مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةمفاهيم

المقدمات للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي

بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قال الشيخ الإمام العالم العلامة المحقق أبو عبد الله محمد السنوسي الحسني رحمه الله تعالى ورضي عنه آمين.
الحمد لله.
الحكم: إثبات أمر أو نفيه.
وينقسم إلى ثلاثة أقسام:
– شرعي.
– وعادي.
– وعقلي.
فالشرعي: هو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالطلب أو الإباحة أو الوضع لهما، ويدخل في الطلب أربعة:
– الإيجاب.
– والندب.
– والتحريم.
– والكراهة.
فالإيجاب: طلب الفعل طلبا جازما، كلإيمان بالله وبرسوله وكقواعد الإسلام الخمس.
 والندب: وهو طلب الفعل طلبا غير جازم، كصلاة الفجر ونحوها.
والتحريم: وهو طلب الكف عن الفعل طلبا جازما، كشرب الخمر والزنا ونحوها.
والكراهة: وهي طلب الكف عن الفعل طلبا غير جازم، كالقراءة في الركوع والسجود مثلا.
وأما الإباحة: فهي إذن الشرع في الفعل والترك معا، من غير ترجيح لأحدهما على الآخر، كالنكاح والبيع مثلا.
وأما الوضع: فهو عبارة عن نصب الشارع أمارة على حكم من تلك الأحكام الخمسة، وهي السبب والشرط والمانع.
فالسبب: ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، كزوال الشمس لوجوب الظهر.
والشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، كتمام الحول مثلا لوجوب الزكاة.
والمانع: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، كالحيض لوجوب الصلاة.
وأما الحكم العادي: فهو إثبات الربط بين أمر وأمر وجودا أو عدما بواسطة التكرر، مع صحة التخلف، وعدم تأثير أحدهما في الآخر ألبتة.
وأقسامه أربعة:
– ربط وجود بوجود، كربط وجود الشبع بوجود الأكل.
– وربط عدم بعدم، كربط عدم الشبع بعدم الأكل.
– وربط وجود بعدم، كربط وجود الجوع بعدم الأكل.
– وربط عدم بوجود، كربط عدم الجوع بوجود الأكل.
وأما الحكم العقلي: فهو إثبات أمر أو نفيه من غير توقف على تكرر ولا وضع واضع.
وأقسامه ثلاثة:
– الوجوب.
– والاستحالة.
– والجواز.
فالواجب: ملا يتصور في العقل عدمه، إما ضرورة كالتحيز للجرم مثلا، وإما نظرا كوجوب القدم لمولانا عز وجل.
 والمستحيل: ما لا يتصور في العقل وجوده، إما ضرورة كتعري الجرم عن الحركة والسكون، وإما نظرا كالشريك لمولانا عز وجل.
والجائز: ما يصح في العقل وجوده وعدمه، إما ضرورة كالحركة لنا، وإما نظرا كتعذيب المطيع وغثابة العاصي.
والمذاهب في الأفعال ثلاثة:
– مذهب الجبرية.
– ومذهب القدرية.
– ومذهب أهل السنة.
 فمذهب الجبرية: وجود الأفعال كلها بالقدرة الأزلية فقط، من غير مقارنة لقدرة حادثة.
ومذهب القدرية: وجود الأفعال الاختيارية بالقدرة الحادثة فقط، مباشرة أو تولدا.
ومذهب أهل السنة: وجود الأفعال كلها بالقدرة الأزلية فقط، مع مقارنة الأفعال الاختيارية لقدرة حادثة لا تأثير لها، لا مباشرة ولا تولدا.
وأما الكسب: فهو عبارة عن تعلق القدرة الحادثة بالمقدور في محلها من غير تأثير.
وأنواع الشرك ستة:
– شرك استقلال: وهو إثبات إلهين مستقلين، كشرك المجوس.
– وشرك تبعيض: وهو تركيب الإلهة من آلهة، كشرك النصارى.
– وشرك تقريب: وهو عبادة غير الله تعالى ليقرب إلى الله زلفى، كشرك متقدمي الجاهلية.
– وشرك تقليد: وهو عبادة غير الله تعالى تبعا للغير، كشرك متأخري الجاهلية.
– وشرك الأسباب: وهو إسناد التأثير للأسباب العادية، كشرك الفلاسفة والطبائعيين ومن تبعهم على ذلك.
– وشرك الأغراض: وهو العمل لغير الله تعالى.
وحكم الأربعة الأول: الكفر بإجماع.
وحكم السادس: المعصية من غير كفر بإجماع.
وحكم الخامس: التفصيل فيها، فمن قال في الأسباب: إنها تؤثر بطبعها، فقد حكي الإجماع على كفره، ومن قال: إنها تؤثر بقوة أودعها الله فيها، فهو فاسق مبتدع، وفي كفره قولان.
وأصول الكفر والبدع سبعة:
– الإيجاب الذاتي: وهو إسناد الكائنات إلى الله تعالى على سبيل التعلل أو الطبع من غير اختيار.
– والتحسين العقلي: وهو كون أفعال الله تعالى وأحكامه متوقفة عقلا على الأغراض: وهي جلب المصالح ودرء المفاسد.
– والتقليد الرديء: وهو متابعة الغير لأجل الحمية والتعصب، من غير طلب للحق.
– والربط العادي: وهو إثبات التلازم بين أمر وأمر، وجودا وعدما بواسطة التكرر.
– والجهل المركب: وهو أن يجهل الحق، ويجهل جهله به.
– والتمسك في عقائد الإيمان بمجرد ظواهر الكتاب والسنة، من غير تفصيل بين ما يستحيل ظاهره منها وما لا يستحيل.
– والجهل بالقواعد العقلية: التي هي العلم بوجوب الواجبات، وجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، وباللسان العربي: الذي هو علم اللغة والإعراب والبيان.
والموجودات بالنسبة إلى المحل والمخصص أربعة أقسام:
– قسم غني عن المحل والمخصص: وهو ذات مولانا جل وعز.
– وقسم مفتقر إلى المحل والمخصص: وهو الأعراض.
– وقسم مفتقر إلى المخصص دون المحل: وهو الأجرام.
– وقسم موجود في المحل، ولا يفتقر إلى مخصص: وهو صفات مولانا جل وعز.
والممكنات المتقابلة ستة: الوجود، والعدم، والمقادير، والصفات، والأزمنة، والأمكنة والجهات.
 والقدرة الأزلية: هي عبارة عن صفة يتأتى بها إيجاد كل ممكن وإعدامه على وفق الإرادة.
والإرادة: صفة يتأتى بها تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه.
 والعلم: صفة ينكشف بها الملعوم على ما هو به.
والحياة: صفة تصحح لمن قامت به أن يتصف بالإدراك.
والسمع الأزلي: صفة ينكشف بها كل موجود على ما هو به، انكشافا يباين سواه ضرورة.
والبصر مثله.
والإدراك ـ على القول به ـ مثلهما.
والكلام الأزلي: هو المعنى القائم بالذات، المعبر عنه بالعبارات المختلفات، المباين لجنس الحروف والأصوات، المنزه عن البعض والكل والتقديم والتأخير والسكوت والتجدد واللحن والإعراب وسائر أنواع التغيرات، المتعلق بما يتعلق به العلم من المتعلقات.
و الكلام ينقسم إلى خبر وإنشاء.
فالخبر: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته.
والإنشاء: ما لا يحتمل صدقا ولا كذبا لذاته.
والصدق: عبارة عن مطابقة الخبر لما في نفس الأمر، خالف الاعتقاد أم لا.
والكذب: عدم مطابقة الخبر لما في نفس الأمر، وافق الاعتقاد أم لا.
والأمانة: حفظ جميع الجوارح الظاهرة والباطنة من التلبس بمنهي عنه، نهي تحريم أو كراهة.
والخيانة عدم حفظهما من ذلك.
وبالله التوفيق.

 

الهوامش:

[1] مأخوذة من مخطوطة “مقدمة في الأصول” لأبي عبد الله السنوسي من مكتبة  جامعة الملك سعود، وقد نشرت مع كتاب شرح المقدمات للإمام أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي بتحقيق الدكتور نزار حمادي وتقديم الأستاذ سعيد فودة، مؤسسة المعارف بيروت لبنان الطبعة الأولى 1430هـ-2009م.

 

                                                            إعداد الباحث: يوسف الحزيمري

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بارك الله فيكم لنشر هكذا مواضيع جيدة تفيد الإسلام والمسلمين.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق