الرابطة المحمدية للعلماءأخبار الرابطة

“الوحي والإنسان نحو استئناف التعامل المنهاجي مع الوحي” جديد إصدارات الأستاذ الدكتور أحمد عبادي

اجتهاد نوعي أودَعه الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، في كتابه البديع “الوحي والإنسان: نحو استئناف التعامل المنهاجي مع الوحي”  الصادر عن دار النيل المصرية (352 صفحة، ط1، 2013)،

حيث ضمّن كتابه القيِّم أفكارا مركّزة، في مجال استبانة معالم الرؤية الكلية الناظمة والتوحيدية الكامنة في القرآن الكريم، والكشف عن المناهج الممكنة من ذلك.

ولا يخفى أن التجديد في هذه المناهج يعد مفتاحا عمليا لتجريد الرؤية الكلية المسعفة في إسهام المسلمين في تشكيل التاريخ المعرفي والحضاري الكوني، وإن هذه الرؤية لهي العتبة الأساس، والمنطلق لبلورة مناهج القراءة الوظيفية للكتابين، وبلورة قوة اقتراحية لدى أمتنا، تكون قابلة للفهم والفحص، متأبّية على الردّ والتفنيد.
وقد قسم الكتاب إلى ستة عشر فصلا، كل فصل بعنوان، أشد ارتباطا بالذي يليه، في تناغم وترابط منهجيين، مع قوة الطرح، وفصاحة في اللغة والبيان، وبراعة في الاستدلال والاستنباط، وفق الشكل الآتي:

 الفصل الأول: إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا
الفصل الثاني: بنائية القرآن المجيد دعامة من دعامات الختم
الفصل الثالث: من مكونات المنهج النقدي في القرآن الكريم التصديق والهيمنة
الفصل الرابع: الجمع بين القراءتين تجليا من تجليات التكامل  المعرفي في القرآن المجيد
الفصل الخامس: الوجهة
الفصل السادس: القبلة
الفصل السابع: النبوة والإنسان
الفصل الثامن: التأسي بين التبرك والوظيفية: نحو استئناف التأسيس المنهاجي لعلم التعامل مع آثار النبوة
الفصل التاسع: نحو منهجية معرفية للدراسات القرآنية
الفصل العاشر: العلوم الإسلامية ومقتضيات الاجتهاد والتجديد
الفصل الحادي عشر: مفهوم الواجب في الإسلام مقتضياته التشريعية وتطلّبــاته الحـكَمية
الفصل الثاني عشر: المسلمون وحقوق الإنسان
الفصل الثالث عشر: فقه المجتمع نحو استئناف التأسيس
الفصل الرابع عشر: الحوار بين الحضارات مقاربة تصنيفية، مقتراحات منطلقية
الفصل الخامس عشر: هموم استئناف بناء الحضارة: فتح الله كولن والأفق الجديد
الفصل السادس عشر: رحلة أفق حول كتاب “ونحن نبني حضارتنا.

ويشير المؤلف في مقدمة الكتاب، إلى أن “من أولى علامات الحضور والشهود الحضاريين عند أمة من الأمم قدرتها على فهم واستيعاب ما يحيط بها من أحداث ووقائع، وتبيّن ما يكمن وراءها من مفاهيم ومعتقدات وقيم، ومناهج، وأفكار، وكذا قدرتها على بلورة مواقف إزّاء كل ذلك؛ مواقف يتم قياس جدواها بحسب تأثيرها في تأطير السلوك العام وتعبئته، لاجتناب مصادر الخلل، وكذا القدرة على صوغ أحلام لها قدرتها التعبوية الموجهة لجهد الإنسان في تناسق مع المكان، واستعمال راشد للزمان”. ص 13.

 ويضيف “من المؤسف أن نرى أن كسب أمتنا في هذه الاتجاهات قد غِيض وانحسر منذ زمن غير قصير، فانفكت عرى العلاقة مع الواقع والكون والوحي، وطفقنا نتعامل مع هذه المصادر الموجهة لكسب الإنسان، تعاملا تجزيئيا، واجتراريا، ومقلدا في بُعد تام عن التكامل بينها.” ص13

وفي معرض بيانه لمقتضيات الكدح المندمج والوَلوع قصد استبانة معالم الرؤية الكلية الكامنة في القرآن الكريم يقول الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، حفظه الله: “إن الكون في المنظومة القرآنية عبارة عن كتاب الله المنظور، والوحي هو كتاب الله المسطور، ولكل أبجده الخاص به الذي يعتبر مدخلا للحوار الباني معه، وللقراءات التأسيسية المحررة للفاعلية الكامنة فيه. والذهول عن المعرفة بالأبجدين يمنع من المتح الراشد من معيني هذين الكتابين الربانيين، لكي يحل الاستظهار والتقليد والترداد، محل الإبصار والاسترشاد والاستهداء؛ مما يقتضي تجديدا ناجزا لمناهج القراءتين في أُفق الجمع بينهما، مصداقا لقوله تعالى في سورة العلق:

﴿.(اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم) [سورة العلق: 1ـ5]

ولاشك أن الإنسان إن استعان بالقراءة التكاملية الجامعة بين هاديات الكون الممكنة من الحركة، وهاديات الوحي الممكنة من الوجهة والقبلة، سوف ينعتق ولا شك في واقعية من إكراهات هذا الحاضر، وينطلق نحو آفاق المنشود في استكشاف لمناجم الجمال البلسم، وواحاته في كل من الوحي والكون”.

وفي نفس السياق يؤكد المؤلف: “ولئن تطلّب إنجاز المدونات الفقهية والأصولية والبيانية الممكنة من الاهتداء في الواقع بآيات الوحي وبصائره كل الجهد الجبار، الذي توغل بالمكلفين في دقائق هذا الواقع، وتفاصيله، وأحكامها، فإن عدم تحيينها يجعلها أشبه بتلك الخرائط في الأقمار الاصطناعية التي لم يتم تحديثها، فهي على أَلَقها، وشموخها، وعظيم قيمتها، لن تنفع السائقين في تعقيدات الواقع إذ بُدّلت الأزقة غير الأزقة، والدروب غير الدروب، والقناطر غير القناطر؛ اللهم إلا فيما ثبت.. مما يستدعي، استنانا بسنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم، جهدا تجديديا مستداما، يمكن من اعتبار المستجدات، وإعطائها مواقعها، ومقاديرها، وأحكامها في تناسق مع المنظومة التشريعية الشاملة، وتجانف عن السقوط في مهاري التجزيء والتعضية”.

إن الفصول الستة عشر لكتاب “الوحي والإنسان” تعد محاولة منهجية لاستئناف نقش المعين المبارك، الكامن في بصائر وهاديات كتاب الختم، للإسهام في إزاحة ما أهيل في زكيّ مورده من تربة الذهول عن صافي منبعه، والانزياح عن نبويّ منهجه، والتجانف عن أنوار مهيعه؛ وهو نقش قد حرص المؤلف على أن يشفعه بالوصل بين الأبجدين، والدمج بين الكتابين، والجمع بين القراءتين، حتى يُمتح التيسير، فيستنير التسخير، ليتيسّر التنامي الباني، الذي من شأنه بإذن من أحاط  بكل شيء علما، أن يُبَصِّر بالنشأتين، ويتيح السعادتين.

وبإصدار هذا الكتاب، يكون مؤلفه الأستاذ الدكتور أحمد عبادي، حفظه الله، قد وضع لبنة أساس لاستئناف التعامل المنهاجي مع الوحي، قرآنا كريما، وسنة نبوية شريفة. وتعد، هذه اللبنة، مفتاحا لرتق مناهج التأصيل والتنظير والتفعيل وتطلبات التنزيل الإجرائي الراشد على أرض الواقع في مجال هذا التعامل.

وسنتحف الباحثين في مجال الدراسات القرآنية، والعلوم الإنسانية، وكافة القراء والمهتمين، بقراءة علمية عميقة في كتاب “الوحي والإنسان: نحو استئناف التعامل المنهاجي مع الوحي” ضمن العدد المقبل من مجلة مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء.

إعداد: محمد المنتار

رئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق