا غسلُ الإناء منه فرضا»([41])، أو يكون لاحتمال وجود ما يضر ببدن الإنسان كما سبق بيانه نقلا عن ابن رشد رحمه الله.

وأما الجواب عن الوجه الرابع: وهو أن إراقة ما في الإناء الذي ولغ فيه الكلب يتعارض مع مقصد الشريعة في النهي عن إضاعة المال؛ فدل على أنه نجس، فإن ذلك مبنيٌّ على أن جميع المائعات تُراقُ، وهو وإن اختلَفَ فيه قول الإمام مالك رحمه الله، إلا أن مشهور المذهب هو إراقته من الماء لا غير، وقد بيَّن المازري سبب اختلاف قول الإمام مالك في غير الماء من المائعات بقوله: «إنما اختلف قوله في غسله إذا كان فيه مائع سوى الماء؛ لأنه ورد الحديث عامًّا في سائر الأواني والأوعية. فأخَذَ مرَّة بعموم هذا الحديث وأجْرَاهُ على إطلاقه. وخصَّهُ مرَّةً بالعادة؛ فرأى أن الكلاب لم تكن تصل في زمن النهي إلى الطعام لِقِلَّتِه عندهم، وإنما كانت تلغ في المياه فحَمَلَ الحديثَ على المألوف عندهم»([42]). والمشهور -كما سبق- الإراقةُ من الماء فقط، وذلك لأن الماء «يسير القيمة في الغالب»([43])، وإذا كان ذلك في باديةٍ يقِلُّ فيها الماءُ فإنه «يَحْتَمِل أن يكون تغليظا ليمتنعوا من اقتناء الكلب»([44])، وهو وجيه في النظر، وقويٌّ من المدلول، معتبَرٌ عند باقي المذاهب.

واستدل الشافعية والحنابلة أيضا بالأحاديث الواردة في النهي عن ثمن الكلب، فعن عون بن أبي جحيفة قال: «رَأَيْتُ أَبِي اشْتَرَى عَبْدًا حَجَّامًا فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَثَمَنِ الدَّمِ، وَنَهَى عَنِ الْوَاشِمَةِ وَالْمَوْشُومَةِ، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوكِلِهِ، وَلَعَنَ الْمُصَوِّرَ»([45])، «فاقتضى أن يكون التحريم في جميعه عاما»([46])، وكل ما كان حراما فإنه نجس، وقالوا: إن «تحريم الثمن إنما يكون لأحد ثلاثة أقسام: إما لعدم المنفعة كالخشاش، والكلبُ بخلاف ذلك؛ لأنه يُنتَفَعُ به. وإما لحُرمته كالحُرَّة وأُمِّ الوَلَدِ، والكلب لا حُرْمَة له. وإما للنجاسة فكالميتة والدم. والكلبُ كذلك»([47]).

والجواب عن هذا أن النهي إنما هو نهيُ تنزيه وكراهية؛ لا لأنه محرم، وإنما غلَّظ بذلك عن اقتنائه لما يقع منه من ترويع المسلم، وإلا فبَيْعُهُ جائز. فقد أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمن كلب الصيد والماشية فقال: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ»([48])، فالحديث المستَدَلُّ به ليس على عمومه، بل هو مخصوص بما كان لغير الصيد والماشية. ثم إنه يجوز أن ينهى الشرع عن اقتناء شيء أو عن ثمنه تنزُّهًا وكراهية، كالنهي عن كسب الحَجَّامِ المذكور في نفس الحديث، فليس كسْبُه من الحجامة حرامًا كما هو معلوم.([49])

المذهب الثالث: الكلب طاهر العين نجس اللعاب واللحم؛ وهو مذهب الحنفية

لقد ذهب السادة الحنفية([50]) إلى طهارة عيْنِ الكلب، باستثناء لعابه ولحمه، أما شعره فطاهر، وكذا جلده فإنه يَطْهُر بالدِّباغ، وفي هذا القول موافقة لآراء المذهبين السابقَيْن من وجهٍ، فكأن الحنفية رحمة الله عليهم -في الظاهر- توسَّطوا في الأخذ بأدلة المذهبين، فوافقوا المالكية في اعتماد أدلة جواز الانتفاع بالكلب، فقالوا بطهارة عينه، ووافقوا أدلة الشافعية والحنابلة في اعتماد أدلة تطهير الإناء من ولوغ الكلب لنجاسته، فقالوا بنجاسة لعابه ولحمه. ومع ذلك فإنهم يخالفون المذهبين معًا، فهم يخالفون المالكية في طهارة اللعاب فيقولون بنجاسته، ويخالفون الشافعية والحنابلة في نجاسة الشعر فيقولون بطهارته. وهم -في العموم- أقرب إلى الشافعية منهم إلى المالكية.

وطهارةُ شعر الكلب وجلده عندهم مبنية على طهارة عينه، وهي مسألة وإن وقع اختلافهم فيها، إلا أن الراجح طهارة عينه، ويستدلون على ذلك بجواز الانتفاع به، يقول شمس الأئمة السرخسي: «والصحيح من المذهب عندنا أن عين ‌الكلب نجس، وإليه يشير محمد -أي: ابن الحسن الشيباني- رحمه الله في الكتاب في قوله: “وليس الميت بأنجس من ‌الكلب والخنزير”»([51]). ويقول أيضا: «ولكنَّا نقول: الانتفاعُ به مباح في حالة الاختيار، فلو كان عينه نجسا لما أبيح الانتفاع به»([52]).

ويقول الكاساني: «وفي ‌الكلب اختلاف المشايخ في كونه نجس العين، فمن جعله نجس العين استدل بما ذُكر في العيون عن أبي يوسف أن ‌الكلب إذا وقع في الماء، ثم خرج منه فانتفض، فأصاب إنسانا منه أكثر من قدر الدرهم لا تجوز صلاته […] ووجْهُ قول من قال: إنه ليس نجس العين أنه يجوز بيعه ويضمن مُتْلِفه، ونجس العين ليس محلا للبيع، ولا مضمونا بالإتلاف كالخنزير، دل عليه أنه يطهر جلده بالدباغ، ونجس العين لا يطهر جلده بالدباغ كالخنزير […] فدل أنه ليس بنجس العين، وهذا أقرب القولين إلى الصواب»([53]).

ويقول المرغيناني: «وليس ‌الكلب بنجس العين، ألا يُرى أنه ‌ينتفع به حراسة واصطيادا، بخلاف الخنزير؛ لأنه نجس العين»([54]).

وقد تبيَّن من هذه النقول والإحالة على بقيتها، أن الحنفية يرون أن «‌نجاسةَ سؤره (أي: الكلب) ‌لا ‌تستلزمُ ‌نجاسةَ عينِه، بل [تستلزم] ‌نجاسةَ لحمِه المتولِّد منه اللعابُ»([55])، أما جلده وشعره فتجتذبه الأدلة المبيحة لاقتنائه والانتفاع به كما تمَّ نقله عنهم، وبذلك فهو طاهر العين. ولا داعيَ لعرض كل الأدلة المعتمدة في المذهب الحنفي، فقد سبق بيانها في المذهبين السابقَيْنِ بما يفي؛ لأن هذا المذهب مركَّبٌ منهما كما تمت الإشارة إليه.

وهذا القول وإن كان مستندًا إلى أدلة وشواهدَ، إلا أنه لا يخفى ما فيه من الاضطراب؛ لأن الأوْجَهَ في الاستدلال اعتبار عموم الأدلة على نجاسة الكلب، فتقتضي نجاستَهُ بالجملة، أو اعتبارُ عموم الأدلة على طهارته ومناقشَةُ الأدلة المخالفة لتقتضي طهارتَه بالجُملة، والله أعلم. ومع ذلك فقد ناصر هذا القولَ ابنُ تيمية من الحنابلة فقال: «أما الكلب فللعلماء فيه ثلاثة أقوال معروفة: أحدها: أنه نجس كله حتى شعره كقول الشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه. والثاني: أنه طاهر حتى ريقه كقول مالك في المشهور عنه. والثالث: أن ريقه نجس وأن شعره طاهر وهذا مذهب أبي حنيفة المشهور عنه، وهذه هي الرواية المنصورة عند أكثر أصحابه، وهو الرواية الأخرى عن أحمد، وهذا أرجح الأقوال»([56]).

ختامًا

فإن الآية الكريمة قد عارضها ظاهر الأحاديث التي تأمر بتطهير الإناء الذي يلغ فيه الكلب، وهو حديث محتمِل غيرُ نصٍّ في نجاسته لما يدخله من الاحتمالات المذكورة آنفا في مذهب المالكية. ثم إن أحاديثَ أخرى قد وافقت ظاهر الآية، وهي أحاديثُ تُفِيد جواز اقتناء الكلب والانتفاع به من غير ضرورة، وكذا ما ثبت من فعل كثير من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم واعتبارهم لطهارة الكلب، كما أن هذا القول يعضده كون الأصل في الأشياء الطهارة، ولا يوجد دليل قويٌّ يُخْرجه عن هذا الأصل، فلا يُترَك الأصل إلى الاحتمال.

بقي أن نؤكِّد على أمور مهمة في هذا الباب:

* إن اختلاف العلماء في طهارة الكلب، وقولَ المالكية منهم بطهارته مطلقا خلافا للجمهور، لم يترتب عليه – قطعا – اختلافهم في تحريم اقتنائه خارج حدود ما أَذِن به الشرع، فقد اتفقت جميع المذاهب على تحريم اقتناء الكلب إلا للصيد أو لحراسة الزرع أو الماشية وما في حكمها من حفظ الأموال، أما غيرُ ذلك فهو ممنوع وَرَدَ فيه النهي، واستَحقَّ فاعلُه الإثم.

* إن أنواع الكلاب التي تُتَّخذ للحراسة والصيد معروفة معلومة عند الخبراء بها، فأصناف الكلاب تختلف بحسب قدرتها على التعلُّم وسرعته، بل بعضها وإن تَمَّ تعليمه فإنه لا يُؤْمَن منه ولو على صاحبه، ومثل هذه الأصناف تشتدُّ فيها الحِرمة، فهي إضافةً إلى كونها غيرَ داخلة فيما يجوز اتخاذه من الكلاب، فإنها تُهَدِّدُ سلامة الناس وأَمْنَهُم.

* من العلل التي ذكرها الفقهاء في المنع من اتخاذ الكلب، أنها تروِّع المسلم وتُدخِل عليه الرُّعب والخوف، ولا شك أن هذا يحصل بصورة أشدَّ فيما لا يُعلَّمُ منها أصلا، أو فيما لم يُعلِّمه صاحبه وإن كان يقبل التعليم، وواقعنا يشهد لذلك بقوَّة، فكثير من الناس يتأَذَّوْنَ بالكلاب المرافَقَةِ بأصحابها، فكيف بالتي تجول دون صاحِبٍ، فقد عمَّت إذايتها جُلَّ الناس، ولم تَعُد خطورتها منحصرة في هجومها عليهم، بل تجاوزته إلى نباحها وإزعاجها الناسَ والمارَّة بالليل والنهار، والخَطْبُ في الليل أكبَرُ وأطَم.

ويَجْدُر -هنا- بالمسلم السَّوِيِّ أن ينبِّه إلى خطورة ظاهرة اقتناء الكلاب لا لمصلحة شرعية، وإنما فقط لجلب الانتباه أو للهو والتسلية، وهي ظاهرة صارت تستشري في المجتمع المسلم بكثرة، والحقيقة أنها عادةٌ دخيلة على أمتنا، بل هي من مستحدثات الغرب. فليس يُعقَل بالمسلم أن يُصَيِّر نفسه خادمًا للكلاب بعد أن شرَّفه الله تعالى عليها وجعلها خادمةً له.

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.

———————————————————————-

 ([1]) – سورة الكهف، الآية: 109.

 ([2]) – انظر: بداية المجتهد لابن رشد (1/34).

 ([3]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/732). الإشراف لعبد الوهاب البغدادي (1/177). بداية المجتهد لابن رشد (1/35). الذخيرة للقرافي (1/181).  مواهب الجليل للحطاب (1/175).

 ([4]) – سورة المائدة، الآية: 4.

 ([5]) – شرح التلقين للمازري (1/233).

 ([6]) – التمهيد لابن عبد البر (11/524).

 ([7]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/733).

 ([8]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الوضوء، باب إذا شرب الكلب من إناء أحدكم). ومسلم في «صحيحه» (كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب الصيد بالكلاب المعلمة).

 ([9]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية). ومسلم في «صحيحه» (كتاب البيوع، باب الأمر بقتل الكلاب).

 ([10]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الوضوء، باب إذا شرب الكلب من إناء أحدكم).

 ([11]) – الاستذكار لابن عبد البر (1/167).

 ([12]) – أخرجه ابن ماجه في «سننه» (أبواب الطهارة وسننها، باب الحياض). والبيهقي في «سننه الكبير» (كتاب الطهارة، باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه ما لم يتغير) وقال: «وروي عن ابن وهب، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف لا يحتج بأمثاله. وقد روي من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا، وليس بمشهور» وقال الزيلعي: «وهو ‌معلول ‌بعبد ‌الرحمن» نصب الراية (1/136).

 ([13]) – أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» قال: «حدثنا ابن علية، عن حبيب بن شهاب، عن أبيه: أنه سأل أبا هريرة عن سؤر الحوض ترده السباع ويشرب منه الحمار، فقال: لا يحرم الماء شيء» (كتاب الطهارة، من قال الماء طهور لا ينجسه شيء).

 ([14]) – أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» قال: «حدثنا وكيع، عن يزيد بن إبراهيم قال: سئل الحسن عن الحياض التي تكون في طريق مكة تردها الحمير والسباع، قال: لا بأس به» (كتاب الطهارة، من قال الماء طهور لا ينجسه شيء).

 ([15]) – أخرجه مالك في «الموطأ» (كتاب وقوت الصلاة، الطهور للوضوء). والبيهقي في «سننه الكبير» (كتاب الطهارة، باب سؤر سائر الحيوانات سوى الكلب والخنزير). والدارقطني في «سننه» (كتاب الطهارة، باب الماء المتغير).

 ([16]) – الاستذكار لابن عبد البر (1/169).

 ([17]) – أخرجه مالك في «الموطأ» (كتاب وقوت الصلاة، الطهور للوضوء). والنسائي في «المجتبى» (كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة). وأبو داود في «سننه» (كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة). والترمذي في «جامعه» (أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في سؤر الهرة) وقال: «هذا حديث حسن صحيح». وابن ماجه في «سننه» (أبواب الطهارة وسننها، باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه).

 ([18]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/738-740).

 ([19]) – شرح التلقين للمازري (1/233).

 ([20]) – التمهيد لابن عبد البر (1/567).

 ([21]) – الأم للشافعي (1/20). الحاوي الكبير للماوردي (1/56، 304). نهاية المطلب للجويني (1/22). المجموع للنووي (1/172-173).

 ([22]) – المغني لابن قدامة (1/64). الفروع لابن مفلح (1/314). شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/141). الإنصاف للمرداوي (2/277).

 ([23]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الوضوء، باب إذا شرب الكلب من إناء أحدكم). ومسلم في «صحيحه» (كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب).

 ([24]) – أخرجه مسلم في «صحيحه» (كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب).

 ([25]) – أخرجه مسلم في «صحيحه» (كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب).

 ([26]) – الحاوي الكبير للماوردي (1/305).

 ([27]) – المجموع للنووي (2/567).

 ([28]) – الحاوي الكبير للماوردي (1/305).

 ([29]) – المجموع للنووي (2/567).

 ([30]) – سورة آل عمران، الآية: 55.

 ([31]) – شرح التلقين للمازري (1/233).

 ([32]) – أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (كتاب الوضوء، باب فضل السواك وتطهير الفم به). والنسائي في «المجتبى» (كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك). وابن ماجه في «سننه» (أبواب الطب، باب الحبة السوداء). والبيهقي في «سننه الكبير» (كتاب الطهارة، باب في فضل السواك). «وقال البغوي في شرح السنة: هذا حديث حسن». شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (1/ 54)

 ([33]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/753-752).

 ([34]) – التمهيد لابن عبد البر (1/568).

 ([35]) – المصنف لعبد الرزاق (1/363).

 ([36]) – انظر: المبسوط للسرخسي (1/93). بدائع الصنائع للكاساني (1/88).

 ([37]) – بدائع الصنائع للكاساني (1/64). المغني لابن قدامة (1/66).

 ([38]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/755-756).

 ([39]) – نقول في بدايته احترازا من تمكُّنِ السعار من الكلْبِ بعد ذلك، فإنه حينئذٍ لا يستطيع أن يشرب أصلا، فلا يَرِد عليه الإشكال.

 ([40]) – المقدمات الممهدات لابن رشد (1/90-91).

 ([41]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/752).

 ([42]) – شرح التلقين للمازري (1/234).

 ([43]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/753).

 ([44]) – عيون الأدلة لابن القصار (2/755).

 ([45]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب البيوع، باب موكل الربا).

 ([46]) – الحاوي الكبير للماوردي (1/305).

 ([47]) – شرح التلقين للمازري (1/233).

 ([48]) – أخرجه البخاري في «صحيحه» (كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية). ومسلم في «صحيحه» (كتاب البيوع، باب الْأمر بقتل الكلاب).

 ([49]) – انظر: عيون الأدلة لابن القصار (2/749-750). شرح التلقين للمازري (1/233).

 ([50]) – المبسوط للسرخسي (1/48). بدائع الصنائع للكاساني (1/64). الهداية في شرح البداية للمرغيناني (1/25-26). مجمع الأنهر لداماد أفندي (1/35).

 ([51]) – المبسوط للسرخسي (1/48).

 ([52]) – المبسوط للسرخسي (1/203).

 ([53]) – بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (1/74).

 ([54]) – الهداية في شرح البداية للمرغيناني (1/23). وانظر: الدر المختار للحصكفي (ص34). حاشية ابن عابدين (1/208). العناية شرح الهداية للبابرتي (1/93).

 ([55]) – فتح القدير لابن الهمام (1/93).

 ([56]) – مجموع الفتاوى لابن تيمية (21/616).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق