مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

تحقيق عن مخطوط

تحقيق عن مخطوط
لمرور قرن على تأليفه 1267- 1367
مهداة إلى الأستاذ ليفي بروفنصال
 للأستاذ ليفي بروفنصال مقام كبير في الاستشراق في الوقت الحاضر، وله فضل كبير في الدراسات المستفيضة عن الأندلس والمغرب العربي، وخصوصا دراساته عن مؤرخي المغرب في العهدين السعدي والعلوي، وأحسن ما كتبه في ذلك أطروحته التي صارت من الكتب التي لا يمكن أن يستغني عنها باحث في الشؤون التاريخية المغربية، ولعل كتابه الكبير الذي أخذ في تأليفه منذ سنوات عن فاس سيكون له من حيث سعة الاطلاع ودقة البحث ما يعطيه القيمة التي لكتب الأستاذ الأخرى عن المغرب والأندلس، ونعلم أنه عاقته ظروف الحرب عن إتمامه ونشره ونحن في انتظار ظهوره على أحر من الجمر؛ لأنه سيكون عاما شاملا في تاريخ فاس ملما بجميع ما يتعلق بها، من حيث جغرافيتها وتقاليد أهلها وعوائدها وسيكون لفاس بل وللمغرب بمثابة “خطط مصر” لتقي الدين الحسيني الشهير بالمقريزي من مؤرخي القرن التاسع الهجري المطبوعة أجزاؤها (الأول والثاني) في مطبعة بولاق سنة 1270 هجرية، وكذلك ستكون بمثابة “خطط الشام” للأستاذ الكبير كرد علي التي ظهرت أخيرا.
والذي حدانا للكتابة عن الأستاذ ليفي بروفنصال الآن، هو كونه تكلم في كتابه “مؤرخي الشرفاء” عن كتاب هو من مخطوطات عائلتنا وقال عنه: “إنه غير موجود”، وحيث أنه بهذه السنة الهجرية سنة 1367 يتم قرن على وجوده، بل على إتمام مؤلفه له، رأينا أن نتكلم عليه لقراء رسالة المغرب الذين يهمهم الإطلاع على ما في مكتبة المغرب من تراث.
يقول الأستاذ ليفي بروفنصال في صحيفة 346 من كتابه المذكور ما نص ترجمته تحت عنوان: عبد الكبير الفاسي.
( ذكر صاحب “سلوة الأنفاس” قرب انتهائه من سرد المصادر التي استقى منها تاريخه، كتابا يدل عنوانه. وهو”تذكرة المحسنين بوفيات الأعيان وحوادث السنين” على أنه معجم تاريخي يترجم فيه صاحبه لمشاهير الرجال كما أنه يؤرخ فيه الأحداث التاريخية، وهذا الكتاب لا وجود له في الوقت الحاضر، مع مزيد الأسف، بل يغلب على الظن أن الكتاني لم يطلع عليه، ورغما عن ذلك فإننا نطلع القارئ على بعض ما يتعلق بصاحب الكتاب، فهو من أسرة الفاسيين ويسمى عبد الكبير بن المجذوب بن عبد الحفيظ الفاسي، من سلالة عبد القادر الفاسي مباشرة، حج مرتين وكان خطيبا بمسجد القرويين وأخذ عن الشيخ الحراق وعبد السلام اليازمي وكانت وفاته سنة 1296 هجرية وسنة 1879 مسيحية عند رجوعه من رحلة، وذلك في قصبة فضالة الكائنة بين البيضاء والرباط. ودفن بالرباط داخل سور شالة في ضريح سيدي يحيى بن يونس).
فأول ما نلفت نظر القارئ إليه في التعريف الذي أتى به الأستاذ ليفي بروفنصال، هو أن صاحب سلوة الأنفاس ليس من عادته أن ينقل عن الكتب التي لم يطلع عليها، وإذا نقل عنها بواسطة مؤلف آخر يذكر وينبه عليه، والأمثلة على ذلك كثيرة في كتابه النفيس، وهو يقول عند ذكر المصادر التي نقل عنها مباشرة “وقد عن لي أن أذكر ها هنا جملة من الكتب التي نقلت غير ما مرة عنها ليكون ذلك أهدى لمن أراد أن يرجع إلى شيء منها”، وذكر بعد ذلك140 كتابا، منها الكتاب المحدث عنها وهو ذو العدد 139 من قائمة مصادره، فقال عنه: “تذكرة المحسنين بوفيات الأعيان وحوادث السنين للفقيه الخطيب المسن البركة سيدي الكبير بن المجذوب الفاسي”، ولا حاجة بي لأن أنبه القارئ إلى كون وصف العلامة الكتاني لصاحب “التذكرة” بقوله المسن ينبئ عن كونه ذكره من مصادره، معناه أن مؤلفه قد أطلعه عليه وأذن له في النقل عنه، وبذلك فإن التشكك الذي أظهره الأستاذ ليفي بروفنصال لا معنى له.
وإنما الذي أوقعه فيه هو من أعطاه هذه المعلومات الخاطئة عن الكتاب، وليست وحدها هي الخاطئة كما سنبين ذلك. زد على ذلك أن صاحب سلوة الأنفاس ترجم لوالد صاحب التذكرة سيدي المجذوب المذكور المتوفي سنة 1260، وكان له اتصال بالأسرة الفاسية لما كان لوالده ولباقي أسرته من اتصال بها، وقد أنهى كتابة “سلوة الأنفاس” والعصر العزيزي لم ينتبه بعدو ذلك سنة 1313 كما أنها طبعت في العصر العزيزي، وذلك سنة 1316 بعد وفاة صاحب التذكرة بعشرين عاما 1296، فاطلاع صاحب “السلوة” على كتاب شيء لا شك فيه.
وأما ما ذكره الأستاذ ليفي بروفنصال بأن وفاة صاحب “التذكرة” كانت سنة 1296 فغير صحيح، والصواب أنه توفي في 27 رمضان المعظم سنة 1295 حسبما هو منقوش على ضريحه بشالة، وحسبما هو موجود بالظهائر الملوكية المجددة لولديه السيد الطاهر والسيد أبي جيدة ما كان بيده من الوظائف وغيرها.
وقد وقع نفس الوهم للشريف الجليل مؤرخ مكناسة الزيتون سيدي عبد الرحمن ابن زيدان رحمه الله في الجزء3 من تاريخه الكبير صحيفة 121 إذ ذكر أن وفاته كانت سنة 1294 وقد عزا ذلك للفقيه الوالد الذي تبرأ من ذلك في ذيل كتابه المعجم صحيفة 173 .
وليس هذا هو الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الأستاذ ليفي بروفنصال بسبب استرشاده بمن يدله على طريق الصواب، فمن ذلك نفيه وجود أي نسخة من كتاب (عناية أولي المجد بذكر آل الفاسي ابن الجد) عند ترجمته لأبي الربيع سليمان الحوات الشفشاوني العلمي المتوفي بفاس سنة 1231، ثم تشككه في نسبتها للسلطان أبي الربيع مولانا سليمان، والحال أنها كانت موجودة وهو يكتب أطروحته مداولة بين من لهم عناية بشؤون التاريخ وخصوصا أفراد الأسرة التي كتبت في تاريخها، وقد طبعت متقنا وهي أحسن مرجع لتاريخ الأسرة الفاسية، وقد كتب لها ذيلا الأستاذ الوالد، وكذلك الأستاذ العلامة المؤرخ السيد العابد ابن المرحوم السيد عبد الله الفاسي، ولم يطبع ذيلهما لحد الآن.
وبلغنا من الثقات أن الأستاذ ليفي بروفنصال لما سأل مخبره عن سبب إغفال أبي عبد الله محمد ابن عسكر ذكر الفاسيين في كتابه (دوحة الناشر لمحاسن من كان في المغرب في القرن العاشر) مع أنهم اشتهروا في وقته بما اشتهروا به، وكان متوليا القضاء من طرف عبد الله الغالب بقصر كتامة مع وجود الشيخ أبي المحاسن بها، أجابه بأن الإغفال ناشئ عن كون الفاسيين لم تكن لهم تلك الشهرة في وقته، ولكن العلة ليست تلك في الواقع، وإنما هي كون ابن عسكر المذكور كان واليا لعبد الله الغالب وتبعه كما يقول الأستاذ ليفي بروفنصال نفسه إلى الديار الإسبانية بعدما هزمه عبد الملك السعدي، ولما وقعت الواقعة في وادي المخازن سنة 986 وُجد ابن عسكر ميتا في صفوف البرتقال ومن والاهم من ثوار المغاربة، بينما كان الشيخ أبو المحاسن مصلتا سيفه في صفوف المسلمين داعيا للملك الشرعي للبلاد الذي قام في وجه البرتقال. وهذا كله وأكثر منه يعرفه ولا شك مخبر الأستاذ ليفي بروفنصال، ولكنه يفضل السكوت عنه.
وبعدما أنهينا الكلام على هذه الأخطاء اليسيرة التي قلما يسلم منها مؤلف والتي لا تقدح في كتاب الأستاذ بروفنصال بشيء نرجع إلى ما كنا بصدده من الكلام عن تذكرة المحسنين.
هذا الكتاب موجود الآن وهو في خزانات بعض الناس بفاس وبيدنا منه نسخة تامة في قالب متوسط الحجم وبخط المؤلف وأما المسودة فإنها في خزانة الشريف ابن زيدان وقد أعيرت له بقصد أخذ نسخة منها وهي تحتوي على 123 كراسة في كل كراسة ذكر حوادث ووفيات سبع سنين والكراسة الأخيرة بها وفيات وحوادث السنوات 1261-1262-1263-1264-1265-1266-1267، وفي السنة الأخيرة وقف والده الواقعة سنة 1260 عاقته عن متابعته؛ لأنه خلفه في منصبه وكلفه وسافر إلى مختلف الجهات بعد وفاة والده، واشتغل بنسخ كتب الحديث استفادة وتبركا.
وأول سنة في أول كراسة هي سنة الهجرة ثم التي تليها، ويذكر في كل سنة حادثا من الحوادث أو جملة أحداث كما يذكر وفاة عالم أو صالح أو ملك أو كل من اشتهر من الأئمة وغيرهم وقد يذكر حادثا واحدا و وفاة واحدة والذي يظهر من صنيعه أنه كان عازما على إتمامه والزيادة فيما ذكر من الأحداث والوفيات لأنه يترك بياضا في كل صفحة.
وأن كتابا مثل هذا لا يفيد المتأخرين فائدة كبرى إلا في ذكر الحوادث والوفيات التي عاش المؤلف على عهدها أو التي كانت في زمن قريب من زمانه بحيث يمكنه النقل في شأنها كمن حضرها من أشياخه، ولذلك نجد له تفاصيل في حوادث المغرب خصوصا والعالم الإسلامي عموما في القرن الثاني عشر والثالث عشر، وقد ذكر حوادث الهجومات الأجنبية التي وقعت عل المغرب العربي بتفصيل كما نجد له تراجم توسع فيها بعض الشيء لأشياخه أو أشياخ أشياخه، وإذا سنحت لنا الفرصة فسننشر إن شاء الله بعضا من ذلك إفادة للقراء.
والتتمة التي بأيدينا هي بخط المؤلف كما بيدنا نسخة أخرى لبعض من الكتاب مبتداة بسنة 1171 وتنتهي كالأصل في سنة 1267، وهي مأخوذة سنة 1355 عن نسخة منسوخة عن خط المؤلف يقول فيها ناسخها وهو الفقيه الكاتب السيد المفضل بن أحمد الخضر الفاسي ما نصه:
“انتهى ما وجدته مقيدا بهذا التقييد بخط الفقيه سيدي أحمد بن صابر التواتي، ومن خط من نقل منه نقلت في متم شهر ربيع الأول عام 1255 على يد كاتبه محمد المفضل بن أحمد الخضر بن عبد النبي بن المجذوب جد صاحب التقييد رحمهم الله جميعا.”
ونسبة التواتي لا نعرفها والذي نعرفه هو أن السيد أحمد بن صابر المذكور هو سيدي أحمد بن المهدي بن صابر الذي اشتهر بينهم أخيرا بأولاد بن العباس وكان قيما بخزانة القرويين وتلميذا لمؤلف التذكرة.
ويلي هذا الجزء من الكتاب تقييد بخط الكاتب الفقيه سيدي المفضل الفاسي المذكور منقول عن تقييد بخط الإمام الحافظ أبي زيد عبد الرحمان بن أبي السعود الشيخ عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي عن قيام دولة السعديين وحوادث كثيرة من سنة 910 إلى 1030 هجرية وكلها مفيدة.
عبد الكبير الفاسي
عن رسالة المغرب العدد العاشر السنة السابعة  شعبان 1367 / يونيو 1948

تحقيق عن مخطوط

بقلم: ذ. عبد الكبير الفاسي

لمرور قرن على تأليفه 1267- 1367

مهداة إلى الأستاذ ليفي بروفنصال

   للأستاذ ليفي بروفنصال مقام كبير في الاستشراق في الوقت الحاضر، وله فضل كبير في الدراسات المستفيضة عن الأندلس والمغرب العربي، وخصوصا دراساته عن مؤرخي المغرب في العهدين السعدي والعلوي، وأحسن ما كتبه في ذلك أطروحته التي صارت من الكتب التي لا يمكن أن يستغني عنها باحث في الشؤون التاريخية المغربية، ولعل كتابه الكبير الذي أخذ في تأليفه منذ سنوات عن فاس سيكون له من حيث سعة الاطلاع ودقة البحث ما يعطيه القيمة التي لكتب الأستاذ الأخرى عن المغرب والأندلس، ونعلم أنه عاقته ظروف الحرب عن إتمامه ونشره ونحن في انتظار ظهوره على أحر من الجمر؛ لأنه سيكون عاما شاملا في تاريخ فاس ملما بجميع ما يتعلق بها، من حيث جغرافيتها وتقاليد أهلها وعوائدها وسيكون لفاس بل وللمغرب بمثابة “خطط مصر” لتقي الدين الحسيني الشهير بالمقريزي من مؤرخي القرن التاسع الهجري المطبوعة أجزاؤها (الأول والثاني) في مطبعة بولاق سنة 1270 هجرية، وكذلك ستكون بمثابة “خطط الشام” للأستاذ الكبير كرد علي التي ظهرت أخيرا.

   والذي حدانا للكتابة عن الأستاذ ليفي بروفنصال الآن، هو كونه تكلم في كتابه “مؤرخي الشرفاء” عن كتاب هو من مخطوطات عائلتنا وقال عنه: “إنه غير موجود”، وحيث أنه بهذه السنة الهجرية سنة 1367 يتم قرن على وجوده، بل على إتمام مؤلفه له، رأينا أن نتكلم عليه لقراء رسالة المغرب الذين يهمهم الإطلاع على ما في مكتبة المغرب من تراث.

   يقول الأستاذ ليفي بروفنصال في صحيفة 346 من كتابه المذكور ما نص ترجمته تحت عنوان: عبد الكبير الفاسي:( ذكر صاحب “سلوة الأنفاس” قرب انتهائه من سرد المصادر التي استقى منها تاريخه، كتابا يدل عنوانه. وهو”تذكرة المحسنين بوفيات الأعيان وحوادث السنين” على أنه معجم تاريخي يترجم فيه صاحبه لمشاهير الرجال كما أنه يؤرخ فيه الأحداث التاريخية، وهذا الكتاب لا وجود له في الوقت الحاضر، مع مزيد الأسف، بل يغلب على الظن أن الكتاني لم يطلع عليه، ورغما عن ذلك فإننا نطلع القارئ على بعض ما يتعلق بصاحب الكتاب، فهو من أسرة الفاسيين ويسمى عبد الكبير بن المجذوب بن عبد الحفيظ الفاسي، من سلالة عبد القادر الفاسي مباشرة، حج مرتين وكان خطيبا بمسجد القرويين وأخذ عن الشيخ الحراق وعبد السلام اليازمي وكانت وفاته سنة 1296 هجرية وسنة 1879 مسيحية عند رجوعه من رحلة، وذلك في قصبة فضالة الكائنة بين البيضاء والرباط. ودفن بالرباط داخل سور شالة في ضريح سيدي يحيى بن يونس).

   فأول ما نلفت نظر القارئ إليه في التعريف الذي أتى به الأستاذ ليفي بروفنصال، هو أن صاحب سلوة الأنفاس ليس من عادته أن ينقل عن الكتب التي لم يطلع عليها، وإذا نقل عنها بواسطة مؤلف آخر يذكر وينبه عليه، والأمثلة على ذلك كثيرة في كتابه النفيس، وهو يقول عند ذكر المصادر التي نقل عنها مباشرة “وقد عن لي أن أذكر ها هنا جملة من الكتب التي نقلت غير ما مرة عنها ليكون ذلك أهدى لمن أراد أن يرجع إلى شيء منها”، وذكر بعد ذلك140 كتابا، منها الكتاب المحدث عنها وهو ذو العدد 139 من قائمة مصادره، فقال عنه: “تذكرة المحسنين بوفيات الأعيان وحوادث السنين للفقيه الخطيب المسن البركة سيدي الكبير بن المجذوب الفاسي”، ولا حاجة بي لأن أنبه القارئ إلى كون وصف العلامة الكتاني لصاحب “التذكرة” بقوله المسن ينبئ عن كونه ذكره من مصادره، معناه أن مؤلفه قد أطلعه عليه وأذن له في النقل عنه، وبذلك فإن التشكك الذي أظهره الأستاذ ليفي بروفنصال لا معنى له.

   وإنما الذي أوقعه فيه هو من أعطاه هذه المعلومات الخاطئة عن الكتاب، وليست وحدها هي الخاطئة كما سنبين ذلك. زد على ذلك أن صاحب سلوة الأنفاس ترجم لوالد صاحب التذكرة سيدي المجذوب المذكور المتوفي سنة 1260، وكان له اتصال بالأسرة الفاسية لما كان لوالده ولباقي أسرته من اتصال بها، وقد أنهى كتابة “سلوة الأنفاس” والعصر العزيزي لم ينتبه بعدو ذلك سنة 1313 كما أنها طبعت في العصر العزيزي، وذلك سنة 1316 بعد وفاة صاحب التذكرة بعشرين عاما 1296، فاطلاع صاحب “السلوة” على كتاب شيء لا شك فيه.

   وأما ما ذكره الأستاذ ليفي بروفنصال بأن وفاة صاحب “التذكرة” كانت سنة 1296 فغير صحيح، والصواب أنه توفي في 27 رمضان المعظم سنة 1295 حسبما هو منقوش على ضريحه بشالة، وحسبما هو موجود بالظهائر الملوكية المجددة لولديه السيد الطاهر والسيد أبي جيدة ما كان بيده من الوظائف وغيرها.

   وقد وقع نفس الوهم للشريف الجليل مؤرخ مكناسة الزيتون سيدي عبد الرحمن ابن زيدان رحمه الله في الجزء3 من تاريخه الكبير صحيفة 121 إذ ذكر أن وفاته كانت سنة 1294 وقد عزا ذلك للفقيه الوالد الذي تبرأ من ذلك في ذيل كتابه المعجم صحيفة 173 .

   وليس هذا هو الخطأ الوحيد الذي وقع فيه الأستاذ ليفي بروفنصال بسبب استرشاده بمن يدله على طريق الصواب، فمن ذلك نفيه وجود أي نسخة من كتاب (عناية أولي المجد بذكر آل الفاسي ابن الجد) عند ترجمته لأبي الربيع سليمان الحوات الشفشاوني العلمي المتوفي بفاس سنة 1231، ثم تشككه في نسبتها للسلطان أبي الربيع مولانا سليمان، والحال أنها كانت موجودة وهو يكتب أطروحته مداولة بين من لهم عناية بشؤون التاريخ وخصوصا أفراد الأسرة التي كتبت في تاريخها، وقد طبعت متقنا وهي أحسن مرجع لتاريخ الأسرة الفاسية، وقد كتب لها ذيلا الأستاذ الوالد، وكذلك الأستاذ العلامة المؤرخ السيد العابد ابن المرحوم السيد عبد الله الفاسي، ولم يطبع ذيلهما لحد الآن.

   وبلغنا من الثقات أن الأستاذ ليفي بروفنصال لما سأل مخبره عن سبب إغفال أبي عبد الله محمد ابن عسكر ذكر الفاسيين في كتابه (دوحة الناشر لمحاسن من كان في المغرب في القرن العاشر) مع أنهم اشتهروا في وقته بما اشتهروا به، وكان متوليا القضاء من طرف عبد الله الغالب بقصر كتامة مع وجود الشيخ أبي المحاسن بها، أجابه بأن الإغفال ناشئ عن كون الفاسيين لم تكن لهم تلك الشهرة في وقته، ولكن العلة ليست تلك في الواقع، وإنما هي كون ابن عسكر المذكور كان واليا لعبد الله الغالب وتبعه كما يقول الأستاذ ليفي بروفنصال نفسه إلى الديار الإسبانية بعدما هزمه عبد الملك السعدي، ولما وقعت الواقعة في وادي المخازن سنة 986 وُجد ابن عسكر ميتا في صفوف البرتقال ومن والاهم من ثوار المغاربة، بينما كان الشيخ أبو المحاسن مصلتا سيفه في صفوف المسلمين داعيا للملك الشرعي للبلاد الذي قام في وجه البرتقال. وهذا كله وأكثر منه يعرفه ولا شك مخبر الأستاذ ليفي بروفنصال، ولكنه يفضل السكوت عنه.

   وبعدما أنهينا الكلام على هذه الأخطاء اليسيرة التي قلما يسلم منها مؤلف والتي لا تقدح في كتاب الأستاذ بروفنصال بشيء نرجع إلى ما كنا بصدده من الكلام عن تذكرة المحسنين.

هذا الكتاب موجود الآن وهو في خزانات بعض الناس بفاس وبيدنا منه نسخة تامة في قالب متوسط الحجم وبخط المؤلف وأما المسودة فإنها في خزانة الشريف ابن زيدان وقد أعيرت له بقصد أخذ نسخة منها وهي تحتوي على 123 كراسة في كل كراسة ذكر حوادث ووفيات سبع سنين والكراسة الأخيرة بها وفيات وحوادث السنوات 1261-1262-1263-1264-1265-1266-1267، وفي السنة الأخيرة وقف والده الواقعة سنة 1260 عاقته عن متابعته؛ لأنه خلفه في منصبه وكلفه وسافر إلى مختلف الجهات بعد وفاة والده، واشتغل بنسخ كتب الحديث استفادة وتبركا.

   وأول سنة في أول كراسة هي سنة الهجرة ثم التي تليها، ويذكر في كل سنة حادثا من الحوادث أو جملة أحداث كما يذكر وفاة عالم أو صالح أو ملك أو كل من اشتهر من الأئمة وغيرهم وقد يذكر حادثا واحدا و وفاة واحدة والذي يظهر من صنيعه أنه كان عازما على إتمامه والزيادة فيما ذكر من الأحداث والوفيات؛ لأنه يترك بياضا في كل صفحة.

   وأن كتابا مثل هذا لا يفيد المتأخرين فائدة كبرى إلا في ذكر الحوادث والوفيات التي عاش المؤلف على عهدها أو التي كانت في زمن قريب من زمانه بحيث يمكنه النقل في شأنها كمن حضرها من أشياخه، ولذلك نجد له تفاصيل في حوادث المغرب خصوصا والعالم الإسلامي عموما في القرن الثاني عشر والثالث عشر، وقد ذكر حوادث الهجومات الأجنبية التي وقعت عل المغرب العربي بتفصيل كما نجد له تراجم توسع فيها بعض الشيء لأشياخه أو أشياخ أشياخه، وإذا سنحت لنا الفرصة فسننشر إن شاء الله بعضا من ذلك إفادة للقراء.

   والتتمة التي بأيدينا هي بخط المؤلف كما بيدنا نسخة أخرى لبعض من الكتاب مبتداة بسنة 1171 وتنتهي كالأصل في سنة 1267، وهي مأخوذة سنة 1355 عن نسخة منسوخة عن خط المؤلف يقول فيها ناسخها وهو الفقيه الكاتب السيد المفضل بن أحمد الخضر الفاسي ما نصه:”انتهى ما وجدته مقيدا بهذا التقييد بخط الفقيه سيدي أحمد بن صابر التواتي، ومن خط من نقل منه نقلت في متم شهر ربيع الأول عام 1255 على يد كاتبه محمد المفضل بن أحمد الخضر بن عبد النبي بن المجذوب جد صاحب التقييد رحمهم الله جميعا.

   “ونسبة التواتي لا نعرفها والذي نعرفه هو أن السيد أحمد بن صابر المذكور هو سيدي أحمد بن المهدي بن صابر الذي اشتهر بينهم أخيرا بأولاد بن العباس وكان قيما بخزانة القرويين وتلميذا لمؤلف التذكرة.

   ويلي هذا الجزء من الكتاب تقييد بخط الكاتب الفقيه سيدي المفضل الفاسي المذكور منقول عن تقييد بخط الإمام الحافظ أبي زيد عبد الرحمان بن أبي السعود الشيخ عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي عن قيام دولة السعديين وحوادث كثيرة من سنة 910 إلى 1030 هجرية وكلها مفيدة.

عن رسالة المغرب العدد العاشر السنة السابعة  شعبان 1367 / يونيو 1948م.

انتقاء: ذة. نادية الصغير

Science

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    انا معني بدراسة القضاء الاسلامي وهو تخصصي

    وأبحث عن مخطوط يتعلق بالقضاء في المذهب المالكي لان الذي لدينا في الجزيره العربية قضاء الاحناف

    فاذا توفر لديكم مخطوط يتعلق بالقضاء المالكي فأريد تحقيقه والله يرعاكم

    وأمل التواصل معي

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق