مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

بعض جهود العلامة أحمد بن محمد الرهوني (1373هـ) في السيرة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين

      أخذت السيرة النبوية الشريفة حيزا كبيرا من العناية والاهتمام لدى علماء المغرب الأقصى في عهد الدولة العلوية الشريفة، وحديثنا في هذا المقال ينصب على علم من أعلام مدينة تطوان؛ وهو العلامة سيدي أحمد بن محمد الرهوني التطواني المتوفى (1373هـ) وعن بعض جهوده في خدمة هذا العلم الشريف من خلال الآتي:

أولا: ترجمة وجيزة للعلامة أحمد بن محمد الرهوني

ثانيا: بعض جهود العلامة أحمد بن محمد الرهوني في خدمة علم السيرة النبوية

وهذا أوان الشروع في المقصود فأقول وبالله التوفيق والسداد:

أولا: ترجمة موجزة للعلامة أحمد بن محمد الرهوني([1])

     هو أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد النجار لقبا أوليا، الرهوني لقبا ثانيا، الأخماسي قبيلة، الغبولي مدشرا، التطواني منشأ ودارا، ويكنى: بأبي العباس.

ولد بمدينة تطوان يوم الأربعاء ثامن عشر من شهر جمادى الأول عام 1288هـ ،الموافق لـ شهر غشت سنة 1871م. وبها نشأ ، وحفظ كتاب الله تعالى ولم يتجاوز عمرة 16 سنة، كما حفظ بعض المتون العلمية؛ كالمقدمة الأجرومية لابن آجروم الفاسي، والمرشد المعين لابن عاشر، وألفية ابن مالك، وغيرها، كما قرأ علوما أخرى؛ كالنحو بكتاب الأجرومية بشرح الأزهري، والألفية بشرح المكودي، والتوحيد بكتاب المرشد المعين بشرح ميارة، والسيرة النبوية بهمزية البوصيري بشرح بنيس، والبردة بشرح الأزهري،و الشمائل المحمدية للترمذي، والحديث بكتاب صحيح البخاري بشرح القسطلاني.

انتقل المترجم له إلى مدينة فاس  للمشيخة ، فازداد تبحرا وتوسعا في العلوم، كما تعلم علوما أخرى، وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم في كتابه عمدة الراويين، رتبهم على تاريخ قراءته عليهم([2])

تولى العلامة أحمد بن محمد الرهوني بمدينة تطوان وبغيرها عدة مناصب سامية؛ ما بين العدالة، و الفتوى، و القضاء، و الوزارة، ثم شغل مفتشا للتعليم الإسلامي، ثم عين رئيسا للمجلس الأعلى للتعليم،  إلى أن توفي رحمه الله  بمدينة تطوان، وذلك يوم الاثنين ثالث عشر من شهر ربيع الثاني عام 1373هـ، الموافق لـ: للحادي والعشرين من شهر دجنبر سنة 1953م.

ثانيا: جهوده في خدمة السيرة النبوية تدريسا وتأليفا

     تصدر العلامة أحمد بن محمد الرهوني للتدريس بعدة مساجد بمدينتي تطوان وطنجة، وكان لعلم السيرة النبوية حضور بيِّن في دروسه ؛ ومن الكتب التي كان يدرِّسها في هذا العلم: كتاب الشفا للقاضي عياض حيث قال عن نفسه في عمدة الراويين: “وقد درست في طنجة دروسا من الشفا الذي ابتدأته بتطوان”([3])، كما كان يدرِّس كتاب الشمائل المحمدية للترمذي، وهمزية البوصيري، وشرح بنيس على همزية البوصيري، قال الرهوني في عمدة الراويين:”كما ابتدأت في جامع طنجة أيضا همزية العارف البوصيري رضي الله عنه، وأكملتها بالزاوية التجانية من تطوان”([4]) ، وقال تلميذه محمد داود في مذاكراته عن دروس السيرة التي درسها على يد شيخه الرهوني قال: “قرأتها في كتاب الشمائل على الفقيه الرهوني بالزاوية التجانية، في رمضان 1336هـ، ابتدأناه في الليلة الأولى منه، وختمناه في ليلة السابع والعشرين منه”([5])

وقال أيضا: ” وقرأت بعض همزية الإمام البوصيري بسرد شرح بنيس، على الفقيه سيدي أحمد الزواقي بالزاوية الريسونية، وقرأت جلها بالشرح المذكور على الفقيه سيدي أحمد الرهوني ابتداء من سنة: 1334هـ”([6])

ومن جهوده كذلك في السيرة النبوية، عنايته بالتأليف فيها؛  ومن مؤلفاته التي ألفها في هذا الفن أذكر: كتاب: “تحفة الإخوان، بسيرة سيّد الأكوان”؛ طبع بالمطبعة المهدية بتطوان، وكتابه الآخر المسمى ب:  “حلل الديباج المطرزة بقصة الإسراء والمعراج”؛ طبع بالمطبعة المهدية بتطوان عام 1352هـ الموافق ل: 1933م([7])، وكتابه المسمى ب: “إعلام الأنام بحقوق آل البيت الكرام”، وهو مطبوع طبعته الرابطة المحمدية للعلماء بتحقيق: نور الدين الغياط  في طبعته الأولى سنة 2014م، وكتابه ختم الشفا للقاضي عياض (544هـ)([8])

   وخلاصة القول يعد العلامة سيدي أحمد بن محمد الرهوني من العلماء الأعلام البارزين في خدمة علم السيرة النبوية من خلال:

  • عنايته بإقراء وتدريس كتب السيرة النبوية.
  • عنايته بالتأليف في علم السيرة النبوية.

 هذا وأسأل الله تعالى أن يرحم عالمنا برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب الدعاء.

*********************

هوامش المقال:

([1])  آثرت الاختصار في ترجمته لشهرته ومن مصادر ترجمته التي وقفت عليها أذكر منها: عمدة الراوين في تاريخ تطوان أجزاء (8 و9 و10)، معجم المطبوعات المغربية (ص: 132-133)، الأعلام للزركلي (1 /253)، إتحاف المطالع (2 /540)، التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين (1/ 56)،  معلمة المغرب (13 /4453-4454 )،  وغيرها.

([2])   أنظر : عمدة الراوين (8/ 194 – 297)، وأيضا: جزئي (9 و 10) من الكتاب المذكور.

([3])  عمدة الراوين (8/ 194).

([4])  عمدة الراوين (8/ 194).

([5])  على رأس الأربعين (ص: 60).

([6])  نفسه.

([7])   معجم المطبوعات المغربية (ص: 133).

([8])  ذكره الرهوني في كتابه الآخر عمدة الراوين (8/ 184).

*******************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع. لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة. تنسيق وتحقيق: محمد حجي . دار الغرب الإسلامي. ط1/ 1417هـ-1997م.

الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين المستشرقين. لخير الدين الزركلي، ط 15/ 2002، دار العلم للملايين لبنان.

التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين من 1900 إلى 1972. لعبد الله بن العباس الجراري. منشورات النادي الجراري. مكتبة المعارف . ط1/ 1406هـ – 1985م.

على رأس الأربعين. لمحمد داود: نشر جمعة تطاون أسمير، طبع بمطبعة الشويخ تطوان. ط1/ 1421هـ/2001م

عمدة الراوين في تاريخ تطاوين. لأحمد الرهوني. تحقيق: الحاج جعفر بن الحاج السلمي. جمعية تطاوين ط 1432هـ-2011م.

معجم المطبوعات المغربية. لإدريس بن الماحي الإدريسي القيطوني . تقديم: عبد الله كنون. (د.ت).

معلمة المغرب.لمجموعة من الباحثين. مطابع سلا. 1410هـ- 1989م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار.

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق