الرابطة المحمدية للعلماء

باحثون وأكاديميون يناقشون بفاس حضور المكون العبري في الثقافة الأندلسية

انطقت أمس الأربعاء بفاس، أشغال الندوة الدولية التي تنظمها، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس حول موضوع “المكون العبري في الثقافة الأندلسية .. الأندلس وحوار الحضارات”.

وحاولت هذه الندوة الدولية، التي نظمت بشراكة مع مختبر التواصل الثقافي وجمالية النص (كلية الآداب ـ ظهر المهراز)، مقاربة العلاقة بين الأدب العربي الإسلامي والأدب العبري، من خلال نماذج لمفكرين وعلماء وفلاسفة شكلوا جسرا للتواصل بين هذين الحقلين المعرفيين وأثروا الثقافة المغربية والأندلسية بأعمال إبداعية طبعت تاريخ حضارة الغرب الإسلامي بطابع التفرد والخصوصية.

وقال السيد عمر الصبحي، رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن هذا الملتقى الدولي الذي يتتبع مدى دور البحث المغربي المعاصر في مقاربة الحضور العبري بمختلف تجلياته وتعبيراته في الأندلس ينسجم مع الاهتمام والعناية التي يوليها المغرب من أجل تثمين مختلف مكوناته الثقافية والروحية بما فيها المكون العبري. وأكد السيد الصبحي، خلال افتتاح أشغال هذه الندوة الدولية، التي يحضرها العديد من الباحثين والمفكرين والمهتمين بقضايا الثقافة العبرية من المغرب والخارج، على ضرورة الحفاظ على التراث اليهودي المغربي الذي يشكل احد المكونات الأساسية للهوية المغربية، مشيرا إلى أن تنوع وغنى هذا التراث الذي يتوزع ما بين التراث المادي واللامادي ساهم ولا يزال في إغناء الحضارة المغربية.

وأوضح أن التعبيرات الثقافية اليهودية المغربية انعكست منذ القدم في أشكال الموسيقى والفن والشعر والمسرح والسينما وغيرها من الفنون الإبداعية الأخرى، مشيرا إلى أن هؤلاء المبدعين والكتاب والمفكرين والفلاسفة والفنانين اليهود ساهموا بكتاباتهم في نهضة وتطور الثقافة المغربية.

وأكد استعداد جامعة فاس والتزامها بالانخراط في جميع المبادرات التي تروم التعريف بالتراث العبري والمحافظة عليه وصيانة الذاكرة الثقافية لليهود المغاربة خاصة وأنها تتوفر على باحثين ومختصين في هذا المجال مشهود لهم بالتجربة وبالتمحيص الدقيق وفق معايير البحث العلمي الرصين.

من جهته، تطرق السيد عبد الإله بلمليح، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية (ظهر المهراز) بفاس، إلى بوادر النهضة الفكرية في الأندلس ومدى المساهمة التي قدمها مفكرون وفلاسفة وشعراء ومبدعون يهود في بروزها وتطورها حتى أضحت إحدى العلامات الفارقة في تاريخ الحضارة المغربية الأندلسية.

واستعرض مجموعة من الإسهامات التي قدمها هؤلاء المفكرون والفنانون اليهود في مختلف المجالات سواء في مجال الدرس الفلسفي أو اللساني والنحوي إلى جانب مجالات الشعر والأدب والتاريخ وغيرها.

وأشار إلى أن المكون العبري في الثقافة الأندلسية سيكون محورا لهذه الندوة الدولية من خلال عروض ومداخلات ستسائل خصوصية المساهمة العبرية ومدى تفاعلها مع المكونات الفكرية والإبداعية العربية الإسلامية سواء من خلال تجربة التقليد والمحاكاة المتمثلة في تبني الشعر العبري لبحور الشعر العربي أو بالإبداع المغاير المنسجم مع الهوية العبرية. وستتواصل أشغال هذه الندوة الدولية التي تناقش مجموعة من القضايا والمواضيع من قبيل “تفاعل الأدبين العربي والعبري في الأندلس” و”مجالات التداخل بين الأدبين” و”تأثير الأغراض الشعرية العربية في الأدب العبري” بالإضافة إلى “دور البحث المغربي المعاصر في مقاربة الحضور العبري في الأندلس”.

للاشارة فبرنامج هذه الندوة التي يشارك فيه العديد من الباحثين والمختصين إلى جانب أكاديميين ومهتمين بقضايا الفكر والأدب من المغرب والخارج تنظيم ثلاث جلسات عامة تبحث قضايا ” المكون العبري في الثقافة الأندلسية .. الحضور والتفاعل” و”المكون العبري في الثقافة الأندلسية .. الفكر والفلسفة” و”المكون العبري في الثقافة الأندلسية .. التكامل والامتداد”.

وحسب المنظمين فإن أهمية هذه الندوة تستمد مصداقيتها من أن الأندلس شكلت على الدوام جسرا حقيقيا لعبور الثقافة العربية الإسلامية من الشرق إلى الغرب حيث ساهمت أعلام أندلسية تنتمي إلى مرجعيات فكرية وعلمية وفلسفية وإبداعية مختلفة في ترسيخ الحوار الثقافي والحضاري بين الضفتين، مشيرين إلى أن المكون العبري الذي كان حاضرا بقوة ساهم في أكثر من مجال في إغناء التلاقح الثقافي والحضاري بالمنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق