مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

تعلق القصد والنية بأعمال المكلف وضرورة موافقتها لقصد الشارع4

 

 

      دة. أمينة مزيغة باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

القصد المخالف أو الموافق وما يترتب عليه من أحكام:

          تحدث الإمام الشاطبي عن حالات الموافقة والمخالفة للفعل أو الترك بين المكلف والشارع، وبيّن حكم كل حالة منها، ذلك أن”فاعل الفعل أو تاركه، إما أن يكون فعله أو تركه موافقا أو مخالفا، وعلى كلا التقديرين إما أن يكون قصده موافقة الشارع أو مخالفته”[1]، وقد حدد كل ذلك في أربعة أوجه:

          أحدها: أن يكون الفعل أو الترك موافقا للشرع وقصده كذلك، كالقيام بالعبادات بقصد الامتثال لأمر الله تعالى، فهذا لا شك في صحة عمله، “فمن أدى الصلاة المفروضة ليحصل له ما شرعت لأجله، من تهذيب النفس وإبعادها عن الفواحش في الدنيا، ونيل الثواب في الآخرة، فعمله صحيح موصل إلى الغرض المقصود شرعا، وكذلك من صلى لأن الله أمره بالصلاة بصرف النظر عما يترتب على الصلاة من منافع”[2]  

         الثاني: أن يكون الفعل أو الترك مخالفا للشارع والقصد مخالف كذلك، كترك الواجبات وفعل المحرمات، وقصد المكلف كذلك، وهذا العمل ظاهر البطلان فمن”صلى ليخدع الناس، ويحملهم على الاعتراف بصلاحه وتقواه مثلا، فصلاته مردودة عليه، وغير موصلة إلى المقصود الشرعي منها”[3]

         الثالث: أن يكون الفعل أو الترك موافقا وقصده مخالف وهو على وجهين:

         أ- ألا يعلم بكون الفعل أو الترك موافقا وقصده مخالف كمن شرب شرابا ظانا أنه خمر، فهذا واقع في العصيان لقصده المخالف رغم عدم وجود آثار لفعله أو تركه كعدم ذهاب العقل.

         ب- علم المكلف بالموافقة وبقاء قصده المخالف كصلاة المصلي رياءً و”هذا القسم أشد من الذي قبله، و حاصله أن هذا العامل الذي جعل الموضوعات الشرعية  التي جعلت مقاصد، وسائل لأمور أخر لم يقصد الشارع جعلها لها، فيدخل تحته النفاق والرياء، والحيل على أحكام الله تعالى، وذلك كله باطل لقوله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)[4][5].

         الرابع: أن يكون الفعل أو الترك مخالفا للشرع والقصد موافق وفيه حالتان:

         أ- العلم بالمخالفة، وهذا من قبيل البدع المنهي عنها شرعا والزيادة على ما شُرع بقصد المزيد من التقرب من الله عزوجل.

        ب- مع الجهل بالمخالفة، وهذا كذلك ينظر إليه من جهتين:

  أن القصد موافق حتى لو كان عمله مخالفا لأنه قد يكون وقع في المخالفة بالخطأ لا بالعمد، ومن لم يقصد المخالفة يحكم عليه انطلاقا من قصده ونيته.

– أن القصد مخالف لقصد الشرع والفعل أو الترك مخالف كذلك “لهذا فإن قصده لم يحقق قصد الشارع، الذي لا يتحقق بمجرد النيات، وإنما يتحقق بالفعل، والفعل هنا مخالف”[6]

       وفي كلتا الحالتين فإن لكل من”الموافقة القصدية، أو المخالفة الفعلية أثره في الحكم على الفعل وما ترتب عنه”[7]

 


[1] – الموافقات 2/256. 

[2] – أصول التشريع الإسلامي لعلي حسب الله 264.

[3]– أصول التشريع الإسلامي لعلي حسب الله 264.

[4] – النساء 145.

[5] – الموافقات 2/257 .

[6]– نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي لفضيلة الدكتور أحمد الريسوني 146.

[7] – نظرية المقاصد 146.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق