مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

المقدمة في الأصول لأبي الحسن بن القصار (ت398ﻫ)

  بقلم الباحثة: فاتحة الأنصاري

التعريف بالمؤلف:

هو علي بن عمر بن أحمد أبو الحسن البغدادي، المعروف بابن القصار [طبقات الفقهاء ( ص: 157)، ترتيب المدارك (7/70)]. 

أخذ عن شيوخ وقته في بغداد، منهم: أبو بكر الأبهري، وعلي بن الفضل الستوري السامري، وغيرهم.

وأخذ عنه ابن عمروس، وأبو ذر الهروي، وأبو الحسين محمد بن المهتدي بالله، وعليه تفقه القاضي عبد الوهاب [طبقات الفقهاء ( ص: 157)، ترتيب المدارك (7/70)، تاريخ الإسلام (27/345)].

ثناء العلماء عليه:

كان ابن القصار«أصولياً نظاراً، ولي قضاء بغداد» [ترتيب المدارك (7/70)]، ووصفه مخلوف بـ «الإمام الفقيه الأصولي، الحافظ النظار» [شجرة النور ص:92]، وأثنى عليه أبو ذر الهروي فقال: «هو أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقة قليل الحديث» [طبقات الفقهاء ( ص: 157)، ترتيب المدارك (7/70)، الديباج المذهب (ص:296)] ، وقال مخلوف: «يقال لولا الشيخان: أبو محمد بن أبي زيد، وأبو بكر الأبهري، والمحمدان: محمد بن سحنون، ومحمد بن المواز، والقاضيان: أبو الحسن القصار هذا، وأبو محمد عبد الوهاب المالكي لذهب المذهب المالكي» [شجرة النور ص:92 ].

مؤلفاته:

ألف ابن القصار كتابا كبيرا في مسائل الخلاف وهو: «عيون الأدلة في مسائل الخلاف»، قال فيه أبو إسحاق الشيرازي: «وله كتاب في مسائل الخلاف كبير، لا أعرف للمالكية كتاباً في الخلاف أحسن منه».

كما ألف مقدمة في أصول الفقه صدر بها كتاب عيون الأدلة، والتي تعد على وجازتها أقدم تراث موجود في أصول الفقه للمالكية، قال في مستهلها «وقد رأيت أن أقدم لكم بين يدي المسائل جملة من الأصول التي وقفت عليها من مذهبه، وما يليق به مذهبه، وأن أذكر لكل أصل نكتة ليجمع لكم الأمران جميعا، أعني: علم أصوله ومسائل الخلاف من فروعه ، إن شاء الله تعالى»[ مقدمة الأصول لابن القصار، بتحقيق ذ محمد السليماني قسم التحقيق  ص:3].

المقدمة في الأصول:

منهجه في هذا الكتاب:

جاءت مباحث الكتاب الأصولية مرتبة  على أبواب وهي على الشكل التالي:

1. باب الكلام في اختلاف وجوه الدلائل.

2. باب الكلام في وجوه النظر.

3. باب الكلام في إبطال التقليد من الالم للعالم.

 4. باب القول فيما يجوز فيه التقليد.

5. باب القول في التقليد العامي للعالم.

 6. باب القول فيما يلزم المستفتي العامي.

 7.باب القول فيما يجوز فيه التقليد وما لا يجوز.

 8. باب القول في استعمال العامي ما يفتى له.

 9. باب القول في تقليد من مات من العلماء.

 10. باب القول فيما يوجد في كتب العلماء

11. باب القول في الترجمة على المفتي.

12. باب الكلام في وجوب أدلة السمع وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس.

13. باب القول في الخصوص والعموم.

14. باب الكلام في الأوامر والنواهي.

15. باب القول في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.

16.  باب الكلام في الأخبار والقول في خبر التواتر.

17. باب القول في خبر الواحد العدل.

18. باب القول في الخبر المرسل.

19. باب الكلام في إجماع أهل المدينة وعملهم.

20. باب القول في دليل الخطاب.

21. باب القول في الأسباب الوارد عليها الخطاب.

22. باب القول في الزائد من الأخبار.

23.  باب القول فيما يخص به العموم.

24.  باب القول في الأخبار إذا اختلفت.

25. باب القول في خبر الواحد و القياس يجتمعان.

26.  باب القول في أن الحق واحد من أقاويل المجتهدين.

27. باب القول في تأخير البيان.

28. باب القول في خطاب الواحد هل يكون خطابا للجميع.

29. باب القول في العموم يخص بعضه بعضا.

30. باب القول في القياس على المخصوص.

31. باب القول في الاستثناء عقيب الجملة.

32. باب القول في الأوامر هل هي على الفور أو على التراخي.

33.  باب القول في الأوامر هل تقتضي تكرار المأمور به أم لا؟

34. باب القول في نسخ القرآن بالسنة.

35. باب القول في الزيادة على النص هل تكون نسخا أم لا؟

36. باب الكلام في شرائع من كان قبلنا من الأنبياء.

37. باب الكلام في الحظر والإباحة.

38. باب الكلام في استصحاب الحال.

39. باب القول في الإجماع بعد الخلاف.

40. باب الكلام في إجماع الأعصار.

41. باب الكلام في العلة والمعلول.

42. باب القول فيما يدل على صحة العلة.

43. باب القول في العلة التي لا تتعدى.

44. باب الكلام في تخصيص العلة.

45. باب الكلام في القول بالعلتين إحداهما أكثر فروعا من الأخرى.

46. باب القول في  جواز مون الاسم علة.

47. باب القول في أخذ الأسماء قياسا.

48. باب القول في الحدود هل تؤخذ من جهة القياس.

 وكتاب المقدمة في أصول الفقه لابن القصار مختصر أصولي غير تابع ولا خادم لمصنف قبله، ومن خلال مقدمة المؤلف يتضح أنه  ألفها ابتداء، لتكون مقدمة لعيون الأدلة، ولذلك نحا فيها الاختصار والاقتضاب، ولم يطل ذيول المناقشة والاعتلال، عكس صنيعه في كتابه مسائل الخلاف، يقول ابن القصار: «وقد رأيت أن أقدم لكم بين يدي المسائل جملة من الأصول التي وقفت عليها من مذهبه ، وما يليق به مذهبه، وأن أذكر لكل أصل نكتة ليجمع لكم الأمران جميعا، أعني: علم أصوله ومسائل الخلاف من فروعه ، إن شاء الله تعالى»[مقدمة الأصول لابن القصار، بتحقيق ذ محمد السليماني قسم التحقيق  ص:3].

ومن هنا يتبين أن ابن القصار سلك في تأليف للكتاب منهجا «يقوم على اعتبار أن المطلوب الأول إنما هو بيان رأي الإمام مالك في المسألة من خلال كتبه، أو يدل عليه مذهبه، مقتصدا في ذلك غير مسرف، ويذهب في إثراء ذلك الرأي وتوسيعه بالإبانة والتفصيل والاستدلال، مجتهدا في ربط أوصال الكلام، وإحكام تسلسل المعاني، حتى تنتهي بذاتها إلى إظهار ما عليه المذهب من مطالب أصولية في صورة واضحة أشد ما يكون الوضوح…لتكون منارا للدارسين والباحثين الذين يتطلبون دقائق الفقه وعلم الخلاف العالي»[ مقدمة الأصول لابن القصار، بتحقيق ذ محمد السليماني  قسم الدراسة ص:23-24].

اختياراته الأصولية:

يعد ابن القصار في مقدمته الأصولية هاته من قدماء المالكية الذين استقرؤا قواعد المذهب من فروع إمامه، وله اختيارات فيها نقتصر منها على نماذج:

ـ قوله بوجوب النظر والاستدلال، قال: «وجوب النظر والاستدلال هو مذهب مالك – رحمه الله – في سائر أهل العلم لأنه قد استدل في مسائل باستدلالات، واحتج بقياسات ، ومن الناس من ينفيه »[مقدمة ابن القصار تحقيق مصطفى مخدوم ص 137 ط دار المعلمة 1999].

ـ اسقراؤه من منهجية مالك أن الأوامر على الفور واحتج له بالقول: «ليس عن مالك – رحمه الله- في ذلك نص، ولكن مذهبه يدل على أنها على الفور؛ لأن الحج عنده على الفور، ولم يكن ذلك كذلك إلا لأن الأمر اقتضاه» [مقدمة ابن القصار ص 288].

ـ قوله إن الإجماع الذي يعتبر حجة لا يختص بعصر الصحابة قال: «مذهب مالك -رحمه الله- وغيره من الفقهاء: أن إجماع الأعصار حجة»[مقدمة ابن القصار ص 320.،قال محتجا: «ولأن الحق لا يجوز أن يخرج عن كل عصر ، فثبت أن إجماع كل عصر حجة».[مقدمة ابن القصار ص 324]

ـ نقله عن مالك في أنه يقصر اللفظ العام الوارد على سببه، ولا يحمل على عمومه، قال في مقدمته: «ومذهب مالك- رحمه الله – قصر الحكم على السبب الذي خرج اللفظ عليه متى خلا مما يدل على اشتراك ما تناوله اللفظ معه»[مقدمة ابن القصار ص296]

 ـ ذهابه مذهب الجمهور أن خبر الواحد يفيد الظن فيُوجب العمل دون العلم[احكام الفصول 1/م 288.].

ـ استقراؤه من تصريحات الإمام مالك جواز الاحتجاج بالحديث المرسل الذي يتحرز فيه مرسله  قال: «مذهب مالك رحمه الله قبول خبر الواحد العدل، وأنه يوجب العمل دون القطع على غيبه»[مقدمة ابن القصار ص 212].

ـ ومنها استقراؤه من المذهب أن الأمر هل يقتضي التكرار إذا تجرد. قال: «ليس عن مالك -رحمه الله – فيه نص، ولكن مذهبه عندي يدل على تكراره إلا أن يقوم دليل، والحجة لذلك حديث سراقة لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أحجتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟…»[مقدمة ابن القصار ص 291-292].

ثم قال بعد ذلك مرجحا خلافه: «وعندي أن الصحيح، هو أن الأمر إذا أطلق يقتضي فعل [138] مرة وتكراره يحتاج إلى دليل والدليل على ذلك…»[ مقدمة ابن القصار ص296].

طبعاته وتحقيقاته:

توجد المقدمة في الأصول مخطوطة في: دير الأسكريال تحت رقم 1088، وفي الأزهر تحت رقم 170، وفي المغرب، وهي نسخة خاصة في ملك الكتبي مصطفى ناجي.

 وقد حققت مرات عدة، أولها تحقيق ذ محمد السليماني سنة 1996 ط. دار الغرب ، والثانية تحقيق ذ مصطفى بن كرامة الله مخدوم بالسعودية،  سنة 1999بدار المعلمة للنشر والتوزيع ، وحققت المقدمة مع عيون الأدلة في بحث جامعي بجامعة القاضي عياض بمراكش المغرب إعداد الباحث أحمد عبد السلام المغراوي، معتمدين في ذلك على النسخ الخطية الثلاث السابقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق