الرابطة المحمدية للعلماء

تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية

عنوان آخر تقرير حول التنمية الإنسانية بالعالم العربي سنة 2009

أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ـ المكتب الإقليمي للدول العربية، تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2009، تحت عنوان “تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية”، الثلاثاء الماضي(21 يوليوز 2009)، في بيروت.

ويعد التقرير، الذي صدر في ثلاثمائة صفحة، هو المجلد الخامس من سلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية، التي يرعاها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويضعها عدد من المثقفين والباحثين في البلدان العربية.

وانتقد التقرير أوضاع حقوق الإنسان في البلاد العربية، وعلاقة الدولة فيها بالمواطن وأمنه وحقوقه، وغياب الدولة المدنية.

وسجل التقرير “توسع هامش الحرية السياسية نسبيا في لبنان والمغرب حاليا، محذرا من خطورة التراجع البيئي الناجم عن تغير المناخ، وندرة المياه، والتصحر، وخسائر التنوع الحيوي، وإزالة الغابات في الوطن العربي.

ورسم التقرير صورة قاتمة للواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والإنساني، في المنطقة العربية، مشيرا إلى اتساع دائرة الجوع، وتزايد حالات العنف ضد المرأة، فضلا عن تراجع في مستوى الأمن وتزايد حالات اللجوء.

وركز التقرير على 15 محورا، اعتبرها من البنود الأساسية لضمان الأمن للمواطن العربي، وهي تغيير المناخ، وعدم المساواة، واللاجئين، والجوع، والتلوث، والفقر، وسوء التغذية، والتدخل العسكري، والتمييز ضد المرأة، والتصحر، والعنف، والبطالة، وندرة المياه، وأزمة الهوية، والاحتلال.

وأشار التقرير بصورة لافتة إلى “الخلل” البنيوي في الاقتصادات العربية، بما في ذلك الدول النفطية، وأكد أن “الثروة النفطية الخيالية لدى البلدان العربية تعطي صورة مضللة عن الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان، لأنها تخفي مواطن الضعف البنيوي في العديد من الاقتصادات العربية، وما ينجم عنها من زعزعة في الأمن الاقتصادي للدول والمواطنين على حد سواء”.

وأشار التقرير إلى عوامل عدة أدت إلى “خلل” بنيوي في كثير من الاقتصادات العربية، أبرزها مشكلات القصور الغذائي، والافتقار إلى الوسائل اللازمة لشراء كميات كافية من الطعام للاحتياجات اليومية.

كما أشار التقرير، الذي جاء تحت شعار “تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية”، إلى انتشار الفقر، والجهل، والمرض، والبطالة، واللامساواة بين الجنسين في العالم العربي.

وذكر أن الدول العربية تكاد تتوحد وإن بدرجات متفاوتة في “التقصير” في ما تقدمه الدولة لتأمين أمن الإنسان (المواطن)، رغم الالتزامات الدستورية والدولية في هذه البلدان.

وخلص التقرير، في باب “الدولة العربية وأمن الإنسان”، إلى أن أداء الدول العربية في توفير الأمن لمواطنيها تشوبه تأثيرات سلبية، وثمة “فجوة واسعة” بين التزام أغلبها بمعاهدات دولية ونصوص دساتيرها باحترام حقوق الإنسان، والعدالة، والمساواة أمام القانون، والحق في المحاكمة العادلة، وبين الواقع على الأرض.

ورغم أن التقرير أشاد بانضمام عشر دول عربية، بينها الأردن، إلى الميثاق العربي لحقوق الإنسان، فإنه أكد أن ذلك لا يعني أن هذه الدول “أكثر احتراما لحقوق الإنسان من تلك التي لم تفعل، غير أن الانضمام للاتفاقية دليل على قبول الدولة بدرجة من المساءلة أمام العالم”.

وحول الأحزاب، أشار التقرير إلى تباين مواقف الدول العربية إزاء الحق في تشكيلها. فهناك ست دول، حسب التقرير، ما زالت تحظر، من حيث المبدأ، الأحزاب، هي الإمارات، والسعودية، وعمان، وقطر، والكويت، وليبيا. في حين اعتبر التقرير أن أغلب الدول العربية تواصل ممارسة درجات ملموسة ومتفاوتة من التقييد على تأسيس الأحزاب وعملها. لا سيما أحزاب المعارضة، مسجلا “توسع هامش الحرية السياسية، نسبيا، في لبنان والمغرب حاليا”.

ونبه التقرير إلى أن “التهديد الأكثر جدية لأمن المواطن في بعض الدول العربية هو في أن السياق الذي تجري فيه مكافحة الإرهاب يعطي الدولة الذرائع لانتهاك الحقوق والحريات الفردية، دون الاحتكام إلى القانون”.

وأشار التقرير إلى أن معظم الدول العربية أصدرت قوانين لمكافحة الإرهاب، تستخدم تعريفات فضفاضة وغير محددة لمفهوم الإرهاب، منحت من خلالها الأجهزة الحكومية صلاحيات واسعة لمعالجة جرائم الإرهاب، ما يشكل تهديدا للحريات الأساسية.

واستند التقرير إلى تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، يشير إلى أن 11 دولة عربية بينها الأردن قيدت حريات المواطنين فيها عن طريق الاحتجاز من دون اللجوء إلى القضاء.

وحول معيار استقلال القضاء، اعتبر التقرير أن المخاطر التي تهدد استقلال القضاء في الوطن العربي تأتي من السلطة التنفيذية، إذ تعاني المؤسسات القضائية العربية جميعها بشكل أو بآخر من ممارسة تنتقص من استقلالها، جراء هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية.

ولفت التقرير إلى أن قليلا من العرب يشعرون أن بوسعهم، وبصفتهم الفردية كمواطنين، أن يغيروا الأوضاع الراهنة في بلدانهم عن طريق آليات المشاركة السياسية، ويتضح ذلك من انخفاض مستوى المشاركة السياسية في البلدان العربية الأكثر استقرارا.

ورأى التقرير أن الإصلاح من الداخل “يظل السبيل الوحيد الأمثل لتحقيق الأمن ذي الأبعاد والجوانب المتكاملة في البلدان العربية، بدءا من الحقوق الأساسية للمواطنين”، مقررا أنه “لا يمكن فرض هذا الإصلاح من الخارج، كما لا يمكن استيراد نموذج ديمقراطي جملة وتفصيلا”.

(عن جريدة الصحراء المغربية بتصرف)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق