وحدة الإحياءدراسات عامة

المسوغات المعرفية للتأليف في مقاصد الشريعة.. في الفضاء العربي الإسلامي

لقد تبلورت مقاصد الشريعة علما أو تشارف على ذلك، مما حدا بكثير من الباحثين ومراكز الأبحاث والجامعات في العالم الإسلامي إلى التركيز عليها في البحث والتأليف بما يشبه ثورة تنظيرية من خلال إنتاج لكم هائل من الأدبيات، وعليه فقد بات لزاما اليوم منهجيا الانتقال إلى الشق النوعي والكيفي لقضية البحث في المقاصد، وربما أيضا الانتقال بالمقاصد انتقالا نوعيا على مستوى المنهج والتوظيف والاستفادة وهذا ما تصبوا إليه هذه الندوة المباركة.

لقد بات لزاما على الباحثين الشرعيين النظر في النسق المقاصدي بوصفه المدخل الملائم والمناسب لإحياء وتجديد الفكر الإسلامي والعلوم الإسلامية خاصة الجانب العملي والعقدي منه، ومنه جاءت هذه المساهمة للنظر في المسوغات المعرفية التي أدت إلى التأليف في مقاصد الشريعة في السياق العربي الإسلامي؛ لأن هذا العلم ينطوي على مزايا منهجية جعلته أهلا للتطور المنهجي النوعي؛ فما هي هذه المسوغات؟

ومن أجل الإجابة على هذا السؤال ارتأيت أن أتناوله من خلال القضايا الآتية:

أولا: التأليف في المقاصد هو استكمال لبلورة النسق التأويلي للدين الإسلامي

تتكون النظرية الأصولية من المباحث الآتية:

ـ المقدمات وتشتمل على التعريف والاستمداد والمصادر وطرق التأليف وتاريخ النشأة وهذا شان كل علم؛

ـ الأدلة الكلية؛ من قرآن، وسنة، وإجماع، وقياس، واستحسان، ومصلحة وسواها؛

ـ مباحث الدلالات أو طرق الاستنباط اللغوية؛

ـ مباحث الأهلية وعوارضها وخاصة في كتب الأحناف؛

ـ ثم مباحث تعارض النصوص والترجيح بينها؛

ـ ويضاف إلى ما سبق مباحث الاجتهاد والإفتاء؛

ـ وهناك من يضيف مباحث مقاصد الشريعة الإسلامية وهذا هو الاتجاه الذي يرى أن المقاصد جزء من علم الأصول وليس علما مستقلا بذاته، ومن هؤلاء الإمام الشاطبي، رغم أنه أعاد صياغة علم أصول الفقه من منظور مقاصدي[1] ولكن هناك من يرى أن المقاصد علم مستقل عن أصول الفقه ثم اختلف البعض في العلاقة بينهما فهناك من يرى أنها علاقة الكل بالكل، وهناك من يرى أنها علاقة الجزء بالكل، وهناك من يرى أنه لا علاقة بينهما باعتبار أن هناك قطيعة معرفية[2] بين العلمين، ولا أعتقد أن القطيعة بالمعنى الباشلاري للكلمة تنطبق هنا لأن هناك تداخلا واضحا وبينا بين العلمين إن سلمنا أنهما علمان وليسا علما واحدا.

الذي سبق إلى تسمية “مقاصد الشريعة” بأنها علم هو الشيخ محمد الطاهر بن عاشور كما سبق إلى تعريفه ووضع حدا لها حيث قسمها إلى قسمين؛ مقاصد عامة، ومقاصد خاصة؛ عرّف كلا منهما كما يأتي:

ـ مقاصد التشريع العامة؛ هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع، أو معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا: أوصاف الشريعة وغايتها العامة، والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها، ويدخل في هذا أيضا معان في الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام، ولكنّها ملحوظة في أنواع كثيرة منها[3].”

ـ مقاصد التشريع الخاصة؛ الكيفيات المقصودة للشارع لتحقيق مقاصد الناس النافعة، أو لحفظ مصالحهم العامة في تصرفاتهم الخاصة… ويدخل في ذلك كل حكمة روعيت في تشريع أحكام تصرفات الناس، مثل قصد التوثق في عقدة الرهن، وإقامة نظام المنزل والعائلة في عقدة النكاح ودفع الضرر المستدام في مشروعية الطلاق[4].”

 غير أن حمادي لعبيدي اعترض على تعريف ابن عاشور، بل لا يعتبره تعريفا للمقاصد؛ “لأن التعريفات لا تكون بهذا الأسلوب، وإنما هو بيان وتفصيل للمواطن التي تتلمس فيها المقاصد من الشريعة” ويقترح أن يقتصر التعريف على القول: “إن المقاصد هي الحكم المقصودة للشارع في جميع أحوال التشريع[5].” وهذا ما تفاداه الشيخ علال الفاسي فيما بعد في سفره بخصوص مقاصد الشريعة:

ـ تعريف علال الفاسي: “المراد بمقاصد الشريعة الغاية منها، والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها”. والمقصود “بالغاية” في هذا التعريف؛ هو المقصد العام للتشريع وهو “عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحهما بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كلِّفوا به من عدل واستقامة، ومن صلاح في العقل والعمل، وإصلاح في الأرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع[6].”

أما المقصود “بالأسرار” في تعريف علال الفاسي؛ فهي الحكم الجزئية التي قصدها الشارع في أحكامه المختلفة، وللإنصاف فإن ابن عاشور له تعريف آخر في آخر الكتاب قلما ينتبه له الباحثون أثناء حديثه عن الوسائل فقال: “المقاصد هي الأعمال والتصرفات المقصودة لذاتها، التي تسعى النفوس إلى تحصيلها بمساع شتّى، أو تُحمل على السعي إليها امتثالا. وتلك تنقسم قسمين: مقاصد للشرع، ومقاصد للناس في تصرفاتهم[7]” وهو ما يسمى بمقاصد المكلف.

ونحن نعلم أن العلم يشترط له شرطان؛ منهج وموضوع، ولذلك كان من الصعب تمييز المقاصد بعلم مستقل جملة وتفصيلا، ذلك أن موضوعها هو مجموع الحكم والأسرار وبلورة نسق منها بطريق الاستقراء، وهنا يمكن أن نخرج عن إطار العلم الضابط لعملية التأويل وأساليبه وهذا موضوع أصول الفقه.

 وعليه فمقاصد الشريعة ما هي إلا أداة لإحكام نسق آليات التأويل، فإذا كانت المصادر قطعية بالأساس والقواعد الأصولية راجعة للقطعي وهي ثبوتها بطريق الاستقراء فإن المقاصد نفسها هي استقراء الحكم والأسرار؛ فصار كل المنهج قطعيا بمصادره وقواعده ومقاصده وهذا مبتغى رواد ومؤسسي هذا العلم خاصة الإمام الشاطبي الذي صرح بأن أصول الفقه قطعية وهذا يجعلنا في غنى عن:

1. التأويل الغائي للنصوص (Compréhensive interprétation)، وهذا يشتهر به الغربيون عموما وأحبار اليهود خصوصا، وهو نوع من الرمزية تكون فيه العبرة للغاية بغض النظر عن الوسيلة كما هو شائع عن ميكيافيلي “الغاية تبرر الوسيلة”، ومثله أن القيم ثلاث أنواع؛ هي قيم الخير والحق والجمال وهو ثالوث علماني على غرار الثالوث المسيحي العقدي.

2. التأويل الذرائعي أو الوسيلي الذي يجعل من الوسيلة غاية في حد ذاتها، كما هو شائع في القوانين اليوم ذات المنشأ العلماني التي تقدس الشكل بغض النظر عن الهدف والغاية الأخلاقية، فقد تدوس السيارة شخصا إذا لم يلتزم إشارة المرور دونما إحساس بالذنب، كما يمكن أن تنهب وتحتل بلاد باسم القانون وتباد شعوب فقط توجه ملاحظة من طرف هيئات دولية بعدم الإفراط في الإجرام فقط.

ثانيا: المصالح والمفاسد هي المعادل العملي للأوامر والنواهي

لقد اضطلع العلماء الأوائل ببيان ما تنطوي عليه نصوص الشريعة، قرآنا وسنة، من مصالح معتبرة للعباد في هذا الوجود من خلال ملاحظة النصوص الشرعية التي تصرح بذلك نصا أو تعقيبا أو تعليلا مثل قوله تعالى: ﴿فإما ياتينّكم مني هدى. فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. ومن اَعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى﴾ (طه: 121-122)، فهذا النص يبين بوضوح وجلاء أن الشريعة ما أتت إلا لجلب المصالح ودفع المضار على الإنسان، وهي المعادل العملي للأوامر والنواهي التي يمكن أن يقال عنها أنها دينية القصد منها مجرد الامتثال؛ كما تطيع الجنود القيادة المسلطة عليهم علموا المغزى أم لم يعلموه كما في أنظمة العبودية القديمة وعهود الاسترقاق بالغلبة..

 بل الشريعة قد وصفت بأوصاف جميلة وبديعة فهي الهدى والنور والصراط والرحمة والبرهان والموعظة والتذكرة، بل وتكلم القرآن بمصطلحات التجارة جريا على عادة الناس في حب المال فسمى: الإيمان والعقيدة “بالتجارة”، كما سمى الجنة “بالسلعة الغالية” وغيرها من الأوصاف التي تحقق المتعة واللذة للإنسان والسعادة، وهذا ما يعبر عنه بالمصالح وما يضادها بالمفاسد.

 وعليه فقد خرّج العز بن عبد السلام كل فروع الفقه التي يحفظها على قاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح” في كتابه “قواعد الأحكام في مصالح الأنام[8]“، وقد ابتغى الفقهاء من هذا إخضاع النظام التشريعي لمقاييس العمل التي تعارف الناس عليها وهي النفع والبساطة والوضوح.

ثالثا: “الحسنة والسيئة” المعادل الجمالي للمصالح والمفاسد

المعادل الثاني للأوامر والنواهي و”الطاعة والمعصية” و”المصالح والمفاسد” العملية؛ هو “الحسنة والسيئة” وعبر عنه الأصوليون بـ”التحسين والتقبيح”، والفقهاء في مجال الفقه بـ”الحلال والحرام”. وعلى أساسه انبنى الخلاف الكلامي الذي أثمر فيما بعد نظرية الحجية في أصول الفقه، وهذا المعادل هو معادل جمالي؛ فإذا كانت المصالح والمفاسد هي خطاب للعقل، وتعالج الجانب الخارجي في الإنسان “أو القانون”، فإن “الحسنة والسيئة” هي لمخاطبة الوجدان والذائقة لدى المكلف والممتثل للشرع ثم يتبع ذلك ويثمر “القرب والبعد” و”الوصل والهجر”؛ ويسمى صاحبها بالسالك والمريد والعارف والولي هكذا فهمت المقاصد أول الأمر.

 “نجد إماما مقاصديا جليلا، لا يزال مغمورا، على الأقل، غير مقدر حق قدره لحد الآن. هذا الإمام يبدو مزاحما ومنافسا للإمام الجويني في إمامته وريادته في مجال المقاصد؛ وأعني به أبا بكر القفال الشاشي، المعروف بالقفال الكبير (توفي 365)، صاحب كتاب “محاسن الشريعة”.

 وقد نوه بهذا الكتاب غير واحد من العلماء الذين اطلعوا عليه واستفادوا منه. فالقاضي أبو بكر بن العربي، ذكره في سياق حديثه عن تعليل الشريعة وانبنائها على المقاصد والمصالح، حيث قال: “ولقد انتهت الحالة بالشيخ المعظم أبي بكر الشاشي القفال إلى أن يطرد؛ (أي جعله مطردا عاما) ذلك حتى في العبادات، وصنف في ذلك كتابا كبيرا أسماه “محاسن الشريعة”[9].”

وعطفا على ما سبق يتضح جليا أن أول دافع للتأليف في هذا الفن هو بيان محاسن الشريعة يقول رضوان السيد: “لكنني لاحظت أيضا أنه في القرن الرابع، ظهر لدى الفلاسفة والمتكلمين نوع أدبي يتحدث عن “محاسن الإسلام” أو “محاسن الشريعة” أو “مناقب الإسلام”، أو “مكارم الشريعة”، من مثل كتاب أبي الحسن العامري، وكتب الراغب الأصفهاني[10].”

وأن هذه الشريعة ما جاءت سوى لإسعاد الإنسان في الدنيا والآخرة، وأن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة، وأنها نظام إذا لم يحسن الإنسان اكتشافه لن يحسن استثماره؛ فكما فطر الله الكون على نواميس وقوانين كذلك جاءت الشريعة تبين  قوانين كيفيات التعامل وتسخير هذه النواميس لصالح الإنسان، فالشريعة تعد بمثابة دليل إرشادي تشغيلي للاستفادة المثلى من هذا الكون. ونحن نعلم أن من معايير الجمال التناسق، وأنساق الشريعة ما هي سوى كليات شرعية تسمى بالمقاصد.

رابعا: المقاصد تجاوز للظاهرية “الحرْفية”

إذ إن الوقوف عند ظاهر النصوص، وعدم تجاوزها يؤدي إلى المروق من الدين، وهدمه وفي ذلك يقول ابن العربي: “اتباع الظواهر على وجهه هدم للشريعة، حسبما بيناه في غير ما موضع[11].” وعند تفسير قوله تعالى: ﴿وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تاتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا ويوم لا يسبتون لا تاتيهم، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون﴾ (الأعراف: 163)، قال ابن العربي: “قال علماؤنا: إنما هلكوا؛ يعني “اليهود” باتباع الظواهر؛ لأن الصيد حرم عليهم فقالوا: لا نصيد، بل نأتي بسبب الصيد، وليس سبب الشيء نفس الشيء، فنحن لا نرتكب عين ما نهينا عنه، فنعوذ بالله من الأخذ بالظاهر المطلق في الشريعة[12].”

بل ووصل الأمر إلى الاتجاه المعاكس المغالي إلى تقديس السبت ونسيان رب السبت كما هو شائع كالأمثال المتداولة بين الناس؛ ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لعن الله اليهود حرم الله عليهم الشحوم فجملوها فأكلوا ثمنها[13]“، وهذا لما هربوا من الظواهر إلى العكس فاحتالوا عليها فوقعوا في المحذور.

 يقول ابن القيم: “ليس في الشريعة شيء يخالف القياس، ولا في المنقول عن الصحابة الذي لا يعلم لهم فيه مخالف وأن القياس الصحيح دائر مع أوامرها ونواهيها وجودا وعدما؛ كما أن المعقول الصحيح دائر مع أخبارها وجودا وعدما، فلم يخبر الله ورسوله بما يناقض صريح العقل، ولم يشرع ما يناقض الميزان والعدل[14]“؛ والمقصود بهذه العبارة؛ أن الحوادث الملائمة لتصرفات الشارع وإن لم يرد فيها نص يعطيها حكم من الأحكام، فإن كليات الشريعة ومقاصدها يمكن أن تسع ذلك الفرع وتندرج تحته، وليس دائما المسكوت عنه يأخذ حكم المباح، وإنما يرقى في سلم الأحكام بحسب ما يغلب عليه من النفع والضر. ومن أمثلة ذلك جمع القرآن، وتضمين الصناع وغيرها…

خامسا: المقاصد قطعيات تجمع الأمة

لقد صرح الإمام الشاطبي، رحمه الله، بأن الدافع له لتأليف الموافقات الذي كان عنوانه الأصلي “عنوان التعريف بأسرار التكليف”؛ هو الجمع بين مذهب أبي حنيفة، ومذهب الإمام مالك وكأن الأول يمثل الفقهاء والثاني يمثل الجمهور في مسلك التأليف في الأصول، وخاصة في مراحل ضعف الأمة وتراجع ملكة الاجتهاد وشيوع التعصب المذهبي الذي أتعب الناس.

وعلى الرغم من أن الفقهاء جميعا يجعلون من “الخروج من الخلاف “من فضائل الاجتهاد ومن سماحة التدين، بل ووصل الأمر إلى أن جعل المالكية اعتبار “مراعاة الخلاف” من أصولهم، ولكن شيوع التعصب كاد يصل ببعضهم إلى بطلان الأنكحة والمعاملات بين أصحاب المذاهب، فالشاطبي لم ير هذا كافيا لتوحيد الأمة وجمع شملها فقد كان هناك النص المقطوع بمصدريته؛ ثم السنة التي ترجح ما كان حمالا لعدة أوجه من القرآن التي عصمت الأمة من أصحاب التفكير المغلق الدوغمائي كالخوارج..

 ثم جاء الإجماع لتضييق الخلاف بين المسلمين خاصة لما اشتدت الفتن السياسية بينهم، وبدأت البدع تطل برأسها، فرأى الفقهاء والعلماء بناء قاعدة تكون أساسا للوحدة الفكرية والوجدانية للأمة، وإن تفرقت سياسيا وهو “الإجماع” ومن هنا تبلور مفهوم “أهل السنة والجماعة” الذين يقابلهم “أهل البدعة والفرقة” وبدأت صياغة أصول الاستدلال وفقا لنظرية الحجية التي حررها المتكلمون نظريا في المجال الكلامي، وظهرت الأصول الاستدلالية التي تسمى “أصول الفقه” وإن اختلفت في بعض عناصرها كعدم أخذ الشافعية بالاستحسان وبالمصلحة، ولكن هذا الادعاء لا تسنده حجة.

 ففي هذا الشأن نجد إمام الحرمين “الجويني” يصرح باعتماد الشافعي على الاستدلال والقول بالمصلحة المرسلة: وذهب الشافعي ومعظم أصحاب أبي حنيفة إلى اعتماد الاستدلال وإن لم يستند إلى حكم متفق عليه في أصل، ولكنه لا يستجيز النأي والبعد والإفراط، وإنما يسوغ تعليق الأحكام بمصالح يراها شبيهة بالمصالح المعتبرة اتفاقا، وبالمصالح المستندة إلى أحكام ثابتة الأصول قارّة في الشريعة[15]“؛ ثم وصف مذهب الشافعي في الاستدلال بأنه “تمسك بالمعنى وإن لم يستند إلى أصل على شرط قربه من معاني الأصول الثابتة[16].”

 ويواصل إمام الحرمين، تأكيده على اعتماد الشافعي على الاستدلال المرسل فيقول: “ومن تتبع كلام الشافعي لم يره متعلقا بأصل، ولكنه ينوط الأحكام بالمعاني المرسلة، فإن عدمها التفت إلى الأصول مشبها، كدأبه؛ إذ قال: طهارتان فكيف يفترقان؟ ولابد في التشبيه من الأصل[17]“، بل الشافعي نفسه يبرر ما ذهب إليه بفعل الصحابة، رضي الله عنهم، فيقول الجويني: “من سبر أحوال الصحابة، رضي الله عنهم، وهم القدوة والأسوة في النظر، لم ير لواحد منهم في مجالس الاشتوار تمهيد أصل واستشارة معنىً، ثم بناء الواقعة عليه، ولكنهم يخوضون في وجوه الرأي من غير التفات إلى الأصول، كانت أو لم تكن، فإن ثبت اتساع الاجتهاد، واستحال حصر ما اتسع منه في المنصوصات، وانضم إليه عدم احتفال علماء الصحابة بتطلب الأصول، أرشد مجموع ذلك إلى القول بالاستدلال[18]“، ويواصل إمام الحرمين الحديث عن الاستدلال المرسل وعن قول الشافعي به فيقول: “هذا بحر الكلام ونحن نقول قد ثبتت أصول معللة اتفق القايسون على عللها، فقال الشافعي: أتخذ تلك العلل معتصمي، وأجعل الاستدلالات قريبة منها، وإن لم تكن أعيانها، حتى كأنها، مثلا، أصول والاستدلال معتبر بها، واعتبار المعنى بالمعنى تقريبا أولى من اعتبار صورة بصورة بمعنى جامع، فإن متعلق الخصم من صورة الأصل معناها لا حكمها، فإذا قرب معنى المجتهد والمستدل فيما يجتهد إلى الشرع ولم يرد أصل كان استدلالا مقبولا “[19]و لعل هذا الكلام من الشافعي في منتهى الصراحة والقول بالمصلحة المرسلة.

وهو ما أشار إليه الزنجاني بقوله:” ذهب الشافعي إلى أن التمسك بالمصالح المستندة إلى كلي الشريعة وإن لم تكن مستندة إلى الجزئيات الخاصة المعينة جائز[20]“، وهذه الأصول الكلية التي تستند إليها الجزئيات ترجع إلى مجموع نصوصها أدلة قطعية.

ثم ذكر احتجاج الشافعي لذلك بأن الوقائع غير منتهية والأصول الجزئية التي نقيس منها المعاني والعلل محصورة متناهية، فكيف يفي المتناهي بغير المتناهي “فلابد، إذن، من طريق آخر يتوصل بها إلى إثبات الأحكام الجزئية، وهي التمسك بالمصالح المستندة إلى أوضاع الشرع ومقاصده على نحو كلي، وإن لم يستند إلى أصل جزئي[21].”

ومن هنا كانت المذاهب كلها، بلا استثناء، تراعي مقاصد الشريعة من حيث إنها كليات قطعية، ولو كان قطعها أغلبيا، وشاملة عامة فهي بمثابة السقف الذي يحمي الشريعة من انتحال المبطلين وتأويل الغالين.

سادسا: المقاصد تجاوز للتأويل الباطني/الرمزي

التأويل عرفه الغزالي بقوله: “هو عبارة عن احتمال يعضده دليل، يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي يدل عليه الظاهر[22]. والتأويل عند علماء الأمة ثلاثة أنواع؛ هي تأويل  قريب، وتأويل بعيد، وتأويل مستبعد. ولهذا تعقب الآمدي الغزالي في تعريفه بأنه اشترط الاعتضاد بدليل، وهذا قيد يخرج التأويل المطلق من التعريف؛ لأنه لا يشترط فيه هذا الشرط، لذا اكتفى في تعريف التأويل: حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه، مع احتماله له[23].

 والتأويل الباطني ليس من هذا القبيل؛ وإنما هو تأويل خوارقي يتعامل مع النصوص باعتبارها رموزا تشير إلى غير ما عهده العرب في خطابهم؛ وإنما هو مجموع طلاسم تحيل على كائنات خرافية غيبية كأسماء الجن والملائكة واستحضار الأرواح والبحث عن شيء ما خارق للعادة، وذلك لأن النص يعطيه مصالح عادية وهو يريد من خلال الإيغال في الرمزية الوصول إلى ما فوق العادي من الأشياء[24].

وعلى هذا الأساس يحذر ابن القيم من خطورة التأويل إذا استخدم في غير مكانه ومن غير أهله، كما وقع في الأديان السابقة، وبعض الفرق الإسلامية، فيقول: “فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ  فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ[25].

 وهنا يعني التأويل الفاسد ولا عاصم منه سوى القطعيات من الكليات المقاصدية فقد رأينا في مراجعات الجماعة الإسلامية في السجون الليبية في العهد السابق[26] أن غالب فهومهم المنحرفة سابقا جاءت من جهة عدم الالتفات للمقاصد الشرعية؛ كما أن كل غلاة الباطنية وغيرهم إنما أهملوا المقاصد الشرعية، ولا توجد فرقة أو جماعة من غير أهل السنة والجماعة إلا ولها نصيب من الاثنين الغلو في التأويل والعمل معا.

ومن هنا يمكن اشتقاق أحد معاني الوسطية، وهو أنه ليس كل نص يُؤول وليس كل واقع يُغير، وإنما الأمر راجع إلى أن من الواقع ما هو فطري يجري على البراءة الأصلية؛ كما أن الشريعة لم تأت لتقلب كل شيء رأسا على عقب وإنما لتكميل الفضائل وإيجاد المفقود منها ومعيار كل هذا هو مقاصد الشريعة التي يعرفها الشاطبي بقوله: “إخراج المكلف عن داعية هواه ليكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد لله اضطرارا[27]“؛ أي تتناغم الأقدار التشريعية مع الأقدار التكوينية لتكتمل حلقات الابتلاء الذي هو سبب وجود الإنسان الأزلي ﴿الذي خلق الموت والحياة ليبلوكمُ أيكمُ أحسن عملا﴾ (الملك: 2).

سابعا: التأليف في المقاصد هو ربط بين الفقه والقيم الكبرى

لقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لتهذيب الإنسان وتكميله بالفضائل والكمالات؛ لأن الخُلُق وهي الهيئة المعنوية للإنسان، والخَلْق وهي الهيئة المادية له تنتهيان إلى جذر واحد وهو الفعل “خَلَق” وبالتالي فهيئته المادية تكتمل بالنمو الطبيعي بأسبابها من أكل وشرب وغيرها. أما هيئته المعنوية فتكتمل بتمثل القيم الشرعية وامتثال أحكام الشرع، وهي مناط الابتلاء الحقيقي في الإنسان، إلا أن الذي حدث هو التدقيق في فصل الفقه عندنا عن لوازمه الأخلاقية وتحويله إلى فروع وقوانين مجردة حتى من أدلتها الجزئية، وأصبح هناك فصل بين الأحكام الفقهية التي تسمى “الديانة والقضاء” في النوازل، وأصبح الفقه في مراحل التقليد تارة عبارة عن عمل تقني مجردا من مقاصده الكبرى ومفصولا عن قيمه التهذيبية..

 يقول فهمي علوان: “ففكرة المقاصد بالإضافة إلى كونها أكملت شطر العلم، إلا أنها يرجع إليها الفضل في إبراز الجانب الأخلاقي من أصول الفقه، فما هو قانوني من جهة علماء الأصول جعلته أخلاقيا، فقد جعلت مجموعة مثالية من القواعد التي يتعين على الأفراد الامتثال لها حتى لو تعارضت مع رغباتهم ونزواتهم[28]“، بل نرى من جعل القيم الكبرى كالعدل والحرية والتسامح مقاصد للشريعة هو الشيخ ابن عاشور ذلك إن مبررات الغزو الفرنسي حينها في شقها المدني؛ هو التذرع بهذه القيم فانبرى الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في التأسيس العلمي لفقه المقاومة الفكرية والثقافية من خلال إبراز هذه الجوانب من الشريعة الغراء.

 وعلى نهجه سار الشيخ علال الفاسي بإضافته العمران والاستخلاف، ومثلهما الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي جعل من الحرية صنو الحياة نفسها[29]، هذا كله للرد على الفكر الكولونيالي المتجرد من أخلاقه، ومن القيم الكبرى التي يدعيها، حيث يدعي الحرية ويستعبد شعوب المغرب العربي، ويدعي المساواة وهو يفقرهم ويسلب خيراتهم، وعلى هذا الأساس جاء الدرس المقاصدي ليرتفع بالفكر الإسلامي إلى مصاف الفكر العالمي والكوني من خلال إعادة طرح هذه القيم الكبرى بضماناتها التشريعية والفقهية ولم يبق سوى الضمانات الإجرائية التي ستولد مع الحركات الوطنية لاحقا ثم الدولة الوطنية الحديثة.

ثامنا: التأليف في المقاصد لردم الفجوة بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلف

ويتفرع عن الأمر السابق؛ أمر الجمع بين مقاصد الشارع ومقاصد المكلف فلا يكون العمل مكتملا شرعا إلا إذا وافق قصد المكلف قصد الشارع وهذا الخلل لم يتم الانتباه إليه من حيث الصياغة المعرفية قبل الإمام الشاطبي وربما انتبه إليه كثير ممن بعده كالشيخ زروق، رحمه الله، والإمام الفراهي حيث يقول: “لا يخفى أن الدين معظمه ترقية النفوس، وتربية العقول، وإصلاح الأعمال الظاهرة؛ أي الأخلاق والعقائد والشرائع. والقرآن قد تكفل كل ذلك بأحسن ما يكون. وكل ذلك متصل بعضها ببعض، وبجميعها تحصل التزكية وهي الغاية والمطلوب[30].”

ومعنى مقاصد المكلف؛ هي البواعث والدوافع التي تجعل المكلف يتجه بما يصدر عنه من أفعال إلى تحقيق مقاصده وغاياته، بالموافقة للشرع أو مخالفته. وهذه البواعث أو القصود لابد من توفر شروط فيها، لتحقيق مقاصد الشرع، وهذه الشروط هي[31]:

1. أن يكون قصد المكلف موافقا لقصد الشارع، وذلك لأن القصد من التشريع هو تحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل، لذلك من قصد غير ما وضعت له الشريعة، كان مناقضا لها، فيكون عمله باطلا..

2. أن يقارن القصد الأمر المنوي حقيقة أو حكما، فلا تؤخر النية عن العمل..

3. الجزم بتعلق القصد بالمنوي، وعدم الإتيان بما ينافيه، ويقطع النية؛ لأن الإتيان بما ينافي النية معناه الإعراض عنها..

4. الإخلاص لله تعالى فيما كان له، وعدم التشريك فيه.

أقسام العمل باعتبار مقاصد المكلف من حيث ترتب المصلحة أو المفسدة عليه:

لقد تناول الشاطبي هذه المسألة بتقسيم وتفصيل دقيق نعرض لها في ما يلي[32]:

من المعلوم أن جلب المصلحة أو درء المفسدة إذا كان مأذونا فيه  فهو على ضربين:

1. أن لا يلزم عنه إضرار بالغير.

2. أن يلزم عنه إضرار بالغير، وهو ضربان:

أحدهما: أن يقصد الجالب أو الدافع ذلك الإضرار، كالمرخص في سلعته قصد الطلب والمعاش، وصحبه قصد الإضرار بالغير.

الثاني: أن لا يقصد الإضرار بالغير، وهو قسمان:

القسم الأول: أن يكون الإضرار عاما كتلقي الركبان، وبيع الحاضر للبادي.

القسم الثاني: أن يكون خاصا، وهو نوعان:

النوع الأول: أن يلحق الجالب أو الدافع بمنعه من ذلك ضرر، فهو محتاج إلى فعله، كالدافع عن نفسه مظلمة يعلم أنها تقع بغيره.

النوع الثاني: أن لا يلحقه بذلك ضرر، وهو على ثلاثة أنواع:

أ. ما يكون أداؤه إلى المفسدة قطعيا، كحفر البئر خلف باب الدار في الظلام حيث يقع الداخل فيه بلا بد.

ب. ما يكون أداؤه إلى المفسدة نادرا، كحفر البئر في موضع لا يؤدي غالبا إلى وقوع أحد فيه.

ج. ما يكون أداؤه إلى المفسدة كثيرا لا نادرا، وهو على وجهين:

أحدها؛ أن يكون غالبا كبيع السلاح من أهل الحرب، والثاني؛ أن يكون كثيرا لا غالبا كمسائل بيوع الآجال.

وبناء على ما سبق تكون نظرية المقاصد هي الطوق الآمن للفهم الصحيح بتكامل أبعادها كلها من اعتبار للقصود والمقصودات والمقاصد والأهداف، حسب تعبير طه عبد الرحمن في كتابه “تجديد المنهج في تقويم التراث”، وتقطع الطرق على ما يسمى التجار بالدين سواء في المجال السياسي أو التجاري وسواها، وكل من يحترف التحيل على أحكام الشريعة، وكما لاحظ أيضا أن العقل المؤيد هو ذلك العقل الذي يتحقق بالمقاصد وهو رتبة أعلى من العقل المجرد والعقل المسدد.

الخاتمة

إن المسوغات المعرفية التي دفعت علماء الأصول للتأليف في مقاصد الشريعة الإسلامية كثيرة وتحتاج إلى مراجعات شاملة لأدبيات الفقه والفكر الإسلامي منذ القرن الثالث أو الرابع وصولا إلى يومنا هذا ليُكتشف أن الصياغة التفصيلية وربما الخارجية للفكر الإسلامي هي ضمانة لعدم تسرب الخطأ العقدي والفقهي على السواء إلى منظومة التفكير في الفقه الإسلامي، وإعطاء دفع لعملية الاجتهاد التي توقفت في سنين سابقة، ذلك أن هناك الكثير من القضايا والمسوغات تحتاج لأن يكتب فيها وتبيّن للناس حتى ندفع بهذا العلم إلى الأمام في فضاء كوني وليس فضاء عربيا أو إسلاميا فقط.

 ذلك أنه أنموذج معرفي يمتاز بكفاءة الآداء العالية لكل أنواع العمل، كما أنه الأقدر على إعادة تشكيل العقل المسلم تشكيلا أصيلا ومعاصرا يمكن به التحرك في جميع أنواع الأعمال والممارسات في شتى المجالات؛ لأنه يعين على ترتيب الأولويات في الذهن والعمل، معا، من خلال الإحاطة بالكلي والجزئي، ومن خلال العلم بالمقاصد والوسائل، فلا تستغرقه الجزئيات فقط معرضا عن كليها؛ كما لا يعول فقط على الكليات معرضا عن جزئياتها فيترك مجالا للهوى فيسقط في الغلو والتطرف في التصور والفهم والممارسة؛ كما تساعده المقاصد على تقديم القطعي أبدا على الظني وتقديم الضروري على الحاجي والحاجي على التحسيني والترجيح عن الاحتياط وسواها من فوائد هذا العلم التي لا تعد ولا تحصى.

الهوامش


[1]. انظر هذا المذهب في تقديم الشيخ مصطفى سعيد الخن لابن سويد الدمشقي في “مختصر في أصول الفقه” حيث ذكر طريقتين جديدتين للتأليف في علم الأصول وهما: طريقة “تخريج الفروع على الأصول” وطريقة التأليف فيها في ضوء “مقاصد الشريعة”.

[2]. هذا القول نسب لعابد الجابري، رحمه الله، وهو أخذه بالمعنى الباشلاري للكلمة والأنسب والأصح هو أن علم المقاصد أحدث نقلة نوعية في علم الأصول.

[3]. ابن عاشور محمد الطاهر، علم مقاصد الشريعة، تحقيق محمد الطاهر الميساوي، ماليزيا: دار الفجر، وعمان: دار النفائس، ط1، 1999، ص51.

[4]. المصدر السابق، ص146.

[5]. حمادي لعبيدي، الشاطبي ومقاصد الشريعة،  بيروت: دار قتيبة، ط1، 1992، ص119.

[6]. علال الفاسي، مقاصد الشريعة ومكارمها، المغرب: دار المغرب الإسلامي، ط5، 1993، ص30.

[7]. ابن عاشور، مقاصد الشريعة، م، س، ص306.

[8]. العز ابن عبد السلام، (توفي 660ﻫ). قواعد الأحكام في مصالح الأنام. بيروت: مؤسسة الريان، 1990

[9]. كتاب القبس في شرح موطإ مالك بن أنس 2/802؛ نقلا عن الريسوني في ورقة مقدمة إلى ملتقى علم المقاصد في لندن من تنظيم مركز أبحاث مقاصد الشريعة لصاحبه محمد عبده يماني “نسخة إلكترونية”.

[10]. رضوان السيد، مقاصد الشريعة وممارسات الاجتهاد والتجديد، جريدة الحياة يوم 04/09/2006.

[11]. ابن العربي، أحكام القرآن، ج1 ص29. وواضح من كلام الشيخ أنه يحيى ردة فعل على ابن حزم الظاهري الذي أصبح صاحب المذهب الظاهري رغم أن أول مسلك؛ هو ظاهر الأمر والنهي، وهنا المقصود عدم اتباع الظواهر في إطار كليات الشريعة؛ لأنه قد يفهم منه ترك النصوص بالجملة وهذا كفر بواح.

[12]. المرجع نفسه، ج2، ص298-331.

[13]. صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، برقم 3273.

[14]. ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، دار الكتب العلمية، ط1، (1411ﻫ/1991م)، ج2، ص52.

[15]. الجويني، البرهان، تحقيق عبد العظيم ديب، المنصورة: دار الوفاء، ط3، 1992، ج2، ص721.

[16]. المصدر نفسه، ج2 ص726. والشاطبي، الاعتصام، م، س، ج2، ص329.

[17]. الجويني، البرهان، م، س، ج2 ص724.

[18]. المصدر نفسه، ص723-724.

[19]. الجويني، البرهان، م، س، ص726.

[20]. الزنجاني شهاب الدين، تخريج الفروع على الأصول، تحقيق محمد أديب صالح، بيروت: مؤسسة الرسالة، ط4، 1982، ص320.

[21]. الزنجاني، تخريج الفروع على الأصول، م، س، ص320.

[22]. الغزالي، المستصفى، م، س، 1/196.

[23]. الآمدي، الإحكام، م، س، 3/53.

[24]. كانت هذه الأفكار محور نقاش ندوة وطنية حول الحركات الباطنية في جنوب شرقي آسيا سنة 2002 من تنظيم جامعة العلوم الإسلامية بماليزيا.

[25]. إعلام الموقعين، م، س، 5/127.

[26]. انظر نصوص المراجعات في:  www.islamonline.net

[27]. الشاطبي، الموافقات، م، س، ص168.

[28]. محمد علوان فهمي، القيم الضرورية ومقاصد الشريعة، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط1989، ص10.

[29]. انظر بحثنا بهذا الخصوص بعنوان: “تأصيل القيم الكبرى عند ابن عاشور” المقدم في ملتقى ابن عاشور وجهوده الإصلاحية المنعقد بالرباط سنة 2009.

[30]. الفراهي حميد الدين، التكميل في أصول التأويل، تحقيق محمد سميع مفتي-نسخة إلكترونية، ص12.

[31]. الباحسين، قاعدة الأمور بمقاصدها، ص69-74.

[32]. الموافقات، م، س، ص628-641.

Science

د. مقلاتي صحراوي

أستاذ مقاصد الشريعة والفكر الإسلامي

مدير مخبر الفقه الحضاري ومقاصد الشريعة “مقصد”/الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق