الرابطة المحمدية للعلماء

المؤتمر الحادي عشر

1419 هـ، 1998 م – العيون

إن المؤتمر الحادي عشر لرابطة علماء المغرب المنعقد يومي الاثنين والثلاثاء 26 و27 رجب الفرد 1419هـ الموافق 16و17 نونبر 1998 في ظل الرعاية السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك الحسن الثاني نصره الله وأيده في مدينة الوحدة العيون، تحت شعار: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”.

بعد استعراض شامل للأوضاع الوطنية والدولية ودراسة كاملة للملابسات والظروف المحيطة بها ارتآى مايلي:

أولا: على المستوى الوطني:

أ . قضية الوحدة الترابية

  • يندد بالمؤامرات الحاقدة والأساليب الماكرة التي يصطنعها خصوم الوحدة الترابية، بهدف معاكسة مخطط السلام، الذي نهجه المغرب وتمسك به منذ أعوام، ليؤكد للعالم أجمع أن الصحراء مغربية، وستبقى كذلك بحول الله وعونه، أراضي مغربية صرفة، وأننا فيها أصحاب حق ومشروعية وطنية ودولية، ومستعدون لبذل المزيد من التضحيات بالغالي والنفيس في سبيلها، ومن أجل إقرار وتأكيد مغربيتها كلما دعا لذلك داعي الوطن، ملتفين حول القيادة الحكيمة لرائد اللأمة وقائدها الملهم مبدع المسيرة الخضراء المظفرة أمير المؤمنين جلالة الملك الحسن الثاني المحفوظ بالقرآن الكريم وبالسبع المثاني.
  • يؤكد المؤتمر أن سيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية المسترجعة ثابتة، وأمر واقع لا سبيل إلى إنكاره، بل تجسده روابط البيعة الشرعية، منذ أن قامت الدولة الإسلامية في هذه الديار، تلك البيعة التي تعتبر في شرع الإسلام، ميثاقا غليظا يجمع بين الراعي ورعيته، وأساسا مكينا يربط الشعب بإمامه الأعظم حيث ينضوي بمقتضاه، تحت لوائه وطاعته وأمره، وتبعا لذلك تترتب عليه حقوق وواجبات متبادلة، فيحرص جلالة الملك بوصفه أميرا للمؤمنين، على إقامة شؤون الدين، والتمكين لشرعه الحكيم، ويسهر على سيادة الوحدة الترابية وحماية الحدود الوطنية، والدفاع عن حوزة البلد وحريته وسلامة مواطنيه، وضمان أمنهم واطمئنانهم على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وكرامتهم. كما يلزم عقد البيعة وعهده كافة الرعية أن يدينوا بالولاء التام، والإخلاص الدائم، لأمير المؤمنين والالتفاف حول شخصه الكريم، وعرشه المجيد، امتثالا لقول الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمرمنكم” وقوله عز من قائل: “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون” ومصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أمري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني”.
  • ويعلن أن الاستفتاء المزمع إجراؤه في الصحراء، لن يكون إلا تأكيديا، إذ البيعة هي الاستفتاء الحقيقي، الذي لا ترتضي به الأمة بديلا، سيما وهي التي استندت عليها محكمة العدل الدولية، في إثبات حقوق المغرب في صحرائه
  • يناشد المؤتمر علماء الجزائر بحكم الأخوة الدينية، أن يتدخلوا لإيقاف العدوان الذي ينطلق من بلادهم، مراعاة لما يفرضه الإسلام من احترام الجوار، وعملا على ترسيخ لبنات الوحدة المغاربية.
  • يدعو الأمم المتحدة، أن تفسح المجال لكل من له الحق بالمشاركة في عملية الاستفتاء التأكيدي.

ب. صيانة المجتمع وحمايته من ذرائع الفساد

  • يثير الانتباه إلى ظاهرة التبشير، التي بدأت تتفشى في بعض حواضرنا ومدننا ويحذر من خطورتها، ومن حيث أساليب ترويجها، ويدعو إلى مقاومتها بكل شدة وصرامة.
  • ويعتبر أن هذا الداء ناتج عن غياب تكوين عقدي صحيح.
  • ويغتنم الفرصة لدعوة كل مكونات المجتمع، إلى تعبئة قدراتهم المادية والمعنوية، لبناء جيل قادر على الصمود في وجه كل التيارات المنحرفة والدعوات الضالة المضلة، وبالمناسبة يحيى المبادرة الملكية السامية، بإعادة جباية الزكاة وتنظيمها، بما يجعلها محققة للأهداف التي شرعها الله لنا، وإشراك العلماء وذوي المروءة والفضل في تحقيقها، حتى تصرف في ما أمر الله به، من سد حاجة المحتاجين وضمان كرامة المعوزين.
  • ويرى أن إنتاج إعلام إسلامي فاعل ومتميز، لمن شأنه أن يكون خير حصن للشباب، الذي تهدد أخلاقه الأفلام الإباحية والإشهارات المائعة، التي تهدف إلى المتاجرة بالحياة البشرية، وتحويل الناس إلى قطيع تسوقه الشهوة، ويقضي عليه الملل والخوف من المستقبل.
  • يؤكد على ضرورة إعادة الاحترام إلى الإنسان المغربي ومؤسساته الاجتماعية التقليدية، وعلى رأسها الأسرة وقوامها الأم التي وضع الله الجنة تحت أقدامها، وذلك بالإحسان إليها وتعليمها والنهوض بمستواها وعدم امتهانها.
  • ويشيد بجامعة الصحوة الإسلامية، في دورتها الخامسة التي كان موضوعها “حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام” وما أسفرت عنه من إحداث لجنة دائمة لمتابعة قضايا المرأة المغربية ومشاكلها.
  • كما يتعين الاهتمام برعاية الطفولة، وإتاحة الفرص المتكافئة لكل الأطفال في البادية والحاضرة لولوج المدرسة في أحسن الأحوال.
  • يطالب بإصلاح جذري للتعليم، تراعى فيه الهوية الوطنية والإنسية المغربية والصبغة الإسلامية، إصلاحا لا تكبله الإيديولوجيات ولا تتلاعب به التحزبات، يشارك في بلورته العلماء والخبراء وذوو الرأي والمشورة، بغاية الحفاظ على خصوصيات المدرسة المغربية التي تعطي خريجا منتجا، ومواطنا صالحا، وبذلك ستتمكن بلادنا من القضاء على آفات كثيرة اجتماعية واقتصادية وأخلاقية.
  • وفي هذا السياق يشيد المؤتمر بالجهود البناءة التي تبذلها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في الحفاظ على التراث الإسلامي بطبعه ونشره وصيانته، وإيفاد البعثات العلمية للقيام بالدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، وبناء المساجد وإعمارها والسهر على تحفيظ القرآن الكريم، وتدعيم المدارس القرآنية بما يحقق ازدهارها وقيامها بدورها، تكريما لمقومات الدين وحفاظا على عقيدة المسلمين، دون أن ينسى توجيه تحية خالصة إلى السيد معالي الوزير العالم المومن الدكتور مولاي عبد الكبير العلوي المدغري بمناسبة الجهود الجبارة التي بذلها من أجل إحياء التعليم بجامع القرويين، في صبيغته الأصلية التي احتفظت عليها هذه الجامعة منذ أن أبصرت الحياة، حرصا منه على تنفيذ تعليمات أمير المؤمنين مولانا الحسن الثاني الذي يخص القرويين بعنايته الدائمة وحذبه الموصول جريا على نهج أسلافه المنعمين من ملوك المغرب الميامين

ثانيا : على المستوى الإسلامي

  • يندد المؤتمر بسياسة الاستيطان الصهيوني الغاشم ويدعو المنتظم الدولي لكف الصهاينة عن اعتدائهم وإجبارهم على احترام الشرعية الدولية والالتزام بعهودها ومواثيقها، والعمل الفوري على إيقافهم عن تهويد القدس الشريف وطمس معالمها التاريخية والحضارية الخالدة والإنتهاكات المتكررة للمسجد الأقصى الذي باركه الله حوله.
  • يدعو المسلمين إلى نبذ ما يفرقهم والاعتصام بالكتاب والسنة وما أجمع عليه السلف الصالح من أئمة الأمة وعلمائها وترجمة ذلك إلى واقع عملي ملموس مبني على وحدة الصف وجمع الكلمة والتعاون على البر والتقوى.
  • يلفت النظر إلى ما يجب عليهم من تقديم للدعم المادي والمعنوي للأقليات المسلمة ولاسيما تلك التي تتعرض للإبادة العرقية والتقتيل الجماعي على نحو ما يجري في الكوسوفو والفليبين وكشمير، ويطالب المجتمع الدولي بوضع حد للمذابح التي يتعرض لها المسلمون في شتى أرجاء الأرض.
  • يجدد العلماء تشبتهم الدائم وطاعتهم الموصولة لأمير المؤمنين سبط النبي الأمين وحامي حمى الوطن والدين جلالة الملك مولانا الحسن الثاني أطال الله بقاءه ويعتزون بدعمه المولوي المادي والمعنوي لرابطتهم التي يحيطها بكامل العناية وسابغ الرعاية سائلين الباري تعالى أن يجزل ثوابه ويديم نصره وعزه ويحفظه في ولي عهده الأمير الجليل سيدي محمد وصنوه السعيد الأمير المولى الرشيد ويسألون الله عز وجل أن يتغمد فقيد العروبة والإسلام الملك الصالح المصلح محمد الخامس بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع المنعم عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، والحمد لله رب العالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق