مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةدراسات محكمة

تاريخ العلوم العقلية في بلاد الأندلس – الأسس النظرية والمجالات العملية، الفلك والرياضيات نموذجين (92 هـ -711م/897هـ – 1492م)

 

   نقدم للقارئ الكريم التقرير الثالث ضمن سلسلة التقارير الخاصة بالأطروحات الجامعية المتعلقة بتاريخ العلوم العربية. ويتعلق الأمر بالتقرير الذي أنجزه الدكتور ياسين زواكي بخصوص أطروحته المعنونة بــ “تاريخ العلوم العقلية في بلاد الأندلس – الأسس النظرية والمجالات العملية، الفلك والرياضيات نموذجين (92 هـ -711م/897هـ – 1492م)”. وقد نوقشت هذه الأطروحة بجامعة ابن طفيل – كلية الآداب والعلوم الإنسانية (القنيطرة) بتاريخ 25 مارس 2021.

نص التقرير

تقديم عام

     ظهر مبحث تاريخ العلوم مع بداية القرن السابع عشر في خضم التحولات السياسية والاقتصادية التي عرفها المجتمع الأوربي، خصوصا على مستوى الثورات العلمية التي تحققت مع  نخبة من العلماء أمثال : كوبرنيك، وجاليلي، وديكارت، وكبلر وغيرهم. لكن العصر الذهبي لهذا المبحث سيبدأ مطلع القرن العشرين مع نخبة من العلماء من قبيل : جورج سارتون، وألكسندر كويري … فحظيت المرحلة الوسيطية من حضارة العرب بقسط وافر من الدراسات الاستشراقية والعربية، إذ ساهم  هذا في كشف الغطاء عن جزء مهم من تاريخ الإسهامات العلمية لمختلف شعوب العالم، ونخص بالذكر هنا المساهمة العلمية للشعوب العربية الإسلامية خلال المرحلة الوسيطية من تاريخ الإسلام، التي انبرى لها مؤرخو العلوم، سواء كانوا مستشرقين أو أهل الدار، بالدراسة والتحقيق. لكن رغم أهمية مساهماتهم العلمية في الكشف عن مجموعة من الحقائق العلمية المطمورة؛ إلا أن بعضهم سقط في امتحان الذاتية، إذ سجنت رؤيتهم للمرحلة المؤرخ لها نظرتيان، الأولى تبخيسية من قبل بعض المستشرقين والثانية تقديسية تمجيدية من أهل الدار.

       تندرج أغلب الأطاريح المنجزة حول تاريخ الأندلس ضمن المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي؛ فمن النادر العثور على أبحاث مفصّلة تسلط الضوء على التراث العلمي العقلي إبّان الحكم الإسلامي بالمجال المدروس، إذا ما استثنينا بعض الدراسات الغربية لمستشرقين من قبيل : خوان فيرنيه، جورج سارتون، خوليو سامسو وغيرهم، علما أن الثغر الإسلامي لم يكن منفصلا عن الحركة العلمية التي برزت بوادرها في الشرق مع الحكم الأموي ثم العباسي. غير أن تركيزنا على الجانب العلمي عند المسلمين ببلاد الأندلس لا يتوخى تمجيد الأجداد والتغني بهم؛ لأن هذا الطرح لا يتماشى مع منهج البحث العلمي الذي يقتضي توخي الموضوعية قدر المستطاع، ذلك أن هدفنا الأساس هو نفض الغبار عن الحقائق المغمورة لدى الكثير ممن لا يعرفون التراث العلمي الذي أنتجه المسلمون بالمنطقة المدروسة ومدى مساهمته في تطور تاريخ العلوم العام. تعد الإحاطة بالتراث الحضاري والعلمي الأندلسي مهمة صعبة جدا بالنسبة للباحثين، فما خلّفه العلماء في الحقبة المدروسة من تراث مكتوب أكبر من أن يصنّف في بضع دراسات، وهو ما فرض علينا التركيز على مرحلة محددة محصورة زمنياً وعلمياً. لذلك جاء موضوع بحثنا تحت عنوان :” تاريخ العلوم العقلية في بلاد الأندلس : الأسس النظرية والمجالات العملية (92هـ711م897 /هـ1492م)، الفلك والرياضيات أنموذجين“.

أهمية الموضوع

– تكمن أهمية هذه الأطروحة في تناولها لمبحث تاريخي معرفي قلّـما سُلط عليه الضوء رغم أهميته الأكاديمية العلمية المعاصرة، وهذا كما تؤكد عليه أبحاث بعض المتخصصين من أمثال : رينيه تاتون في كتابه تاريخ العلوم العام، وأعمال المدرسة الإبستمولوجية الفرنسية التي قادها ألكسندر كويريه في دراستها لتاريخ العلم الحديث، وجورج كانغيلام في كتابه تاريخ العلوم وفلسفتها. ونأمل أن تغطي هاته الأطروحة جزءا من النقص الموجود في الدراسات المتعلقة بمبحث تاريخ العلوم العقلية داخل الحضارة العربية بصفة عامة، ومنطقة الغرب الإسلامي بصفة خاصة.

 – كما أن دراستنا للمنجز العلمي العقلي بشبه الجزيرة الإيبيرية، سيفيدنا لا محالة في معرفة أهم الإسهامات العلمية لبعض العلماء المسلمين بها، وكذا المساهمة في تصحيح آراء بعض المستشرقين، ومؤرخي العلم الذين استهانوا بدور العرب والمسلمين في بناء الحضارة الإنسانية على الرغم من تباين مذاهبهم.

– يقدم لنا البحث في التراث العلمي العربي خلال العصر الوسيط، على ضوء التقدم العلمي الذي عرفه العلم في المرحلة الحالية، فكرة مركزية تؤكد الطابع التراكمي للعلوم عبر مختلف العصور والمراحل التاريخية، وهو تراكم يقتضي التأكيد على أهمية الأبحاث التأريخية للعلوم، والتي تشير في الوقت ذاته إلى الطابع النسبي للمعارف العلمية كبناءات مستمرة في الزمان.

  • – إن التأريخ للعلم ليس معناه الوقوف عند سرد إنجازات القدماء والإشادة بإسهامات الرواد العلمية، بل هو عمل إبستمولوجي يساعدنا على فهم الأطر والآليات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تسمح للإنتاج العلمي بالازدهار في زمان ومكان معينين.
  • – كما يمكننا حقل تاريخ العلوم من تتبع مسار انتقال الأفكار العلمية التي تعكس بدورها تطور الذهنيات.

إشكالية الدراسة

  وفرت الأندلس من خلال تلاقح حضارتها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي وطبيعة نظامها السياسي وتنوع أعراق سكانها مناخا ملائما واستثنائيا وأرضية خصبة لازدهار جملة من العلوم العقلية خلال العصر الوسيط. هذه العلوم التي كانت قبل وقت قصير حكرا على حضارات غربية أو آسيوية بعيدة جغرافيا وزمنيا ولغويا عن العالم الإسلامي، وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة هذا المناخ السوسيو- ثقافي المتفرد الذي عاشته الأندلس خلال هذه المرحلة، وكيف ساهم تفاعل مختلف تلك المؤثرات الداخلية والخارجية في نشأة العلوم العقلية بالمجتمع الأندلسي الوسيط بصفة عامة، وعلمي الفلك والرياضيات بصفة أخص ؟

الأسئلة الفرعية

– كيف انتقلت العلوم العقلية من الحضارات السابقة، اليونانية والهندية والفارسية، إلى الحضارة العربية الإسلامية؟

– ما هي الدوافع الكامنة وراء هذا الانتقال؟ وكيف ساهمت الترجمة في هذه العملية؟

– ما هي أهم المراكز الثقافية التي لعبت دور الوسيط العلمي بين الشرق والغرب الإسلاميين؟

 – ما هو دور المشرق الإسلامي في تحقيق النهضة العلمية ببلاد الأندلس؟

 – كيف كانت وضعية العلوم العقلية قبيل الفتح الإسلامي وبعده؟

– ماهي أهم المساهمات الرياضية والفلكية لعلماء الأندلس ما بين القرنين 9 و15الميلاديين؟ وما هي خصوصيات التقليد الرياضي والفلكي بالأندلس؟

– كيف كانت تدرس العلوم العقلية بالغرب الإسلامي؟

– ما هو موقف الفقهاء وبعض العلماء من العلوم العقلية؟ وما الدوافع الدينية والاجتماعية الكامنة وراء الاهتمام بالعلوم العقلية؟ وما هو موقف رجال السلطة وأصحاب الجاه والثراء من علمي الفلك والرياضيات؟

المنهج المعتمد في الدراسة

   للنظر في الإشكاليات المطروحة التي تتقاطع فيها ميادين معرفية متعددة، اعتمدنا على المزاوجة بين مناهج متكاملة استجابة لمقتضيات البحث. حيث تجمع بين المنهج التاريخي الذي اعتمدناه  في تأصيلنا لنشأة وتطور العلوم العقلية بالحضارة الإسلامية وتطورها تاريخيا خلال المرحلتين الأموية والعباسية، كما ركزنا على هذا المنهج في تتبع المسار العام الذي قطعته العلوم بالأندلس، وذلك عبر تتبع أهم المحطات التاريخية للتواجد الإسلامي بها. كما وظفنا المنهج الوصفي التحليلي أثناء قيامنا بتقديم توصيف لوضعية العلوم المدروسة خلال كل مرحلة على حدة، مع محاولة تقديم تحليل للمعلومات المحصل عليها. كما استعنا بالمنهج المقارن عند مناقشتنا لوضعية الترجمة خلال العصرين الأموي والعباسي، وكذا عند عقد مقارنة بين خصوصيات الرياضيات والفلك بكل من المشرق والأندلس.

دوافع اختيار الموضوع

   لعل ما زاد من عزيمتنا على اختيار دراسة هذا الموضوع، وجود دافعين متباينين ومتكاملين : أولهما ذاتي مرتبط بسبق اشتغالنا في مسلك الماستر على تحقيق مخطوط حول الطب العربي، وهو ما قادنا للبحث عن جزء من تاريخ العلوم العربية، والاطلاع على تراث علمي عربي متميز شكل حلقة وصل بين زمنين ومكانين متفاوتين. وهذا شجعنا على الاهتمام أكثر بالإسهام العلمي العربي. فقررنا أن نعمق في مرحلة الدكتوراه البحث أكثر في هذا الموضوع من خلال الانفتاح على مباحث معرفية أخرى كالرياضيات والفلك. وهي كذلك مناسبة للإجابة عن جملة من التساؤلات التي طالما ساورتنا خلال مرحلة البحث في الموضوع، تساؤلات من قبيل : ما الذي يجعلنا معشر العرب نتكلم عن ماضينا العلمي الغابر بحسرة وألم، وبافتخار في الآن ذاته؟ هل نجد في هذا التاريخ العلمي من الحقائق ما يزكي هذا الافتخار؟ وإن كان الرد إيجابيا، فما هي الأسباب الموضوعية التي كانت محركة للبحث العلمي في كنف الحضارة الإسلامية؟

أما الدافع الثاني فهو موضوعي محض، ويتجلى أساسا في سعينا إلى صقل الأدوات المعرفية والتقنية للبحث الأكاديمي المنشود عملا بمبدأ التراكم المعرفي. حيث تكمن أهمية هذه الأطروحة في تناولها لمبحث تاريخي معرفي قلّـما سُلط عليه الضوء رغم أهميته الأكاديمية العلمية المعاصرة كما تؤكد على ذلك أبحاث بعض المتخصصين. وهو ما تطرقنا له أعلاه بنوع من التفصيل في النقطة الخاصة بأهمية الموضوع.

الدراسات السابقة

   نورد فيما يلي قائمة بأهم المصادر والمراجع التي تناولت بالدرس والتحليل موضوع التراث العلمي العربي في الحضارة العربية الإسلامية خلال العصر الوسيط، مع تركيزنا أكثر على الأعمال الأساسية التي اهتمت بالتراث العلمي الأندلسي لارتباطها الوثيق بموضوع بحثنا. نذكر منها كتب الطبقات والتراجم والأعلام والتاريخ والفهارس وبعض الدراسات المتخصصة التي صدرت خلال السنوات الأخيرة بعد ظهور التيارات الاستشراقية التي أولت اهتماما للتراث العلمي العربي.

   نستهل الحديث عن المصادر المؤرخة للعلوم العقلية بحاضرة الأندلس بكتاب طبقات الأمم الذي كتبه صاعد الأندلسي في القرن الحادي عشر. وهو مصدر لا غنى عنه بالنسبة إلى الباحث في تاريخ العلوم العربية بصفة عامة، وفي العلوم الأندلسية بوجه خاص، حيث يقدم الكتاب دراسة مفصّلة عن تاريخ العلم عند مختلف الأمم، ووصفا لأهم الشخصيات الرياضية والفلكية بالأندلس منذ القرن التاسع الميلادي إلى حدود القرن الحادي عشر الميلادي، وهو القرن الذي شكل العصر الذهبي للعلوم بالأندلس. كما مكننا هذا المصدر من معرفة أحوال الأندلس السياسية وأثر هذه الأحوال على الأنشطة العلمية. فكان بذلك هذا المؤلف، بالنسبة إلينا، الركيزة الأساسية التي قامت عليها أطروحتنا خاصة في الفصل المتعلق بجرد أسماء الفلكيين والرياضيين. لكن إعراض صاعد الأندلسي – كما صرح بذلك في كتابه – عن ذكر أسماء بعض الرياضيين وكذلك جهله بأسماء آخرين ممن كانوا مشهورين في زمانه حرمنا من معرفة أسمائهم. لكن ذلك لا ينفي أهمية دراسته التي تبقى من أوثق الدراسات التي أرخت للعلوم بالأندلس، وذلك نظرا لاستقاء الكاتب معلوماته أحيانا بشكل مباشر من أصحابها حيث يقول مثلا “التقيته هنا وهناك”، وأحيانا من تلامذة ذلك الرياضي أو الفلكي.

   كما اعتمدنا أيضا على كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي (المتوفى 646هـ)، إذ يعتبره الباحثون في تاريخ علم الفلك والرياضيات مصدرا أساسيا لكل باحث في الفلك العربي كونه معجما للتراجم يضم عشرات العلماء من تخصصات مختلفة سواء كانوا فلاسفة أو أطباء أو رياضيين أو فلكيين. وقد استفدنا منه في عملية جردنا للشخصيات العلمية الرياضية والفلكية. واستثمرنا أيضا كتاب الفهرست لابن النديم (توفي 380هـ / 990 م)، وهو أول فهرس عربي وصل إلينا من بين مصنفات العلماء الكلاسيكيين. تناول فيه مؤلفه كل معارف عصره من كتابات وتآليف في مجالات شتى، كالفقه والأدب والعلوم والتاريخ وغيرها من الحقول المعرفية.

   أما فيما يخص الدارسات السابقة التي قاربت موضوع البحث، فإننا نجد عددا من الكتابات التي قاربت موضوع العلوم العقلية العربية الإسلامية بشكل عام والأندلسية بشكل خاص، إلا أنها تفتقر إلى دراسة السياق المجتمعي الذي أسهم في إفراز ذلك الفكر. منها – مثلا – مؤلف “علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى” لصاحبه كارلو نالينو، حيث تتبع “نالينو” في هذا الكتاب مسار علم الهيئة في القرون الوسطى من خلال البحث عن أوائل ذلك العلم، وأسباب نشأته وتطوره، وعلل انحطاطه، مستعينا بأربعة مصادر عربية أساسية تتضمن أخبار الفلكيين وتآليفهم، وهي : كتاب الفهرست لابن النديم  وتاريخ الحكماء لابن القفطي وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة وكشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة، معرفا بهاته الكتب وبأصحابها، وبعدد نسخها مع إبداء ملاحظات نقدية. كما تطرق للإضافات التي قدمها العرب للمعارف الوافدة من الحضارات السابقة (الهند والفرس واليونان)، واستعرض أيضا الفوائد التي جناها الغربيون من مراجعتهم لكتب العرب الفلكية، في محاولة للإجابة عن أسئلة محورية من قبيل : لم الاشتغال بتاريخ العلوم عموما، والعلوم الرياضية خصوصا؟ وما الفائدة من البحث في ماض علمي أصبح متجاوزا ؟ فكانت استفادتنا من هذا الكتاب كبيرة في محطات عديدة من البحث، سواء في مجال موضوع الترجمة، أو عند تقديمنا لتوصيف عام لوضعية العلوم العقلية بالمشرق خلال عهد الدولتين الأموية والعباسية …

   استرشدنا كذلك بمؤلف لا يقل قيمة عن سابقيه، وهو كتاب “حضارة العرب في الأندلس” لصاحبه ليفي بروفنسال الذي يقدم عرضا موجزا للروابط التي جمعت بين الحضارة الأندلسية والمشرق الإسلامي، مع الاعتراف بأثر الحضارة العربية على الحضارة الغربية المعاصرة. كما تطرق بروفنسال إلى قضية عدم اكتفاء الأندلس بالاقتباس عن الحضارة الإسلامية بالمشرق (بغداد)، وإلى مسألة امتداد تأثير الأندلس إلى خارج حدودها. وقد كان هذا الكتاب عونا لنا في مسألة رصد العلاقات الثقافية بين المشرق الإسلامي والأندلس.

يعتبر كتاب “تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك” لقدري طوقان من أهم المراجع الأساسية لكل باحث في تاريخ العلوم العربية، خاصة بالنسبة إلى علمي الفلك والرياضيات. إذ يتطرق الكاتب إلى أثر العرب في تقدم الرياضيات والفلك وإلى سير أعلام رياضييهم وكبار فلكييهم. ساعدنا هذا الكتاب على حصر أهم الشخصيات الرياضية والفلكية التي نشطت في مجال البحث العلمي خلال الفترة المدروسة.

وفي نفس السياق، نجد دراسة الباحث سعد عبد الله صالح البشري المعنونة بـ “الحياة العلمية في عصر الخلافة في الأندلس”، والتي توقفت عند أهم مظاهر الأنشطة العلمية بالأندلس في عصر الخلافة، مسلطة الضوء على مساهمة الخلفاء الأمويين في ازدهارها. شكل هذا المرجع نبراسا اهتدينا به لمناقشة مواضيع عدة في أطروحتنا : كموضوع الدعم الذي أفرده الخلفاء للعلم والعلماء، وكذلك أهمية الرحلات العلمية من الأندلس إلى المشرق وأثرها في ازدهار الحركة العلمية ببلاد الأندلس.

   أما بخصوص الدراسات المعاصرة المترجمة التي تطرقت لتاريخ العلوم بمنطقة الأندلس فنشير إلى أننا استعنا بكتاب “تاريخ الفكر الأندلسي” لأنخل جنثالث بالنثيا. وهو مرجع مهم لأي دارس للعلوم بالمجال المدروس، وذلك نظرا لاستعراضه أهم المحطات الأساسية للمسلمين بالأندلس منذ الفتح الإسلامي مرورا بكل من عصر الإمارة والخلافة وعصر الطوائف، مع الوقوف عند العصرين المرابطي والموحدي، في محاولة لاستقراء جميع علوم تلك المرحلة، سواء  التي تدخل ضمن نطاق العلوم النقلية، كالأدب والنحو والتاريخ وعلم الحديث، أو ضمن العلوم العقلية، كالفلسفة والرياضيات والفلك والطب. لكن، لم يمنع هذا بالنثيا من أن  يتعرض لمجموعة من الانتقادات، أهمها تلك التي وجهها له مترجم الكتاب “حسن مؤنس” في مقدمته، كإشارته إلى طابع الإيجاز الذي سقط فيه المؤلف بركونه إلى الإشارات القصيرة التي لا تنفع القارئ كثيرا، كما عاب عليه المترجم نقيصة غياب المراجع والمصادر خلال عملية التحرير، حيث يتم إيراد النصوص دون إشارة – ولو تقريبية إلى أصلها- والاكتفاء بعبارات فضفاضة تفترض أن للقارئ معرفة مسبقة بهذه المواضيع، وهو ما يتنافى مع البحث العلمي الرصين. كل هذه العوامل جعلت الكثير من الباحثين ينصرفون عن ذكر الكتاب ضمن مراجعهم رغم اعتمادهم عليه.

   ورغم ما جُوبه به المؤلف من انتقادات إلا أن الكتاب يعدّ مصدرا مهما بالنسبة إلى دارس الفكر الأندلسي بوجه عام، فحسن مؤنس نفسه رغم انتقاداته الكثيرة له إلا أنه نبه إلى عظيم قدره، إذ ساعدنا كثيرا في تتبع مسار العلوم المدروسة عبر مختلف المحطات التي قطعها المسلمون بالأندلس.

   اعتمدنا كذلك على كتاب “شمس العرب تسطع على الغرب” لكاتبته المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه، والتي حاولت أن تتناول فيه تاريخ المسلمين ومدى تأثير حضاراتهم على الحضارة الغربية في مختلف المجلات العلمية والفنية، كالرياضيات والفلك والكيمياء والتكنولوجيا واللغة والعمارة والفن وغير ذلك.

   كما ساعدتنا المقالات العلمية بشكل كبير في ملئ الفراغات التي اعترت بحثنا على المستوى المنهجي والمعرفي، بل وتوليد العديد من التساؤلات الجديدة على الرغم مما يطبع المقالات عموما من اختصار. مقالات علمية من قبيل : مقالة الأستاذ محمد أبلاغ المنشورة بمجلة (مناهل) العدد 50، حول موضوع “الرياضيات في الأندلس مابين القرنين 9 و15م3/ و9هـ – دراسة جزئية “، والتي ساعدتنا على الخروج من التيه الذي كنا نتخبط فيه، إذ واجهتنا صعوبة كبيرة في وضع تصميم للفصل الذي خصصناه لعرض الرياضيين والفلكيين بالأندلس. فللأمانة العلمية استلهمت في قضية التأريخ للعلماء منهجية الأستاذ أبلاغ التي اعتمد فيها على دمج القرون واختزالها في مرحلة معينة من القرن 3هـ/9م إلى القرن 5هـ/11م ومن القرن6هـ/12م إلى غاية القرن 9هـ/15م. كما توقف المؤلف عند تعداد بعض الصعوبات والإكراهات التي تواجه الباحث في تاريخ الرياضيات الأندلسية بوجه خاص، والعلوم العقلية بوجه عام، معيبا على الدارسين التركيز على الجوانب الأدبية والتاريخية العامة بالأندلس على حساب المجال العلمي الدقيق، وكذلك الوقوف عند العلاقات الرياضية بين المشرق والأندلس. مع الإشارة إلى الأسباب المحلية وبدايات ظهور التقليد الرياضي الأندلسي.

           لقد كان اعتمادنا أكبر على مقال خوليو سامسو حول “العلوم الدقيقة بالأندلس“، والذي يعتبر من أهم الدراسات التي أرخت للعلوم الدقيقة بالأندلس خاصة الرياضيات والفلك. حيث قدم خلاصات غنية شكلت بوصلة لعملنا، مشيرا إلى أنه من السابق لأوانه الوصول إلى استنتاجات فيما يخص تطور العلوم الدقيقة من خلال المسح الذي قام به، كما توقف عند صعوبة التأريخ لعلم الرياضيات بالأندلس نظرا لغياب المصادر المخطوطة التي يمكن الاعتماد عليها في عملية التأريخ هذه. فقبل عشرين سنة من دراسته هذه صرح قائلا : “… كان من الصعوبة بمكان القول بوجود شيء اسمه الرياضيات بالأندلس، لكن استنادا إلى الأبحاث التي تمت حول علمين أندلسيين هما المؤتمن وابن معاذ الجياني، فإن القول بعدم وجود شيء اسمه الرياضيات الأندلسية لم يعد قولا صائبا“. والخلاصة الأخرى هي أن الرياضيات الأندلسية، حسب “سامسو”، لم تكتسب الأهمية والاستمرارية اللتين كانتا لمثيلتها بالمشرق الإسلامي. وإذا كان يجب تغيير هذا الرأي في المستقبل، فإن ذلك يستلزم اكتشاف مخطوطات جديدة من كتاب “الاستكمال للمؤتمن” في مجال الرياضيات. لكن، ماذا عن الفلك؟ يجيب سامسو بأن الوضع يختلف بالنسبة لتاريخ علم الفلك بالأندلس، حيث نلمس في دراساته اتصالا واضحا من القرن 4هـ/10م إلى غاية القرن 8هـ/14م على الأقل. كما نجد شخصية رئيسية هو الفلكي الطليطلي المشهور بالزرقال، الذي سيطرت أفكاره الفلكية ومسالكه البحثية على تطور الموضوع لمدة تزيد على قرون ثلاثة سواء في الأندلس أو في المغرب. ويمكن القول عموما أنه حتى القرن الخامس الهجري (الموافق للحادي عشر ميلادي) ظلت الأندلس فرعا للمشرق الإسلامي في علم الفلك.

   لكن، هناك مجموعة من الدراسات التاريخية الأخرى التي أفادتنا في معرفة الرياضيات والفلك بالحضارة الإسلامية بوجه عام والحضارة الأندلسية بوجه خاص، رغم أن تلك المعلومات تكاد تكون ثانوية بالنسبة إلى تلك الدراسات التاريخية، إذ غالبا ما ترد هذه المعطيات في الفصول الأخيرة من الكتب المتعلقة بالجوانب الحضارية لدولة من الدول التي تعاقبت على حكم الأندلس، وتكتفي بإعطائنا ومضات فقط حول بعض الفلكيين أو الرياضيين الذين يشار إليهم لماما.

خطة البحث

   لقد فرضت علينا طبيعة الموضوع العمل على تقسيم البحث إلى بابين، اشتمل كل باب ثلاثة فصول، يتفرع كل واحد منها إلى مجموعة من المباحث، مع استعراض عدد من الملاحق في شكل صور وخرائط، وفي النهاية أوردنا  قائمة للمصادر والمراجع التي اعتمدناها.

   بالنسبة لموضوع الباب الأول، عنوناه بـ”العلوم العقلية وحركة الترجمة في العصر الوسيط”، وقسمناه إلى ثلاثة فصول. الفصل الأول : تطرقنا فيه للعلوم عند المسلمين من خلال مبحثين : المبحث الأول تناولنا فيه بعض العلوم العقلية، مركزين على علم الحساب وعلم الفلك. في حين خصصنا المبحث الثاني لتصنيف العلوم عند العلماء المسلمين، خصوصا لدى الفارابي وابن سينا وابن حزم وابن عبد البر وابن رشد وابن خلدون.

   أما فيما يخص الفصل الثاني فقد أفردناه للحديث عن جدلية الترجمة والبحث العلمي في المجتمع الإسلامي من خلال ثلاثة مباحث، المبحث الأول : تحدثنا فيه عن الدوافع  الكامنة وراء اهتمام المسلمين بنقل وترجمة التراث العلمي اليوناني والفارسي والهندي، في حين ناقشنا في المبحث الثاني إشكالية الترجمة في العصرين الأموي والعباسي. وتطرقنا في المبحث الثالث لتحديد العوامل المساعدة على حركة الترجمة. وفي المبحث الرابع حاولنا الوقوف على نماذج من هذه الترجمات (اليونانية – الهندية – الفارسية).

   ورصدنا في الفصل الثالث وضعية العلوم العقلية بالمشرق والغرب الإسلامي من خلال مبحثين : المبحث الأول اشتغلنا فيه على المشرق، حيث تطرقنا إلى وضعية الرياضيات والفلك بدمشق على عهد خالد بن يزيد بن معاوية، وعرضنا أيضا وضعية العلوم العقلية ببغداد على عهد المأمون. أما المبحث الثاني فتحدثنا فيه عن القيروان باعتبارها حلقة وصل بين الشرق والغرب الإسلامي، مع رصد لأهم العلاقات الثقافية التي ربطت هذا القطر الجغرافي بكل من المشرق الإسلامي والأندلس.

   وفيما يخص الباب الثاني الذي عنوناه بـ”العلوم العقلية والمجتمع” فقد اشتمل بدوره على ثلاثة فصول كبرى. أبرزنا في أوله المنظومة الفلكية والرياضية الأندلسية من حيث أسسها ومنطلقاتها، وقسمناه إلى ثلاثة مباحث. تناولنا في المبحث الأول العلوم العقلية قبيل الفتح الإسلامي، وعرفنا فيه بالمجال الجغرافي خلال المرحلة الزمنية المدروسة، مع رصد وضعية العلوم العقلية قبيل الفتح، ووقفنا فيه أيضا على الإرهاصات الأولية لميلاد الحركة العلمية بالأندلس. واستنبطنا في المبحث الثاني دور المشرق في النهضة العلمية الأندلسية. أما المبحث الثالث فقد بينا فيه اهتمام بعض الخلفاء بالحركة العلمية من خلال الوقوف على الدعم الذي قدمه كل من عبد الرحمان الناصر والحكم المستنصر وملوك الطوائف للعلم والعلماء.

   جاء الفصل الثاني تحت عنوان “العلوم العقلية بالأندلس (مساهمات العلماء، الخصوصيات ولغات التدريس). وقد اشتمل على أربعة مباحث : المبحث الأول خصصناه لمساهمات علماء الأندلس في الرياضيات والفلك ما بين القرنين (3- 9 هـ/ 9 – 15م). بينما تناولنا في المبحث الثاني العلوم العقلية عند يهود الأندلس، مع رصد مكانتهم داخل المجتمع. أما المبحث الثالث فقد آثرنا الحديث فيه عن خصوصيات التقليد الرياضي والفلكي بالغرب الإسلامي، ووقفنا عند بعض الانتقادات التي وجهها علماء الفلك بالأندلس للهيئة البطلمية (نسبة إلى بطلميوس). وبالنسبة للمبحث الرابع فقد خصصناه للحديث عن مناهج التدريس بالغرب الإسلامي.

   وجاء الفصل الثالث من هذا الباب تحت عنوان “موقف الفقهاء وبعض العلماء من العلوم العقلية”. وجزأناه إلى ثلاثة مباحث، حيث أشرنا في المبحث الأول إلى موقف الغزالي وابن تيمية من الرياضيات والفلك. أما المبحث الثاني فتطرقنا فيه للمذهبين الدينيين بالأندلس (الأوزاعي والمالكي). وعالجنا في المبحث الثالث موقف فقهاء الأندلس من الفلك والرياضيات.

خلاصات البحث

   قادنا البحث في تاريخ الفلك والرياضيات إلى ضرورة تتبع أصول تشكلهما وانتقالهما إلى الحضارة العربية الإسلامية عبر عملية الترجمة بدءا من القرن 8م. وقد انتهينا بهذا الخصوص إلى مجموعة من الخلاصات يمكن إجمالها في النقاط التالية :

  – التأكيد على الدور البارز للمجتمع الإسلامي الوسيط، الذي كان في حاجة إلى الأدوات الفلكية والرياضية من أجل البت في مسائل نابعة من حاجات المدينة الإسلامية. نتحدث هنا عن حاجات عملية مباشرة كتحديد أوقات الصلاة واتجاه القبلة وتقسيم الأراضي والميراث وغيرها من المسائل ذات الطابع الاجتماعي أساسا.

  – إن التطور في حقلي الرياضيات والفلك لم يبق محصورا في منطقة المشرق الإسلامي الخاضعة للنفوذ السياسي العباسي آنذاك، بل انتقل هذا التطور إلى الأندلس أيضا، حيث استأنف المبحثان تطوراتهما اللاحقة مع علماء آخرين ما بين القرنين 10م و12م.

  – لعبت القيروان كمركز ثقافي دورا فعالا في تسهيل عملية نقل التراث العلمي من المشرق الإسلامي إلى منطقة الأندلس. ولم يكن دور القيروان محصورا في عملية النقل هذه، بل ساهمت بكيفية واضحة في تنشيط حركة البحث العلمي من خلال أعمال علمية بارزة لمؤلفين مشهورين في مجال الطب، أشهرهم ابن الجزّار القيرواني. بينما سجلنا حضورا باهتا لعلماء الفلك والرياضيات في هذه المنطقة باستثناء بعض الأسماء البارزة، نذكر منها مثلا : أبو سهل الملقب بالشفلجي في مجال الرياضيات والفلك، وإسماعيل بن يوسف الطلاء في مجال التنجيم. وقد تمّت معظم الأنشطة العلمية في بيت الحكمة القيرواني الذي شُيّد على غرار بيت الحكمة العباسي (الذي شهد أبرز  تطوراته خلال خلافة المأمون العباسي).

  – إذا كانت منطقة المشرق الإسلامي رافدا من الروافد المباشرة لانتقال التراث العلمي في الفلك والرياضيات نحو الأندلس، فإن المجتمع الأندلسي قد استقل بشخصيته العلمية منذ القرن 11م، وأصبح من الممكن الحديث عن مدرسة أندلسية ذات ملامح خاصة تميزها عن المدرسة المشرقية. لذلك كانت الحلول التي قدمها علماء الفلك والرياضيات لبعض المسائل العلمية مختلفة في أساسها عن الحلول المشرقية لذات المسائل؛ وأهم الاختلافات بين المدرستين تتجلى في حلولهما المتعلقة بمسألة التناقض بين المعطيات الطبيعية الرصدية والحسابات الفلكية الرياضية لحركة الكواكب. فعلماء الأندلس اعتمدوا على مبادئ الفيزياء الطبيعية لأرسطو، بينما تميزت الحلول المشرقية بطابع رياضي مجرد. وتأكد لنا ذلك من خلال الطابع المميز لقضايا البحث العلمي بالأندلس، حيث تميزت الرياضيات الأندلسية بطابع عملي مرتبط بحاجات المجتمع. وعزّزنا هذه الدعوى من خلال الاستشهاد بنص رياضي أندلسي – هو الأقدم على حد علمنا –  يتعلق بموضوع مسح الأراضي (التكسير) لمؤلفه  محمد بن عبدون الجبلي.

  – من خلال الطابع العملي للبحث العلمي في مجال الرياضيات والفلك، أشرنا إلى وجود توجهين متفاوتين من حيث الرؤى؛ توجه ذو طابع رياضي فلسفي وتوجه عملي مرتبط بالحاجات الدينية والعملية. وقد كانت الكلمة الأخيرة للتوجه الثاني لارتباطه بالتوجه العام للمدينة الإسلامية بالأندلس، مما أكد لنا على جدلية البحث العلمي وحاجات المدينة الإسلامية. فالعلوم مهما كانت أصولها وفروعها تتطور في المجتمع الذي يواجه صعوبات تتعلق بحاجاته الداخلية الأساسية، فالبحث العلمي بهذا المعنى هو سبيل من سبل إشباع تلك الحاجات.

 – لعبت الحاجات الاجتماعية والدينية دورا بارزا في تنشيط  حلقة البحث العلمي في الأندلس.

  – غياب تقاليد علمية في الأندلس قبل الفتح الإسلامي في مجال العلوم العقلية خصوصا بالذكر الفلك والرياضيات.

  – لعبت طبقة الحكام  والأغنياء دورا بارزا في تشجيع حركة البحث العلمي عبر تخصيص مكافآت مادية مهمة جدا، وهي عادة اجتماعية ورثها حكام الأندلس عن نظرائهم بالمشرق الإسلامي، خصوصا من الخليفة المأمون الذي كان يخصص للمترجمين جوائز مهمة مقابل أعمالهم.

 – ساهمت جميع أطياف المجتمع الأندلسي في تأسيس التقليد العلمي في العلوم العقلية، ونشير بشكل أساسي إلى دور المكون اليهودي في ذلك.

  – شكلت أحيانا بعض الآراء الفقهية حجرة عثرة أمام المشتغلين بالعلوم العقلية، حيث تعرض هؤلاء (المشتغلون بعلمي الرياضيات والفلك/التنجيم) لبعض المضايقات نظرا لأن هذه العلوم اعتبرت دخيلة (علوم الأوائل) ومدخلا للشر والفتن. لكن نشير إلى أنه كانت هناك اختلافات بين الفقهاء، ويرجع هذا الاختلاف بين فقهاء الأندلس إلى الاختلاف بين المدارس أو المذاهب الدينية، وأحيانا الاختلاف بين الفقهاء داخل المذهب الواحد. ويشكل علم الفلك نموذجا بارزا لهذه التجاذبات والاختلافات التي حصلت بين من يناصر الاشتغال بعلم الفلك وبين من يحرم الاشتغال به وفئة ثالثة تجوز الاشتغال به وفق شروط معينة.

 – إن أغلب التآليف والمتون العلمية في مجال العلوم المطروقة في البحث تتعلق بحاجات المجتمع الإسلامي. وتأكدت لنا صحة هذا الطرح من خلال موضوعات كتب الفلك والرياضيات التي كانت منتشرة بالغرب الإسلامي، خصوصا في مجال علم المواقيت وعلم الفرائض، حيث تكون الرياضيات والفلك بمثابة أدوات عملية، لذلك سميّت هذه العلوم ضمن هذا السياق العملي بعلوم الآلة.

–  تأسس البحث العلمي على قاعدة الحاجة الاجتماعية، حيث لا يمكن إنجازه ما لم يُخصّص له حيّز مهم من اهتمامات ودعم الجهات المعنية والمؤسسات المختصة. تدعونا هذه المسألة إلى ضرورة إعادة النظر في أولوية البحث العلمي بالنسبة إلى المجتمع باعتباره الوعاء الحاضن لمختلف البحوث.

– هناك شبه غياب للعنصر الأنثوي في مجال العلوم العقلية التي شكلت موضوع بحثنا.

– نؤكد على أهمية البحث في تاريخ العلوم العقلية عموما، وعلمي الفلك والرياضيات بكيفية خاصة. وتقترن هذه الأهمية بمطلب إعادة تجديد رؤيتنا للتاريخ الإسلامي ومحاولة فهمه فهما سليما؛ فالعلم إرث كوني ومطلب عام تسعى إليه كل المجتمعات، ولا يمكن حصره ضمن إطار ضيق لمقولة العلم الغربي التي روجت لها المدارس الاستشراقية الكلاسيكية.

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق