مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

بعض أوجه الخلل في الأخذ والأداء

 قال الشيخ الفقيه الحافظ الناقد القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى ورضي عنه:

وتساهل الناس بعد في الأخذ والأداء حتى أوسعوه اختلالا، ولم يألوه خبالا فتجد الشيخ المسموع بشأنه وثنائه المتكلف شاق الرحلة للقائه، تنتظم به المحافل ويتناوب الأخذ عنه ما بين عالم وجاهل، وحضوره كعدمه، إذ لا يحفظ حديثه، ويتقن أداءه وتحمله، ولا يمسك أصله، فيعرف خطأه و خلله، بل يمسك كتابه سواه، ممن لعله لا يوثق بما يقوله ولا يراه، وربما كان مع الشيخ من يتحدث معه أو غدا مستثقلا نوما أو مفكرا في شؤونه حتى لا يعقل ما سمعه، ولعل الكتاب المقروء عليه لم يقرأه قط، ولا علم ما فيه إلا في نوبته تلك، وإنما وجد سماعه عليه في حال صغره بخط أبيه أو غيره أو ناوله بعض متساهلي الشيوخ ضبائر كتب وودائع أسفار لا يعلم سوى ألقابها، أو أتته إجازة فيه من بلد سحيق بما لا يعرف وهو طفل، أو حبل حبلة لم يولد بعد ولم ينطق، ثم يستعار للشيخ كتاب بعض من عرف سماعه من شيوخه أو يشتريه من السوق ويكتفي بأن يجد عليه أثر دعوى بمقابلته و تصحيحه، ثم ترى الراحل لهذا الشأن الهاجر فيه حبيب الأهل ومألوف الأوطان، قد سلك من التساهل طبقة من عدم ضبطه لكتابه، وتشاغله أثناء السماع بمحادثته جليسه، أو غير ذلك من أسبابه وأكثرهم يحضر بغير كتاب أو يشتغل بنسخ غيره أو تراه منجدلا يغط في نومه قد قنعا معا في الأخذ، والتبليغ بسماع هينمة لا يفهمان معنى خطابها، ولا يقفان على حقيقة خطئها من صوابها ولا يكلمان إلا من وراء حجابها.

مشارق الأنوار على صحاح الآثار في شرح غريب الحديث

الموطأ والبخاري ومسلم، للقاضي عياض.

 الطبعة الأولى 1423هـ – 2002م.

 دار الكتب العلمية، 1/12.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق