مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

بعض المؤلفات المغربية في الحديث بمكتبة جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأمريكية: محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلالتي (المتوفى عام: 1191هـ) نموذجا

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 إن المغرب منبع العلم والعلماء، فقد أنجب عبر العصور علماء ذاع صيتهم عبر الآفاق، فرحلوا من مسقط رأسهم وبلدهم الأم ليزدادوا علما إلى علمهم، وانتشروا في العالم، فمنهم من رجع إلى بلده بعد سنين، ومنهم من استقر في بلاد الغربة فوفاته المنية هناك، ومن هؤلاء الأعلام الذي شدوا الرحال من تافلالت من بلاد المغرب صوب المشرق: الإمام المحدث، الفقيه الأصولي، الأديب الشاعر، العلامة المحقق المدقق الألمعي، المصلح الناهي عن البدع والمنكرات محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلالتي المغربي ثم المقدسي (المتوفى عام: 1191هـ) [1].

1- تحذير أعلام البشر من أحاديث عكَّا وعينها المسمَّاة: بعين البقر:

تحمل هذه الرسالة الرقم: 5923 (مجموعة يهودا) في مكتبة جامعة برنستون[2]، وهي ضمن مجموع، من الورقة: 91/أ إلى الورقة: 94/أ، في أربع ورقات، تم الفراغ من تأليفها: في ذي القعدة سنة 1172هـ.

أولها: “الحمدُ لله الذي حمى حِمى السنَّة المحمدية بأئمة جهابذة نقاد، ونشر أعلامها وأسس بنيانها بأطوادها الأفراد، وخص هذه الأمة المصطفوية بشرف سلاسل الإسناد … أما بعد؛ فيقول فقير مولاه الغني محمد بن محمد المغربي الأزهري، منح فتح الجواد: لمَّا وردنا موارد حلب العذبة الأوراد سنة اثنين وسبعين ومائة وألف، لإزاحة ما على القلب من الإنكاد، وحللنا في منزل رحب في مقعد صدق يزري بإرم ذات العماد، عند جناب رفيع سيد طويل النجاد، باذخ شامخ الأوتاد، فرآه يسابق بشاشته لكل وارد من الوراد، طيب الشمائل، عذب المناهل، نخبة الأفراد، بيَّض الله غرة أحواله، وأثمر أغصان آماله، وألبسه حلل الرشاد والسداد، ورد علينا سؤال حديثي مضمونه التنويه بفضل عكا الشهيرة عن التعريف بين الحاضر والباد، فكتبت عليه بأنه موضوع، وكل ما ورد فيها وفي عينها فهو مفترى عند أعلام الإسناد، ولما رأيت الجوهري وتابعه صاحب المختار أوردا: (طوبى لمن رأى عكا)، هززت عطفي لتحقيق الحق وإرشاد الأمجاد، وسميت الرقيم: تحذير أعلام البشر من أحاديث عكَّا وعينها المسمَّاة: بعين البقر، وينحصر المسطور في مقدمة ومرصد، وخاتمة فيها تمام المقصد …” إلخ[3].

هذه الرسالة هي جواب عن سؤال حديثي تضمن التنويه بفضل عكا وفضل عينها المسمَّاة: بعين البقر، ردَّ فيها الأحاديث المفتراة الموضوعة، دلت على نفسه الحديثي، ومعرفته بقواعد المحدثين، ودقة نقده، وجودة مصادره، وجمعه بين الأدلة النقلية والعقلية.

طبعت الرسالة في لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام، ضمن منشورات البشائر الإسلامية، سنة 1433، بتحقيق: محمد خالد كلاب.

2- حُسن الاستقصا إلى ما ثبتَ في المسجد الأقصى:

تحمل هذه الرسالة الرقم: 515 (مجموعة يهودا) في مكتبة جامعة برنستون[4]، وتقع ضمن مجموع، من الورقة: 151/ب إلى الورقة: 157/أ، في سبع ورقات، تم الفراغ منها: سنة 1191هـ.

أولها: “الحمدُ لله الذي أمرَ الملائكة الكرام ببناء المسجد الأقصى …” إلخ.

هذه الرسالة أجاب فيها المؤلف عن ثلاثين سؤالا متعلقا بالمسجد الأقصى والصخرة المشرفة، من حيث بناؤه الأول، ومساحته، وأنه قبلة عامة الأنباء، وعدم جواز الطواف به، وحكى سيرة النبي ﷺ فيه ليلة الإسراء والمعراج، وتحدث عن الصخرة: هل هي من الدنيا أم من الجنة؟ وهل هي معلَّقة أم لا؟ وهل هي أعلى مكان في الدنيا؟ وتكلم عن فضيلتها وذِكرها في القرآن الكريم، وعيَّن أفضل بقعة في المسجد الأقصى، وذَكر فضائله، وعِظم أجر الصلاة فيه، مع بيان حدوده، وألمح إلى موضع قبري داود وسليمان عليهما السلام، وختم بالإشارة إلى من رمَّم المسجد الأقصى من الملوك[5].

طبعت الرسالة في لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام، ضمن دار البشائر الإسلامية، بيروت، 1438، بتحقيق: محمد خالد كلاب، ، ونشر في مجلة المعيار، كلية الإمام مالك للشريعة والقانون، الإمارات، العدد: 5، 2016، بتحقيق: قاسم علي سعد.

3-القول المصون في حديث: «النَّاس هلكى إلاَّ العالمون»:

تحمل هذه الرسالة الرقم: 5923 (مجموعة يهودا) في مكتبة جامعة برنستون[6]، وتقع ضمن مجموع، من الورقة: 86/ب إلى الورقة: 90/أ في ست ورقات.

أولها: “الحمدُ لله الذي نشرَ أعلام السُّنَّة … أمَّا بعد: فقد سألني فاضلٌ تقيٌّ نقيٌّ … إلخ”.

هذه الرسالة أجاب فيها المؤلف عن سؤال من العلامة عبد الكريم عن الحديث المذكور، وعن إيراد الصغاني له في الموضوعات وزعمه أنه ملحون، فبيَّن في مقدمة هذه الرسالة صحة لفظ الحديث عربية، ثم شرع في المقصد مؤكدا أولا تساهل الصغاني في الحكم بالوضع على أحاديث لا يصح وصفها بذلك، ثم بيَّن أن الحديث له أصل وليس بموضوع، وأن أقل أحواله أن يكون ضعيفا، وتدل هذه الرسالة على أن المؤلف عنده تحقيق في علم الحديث، مع براعة جدال، وحسن استدلال، وجودة مصادر[7].

وفي نهاية هذا المقال نستشف أن لعلماء المغرب دورا كبيرا في إغناء التراث الإسلامي والعربي في الخزائن والمكتبات العالمية، فلا ترجع إلى مكتبة من المكتبات ولا خزانة من الخزائن العامة إلا ووجدت مؤلفات وتصانيف لعلمائنا المغاربة الأجلاء رحمهم الله تعالى، وجزاهم الله خير الجزاء عن هذه الأمة والبشرية جمعاء.

*********************

هوامش المقال:

[1] – تنظر ترجمته ولمحة عن حياته، وأهم مصادرها في الترجمة التي صنعها له قاسم علي سعد بعنوان: علامة القدس ومحدثها: “الإمام محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلاتي ثم المقدسي الأزهري مفتي الحنفية بالقدس الشريف (تـ: 1191هـ/1777م)”، وانظر أيضا: معلمة المغرب 6 /2083 في الترجمة التي صنعها له محمد ماكامان، وكذا مقدمة تحقيق: تحذير أعلام البشر من أحاديث عكَّا وعينها المسمَّاة: بعين البقر (ص: 7 فما بعدها).

[2] – فهرس المخطوطات العربية في جامعة برنستون (7 /173).

[3] – تحذير أعلام البشر من أحاديث عكَّا وعينها المسمَّاة: بعين البقر (ص: 79 فما بعدها).

[4] – فهرس المخطوطات العربية في جامعة برنستون (7 /173).

[5] – لم يتيسر لي الاطلاع على الرسالة مطبوعة ولا مخطوطة، وما نقلته أعلاه من رسالة قاسم علي سعد المعنونة: علامة القدس ومحدثها: “الإمام محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلاتي ثم المقدسي الأزهري مفتي الحنفية بالقدس الشريف (تـ: 1191هـ/1777م)” (ص: 872).

[6] – فهرس المخطوطات العربية في جامعة برنستون (3 /358).

[7] – لم يتيسر لي الاطلاع على الرسالة مخطوطة، وما نقلته أعلاه من رسالة قاسم علي سعد المعنونة: علامة القدس ومحدثها: “الإمام محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلاتي ثم المقدسي الأزهري مفتي الحنفية بالقدس الشريف (تـ: 1191هـ/1777م)” (ص: 872-873).

************

جريدة المراجع

تحذير أعلام البشر من أحاديث عكَّا وعينها المسمَّاة: بعين البقر ويليه: القولة الكافية فيما ورد في أنطاكية لمحمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلالتي المغربي، تحقيق: محمد خالد كلاب، منشورات دار البشائر الإسلامية، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى: 1433 /2012.

علامة القدس ومحدثها: “الإمام محمد الطاهر بن محمد الطيب التَّافِلاتي ثم المقدسي الأزهري مفتي الحنفية بالقدس الشريف (تـ: 1191هـ/1777م) لقاسم على سعد، مجلة قطاع أصول الدين، القاهرة-مصر، المجلد: 7، العدد: 7، سنة: 2012.

معلمة المغرب لجماعة من الباحثين تحت إشراف محمد حجي، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ، مطابع سلا، المغرب، 1410 /1989.

فهرس المخطوطات العربية في جامعة برنستون تعريب وتحقيق: محمد عايش، سقيفة الصفا العلمية، جدة-السعودية، الطبعة الأولى: 1432 /2011.

*راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

يوسف أزهار

  • باحث بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسير ة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق