الرابطة المحمدية للعلماء

باحثون يبرزون دور المذهب المالكي في توطيد وحدة المغرب العربي الكبير

احتضنت قاعة الندوات بالمركز الثقافي المغربي بنواكشوط، مساء أول أمس الثلاثاء ، محاضرة في موضوع “دور حواضر الغرب الإسلامي في وحدة المغرب العربي الكبير: من العصر الوسيط إلى اليوم ” قدمتها الأستاذة الجامعية تربة بنت عمار، المسؤولة بوزارة الثقافة الموريتانية.

وتندرج هذه المحاضرة في إطار الكشف عن المؤثرات والروافد الثقافية والروحية التي أسهمت في تغذية الحواضر العلمية بالغرب الإسلامي، التي تألق نجمها وذاع صيتها إبان العصر الوسيط وشطرا من العصر الحديث، والتي كان لها دور بارز في نشر العلم والثقافة في العالم خاصة جامع القرويين بفاس، وجامع الزيتونة بتونس، إلى جانب تلمسان بالجزائر وقرطبة وإشبيلية بالأندلس وفزان وشنقيط في موريتانيا.

وتناولت المحاضرة العلاقات الثقافية والروحية التي عرفتها مدن وحواضر الغرب الإسلامي فيما بينها إبان ازدهار القوافل الصحراوية، مما انعكس بجلاء على طابعها الحضاري وعلى نمط الحياة الدينية والسلوكية لمجتمعات الصحراء الكبرى خلال العصر الوسيط.

وأشارت إلى أن الرحلات العلمية والتجارية شهدت في العصر الوسيط دينامكية ملفتة، مما أدى الى نسج شبكة من الدعاة والتجار تجوب رحاب الغرب الإسلامي من جهة، وإفريقيا جنوب الصحراء من جهة ثانية، الشيء الذي ترك أثرا إيجابيا على امتزاج المكونات الثقافية والأجناس البشرية في حواضر وبوادي المغرب العربي الكبير.

وسجلت تربة بنت عمار أن تلك الحركية امتد إشعاعها إلى مناطق إفريقيا الغربية، لتتفتق عن مدينة “تمبكتو” كتجربة رائدة أينعت في ظل الحكم السياسي لدولة مالي السودانية الإسلامية كوريث سياسي لمملكة غانا الوثنية، بزعامة ملوك سونغاي الذين تأثروا بحركة الدعوة التي انسابت عبر مسالك الطرق التجارية التي عبدتها الرحلات العلمية والدعوية.

وشارك في تنشيط المحاضرة الشيخ بشيري ولد إنديد، رئيس شعبة الإمامة والخطابة بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بتناوله موضوع “ثقافة المذهب المالكي عنصر ائتلاف المغرب العربي : المملكة المغربية وموريتانيا نموذجا “.

وقال الشيخ بشيري إن الوحدة المغاربية تعززت على مر العصور وكان الالتفاف حول المذهب المالكي أهم دعائم هذه الوحدة، التي زادت في توطيدها الصلات الثقافية والعلمية والروحية التي ظلت متواصلة من حين لآخر بين الحواضر العلمية في جميع الأقطار المغاربية، ولاسيما الصلات بين المراكز العلمية والدينية في المغرب وبلاد شنقيط.

وأشار في هذا الصدد إلى تردد الموريتانيين على جامع القرويين بفاس وعلى الزوايا الصوفية ، مضيفا أن ما شجع على استمرار هذه الصلات ، بالإضافة إلى وحدة المذهب المالكي ، هي وحدة الطرق الصوفية في كلا القطريين وسيادة العقيدة الأشعرية بهما ، دون إغفال وشائج القربى والروابط الاجتماعية والحضارية المشتركة.

وأكد المحاضر أن المذهب المالكي ترسخ في الغرب الإسلامي في عهد الدولة المرابطية ” التي عرفت بإخلاصها في نشر الإسلام واعتمادها المذهب المالكي في الأندلس والمغرب على حد سواء ، حيث أخذت منذ تأسيسها بهذا المذهب بجد وعناية ووطدت أركانه وعممته في جميع البلاد التي حلت بها “.

وخلص الشيخ بشيري إلى أن المذهب المالكي، استطاع بوسطيته واعتداله في أصول الدين وفروعه أن يوحد المجتمع المغاربي المسلم السني على ثقافة واحدة ملؤها الود والاحترام والاستقامة الدينية واحترام الآخرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق