الرابطة المحمدية للعلماء

باحثون يدعون إلى ضرورة العمل على توسيع مجال البحث العلمي في التاريخ

دعا المشاركون في الندوة التي نظمتها جمعية آسفي للبحث في التراث الديني والتاريخي والفني والمندوبية الإقليمية للثقافة وجمعية البحث والتوثيق والنشر، مؤخرا بآسفي تحت عنوان “الذاكرة التاريخية وواقع البحث التاريخي المحلي”، إلى ضرورة العمل على توسيع مجال البحث العلمي في التاريخ المحلي والجهوي.

وأوضحوا في هذه الندوة التي احتضنتها مدينة الفنون والثقافة بتعاون جمعيتي حوض آسفي وذاكرة آسفي أن مسألة البحث في التاريخ المحلي والجهوي تقتضي الاشتغال على هذا الموضوع سواء ما يتعلق بالجانب الأكاديمي أو ما يهم تجميع العديد من الوثائق الإدارية أو تلك التي في حوزة خواص من أجل إحياء الذاكرة وإعادة الإدماج في مسلسل البحث العلمي والتنمية.

وتطرق رشيد الجرموني أستاذ باحث في علم الاجتماع بكلية الآداب بمكناس في موضوع تحت عنوان “الثقافات الشعبية من منظور سوسيو أنثروبولوجي.. مدخل للنقد والاستشراف” إلى أهمية الاشتغال على الذاكرة الفردية من أجل فهم مكونات الذاكرة الجماعية باعتبارها أداة لتجميع المعطيات الميدانية.

وصنف الجرموني المفهوم الرائج للثقافات والفرق الحاصل بينها إلى كل من الثقافة الشعبية والثقافة الجماهيرية والثقافة العمالية والثقافة البورجوازية وثقافة النخبة، متسائلا عما إذا كانت التمايز بين هذه المستويات من التصنيف يطرح في حد ذاته إشكالية النظرة الدونية بين ثقافة وأخرى، خاصة حيال الثقافة الشعبية.

وشدد على أهمية رد الاعتبار للثقافة الشعبية من خلال تركيز البحث في الذاكرة المحلية واستكشاف قدرتها على استيعاب الحاضر والتجديد والاستدماج في التحولات الراهنة. من جهته، ركز حسن علوظ باحث في التربية والتكوين في مداخلته بعنوان” تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب ودورها في صون الذاكرة الوطنية والمحلية ..

رؤية تربوية”، على ربط الذاكرة بعملية التأريخ في إطار العدالة الانتقالية وذلك عبر طرح جملة من الأسئلة المرتبطة بالأسباب التاريخية التي أدت إلى الانتهاكات الحقوقية، وكذا عن كيفية تقويم الحاضر السياسي من خلال الذاكرة، داعيا كذلك إلى بلورة إطار بيداغوجي تربوي من أجل ترسيخ الحق في صون الذاكرة باعتبارها معطى حقوقيا.

وفي موضوع ” واقع البحث التاريخي المحلي في البادية .. الصعوبات والآفاق” الذي ألقاه الباحث في علوم التاريخ مصطفى حمزة، تمت الإشارة إلى الصعوبات التي تواجهها العلوم الإنسانية ومن بينها التاريخ، عند التطرق إلى تاريخ البادية الذي لم يحظ، برأيه، بأي اهتمام من طرف المؤرخين المغاربة القدامى منهم والمحدثين. وقدم في هذا الصدد نموذجا عن البحث التاريخي في بلاد أحمر (إقليم اليوسفية)، التي لم تحظ بمكانة ضمن البحث التاريخي، وذلك رغم الدور الذي اضطلعت به المنطقة في تاريخ المغرب. وعزا أسباب “الإهمال” إلى عدد من العوامل منها أساسا تداخل منطقة أحمر مع المناطق المجاورة (دكالة، الرحامنة ، أولاد دليم…)، حيث لم تشكل المنطقة حيزا جغرافيا محدد المعالم، فضلا عن غياب التوثيق وتهدم أو انهيار بعض المآثر التاريخية وتضارب الروايات الشفهية.

وعلى الرغم من هذه الصعوبات -يضيف الباحث- يتم حاليا بذل مجهودات من أجل تعميق البحث في هذا الموضوع الذي أصدر الباحث بشأنه عددا من المقالات خلال السنوات القليلة الماضية منها على الخصوص ” ورقات من تاريخ قبيلة أحمر” و “رباط شاكر”ّ و”جبل إيغود مهد الإنسان القديم” و”بحيرة زيما بين الأسطورة والواقع” وغيرها من المقالات في الصحافة الوطنية.

ومن جانبه استعرض عبد الرحيم العطاوي أستاذ باحث بجامعة محمد الخامس بالرباط في موضوع حول “الفقيه أحمد الصبيحي والفقيه محمد الكانوني.. تجربتان رائدتان في كتابة التاريخ المحلي” المقاربة الاجتماعية والعلمية للفقيهين الذين عاشا في نهاية القرن 19 إلى النصف الأول من القرن 20 .

وأبرز في هذا الصدد أهمية كتابة التاريخ المحلي عندهما رغم تباين نمط عيش كل واحد منهما، واهتمام الرجلين بالقضايا الدينية والاجتماعية للساكنة وللحالة التي كان يوجد عليها المغرب في ظل الاحتلال الفرنسي وانتقاداتهما لذلك كل بطريقه وبأسلوبه الخاص.

وأعرب عن اعتقاده أن هذين المفكرين المغربيين يستحقان أن ترصد لهما دراسات وافية ومتعددة لما أسدياه من خدمات جليلة في كتابة التاريخ المحلي لمدينة آسفي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق