مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينغير مصنف

انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك

 

 

 

بقلم: يونس السباح

من الشّبه الواهية، والأكاذيب المزعومة، ما يروّج له البعض من أنّ الحسين بن علي رضي الله عنهما، نهر عمر بن الخطاب، وأمر بإنزاله من على منبر جدّه، وأنّ في هذا إشارة لعدم استحقاق عمر رضي الله عنه للخلافة.

وبيان ذلك أنّ الرواية المستند عليها، وردت كما يلي: عن عبيد بن حنين قال: حدثني الحسين بن علي قال: أتيت على عمر بن الخطاب وهو على المنبر فصعدت إليه، فقلت له: انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك، فقال عمر: لم يكن لأبي منبر، وأخذني فأجلسني معه فجعلت أقلب حصى بيدي فلما نزل انطلق بي إلى منزله فقال لي: من علمك؟ فقلت: والله ما علمنيه أحد. قال يا بني: لو جعلت تغشانا، قال فأتيته يوماً وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر ورجعت معه، فلقيني بعد فقال: لم أرك فقلت يا أمير المؤمنين، إني جئتُ وأنت خال بمعاوية وابن عمر بالباب فرجع بن عمر ورجعت معه، فقال: أنت أحق بالإذن من ابن عمر وإنما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم[1].

وهذا الأثر لا حجّة فيه للطّاعنين، وبيان ذلك،  أن الحسين رضي الله عنه كان صغيراً  في السن حين خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما يعلم من قوله: (و أخذني فأجلسني معه، فجعلت أقلب حصى في يدي) فكلامه رضي الله عنه كان حين صغره، ولكلّ مقام مقال، فحال الصغر ليس كمقام الكبر، واكتمال العقل، وتمام النّضج. وهو واضح أنّه لم يكن تصرّف الرشيد الحصيف.

ثمّ إنّ المقصود بقول الحسين رضي الله عنه (منبر أبي) أي منبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقصد منبر والده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنّه أحق بالمنبر من عمر. 

ثمّ إنّ الحسين رضي الله عنه، لم يعد لهذا الأمر مرة أخرى، وذهب إلى بيت عمر رضي الله عنه لزيارته ومجالسته ، ممّا يدلّ على أنّه لم يكن حانقاً عليه، وقد جاء في الرواية (فأتيته يومًا وهو خالٍ بمعاوية رضي الله عنه، وجاء ابن عمر رضي الله عنه فرجع، فلما رأيته رجع رجعت فلقيني بعد فقال: لم أرك تأتينا ؟ فقلت : قد جئت وكنت خاليًا بمعاوية رضي الله عنه ، وجاء ابن عمر رضي الله عنه فرجع ، فلما رأيته رجع رجعت ، فقال عمر رضي الله عنه : أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر). فليس في نفسه رضي الله عنه شيئا على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه . 

 

 

 


[1]  أخرجه ابن سعد في الطّبقات: 1/394. و الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: 1/141. و ذكره الذهبي في السّير: 3/285. وقال: إسناده صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق