ثانيا: نماذج من المسائل التي حكي فيها رجوع التابعين:

– من ذلك ما حكاه  شعيب بن أبي حمزة قال: مشيت بين الزهري ومحمد بن المنكدر في الوضوء مما مست النار، وكان الزهري يراه وابن المنكدر لا يراه، فاحتج الزهري بأحاديث، فلم أزل أختلف بينهما حتى رجع بن المنكدر إلى قول الزهري[31].

ثالثا: المسائل التي حكي فيها رجوع الأئمة الأربعة:

أولا: المسائل التي حكي فيها رجوع الإمام أبي حنيفة –رضي الله عنه-:

    كان أبو حنيفة يفتي في أول عهد الفرس بالإسلام بجواز قراءة الواحد منهم في الصلاة بالفارسية استحسانا للضرورة، ثم رجع عن هذه الفتوى وقال: لا يجوز أن يقرؤوا في الصلاة بغير اللغة العربية[32].

وكان لا يرى في الزئبق المصاب في معدنه شيئا، ثم رجع إلى القول بأن فيه الخمس، لما تنبه إلى أنه كالرصاص فيأخذ حكمه[33].

 ثانيا: المسائل التي حكي فيها رجوع الإمام الشافعي – رضي الله عنه-:

مرّ مذهب الشافعي بمرحلتين:

الأولى: المرحلة العراقية؛ فبعد خروجه من المدينة وذهابه إلى العراق نشر أرائه وأقواله وفتاواه، والتي عرفت فيما بعد بالمذهب القديم.

المرحلة الثانية: وهي المرحلة المصرية؛ وفي هذه المرحلة راجع الإمام الشافعي كثيرا من أصوله وفتاواه وأقواله، وهذه المرحلة هي ما يعرف بالمذهب الجديد للإمام الشافعي.[34]

ومن هذه المسائل التي روي فيها رجوع الإمام الشافعي عن قوله الأول أنه كان يرى عدم جواز بيع الجلد المدبوغ، ثم لما قدم مصر رجع عن قوله الأول وأجاز بيعه[35].

وكان يرى أن المسح على الخفين غير مؤقت بالأيام، بل يستمر الماسح عليها حتى يخلعها أو يحدث، ثم رجع إلى القول بأن المسح مؤقت للمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وللمقيم يوم وليلة.[36]

 ثالثا:المسائل التي حكي فيها رجوع الإمام أحمد- رضي الله عنه-:

ومن المسائل التي رجع عنها الإمام أحمد أنه كان يرى أنه يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب في الزكاة، ثم رجع إلى القول بعدم الضم، بل يعتبر كل واحد منها على حدة[37].

وكان يرى أن المراد بالأقراء الحيض، ثم رجع عن ذلك، ورأى أن المراد بها الأطهار[38].