في القرنين الثامن والتاسع الهجرييْن

عبد الحميد بن على الفقيهي

ظهر أسلوب جديد في التصنيف وهو نظم السيرة في قصائد وأبيات عرفت بالمنظومات وأحياناً الأرجوزات، وهذه تراعي السياق التاريخي لأحداث السيرة، وتدخل ضمن المصنفات العلمية، وقد يصل عدد أبيات المنظومة إلى ألف بيت عرفت بالألفيات، وبعضها يزيد على أضعاف فيصل إلى خمسين ألف بيت، وبعضها نظم المصنفات المشهورة مثل سيرة ابن إسحاق والسيرة الهشامية، والروض، وسيرة مغلطاي: الزهر الباسم.

ونظم آخر لاينطبق عليه ما تقدم، وإنما تفرضه مناسبة ما أو حدث، تغلب عليه الناحية العاطفية والانفعالية للشاعر.

ولعل من أقدم السير المنظومة، السيرة لأبي العباس الناشي، الشاعر العباسي، المتوفى عام (293هـ) إلا أنها سيرة شعرية^.

واشتهرت السيرة الشقراطسية للشقراطسي (ت466هـ) وهي سيرة منظومة بقافية اللام.

أما المديح والقصائد التي لا تتقيد بتسلسل تاريخي وإنما تفرضه طبيعة الحدث فجذوره تتغلغل في عصر النبوة، ومن أشهر هذه القصائد التي تركت آثارها الواضحة في العصور اللاحقة وبخاصة العصر المعني بالدراسة، قصيدة الصحابي الجليل كعب بن زهيررضي الله عنه (ت26هـ) بانت سعاد، التي يقول فيها:

إنّ الرَّسول لَنُورٌ يُسْتَضاءُ بهِ

وَصارِمٌ منْ سُيوفِ اللهِ مسلولُ

وكافأه رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردته الشريفة.

ثم جاءت قصيدة أخرى سُميت بالبردة (المنامية) ونالت شهرة واسعة، للبوصيري (ت696هـ) وتركت كذلك آثاراً كبيرة ليس في القرنين الثامن والتاسع، بل امتدت إلى هذا العصر، وطبعت طبعات كثيرة في مختلف أرجاء العالم. ونسخها الخطية أكثر من أن تحصى.

أما التصنيف في المولد النبوي، فذكر محمد يسف أنه بدأ على يد الحافظ أبي زكريا يحيى بن مالك الطرطوشي في القرن الرابع الهجري.

ولعله صحيح إن أراد المصنّفين في السيرة من المغاربة، لأنه قد نُسب للواقدي المدني البغدادي (ت207هـ) كتابٌ في المولد.

وصنف ابن أبي عاصم الشيباني (ت287هـ) كتاباً في المولد، ذكره الذهبي.

وكان للتصنيف فيه في القرنين الثامن والتاسع النصيب الوافر.

كذلك ظهر ما عُرف بفقه السيرة، ومن أحسن من كتب فيه، الإمام ابن القيم في كتابه القيم ((زاد المعاد في هدي خير العباد)). وهو أحد أبناء القرن الثامن (ت751هـ)، وكتابه أشمل من ذلك. وإن كان السهيلي المتقدم (ت581هـ) أورد الكثير من الفوائد الفقهية في كتابه (الروض الأُنف).

لذلك لقي كتابه اهتماماً تمثل في التعليق عليه والشرح، مثل ما فعل مغلطاي (ت762هـ) في كتابه ((الزهر الباسم))، أو الانتقاء منه والاختصار كما فعل الذهبي (ت748هـ) في كتابه منتقى الروض، على سبيل المثال.

والاستنباطات والفوائد الفقهية المقتنصة ((من السيرة)) مبثوثة في كتب شروح السنة والفقه والآثار والمصنفات.

وقد شارك المؤلفون في هذين القرنين، في كل ما تقدم ماعدا الجمع الأولي، الذي كان في المرحلة الأولى.

ومن الكتب التي تلقي الضوء على تطور العلوم والفنون وتكشف في الوقت نفسه اهتمامات كل عصر؛ كتب الأثبات والمشيخات والبرامج؛ مثل برنامج ابن جابر الوادي آشي، وثَبَت ابن عطية، وفهرست ابن خير، وكتابي ابن حجر القيمين: المجمع المؤسس، والمعجم المفهرس.

أما التي تحصر المصنفات، مثل الفهرست لابن النديم ونحوه، فتفيد في الدرجة الأولى في الناحية الإحصائية والكمية.

إن المنظومات التي تأثرت بالبردة، وبقصيدة بانت سعاد، وحاكاها الأدباء معارضة وتخميساً وتعشيراً، كثيرة جداً، وفهرس موسوعة آل البيت، -قسم السيرة- الذي ظهر حديثاً ذكر من ذلك عدداً كبيراً تجاوزت صفحاته الأربعين، وفي كل صفحة عمودان.. ومن هذه المنظومات والشروح ما يلي:

1- إظهار صدق المودة في شرح قصيدة البردة لمحمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي التلمساني ابن مرزوق (الجد) (ت781هـ)

ق: 338 س: 27 (116) حميدية بتركيا 1153. الرباط 1713 د (811).

2- الاستيعاب لما في البردة من البديع والإعراب لمحمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي التلمساني (الحفيد) (ت842هـ) والجد وحفيده- الذي سيأتي ذكره ـ نحويّان^{( 1 )}.

3- الأنوار المضيئة في مدح خير البرية، تعليق على بردة البوصيري لجلال الدين محمد بن أحمد المحلّي (864هـ) الرباط ف 29643. بلدية الإسكندرية 3812.

4- تلخيص إظهار صدق المودة في شرح البردة لمحمد بن أحمد بن مرزوق العجيسي التلمساني (الحفيد) (ت842هـ) الرباط (834) 1635د.

5- تخميس البردة لمحمد بن علي الشاطبي الأندلسي (ت بعد 870هـ) الرباط 831 (1641 د).

6- تخميس البردة لإبراهيم بن علي البهنسي (ت 846هـ)^{( 2 )}.

7- تخميس البردة لمحمد بن خليل القباقبي (ت 849هـ)^{( 3 )}.

8- تخميس البردة، مفتاح باب الفرج لشعبان بن محمد الأثاري (ت828هـ)^{( 4 )}.

9- تخميس القصيدة الوترية في مدح خير البرية لمحمد بن عبدالعزيز الوراق (ت 757هـ) طبعت في مصر 1347هـ.

10- تيسير الشدة وبلوغ المراد في تخميس قصيدة بانت سعاد لمحمد بن عبدالقادر الواسطي (ت 838هـ)^{( 5 )}.

11- الجوهر المكنون والسر المصون في شرح قصيدة كعب في النبي المأمون ليوسف بن خالد بن نُعيم القحطاني (من أهل ق 9هـ) خ عارف حكمت 6 مدائح، كتبت سنة 850هـ.

12- حاشية على البردة لمحمد بن بهادر الزرْكشي (ت794هـ) خزانة خدابخش بتنه 1756.

13- حل العقدة شرح قصيدة البردة لشعبان بن محمد الأثاري (ت828هـ)^{( 6 )}.

14- خير القِرى في شرح أم القرى (الهمزية للبوصيري) لمحمد بن عبدالمنعم المصري (ت 889هـ)^{( 7 )}.

5- شرح قصيدة البردة لابن خلدون (ت 808هـ)^{( 8 )}.

16- شرح قصيدة البردة لطاهر بن حسن بن حبيب الحلبي (ت808هـ) سماه (وشي البردة).

17- شرح قصيدة البردة لمحمد بن أحمد البساطي المصري (ت842هـ)^{( 9 )}، وله شرح (تائية السبكي).

18- شرح قصيدة البردة، نزهة الطالبين وتحفة الراغبين لأحمد بن محمد بن أبي بكر (ت بعد 809هـ)^{( 10 )}.

19- شرح قصيدة بانت سعاد لعبدالله بن يوسف بن هشام النحوي (ت 761هـ) خ عارف حكمت 18 مدائح، والكتاب مطبوع.

20- شرح قصيدة بانت سعاد للفيروز آبادي (ت718هـ)^{( 11 )}.

21- شرح قصيدة بانت سعاد للمولى خير الدين (ت 883هـ) معلِّم السلطان محمد الفاتح رحمه الله. كشف (1330).

22- شرح قصيدة بانت سعاد لشهاب الدولة آبادي (ت849هـ) ط حيدر آباد.

23- شرح قصيدة بانت سعاد لشمس الدين محمد بن عبدالرحمن بن الصانع (ت 776هـ)^{( 12 )}.

24- شرح قصيدة لعلاء الدين علي بن محمد البسطامي المعروف بـ مصنِّفَك (ت857هـ) دار الكتب 13382.

25- شرح (( الهمزية )) أم القرى في مدح خير الورى للبوصيري للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) الظاهرية 309 شعر (1884 سيرة 32).

26- مصدق الفضل، شرح بانت سعاد لشهاب الدين أحمد بن عمر الهندي (ت 894هـ) ط: في حيدر آباد.

27- معارضة قصيدة بانت سعاد لأبي حيّان محمد بن يوسف النحوي (ت745هـ)^{( 13 )}.

---

( 1 ) انظر مؤلفات ابن مرزوق الحفيد ؛ ثبت أبي جعفر الوادي آشي ص293 وانظر المجمع المؤسس 2/263.

( 2 ) هدية1/20.

( 3 ) هدية2/169.

( 4 ) كشف 1759.

( 5 ) ذيل 1/343.

( 6 ) هدية 1/417.

( 7 ) هدية 2/212.

( 8 ) هدية 529.

( 9 ) هدية 2/192.

( 10 ) كشف 1333.

( 11 ) هدية2/180.

( 12 ) كشف (1332).

( 13 ) طبقات الشافعية 9/288.