الرابطة المحمدية للعلماء

تشييد أول مقبرة لمسلمي فرنسا تراعي الطقوس الجنائزية لدينهم الحنيف

بداية من فبراير المقبل سيتوفر مسلمو مدينة ستراسبورغ، ولأول مرة بفرنسا، على مقبرة عامة تقام فيها كل الطقوس الجنائزية التي تستجيب لتعاليم ديننا الحنيف.

يأتي ذلك بالنظر إلى الخصوصية التي يتمتع بها القانون المحلي بمنطقة ألزاس موزيل (شرقاً) في مجال العلاقات بين الدين والدولة.

وتشتكي الجالية المسلمة، التي تقدر بما لا يقل عن أربعة ملايين نسمة في فرنسا، منذ زمن طويل من ضيق الأمكنة في الأجنحة المخصصة للمسلمين في المقابر الفرنسية. إلا أن هذه المنطقة الواقعة في شرق فرنسا، وبحكم علاقاتها المعقدة بين الفاتيكان والدولة، تسمح بتدخل مباشر من السلطات في الشؤون الدينية.

ونقل موقع ميدل إيست أونلاين عن آن-بيرنيل ريشاردوه، مساعدة رئيس بلدية ستراسبورغ الاشتراكي، قولها أن “القانون المحلي في ألزاس موزيل يسمح لنا ببناء مقبرة دينية تديرها البلدية”، مضيفة أن “في بقية أنحاء البلاد لا يسمح إلا بجناح للمسلمين في المقابر”.

وطيلة فترة طويلة كانت المقبرة الإسلامية الوحيدة في فرنسا تقع في بوبينييه التي بنيت في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن وضعها القانوني كان خاصا، وتحولت مؤخرا بصورة رسمية إلى جناح للمسلمين في المقبرة البلدية بتلك الضاحية الباريسية.

وفي فرنسا يمنع قانون 1905 الخاص بفصل الدين عن الدولة منعا تاما السلطات العامة من تمويل أو تنظيم المؤسسات الدينية، بأي شكل من الأشكال، باستثناء منطقة الألزاس وقسم من اللورين (شرقاً)، حيث ما زال ساريا تطبيق معاهدة “كوندوردا 1801” الدبلوماسية المبرمة في عهد نابوليون، والتي تنظم العلاقات بين الفاتيكان والدولة الفرنسية.

وفي تلك المنطقة بشرق فرنسا، أبقت ألمانيا خلال احتلالها إياها، في 1870، نظام تلك المعاهدة، وبعدها تركت السلطات الفرنسية الوضع على حاله بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في 1918. وبالتالي فإن قانون 1905 لا يطبق في ألزاس موزيل وبإمكان السلطات التدخل في تمويل النشاطات الدينية.

وأضافت ريشاردوه أن “الدين الإسلامي ليس مذكورا في الكونكوردا، لكننا نحاول إدراجه على نفس مستوى القانون المحلي”، وبذلك خصصت بلدية المدينة ميزانية 800 ألف يورو لبناء تلك المقبرة التي ستتكلف بإدارتها، والتي ستدشن في سادس فبراير المقبل.

وتوجد ثمانية أجنحة إسلامية في مقابر ستراسبورغ العامة لكنها امتلأت ما يضطر العديد من العائلات إلى دفن موتاها في بلدانهم الأصلية والتي تتسم علاقتها بها أحيانا بالتوتر.

وقال إدريس عاشور رئيس المجلس الإقليمي للدين الإسلامي، الهيئة التي تمثل مسلمي فرنسا، “لا تكفي آلام فقدان قريب بل تضاف إليها الأوراق الإدارية التي يجب ملؤها لدفن جثمان المتوفي في بلده الأصلي، ناهيك عن شقاء البعد”، معتبرا أن هذه المقبرة “مؤشر قوي بالنسبة للجيل الجديد من المسلمين، يثبت لهم أن البلدية تستجيب لمطالبهم”.

نورالدين اليزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق