مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

انتشار الأشعرية بإفريقية والمغرب: عبد المجيد النجار

تمهيد:
ظلت القيروان أهم مركز ثقافي وفكري بالمغرب إلى منتصف القرن الخامس للهجرة، وكانت خلال تلك الفترة قيِّمة على الحياة الفكرية الثقافية بالمنطقة، فيها تنضج المذاهب ومسائل العلم والآداب، سواء ما كان منها نابتا هناك، أو ما كان مستوردا من الشرق، ومنها تنطلق هذه المذاهب والعلوم والآداب يحملها أساتذة المدينة أو الطلبة الواردون عليها لِتعُمَّ إفريقية بل والمغرب كله في كثير من الأحيان.
إلا أن هذا الدور الذي قامت به القيروان في إنضاج ونشر الفكر الإسلامي بصفة عامة لم يكن على وتيرة واحدة في جميع فروع ذلك الفكر، بل كان فيه بإزاء تلك الفروع تفاوت في الأهمية واختلاف بالقوة والضعف.
وإذا كان من أهم فروع الفكر الإسلامي الجانب الفقهي والجانب العقدي، فإن مقارنة بين ما قامت به القيروان في خدمة كل من هذين الجانبين تسفر عن إظهار مدى ذلك الاختلاف والتفاوت بينهما.
فقد كان دور القيروان مهما جدا وواضحا كل الوضوح في إنتاج فكر فقهي ناضج مكين، استطاع أن يرسي المذهب المالكي بإفرقية وينشره في كامل المغرب، في نماء مستمر وإثراء مطرد منذ الابتداء بجهود أسد بن الفرات بن سنان(ت213هـ)، وسحنون عبد السلام بن سعيد التنوخي(ت240هـ) اللذين أدخلا هذا المذهب إلى القيروان، وفي كامل المسيرة بعد ذلك على أيدي جلة من الفقهاء الأفذاذ، مغالبا في كثير من الصلابة والحدة كل عوامل التحدي وبالأخص منها قيام المذهب الشيعي ودوامه بإفريقية أكثر من قرن.
إلا أن هذا الدور كان أقل أهمية ووضوحا في إنتاج فكر عقدي له من النضج والصلابة والثراء ما يستطيع به أن يسيطر في شيء من الحسم على الحياة العقدية بإفريقية والمغرب شأن الفكر الفقهي.
صحيح أن الفكر الأشعري في العقيدة كان له آخر الأمر – ومنذ القرن الخامس- الغلبة في فهم العقيدة والإيمان بها في هذه المنطقة، ولكن السؤال المهم في هذا الخصوص هو: ما هو دور القيروان في تقبل الأشعرية ونشرها بإفريقية والمغرب؟ وما هو دورها في تنمية وإثراء هذا اللون من الفكر العقدي الذي غلب على إفريقية والمغرب؟
إن جوابا قطعيا وواضحا على هذا السؤال يبدو عسير المنال في ضوء المعطيات الراهنة، ذلك لأن مؤلفات رجال القيروان في مجال العقيدة على الأخص قد حفت بها ظروف صعبة فضاع منها الكثير، وما بقي منها ظل حبيس المكتبات الخاصة، وحتى ما كان منه بالمكتبات العامة فإنه لم ير النور بعد.
ولذلك فإن الحديث في هذا الشأن لا يعدو أن يكون محاولة جواب تعتمد على معطيات أغلبها إشارات واردة في كتب الطبقات والتاريخ والفقه، وقليل من كتب العقيدة، وهي لذلك تظل قابلة لتغير جد محتمل على ضوء ما يظهر من تراث في مجال العقيدة خاصة…
1-  ظهور الأشعرية بالمشرق:
لا شك أن ظهور الأشعرية ببغداد في بداية القرن الرابع كانت استجابة لضرورة حضارية في مجال الفكر العقدي، واجهت العقيدة الإسلامية وحملتها المنتمين إلى جمهور المسلمين الممثلين في الأئمة والفقهاء والمحدثين. فالمعتزلة التي نشأت أوائل القرن الثاني تمثل صيغة جديدة في فهم العقيدة تقوم على الحجة العقلية بلغت في القرن الثالث أوج قوتها، حيث قد استحدثت من الأساليب  والطرائق في صوغ أفكارها والبرهان عليها ونشرها بين الناس، ما حقق لها الغلبة في ساحة الفكر العقدي الإسلامي، ويكفي أن نذكر في هذا المجال أعلاما مثل أبي الهذيل العلاف وإبراهيم النظام وبشر بن المعتمر والجاحظ وأبي علي الجبائي..وقد وقع المعتزلة في شيء من التغالي في الاعتداد بالعقل والزهادة في النص، وعلى الأخص(الحديث) الذي سلطوا عليه مقياسا نقديا قاسيا أفضى إلى رفض كثير منه، وتأويل جانب آخر بما يناسب الآراء التي ذهبوا إليها..
وفي القرن الثالث أيضا بدأت تظهر بوادر الحركة الفلسفية المتأثرة بالفلسفة اليونانية، وقد كانت نزعة تقوم على اعتبار العقل قبل اعتبار الشرع، وإخضاع النص للعقل، وبذلك كانت هذه تمثل تحديا أشد من المعتزلة في وجه المتمسكين بالنصوص من أهل السلف.
ثم يأتي التحدي الصارخ للعقيدة الإسلامية عموما، ولأهل السلف خصوصا متمثلا في تلك النزعات الدينية والفلسفية المضادة للإسلام التي كشفت عن نفسها واشتدت مصاولتها للمسلمين في القرن الثالث..
أضف إلى هذه التحديات ما سقط فيه بعض النصيين من الوقوع في فهم حرفي ظاهري للنصوص أدى بهم إلى السقوط في تشبيه وتجسيم غليظين في حق الذات الإلهية.
فهذا الوضع الفكري الذي أسفر عنه القرن الثالث للهجرة جعل أهل السلف في موقف صعب في ميدان الصراع في الفكر العقدي، فباتت بذلك الضرورة الحضارية في مجال العقيدة ملحة أشد الإلحاح على التكيف حسب هذه البيئة في إثبات حقائق العقيدة التي فهموها من النصوص، وفي أساليب الرد على الشبهات الواردة عليها، فكان ظهور الأشعرية ببغداد استجابة لتلك الضرورة في مجال الفكر العقدي…
2- عقيدة أهل المغرب قبل الأشعرية:
لم يكن سائدا بإفريقية منذ سحنون فقه مالك فحسب، بل ومذهبه في العقيدة أيضا، ذلك الذي يقوم على الإيمان بما جاءت به النصوص متجنبا التأويل والجدل الذي تستعمل فيه الحجة العقلية..إلا أن أتباع هذا المنهج في العقيدة بالقيروان لم يخل لهم المجال من المعارضين لهذه الوجهة، بل وجدت بالمدينة منذ وقت مبكر وجهات مخالفة في الفهم العقدي.
فلقد كان للمعتزلة وجود بالقيروان منذ أوائل القرن الثاني للهجرة، ولعل ذلك من آثار البعثة التي أرسلها واصل بن عطاء إلى المغرب لنشر الاعتزال بها، وعلى الرغم من أن نتائج هذه البعثة كانت أكثر ظهورا وإيجابية بالمغرب الأقصى وبالأخص بطنجة والمغرب الأوسط وبالأخص بتهارت، إلا أن تلك الآثار امتد بعضها إلى القيروان حيث وجدت جماعة من المعتزلة تنشر الاعتزال وتنافح عنه.
كما ظهر الخوارج من الصفرية والإباضية بالقيروان منذ أوائل القرن الثاني للهجرة أيضا، وعلى الرغم من أن هؤلاء كانوا يدخلون القيروان دعاة يمهدون لإقامة دولة لهم في مناطق نائية بعيدة عنها، إلا أن آثارهم بقي لها وجود بالقيروان بعد تكوين تلك الدول.
على أن أثقل وجود للفرق الإسلامية بالقيروان كان وجود الشيعة التي استطاعت أن تكون الدولة الفاطمية سنة297هـ، وقد ألقت هذه الفرقة بثقلها الفكري العقدي تعززه السلطة السياسية.
إن وجود هذه الفرق كلها في مدينة واحدة، كان مفضيا إلى قيام حوار فكري عقدي ثري، بلغ ذروته في القرن الثالث، وأسفر عن ظهور طبقة من أهل الجدل في العقيدة، وقد صور ذلك الخشني في بابين من طبقاته، تحدث في أحدهما عمن انتحل الجدل من أهل السنة، وتحدث في الثاني عن أهل المناظرة والجدل من طبقة العراقيين..وقد كان هذا الحوار يدور حول مسائل عقدية كثيرة؛ أهمها مسألة الصفات الإلهية المعبر عنها أحيانا بقضية الأسماء والصفات، ومسألة خلق القرآن، و مسألة وجود الله[تعالى] في كل مكان، ومسألة الإيمان، ومسألة الإمامة وفضل الصحابة…(انظر مناقشة ابن الحداد للشيعة في كتاب:طبقات علماء إفريقية للخشني-ص:199 وما بعدها).
إن هذا الوضع الذي كانت عليه القيروان في القرن الثالث بعناصر الوفاق والفراق بينه وبين الوضع الذي كانت عليه بغداد، يمكن أن يلقي أضواء على مدى الاستعداد لتقبل الأشعرية ذات الخصائص الآنفة الذكر، ويمكن أن نقول مبدئيا: إن مواجهة السلف لعديد من الفرق الإسلامية وخاصة منهم أهل العراق..يمثل عنصرا مهيئا لتقبل الأشعرية، ولعل بوادر ذلك التهيؤ تتمثل بوضوح فيما وصل إليه جدل أهل السلف أواخر القرن الثالث من ميل شديد إلى استعمال الحجاج العقلي، وهو ما تجلى بشكل واضح عند أبي عثمان سعيد بن الحداد(ت302هـ).
3- بوادر الأشعرية بالقيروان:
لعل من أول مقولات الأشعرية ظهورا بالقيروان، تلك التي حملها أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله القلانسي(ت361هـ)، فقد ذكر عنه أبو القاسم بن محمد البرزلي(ت844هـ) أنه كان من مشايخ الأشعرية.. وبعد القلانسي نجد علما لامعا من أعلام القيروان قد يكون قام بدور مهم في إدخال مبادئ الأشعرية إليها، هو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني(ت386هـ)، فقد كانت له رحلة إلى المشرق حج فيها، ولم تذكر المصادر أنه ذهب إلى بغداد، ولكنه تتلمذ على كثير من المشايخ بالمشرق منهم جماعة من البغداديين، وهناك على الأقل اثنان من مشايخ ابن أبي زيد من الأشاعرة هما: أبو ميمونة دراس بن إسماعيل الفاسي(ت357هـ) وأبو بكر أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، وقد كانت له علاقة طيبة جدا مع أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد المتكلم(ت370هـ) تلميذ الأشعري.. وفي النصف الثاني من القرن الرابع جدَّ عنصر مهم سيكون له أثر واضح في نمو الأشعرية بالقيروان، وذلك هو ظهور القاضي أبي بكر الباقلاني(ت403هـ) ببغداد..
4- أثر الباقلاني في دخول الأشعرية إلى المغرب:
نصادف أواخر هذا القرن علما قيروانيا نسب إليه دور مهم في إدخال الأشعرية إلى القيروان وإرسائها بها؛ وذلك هو أبو الحسن علي بن محمد القابسي(ت403هـ).. ولم يكن القابسي تلميذا للباقلاني، ولكنه كان من طبقته حيث توفيا في نفس السنة(403) واشتركا في بعض التلاميذ، إلا أنه لا شك أنه اطلع على أشعرية الباقلاني وأفاد منها، فقد كانت له رحلة إلى المشرق كما كانت له صلات متينة مع تلاميذ الباقلاني العائدين من بغداد..
وفي أواخر القرن الرابع الهجري بدأ دفق من تلاميذ الباقلاني الذين أخذوا عليه فقهه المالكي وعقيدته الأشعرية يصلون إلى القيروان ويستقرون بها، وينشرون بها العقيدة على المذهب الأشعري، ومن هؤلاء تلميذان ذكرهما ابن عساكر بصدد حديثه عن تلاميذ القاضي المنتشرين في مختلف البلاد؛ وهما: أبو عبد الله الأذري وأبو طاهر البغدادي..وقد كثر تلاميذ هؤلاء المشايخ الراجعين إلى القيروان بعلم الباقلاني، إلى جانب آخرين يذهبون من جديد إلى بغداد، فمنهم من يدرك الباقلاني ومنهم من يدرك تلاميذه، فاتسع انتشار الأشعرية وراجت كتبها بالقيروان وتناسخها الناس وتدارسوها وكان من أبرز التلاميذ الذين تشربوا الأشعرية في هذا المناخ، وأخذوها عن أهم أعلامها مشرقا ومغربا؛ أبو عمران موسى بن عيسى الغفجومي  الفاسي(ت430هـ)، فقد تتلمذ للقابسي بالقيروان وللأصيلي بقرطبة وللباقلاني ببغداد، ثم جلس للتدريس بالقيروان مدة طويلة..ويمكن أن تعتبر بحق أن القيروان بدأت على يد أبي عمران الفاسي تشع بالأشعرية على إفريقية والمغرب والأندلس بصفة مباشرة أو بواسطة تلاميذه. فقد تفقه عليه جماعة كثيرة كعتيق السوسي وأبي القاسم السيوري وجماعة من الفاسيين والأندلسيين..إلا أن تلاميذه منهم من غلب عليه التأثر بالفقه ومنهم من تأثر بعلمه في العقيدة إلى جانب علمه في الفقه، وعلى حسب ذلك كانت آثارهم ونتائجهم..
[ومن هؤلاء التلاميذ الأمير يحيى بن إبر اهيم الصنهاجي..وأبو محمد عبد الحميد بن محمد المعروف بابن الصائغ(486هـ) وتلميذه محمد بن علي بن عمر المازري(ت536هـ) الذي يمكن اعتباره ممثلا لمرحلة ظهرت فيها بوادر واضحة لنضج الأشعرية وعطائها بإفريقية، فقد بدت في مؤلفاته خصائص هذا المذهب واضحة المعالم، وبانت في آرائه بعمق مقولات الأشعرية في فهم العقيدة]..
إن هذا الحضور الأشعري بالقيروان، الذي امتد من أواسط القرن الرابع إلى أواخر القرن الخامس على النحو الذي تقدم، أدت إليه تلك المهيئات الآنفة الذكر؛ المتمثلة بالأخص في نشوء جدل عقدي بلغ أوجه في القرن الثالث- وواجه فيه أهل السلف حجج المعتزلة والشيعة- وفي نشوء عالم مالكي أشعري مبرز ببغداد هو الباقلاني الذي كان على يديه تأصيل وتركيز الأشعرية..
إلا أننا إذا قوَّمنا هذا الحضور الأشعري بالقيروان خلال المدة التي ذكرناها، فإننا نجده حضورا متواضعا في الجملة، إذ هو ليس في أغلبه إلا تأثرا متفاوت النسبة ببعض ما ذهب إليه الأشعري وأتباعه، ولم يتعدَّ القبول والتلقي إلى الإسهام الحقيقي في إنضاج الأشعرية وتطويرها بالبحوث المستجدة وإثرائها بالتحاليل والمعطيات المبتكرة، ولذلك فإننا لا نلمح في القيروان-على حد ما بين أيدينا من المعطيات- نشوء أشاعرة أفذاذ مثل أولئك الذين نشأوا بالمشرق..[ وبالبحث في الأسباب التي جعلت حضور الأشعرية بالقيروان على هذا النحو، يمكن أن نسفر عن مجموعة من الأسباب لعل أهمها ما يلي]:
– انعدام أو محدودية عنصر الخصوم من الفلاسفة وأهل الديانات في مجال الجدل العقدي،  مما جعل الحاجة إلى البحث العقدي في اتجاه الحجة العقلية حاجة محدودة..
– سيطرة الشيعة سياسيا على القيروان وإفريقية في نفس الفترة التي ظهرت فيها الأشعرية وطيلة حوالي قرن ونصف بعد ذلك، وقد أدى ذلك إلى تضييق على اتجاه أهل السلف..
– تأخر دخول الأشعرية بصفة عميقة إلى مصر بعامل الوجود الشيعي بها بعد انتقاله من إفريقية إليها سنة361هـ، فقد ذكر المقريزي أن الأشعرية لم تنتشر بمصر إلا بعد منتصف القرن السادس على عهد صلاح الدين الأيوبي(ت589هـ)..
ومع هذه العوامل فإن الأشعرية بالقيروان، لما طمحت بعد هذا الحضور المتباطئ المتواضع إلى أن تركز نفسها وتنضج طرقها وأساليبها وظهرت منها بوادر العطاء والإسهام في تطوير البحوث العقدية ..فاجأها عامل آخر أجهض هذه المرحلة ونكس الأشعرية بالقيروان؛ وذلك هو هجوم الأعراب عليها، وتخريبها سنة444هـ، فحينذاك خرج منها علماؤها وكسدت سوق العلم بها..
5- سيادة الأشعرية بالمغرب:
تشاء الأقدار أن يكون الإسهام المغربي الحقيقي في إنماء الأشعرية وإثرائها ونشرها نهائيا بالمغرب كاملا، أن يكون ذلك صادرا من المغرب الأقصى والأندلس على يد رجلين من أفذاذ علماء العقيدة الأشعرية هما: أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي(ت543هـ) ومحمد بن عبد الله بن تومرت(ت524هـ)، فقد ارتحل كل منهما إلى المشرق ودرس العقيدة الأشعرية على أبي حامد الغزالي(ت505هـ) وتشبع بمنهجية هذه العقيدة وبحصيلة آرائها في المسائل الكلامية..
ثم إن ابن العربي رجع إلى قرطبة وشرع في تدريس الفقه على المذهب المالكي والعقيدة في الأندلس والمغرب خاصة، وقد ألف في بسطها وتفصيلها والإقناع بها كتبا كثيرة من أهمها كتابه الذائع الصيت”العواصم من القواصم” إلى جانب ما جلب وروج من كتبها من مؤلفات الباقلاني والجويني والغزالي، وقد ظهرت في مؤلفات ابن العربي روح الابتكار والتطوير في الأشعرية، فلم يكن بذلك متلقيا فحسب بل منتجا مسهما في الإثراء.
أما محمد بن تومرت فإنه إلى جانب تشربه للعقيدة الأشعرية وتبريزه فيها، وتأليفه على منهجها عدة رسائل في شيء من الطرافة والابتكار، كان له شأن آخر في نشرها وتعميمها، وذلك أنه اتجه إلى تنزيل الفكر العقدي منزلة الواقع حيث يترجم المعتقد إلى سلوك في حياة الناس..
ولئن كانت القيروان لم يُقدَّر لها بفعل العوامل المتقدمة أن تقوم بدور الإسهام المنمي للأشعرية المثري لطرائقها وأفكارها الحاسم في نشرها وتعميقها، إلا أنها بذلك النوع من تقبل الأشعرية والأخذ بنتائجها الواصلة من الشرق، قامت أحسن قيام بتمهيد ضروري وتهيئة لازمة لانتشار حاسم لهذه العقيدة بإفريقية والمغرب والأندلس..

[من كتاب فصول في الفكر الإسلامي بالمغرب- عبد المجيد النجار-

دار الغرب الإسلامي/ بيروت- الطبعة الأولى/1992 – صفحات ما بين: 11و35]

 

 

                                                                          إعداد الباحث: منتصر الخطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق