مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

بعض الأحاديث الموضوعة في فضائل شهر ذي الحجة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه

     يعد شهر ذي الحجة من الشهور المحرمة الأربعة  التي ورد ذكرها في القرآن الكريم  قال الله تعالى : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) ([1])، وهو  الشهر الثاني عشر  من التقويم الهجري، والثاني من الأشهر الحرم.

وقد ورد في فضل شهر ذي الحجة أحاديث صحيحة، وفي المقابل قام بعض الوضاعين بوضع أحاديث في الباب، ونسبوها إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم كذبا وبهتانا، ومن تمام الفائدة  رأيت أن أفرده بمقال في الموضوع،  أروم ـ إن شاء الله ـ من خلاله عرض أربعة أحاديث موضوعة  عن فضائل شهر ذي الحجة،  مع تخريجها، وبيان أقوال بعض العلماء فيها ،‘وهذا أوان الشروع فيما له قصدتُ، وعلى الله العظيم توكلت:

الحديث الأول:

” أن شابا كان صاحب سماع، فكان إذا أهل الهلال، هلال ذي الحجة، أصبح صائما، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له:” ما يحملك على الصيام هذه الأيام”. فقال: بأبي وأمي يا رسول الله، إنها أيام المشاعر وأيام الحج، عسى الله أن يشركني في دعائهم، فقال: “لك بكل يوم تصومه، عدل مائة رقبة تعتقها، ومائة بدنة تهديها إلى بيت الله، ومائة فرس تحمل عليها في سبيل الله، فإذا كان يوم التروية فلك عدل ألفي رقبة، وألفي بدنة، وألفي فرس تحمل عليها في سبيل الله، وصيام سنتين، سنة قبلها وسنة بعدها، وكذلك يوم عاشوراء”.

تخريجه وحكم العلماء عليه

أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال([2]) ، وابن الجوزي في الموضوعات وقال: هذا حديث لا يصح ([3])

الحديث الثاني:

“في أول ليلة من ذي الحجة ولد إبراهيم، فمن صام ذلك اليوم كان كفارة ثمانين سنة، وفي تسع من ذي الحجة أنزل توبة داود، فمن صام ذلك اليوم كانت كفارة ستين سنة”.

تخريجه وحكم العلماء عليه

أورده الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب([4])، وذكره الفتني في موضوعاته وحكم عليه بالوضع قال: فيه محمد ابن سهل يضع. ([5])

الحديث الثالث:

“من صام آخر يوم من ذي الحجة وأول يوم من المحرم ، فقد ختم السنة الماضية، وافتتح السنة المستقبلة بصوم، جعله الله كفارة خمسين سنة “

تخريجه وحكم العلماء عليه

أورده ابن الجوزي في الموضوعات ([6]) وقال: الهروي هو الجويبارى، ووهب، كلاهما كذاب وضاع ، وكذا الشوكاني في كتابه الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة([7])، والسيوطي في اللآلئ المصنوعة([8]).

الحديث الرابع

“ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشرة ذي الحجة، يعد صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام ليلة منها بقيام ليلة القدر “.

تخريجه وحكم العلماء عليه

أورده ابن الجوزي  في العلل المتناهية وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه و سلم تفرد به مسعود بن واصل عن النهاس([9]).

         وخير ما أختم به هذا المقال ما قاله ابن المبارك -رحمه الله تعالى- في هذا الشأن قال:  “في صحيح الحديث شغل عن سقيمه”([10])، فعلى المسلم أن يتحرى الصحيح من الأحاديث التي تغني عن الموضوع ليعمل بها. والحمد لله رب العالمين.

***********

هوامش المقال:

([1]) سورة التوبة الآية: 36.

([2]) الكامل في ضعفاء الرجال (6 /2153).

([3]) الموضوعات (2 /197-198).

([4]) الفردوس بمأثور الخطاب (3/ 142) برقم (4381).

([5]) تذكرة الموضوعات (1/ 119).

([6]) الموضوعات (2 /199).

([7]) الفوائد المجموعة (ص: 96) برقم: (31).

([8]) اللآلئ المصنوعة (2 /108).

([9]) العلل المتناهية (2/ 563).

([10]) سير أعلام النبلاء (8/ 403).

************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

تذكرة الموضوعات. لمحمد طاهر بن علي الهندي الفتني. إدارة الطباعة المنيرية. د.ت.

سير أعلام النبلاء. لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، الذهبي تحقيق: مجموعة من الباحثين، مؤسسة الرسالة بيروت لبنان، ط11 /1417هـ-1996مـ

العلل المتناهية في الأحاديث الواهية. لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي. قدم له وضبطه: الشيخ خليل الميس. دار الكتب العلمية بيروت لبنان. ط1/ 1403هـ- 1983.

الفردوس بمأثور الخطاب. لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي. دار الكتب العلمية بيروت لبنان . ط1/ 1406هـ- 1986م.

الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. لمحمد بن علي الشوكاني تحقيق: عبد الرحمن المعلمي. المكتب الإسلامي. ط3 / 1407هـ.

الكامل في ضعفاء الرجال. لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني. تحقيق وضبط ومراجعة: لجنة من المختصين بإشراف الناشر. دار الفكر . د.ت.

اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة. لجلال الدين السيوطي. دار المعرفة بيروت لبنان (د.ت).

الموضوعات. لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي. ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. المكتبة السلفية المدينة المنورة. طـ1/ 1386هـ- 1966م.

راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق